أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد لاشين - مصر بين الديمقراطية والشرعية الثورية















المزيد.....

مصر بين الديمقراطية والشرعية الثورية


أحمد لاشين

الحوار المتمدن-العدد: 3297 - 2011 / 3 / 6 - 22:45
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


جرت العادة لدى بعض المجتمعات في العصور القديمة أنه بموت الملك أو بزوال السلطة بأي شكل كان، تُترك البلاد في حالة فوضى كاملة لفترة من الوقت دون قانون أو شرعية أو أمن،يعم فيها السلب والنهب والقتل والانتقام،لدرجة قد تفضي إلى فناء المدن،وبعد مضي أيام الموت تلك،يُعلن عن اسم الملك الجديد،النظام الجديد إن شئنا التعبير،ليدين له من تبقى على قيد الحياة بالولاء المطلق..وتنتهي أيام الفوضى.خدعة تمارسها النظم منذ قديم الزمان،حتى لا تصطدم بأية مقاومة أو معارضة تهدم طموحات أحد الطامعين في السلطة،في رهان شبة أكيد على غوغائية العامة وعدم قدرتهم على إدارة البلاد في حال رفع يد النظام عنهم،والتي ستلعب دور الرحمة المنزلة من السماء حينما ينتهي صراع القصر على السلطة وامتلاك مقدرات الشعوب.
الديمقراطية وحلم الحرية،أفكار قد تبدو مثالية حال تطبيقها على مجتمعات منهكة لعقود طويلة تحت ظل الاستبداد الثقيل،والفساد الكامن في بنية النخب والعامة ـ ألتمس العذر فهذا الفصل أصبح واجباً الآن ـ فالنخبة المثقفة للأسف لازالت تعاني انقسامها التاريخي منذ ما يقرب الخمسين عاماً،بين موالٍ للسلطة بتعدد أشكالها النظامية ومنتفع سعى جاهداً أن يتلمس مصالحة الخاصة والخاصة جداً فوق وسائد الزعماء والرؤساء والقادة،وبين مهزومين تم قهرهم في المعتقلات أحياناً تحت أحذية العسكر أو تحت ركام أفكار كلاسيكية بالية غير صالحة للاستهلاك الآدمي،وهؤلاء إما قرروا الهروب إلى العالم المتحضر فخاطبوا عالمهم الأصلي بفوقية وانفصال عن الواقع المتردي،أو انسجموا مع حالة المظلومية على المقاهي.وتبقى فصيل ثالث للأسف أصبح هو صاحب الكلمة العليا في الظروف الراهنة،وهم جماعة ممن احترفوا الفشل لسنوات طوال،ولكن نتيجة لغياب أو تغيب أي صاحب فكر أصيل،وفراغ الساحة الآن من كل من يتحدث بعين العقل،ظهر هؤلاء ليداعبوا أوهام العامة وغرائزهم،ويتحدثوا بدلاً عنهم،محتمين بنقاء المرحلة الثورية في بدايتها،فكيف يمكن أن تتم ديمقراطية متكاملة الأركان في ظل وضع ثقافي متردي ومنهار بالكلية.وإن كان هذا هو وضع المثقفين ضمير الأمة،فما حال بقية النخب السياسية والإدارية بمفهومها الشامل!!.
الديمقراطية تعني في جانب أصيل منها،احترام حقوق الأقليات والأفراد على اختلافهم وتخلفهم أحياناً،بل والسعي بدأب حقيقي لحصول كل فئات المجتمع على نفس الحقوق في ظل حالة فكرية تستدعي في البداية احترام الآخر المختلف بطبيعة الأمر،في ظل دولة القانون.يعني أن الديمقراطية لن تتحقق إلا حال تحقق دولة القانون في البداية،وليس العكس،فصناديق الاقتراع أو الانتخاب أو غيرها ،تعكس الوضع الاجتماعي وتعبر عنه،ولا تصنعه أو تخلقه من العدم.وبالتالي في مجتمع مفعم بالفساد وانتخابات كانت تُقاد بأموال الحزب الوطني ،ستكون أي انتخابات معبرة عن هذا المجتمع،خاصة مع بقاء نفس الرموز في أمكانها،وترسخ الفساد في ذهنية العامة وسلوكهم،الذين في قمة تحضرهم يحصرون معنى الثورة والديمقراطية في لقمة العيش أو زيادة الرواتب أي انتظار ما لا يجئ...فشعب كان يتعامل مع البرلمان بوصفه مركز خدمات ،هل من المعقول أن يتعامل معه الآن بوصفه مجلس تشريعي يحافظ على حقوق المجتمع ككل،ويؤكد على دولة القانون،دون تفرقة أو تفريق !!!!.ففي حوار دال سمعته في أحد المقاهي دار بين أربعة أشخاص،بدأ بسؤال أحدهم عن الديمقراطية،فأجابه الثاني : الديمقراطية هي إذا اتفق ثلاثة منا على شيء على الرابع أن يطبقه بلا نقاش.وبعد فترة صمت ينطلق الثالث:وإذا اتفق ثلاثتنا على أننا لن نطبق الديمقراطية؟!!،فصمت الجميع في حيرة.
طبيعة الثورات في عمقها أنها ضد الديمقراطية بشكل أو بآخر،فالثورة تقوم ضد نظام فاسد أو حاكم مستبد،وهذه بديهية،ولدى انتصارها فإنها تستمد شرعية مقدسة تساندها فيها الشعوب التي تنفست الحرية لأول مرة بعد عقود الظلام،فتصبح الشرعية مع الوقت ملك للجميع،وتتحول الثورة إلى محاكم انتقامية دموية يقودها العامة كما حدث في الثورة الفرنسية،أو إلى محاسبات خطيرة تأخذ العاطل بالباطل كما حدث في مصر أثناء الانقلاب العسكري 1952،أو يحدث الآن بشكل ما،بمعنى أن الشرعية الثورية تعبر عن مرحلة تصفية الحسابات مع مختلف العناصر المختلفة تحت شعار السعي لتحقيق الديمقراطية.ثم تعم الفوضى العارمة على كل المستويات السياسية والاجتماعية،وحين تعاني المجتمعات من تلك الفوضى أمامها طريقين إما أن تختار الإطار القانوني الديمقراطي الذي أرجوه،أو تنتهي كما كانت تنتهي المجتمعات القديمة بالرضوخ إلى أقرب حل يدعي الحرية ويحمل في باطنه عذاب ديكتاتورية جديدة،وهنا تكون الكارثة حيث تنقلب الثورات ضد أصحابها.وأنا هنا لا أبشر بالفوضى أو أُدين تلك الشرعية الثورية التي من الطبيعي أن تكون لها دورة حياة متكاملة،ولكني أدعو إلى الانتقال المباشر إلى العمل السياسي المنظم،والسعي لتحقيق دولة القانون بدلاً من محاربة رموز ستزول تلقائياً حال تحقق شرعية الدولة.
وفي ظل حالة الهرج السياسي وغياب أو تغيب شرعية القانون،تخرج علينا جماعات التدين السياسي في إدعاءات الديمقراطية والحرية والمساواة،وبعيداً عن الممارسة السياسية لتلك الجماعات خاصة الأخوان المسلمين التي تثبت عكس ذلك تماماً حتى لا يتورط البعض في الدفاع البريء أو المغرض تحت طائلة أن الأخوان كانوا مجرد رد فعل على قمع النظام،فإن البناء الفكري التأسيسي لفكر الجماعة يرتبط بالدولة الثيوقراطية الدينية،يعتمد على نظام تراتبي يبدأ من مرشد ويصل إلى الفرد العادي الذي يعتبر تبعيته للمرشد الأعلى واجب ديني،وهذا سعي الأخوان طوال الثمانين عاماً الماضية،وبالتالي لا وجود لما يمكن تسميته بدولة القانون أو حكم المجموع،فلا حكم إلا لله،وبالتالي ستكون تلك الأحزاب الجديدة ما هي إلا شكل آخر من أشكال التحايل التي يفرضها الوضع الجديد،حتى تصل على أكتاف الأخريين إلى قمة الهرم السلطوي،فتتمكن وتطبق تلك القناعات القديمة الجديدة،فمن المستحيل أن يُبدل التيار الأخواني أفكاره الراسخة الآن ،خاصة وأن الأخوان أول من جنى ثمار الثورة بداية بإلغاء الحظر وصولاً لحرية الأقطاب الاقتصادية من المعتقل.
فالساحة السياسية خالية الآن من أي تيار ديني آخر ،خاصة بعد الخسارة السلفية الفادحة،والتي قرر شبابها أن يتحولوا من السلفية الدعوية الشهيرة،إلى السلفية الجهادية التي تحقق المكاسب بشكل أسرع في الظروف الراهنة.وكذلك سلبية الأقباط المصريين وانتظار ما يجئ في رد فعل اعتادوه لقرون،ففي المقابل لم يخرج أي ناشط سياسي مسيحي لتأسيس حزب يضم مثلاً عناصر الأقباط على خلفية دينية كذلك،طالما الساحة منفتحة للجميع الآن،ولكن انعدام الجرأة وانتظار أن يحقق غيرهم ما يتمنوه،ومزاعم الدولة المدنية وغيرها من التوجهات الأصيلة في البنيان القبطي،جعلتهم خارج الخدمة.
وفي ظل حكم عسكري قرر أن يترك لنا السلطة قبل ستة أشهر،كفيلة بتصفية حسابات تاريخية مع أجهزة الأمن،عن طريق استخدام الفساد الأمني والغضب الشعبي،مع حالة مراوغة وتباطؤ في وضع دستور جديد أو تحديد ملامح واضحة للانتخابات القادمة،مما قد يعطي انطباعاً بعدم الجدية أحياناً.وقد يزيد من الأمور سوءً إن لم نشرع مباشرة في الخروج من دائرة الانتقام إلى ساحة الفعل الحر الحقيقي،وأن تُعطي الثورة شرعيتها إلى القانون بكل أشكاله التشريعية والتنفيذية،حتى يتحقق الحلم كاملاً.
النظام يا سادة ليس فرداً أسقطناه،أو رئيساً خلعناه،وأشخاص كانت تتبع فساده نقاتلهم حيث نثقفهم فقط،وإنما النظام كيان متكامل الأركان،نحن جميعاً شركاء فيه للنخاع،فلا يدعي أحد الطهر والنقاء ،ولا يزايد على الآخر،فالكل متورط في خيانة هذا الوطن إما بالصمت أو بحق الانتفاع المباشر،بداية من شعب تواطأ على نفسه لعقود طويلة،وصولاً لأصحاب الحناجر التي تزعق ليل نهار مدعين مثالية ثورية مضحكة لا تليق بهم.
فالشرعية ليست في ميدان التحرير فقط وإنما كذلك في البيوت والشوارع وعلى المقاهي وفي عيون أطفال يرون الغد في عيوننا ،فلنخلق لهم عالم يليق بهم وببراءتهم،عالم يحكمه القانون والعدل والحرية.



#أحمد_لاشين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كوابيس مصرية...
- لا ترحلوا من ميدان التحرير أو احملوه معكم
- غضبة الحرافيش ..قدر جيل مصري جديد
- سفر الخروج بين دينية إيران و علمانية تونس
- يوم هروب الرئيس..تونس السؤال المفتوح
- دماء مصرية على أبراج الكنائس وستار الكعبة
- نجاد القائم على توزيع أموال الإمام المهدي
- الولي الفقيه ظل جديد لله على الأرض
- التشيع الإيراني بين الأسطوري والسياسي
- حقوق الإنسان على مذبح الدولة الدينية (إيران نموذجاً)
- العلمانية ضحية الغزل المتبادل بين نجاد وبابا الفاتيكان
- رجم ثريا ( الرقص مع الموتى في إيران)
- شجاعة الجهل ومزيد من الطائفية
- الإعلام الديني وأوهام جنرالات الطائفية
- سحر الثقافة وثقافة السحر
- إيران صورة واحدة لشخصين وانقسام الوعي الجمعي
- الفساد الاقتصادي للنخب الإيرانية صراع جديد بين النظام والمعا ...
- من قال لا في وجه من قالوا نعم ( لا ولعنة الخلود)
- مذبحة المعارضة الإيرانية في عاشوراء
- الوحدانية في الديانة الزرادشتية (صراع المقدس والمدنس)


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أحمد لاشين - مصر بين الديمقراطية والشرعية الثورية