|
الأزمة الإنسانية للنازحين على الحدود التونسية ، المغاربة واليتم المركب
عائشة التاج
الحوار المتمدن-العدد: 3294 - 2011 / 3 / 3 - 17:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الأزمة الإنسانية للنازحين على الحدود التونسية
الرعايا المغاربة واليتم المركب .
و أنا أتابع قناة البي بي س العربية حول أحداث ليبيا وتداعياتها ، جذب انتباهي تنبيه مراسل الفضائية من هناك وهو يغطي وضعية العمال النازحين نحو الحدود التونسية المأساوية بأن المغاربة وحدهم لم يجدوا في استقبالهم أي مسؤول مغربي من الهيئة الدبلوماسية بتونس وكأنه يوجه نداء لهؤلاء كي يتحملوا مسؤوليتهم تجاه أبناء جلدتهم الفارين من عنف الحرب وأهوالها ومشقة السفر نحو المجهول في فضاء ملغوم ومحاصر بأقسى التحديات ..... طبعا يقتسم المغاربة بجانب نظرائهم المصريين والفليبنيين والأفارقة وباقي الجنسيات تداعيات أزمة إنسانية فرضتها أحداث ليبيا وتستلزم تعبئة دولية لتدبيرها . من هنا لا بد أن نوجه كل الشكر للشقيقة تونس ،دولة ومجتمعا مدنيا على محاولاتها احتواء أزمة تجاوزتها وهي بالكاد تدبر أزمتها الداخلية بعناد نضالي يستحق الاحترام والتقدير . ويمكن أن نتفهم وضع المصريين وهم يحاولون لملمة أطراف الأزمة الإنسانية في عز العواصف التي يجتازونها نتيجة للثورة الطرية وتداعياتها على المؤسسات الفاعلة . لكن مالذي يفسر تقاعس المؤسسات المغربية المستقرة عن تقديم الدعم اللازم والفعال لرعاياها على الحدود التونسية وهو الذي يتشدق باستقراره وتفرده الديموقراطي المميز عن باقي الدول العربية ؟ ويتباهى بمكاسب أبانت عن هشاشتها وصوريتها أمام أول امتحان حقيقي فجرته حركة 20 فبراير الشبابية .؟ لا أنفي أنني شعرت بوخز في مواطنتي وأنا أسمع من المراسل بأن لا أحد هناك من ضمن المسؤولين المغاربة الموجودين بالأراضي التونسية ، ولم أشعر بأي استغراب لأن نفس الموقف يرويه الحجاج المغاربة عن الوفود الرسمية التي ترافقهم على حساب الخزينة العامة ودافعي الضرائب من أجراء المغرب وكادحيه لترعى شؤونهم ، لكنها سرعان ما تتخلى عنهم متفرغة لمهام التسوق أو السياحة تاركة الحجاج المغاربة الذين هم عجزة في الأغلب يتدبرون أمورهم بأنفسهم أو يتسولون الرعاية من هيئات شقيقة بكل ما يرافق ذلك من شعور باليتم والمرارة . هذا الوضع ذكرني مرة بمساعدة اجتماعية تونسية ،التقيتها في أحد المؤتمرات بالرباط في التسعينات ولما علمت بتخصصي السسيولوجي والاجتماعي كلمتني عن مرضى مغاربة في أحد مستشفيات تونس لا أحد يسأل عنهم أو يهتم بهم ولقد كاتبت وزارة الصحة آنئذ عدة مرات وقامت بعدة إجراءات كانت كلها تواجه باللامبالاة وعبرت لي بكل مرارة واستغراب من هكذا موقف . لم اجد ما أمدها به آنئذ غير أقتراحات بالتواصل مع الجهات المعنية أكدت لي أنها جربتها كلها ولم تأت أية نتيجة لأن بنيات التدخل الاجتماعي تكاد تكون غائبة في عهد الملك الحسن الثاني . لكن أن توجد حاليا وزارة للجالية المغربية بالخارج ، وأخرى للصحة وأخرى للتنمية الاجتماعية ومجلسا أعلى للجالية المغربية بالخارج ،وآلاف الجمعيات المدنية المدعومة حكوميا ومن طرف هيئات دولية و شبكات وأحزاب و هلال أحمر ووو ويبقى آلاف المغاربة عالقون تحت البرد القارس والمطر المتهاطل والتعب والجوع والخوف .....يلقون بعبئهم على الشقيقة تونس التي ما زالت ترمم أوجاعها فهذا ما لا يفهم إلا بالتقصير والاستهتار . لقد سمعنا بان وزارة الجالية قد أرسلت طائرات وسفينة ....لكن هذا ليس كافيا ولا يمكن تجاهل المغاربة من الفئات الفقيرة على الحدود البرية ...علما أن المئات من المغاربة لا زالوا عالقين في المطارات وليس هناك من يرعاهم او يساندهم ويخفف من روعهم . حائط المبكى العربي : الجامعة العربية هذا إذا لم يكن المغرب مطالبا بمساعدة باقي النازحين للوصول إلى بلدانهم آمنين معززين مكرمين هو و الجزائرالقوية بنفطها واستقرارها وباقي نظرائهم من الدول العربية التي تجتمع على حائط مبكاها :الجامعة العربية يبحثون عن تضامن بينهم ضد شعوبهم المتأهبة للتمرد على استبدادهم ولصوصيتهم وظلمهم ،بل وغبائهم الصارخ . أين إسلامكم وشهامتكم العربية يا أصحاب البترودولار واقتصادات السياحة والمعادن والزراعة والسمك و و أنتم ترون كتلا بشرية تتكدس على بعضها البعض مفترشة التراب وملتحفة السماء تحت أمطار متهاطلة وتتلوى جوعا وعطش وتعبا وإرهاقا ؟ وجثتا متناثرة فوق التراب الليبي نتيجة لرعونة "زميلكم " الأخرق التي تواجهونها بالصمت المريب ؟ ودماء ما فتئت تسيل هنا وهناك وأنتم تتفرجون مرعوبين وتلوذون بخرس الجبناء ؟ الوضع الاعتباري للمواطن العربي كم سيتطلب منكم إنقاذ أو إغاثة جزء من هؤلاء من ضمن الملايير التي تهربونها لسويسرا وكندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكل الأبناك الغربية التي تقتات على لصوصيتكم للمال العام وخوفكم من شعوب تسرقونها في واضحة النهار وظلم الليل بنهم يثير التقزز وكأنكم "خالدون فيها أبدا ؟ لقد تعرت سوءاتكم مع سقوط بعض زملائكم وتهاوت معها تلك "الهبة المصطنعة " التي صنعتها آلياتكم الدعائية الكذابة وبتتم موضوعا لسخرية الأطفال والشيوخ عبر الفضائيات والنيت والصحف لأنكم لا تحترمون شعوبكم . وها هو الغرب الذي تخافون تدخله في شؤونكم الداخلية يضع بواخره العسكرية ويقرر تنظيم جسور جوية لنقل العالقين من أبناء جلدتكم وعقيدتكم وغيرهم من البشر ،فهو على الأقل يعلن عن مسؤليته الإنسانية بجانب حرصه على مصالحه ،فأينكم يا حكامنا كي يحترمكم العالم ويحترموننا من خلالكم ؟ أين شعاراتكم وخطبكم الرنانة و مكانتكم ضمن المنظومة العالمية ؟ أينكم يا من يريد شراء الفايسبوك ببلايين الملايين كي يجثت جذور التمرد وكان الفايسبوك من ينتجه وليس طرق تدبيركم لشؤون البلاد والعباد ؟ فهو مجرد وسيلة ولن تسعف الشباب الوسائل إذا ما "أراد الحياة " لأنه مبدع وخلاق أكثر مما تتصورون . اصرفوا جزءا منها على مآسي البشر وسوف ترون التمرد يتحول لاحترام يقيكم عواصف الزمان . إن الاستهتار بحاجيات الناس يدل على المكانة الاعتبارية "للإنسان العربي " لدى من يملكون مسؤولية القرار على شؤوننا العامة والتي يلفها الاحتقار كما عبر عنها الشباب العربي الثائر : " والاستهتار بشؤونه ومطالبه وكرامته ومشاعره بل بإنسانيته جملة وتفصيلا . "الحكرة "كما سماها شباب 20 فبراير المغربي . هناك فعلا نوع من مسؤولي وموظفي الدولة لا يرون في عملهم غير الراتب السخي والامتيازات التي يتهافتون عليها ،البقرة الحلوب ،غير آبهين بأن المسؤولية واجب مقدس من المفروض أن لا تناط إلا بمن يحترمها حق احترامها . وبالطبع لن يتحقق ذلك إلا في سياق إعادة ترتيب البيت المغربي والعربي في ظل الفورة الجديدة للتغيير من أجل الكرامة واحترام حقوق الإنسان المتعارف عليه عالميا .
عائشة التاج/ عالمة اجتماع .البيضاء المغرب
#عائشة_التاج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنظمة الضبط المحلية وعولمة القيم .
-
كيف تنتعش الدكتاتوريات العربية ؟
-
إرهاب الدولة في ميدان التحرير
-
ثورة تونس ،هل هي بداية انفطارحبات العقد الصدئة ؟
-
نحن والزمن ،ساكنان لا يلتقيان .
-
محطات حاسمة في حياة إبراهام السرفاتي وعمران المالح .العشق ال
...
-
رحيل أهرام من المفكرين العرب : فجيعة، رهبة ، وتأمل.
-
هل يأفل نجم المفكرين من نوع نصر حامد أبو زيد ؟
-
جنوح علية القوم والعدالة الموقوفة التنفيذ
-
الكتابة فعل وجودي بامتياز
-
تأملات في المرأة الحب والمساواة . بمناسبة عيد المراة لسنة 20
...
-
فحوصات طبية لفائدة موظفي وزارة التنمية الاجتماعية والأسرة وا
...
-
عندما تتحول الوطنية لسجل تجاري
-
منظمة الصحة العالمية تحت نير مساءلة البرلمان الأوروبي
-
خطر التشبيك العرقي داخل مؤسسات الدولة ، آل الفاسي الفهري نمو
...
-
الدخلة وإعلان دم العذرية : احتفال هستيلاي بأمور جد حميمية
-
صرح إعلامي مميز
-
القيم ما بين الأصالة والمعاصرة
-
هل ندرك بأن المحبة هي اسمنت العلاقات الإنسانية ؟
-
التلوث السمعي في المدن الكبرى : الأخطار الكامنة
المزيد.....
-
متحدثة البيت الأبيض: أوقفنا مساعدات بـ50 مليون دولار لغزة اس
...
-
مصدر لـCNN: مبعوث ترامب للشرق الأوسط يلتقي نتنياهو الأربعاء
...
-
عناصر شركات خاصة قطرية ومصرية وأمريكية يفتشون مركبات العائدي
...
-
بعد إبلاغها بقرار سيد البيت الأبيض.. إسرائيل تعلق على عزم تر
...
-
أكسيوس: أمريكا ترسل دفعة من صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
-
ميزات جديدة لآيفون مع تحديث iOS 18.4
-
موقع عبري يكشف شروط إسرائيل لسحب قواتها من الأراضي السورية ب
...
-
مصر.. -زاحف- غريب يثير فزعا بالبلاد ووزيرة البيئة تتدخل
-
تسعى أوروبا الغربية منذ سنوات عديدة إلى العثور على رجال ونسا
...
-
رئيس الوزراء الإسرائيلي: ترامب وجه لي دعوة لزيارة البيت الأب
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|