|
ما معنى -الشعب يريد إسقاط النظام- ؟
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 3294 - 2011 / 3 / 3 - 12:53
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
ما معنى "الشعب يريد إسقاط النظام" ؟ يعتقد أصحاب برنامج "الإصلاح الدستوري" بالمغرب أنه من السهل عليهم تحقيقه بلغة الطلب فقط دون إسقاط النظام ، و يجهلون أن من يطلبونهم لا يريدون حتى أن نفكر بأننا بني البشر مثلهم حتى من منطلق المفهوم البورجوازي للحقوق التي لا يعترفون بها للجميع ، إنهم يحبون أنفسهم فقط ، و يريدون هذه الحقوق لأنفسهم فقط ، و حتى إن افترضنا الجزم بأن يحكم من يريد الحكم شريطة تحقيق هذه المطالب ، و هل تعتقدون أنكم قادرون على إخضاعهم للمحاسبة على جرائمهم السياسية و الإقتصادية بتلك السهولة ؟ لا تستطيعون ذلك أبدا ، و هل تستطيعون بدون إسقاط النظام أن تجعلهم يكشفون عن ممتلكاتهم التي ملأت الدنيا ، و التي اكتسبوها من نهب أموال الشعب ، إنه النظام الديكتاتوري هو الذي منحهم المجال للإغتناء و سحقنا ، إنهم يعتبروننا عبيدا ، هذا ما نسميه دولة الكومبرادور و الملاكين العقاريين الكبار ، كل من له صلة بالنظام القائم يملك ما كان يملك قارون مئات الإضعاف ، و هل تستطيعون ببرنامجكم هذا أن تحاسبهم و تردوا ما سرقوه من الشعب ؟ لا تستطيعون و لن تستطيعوا بأسلوب المهادنة ، و هل تعلموا أن المهادنة و المساومة طريق للعبودية ، إن الدولة التي تريدون بناءها انطلاقا من برنامجكم هذا دولة وطنية ديمقراطية و لو في ظل الملكية ، و هل تستطيعون نزع سلطات الملك بكل سهولة ؟ حتى نكون صريحين و لا نغش الشعب و نكون صريحين مع الشعب فقط لأنه هو الذي يملك الأغلبية و له الفصل الحق ، إن الملك يا أخي هو أكبر الملاكين العقاريين و أكبر أصحاب الأعمال و أكبر أصحاب الأموال و أكبر أصحاب الأسهم في البورصة ، و كل الذين يدورون حوله يملكون أقل منه بنسب متفاوتة حسب مواقعهم في السلطة ، يجب أن تقروا بهذا قبل الشروع في أي برنامج تريدونه . تقولون بأنكم تريدون محاسبة أولئك الذين من حول الملك ، إنكم عندما تسقطون هؤلاء سيسقط الملك حتما ، إنهم أعمدته فلنكن صريحين فيما نريد ، عندما خرج الشعب الروسي في 1905 و تظاهر المتظاهرون أمام قصر القيصر يطلبون منه فقط التقليل من قوة الأغلال التي كبلت أيديهم و ليس فكها ، واجههم القيصر بالحديد و النار و سحقهم سحقا و أراق الدماء و رجع الشعب إلى حال سبيله و استمر المناضلون الإشتراكيون الديمقراطيون في النضال. إن النظام ليس هو شخص واحد كما تعتقدون أو كما تريدون أن تجعله و بمفهومكم هذا تصبحون سرياليين لا واقعيين ، النظام هو مجموع أجهزة متداخلة فيما بينها متشابكة تشابكا معقدا يصب في نقطة واحدة و وحيدة تسمى دولة المتحكمين في السلطة السياسية و الإقتصادية ، و من هم المتحكمون في هاتين السلطتين الأساسيتين في كل دولة مزعومة ؟ هذا السؤال يجب أن تطرحوه قبل كل شيء حتى تكونوا على علم من أمركم من تريدون مجابهته ، إننا في دولة الكومبرادور و الملاكين العقاريين الكبار فمنهم الكومبرادور ؟ الكومبرادور هم الذين يتحكمون في الأموال التي تروج في السوق و يتحكمون في التجارة حتى في أبسط معاملاتها ، و هذا يمكن استنتاجه من أسباب نشوب ثورة تونس مع الشهيد البوعزيزي الذي لا يملك إلا "كروسته" و يريدون التحكم فيها لأنها وسيلة لترويج الأموال ، هذا هو حال الكومبرادور يبدأ نهاره بالإطلاع على أحوال السوق و يقتنص الفرس و يتدبر الحيل و المناورات و المساومات من أجل رفع رأسماله و لو بدرهم ، إنهم يبحثون عن المال في كل مكان و بكل الوسائل المشروعة و غير المشروعة حتى بقتل بني البشر مثلهم في الدم و اللحم ، كل همهم هو الإغتناء و هذا هو حالهم أبيتم أم كرهتم يا أصاحب البرنامج الإصلاخي. هكذا أراد الرأسمال للكومبرادور أن يكون فإما أن يكون كذلك أو يعصف به إلى الجحيم إلى صفوف المقهورين ، و يقع مثل هذا بالنسبة للمبتدئين من خدام الكومبرادور الذين يمارسون التجارة في الأسواق الداخلية ، و في أحوال الأزمة مثل ما عشناه في العقد الأول من القرن 21 يعصف الرأسمال بكل أصحاب المشاريع الصغرى و المتوسطة لأنه قانون تدبير الأزمة ، تدبيرها عبر سحق حتى أقرب المقربين إلى الكومبرادور و هم كثر تجدهم في كل الأسواق الداخلية. و هل تعرفون من هم الملاكين العقاريين الكبار ؟ إنهم أولئك الذين يطاردون البقع الأرضية و التجهيزات السكنية و الضيعات الفلاحية و المحميات الغابوية ، و ذلك ما يسمى في الإقتصاد بوسائل المضاربات العقارية التي يربحون عبرها أموالا طائلة بدون عناء ، و تعرفون جميعا كيف يتم الإستيلاء على الأراضي بدرهم رمزي أو حتى بهبة أو مناورة أو نصب و احتيال ، إنه من أسباب الإغتناء الفاحش لهؤلاء الناس على حساب تفقير الشعب الذي يكدح ، أتعرفون لماذا ؟ فقط لأنهم عاجزون على بناء دولة صناعية رأسمالية حقا تنافس الدول الرأسمالية الصناعية ، و هم يرضون بالربح على حساب عرق و دم العاملات و العمال و الفلاحات و الفلاحين لإرضاء الرأسمال المركزي بالغرب ، حيث الرأسماليين الغربيين لا يرضون بالقيام بهذه الأعمال المشينة فقد سبق لأجدادهم أن فعلوا ذلك في عهد الإستعمار القديم بأفريقيا فاستعبدوا الإنسان بها ، لقد خلفهم أصحابنا الكومبرادوريين و الملاكين العقاريين الكبار و هم قادرون على إنجاز هذه المهمة الصعبة لحساب الرأسمال المالي بالغرب ، فكيف تريدون أن تنتزعوا منهم هذه المهمة الصحبة ؟ و من سيقوم بها بدلا منهم ؟ ذلك ما يطرحه الإمبرياليون حول تونس الثورة و مصر الثورة و ليبيا حرب التحرير الشعبية و المغرب الإنتفاضة و هكذا. يجب عليكم أن تسموا الأشياء بمسمياتها إذا كنتم فعلا تريدون تحقيق برنامجكم هذا ، و الشعب لا يمكن أن يتق بكم بدون القدرة على الصراحة كما لا يمكن للكومبرادور و الملاكين العقاريين الكبار أن يعترفوا بكم ما لم تستطيعوا قولا صريحا ، إن الثورتين التونسية و المصرية عندما رفعتا شعار "الشعب يريد إسقاط النظام" لم ترفعاه عبثا بل تم وضع هذا الشعار بناء على تحليل علمي مادي واضح ، من ناحية صياغة الجملة فهي جملة إسمية سبق فيها الفاعل بمعنى أن الفاعل قائم و هو "الشعب" القادر على إنجاز ما تبقى من المهام و التي أتت على شكل جملة فعلية ، و نعرف جميعا مدلول الجملة الفعلية و هو الحركة و الدينامية و التطور و التحول و التفكيك و التركيب ... كل ذلك بفعل دينامية الشعب ، فالشعب إذن جاهز لكل ذلك هو قائم بحركته من أجل تحقيق فعل السقوط و لن يتم ذلك إلا بالإرادة الحقيقية للمناضلين الأحرار ، لهذا قال "يريد" فهو إذن على استعداد تام بإرادته الكاملة و حقف ذلك لكن لم يحققه إلا بإراقة الدماء في الشوارع و المواجهة الصارمة مع أجهزة النظام الديكتاتوري في تونس و مصر. أما في الثورة المظفرة في ليبيا فإن سقف المواجهة قد تجاوز المسيرات السلمية التي تم سحقها بالحديد و النار ، فحمل الشعب السلاح لمواجهة طغيان النظام الديكتاتوري للعميل القذافي إنها المرحلة الثالثة من الثورة التي ستستفيد منها الثورتين التونسية و المصرية ، إذ لا يمكن إسقاط النظام و تغييره جملة و تفصيل دون "حرب التحرير الشعبية" المستوى الثالث لحسم السلطة ، الإحتجاج فالإنتفاضة ثم الثورة قبل الشروع في البناء الثوري ، و تلعب الثورة الليبية المظفرة اليوم دورا هام في تسريع الحركة الثورية في تونس و مصر ، ذلك ما نشاهده في القصبة في تونس و ميدان التحرير في مصر للضغط على بقايا النظام لتحقيق إسقاطه التام.
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان إلى الرأي العام بصدد اختطاف واعتقال الرفيق العياشي ألري
...
-
نتائج الثورة المصرية : حكومة ثورية أم انقلاب عسكري ؟
-
الثورة و الدولة و العنف الثوري في التجربة المصرية
-
الثورة الشعبية المصرية المظفرة و تأسيس الدولة الوطنية الديمق
...
-
الثورة الشعبية التونسية و الدولة
-
درس في الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية التونسية المظفرة
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 21
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 20
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 19
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 18
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 17
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 16
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 15
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 14
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 13
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 12
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 11
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 10
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 9
-
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين الجزء 8
المزيد.....
-
-9 آلاف مجزرة وأكثر من 60 ألف قتيل- في غزة.. أرقام مرعبة يكش
...
-
الرئيس الكولومبي يصعّد انتقاداته لسياسات الهجرة الأمريكية وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
-
كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
-
ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
-
نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك
...
-
دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح
-
عاجل | رئيس بنما: قناة بنما ستبقى تحت إدارتنا ولم أشعر خلال
...
-
نيويورك تايمز: الحياة في غوما لا ماء ولا غذاء وكثير من عدم ا
...
-
مكتب الإعلام الحكومي: غزة تحولت إلى منطقة منكوبة
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|