|
خط أحمر... وقضايا الجندر في المناهج الحديثة
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 3291 - 2011 / 2 / 28 - 14:51
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
مفهوم (الجندر) الذي أصبح يمثل (حجر الزاوية) في معظم بنود الاتفاقيات الدولية الخاصة بقضايا النساء والشباب والأطفال، وفي سياق محاربة التمييز ضد النساء والدفاع عن حقوقهن، إضافة إلى تضمينه في الخطط الخمسية السابقة والحالية، صار لحضوره في الندوات والمحاضرات وحتى البرامج الإذاعية أو التلفزيونية، بعض المعنى وإن كان مازال ضبابياً وغير مفهوم لدى شرائح كثيرة من المجتمع، بعضها مثقف أو من حملة الشهادات الجامعية. هذا الموضوع الهام والحساس تناوله عبد المؤمن حسن بشيء من الجدية في برنامجه المميّز- خط أحمر- الذي تناول قضايا الجندر في المناهج الحديثة من خلال استضافته لأحد معاوني وزير التربية، وباحثة أعدّت رسالة الماجستير عام/1986/ حول قضايا الجندر في المناهج التربوية. معروف أن المناهج التربوية سابقاً، كانت تحفل بالتمييز على مستوى الجنس بين الذكر والأنثى، حيث صورة الذكر دوماً على شكل الفاعل، بينما صورة الأنثى تعجُّ بالكثير من التبعية والدونية، إذ هي تعمل دوماً في المطبخ بينما الذكر يقرأ أو يخرج للعمل، وهذا بالتالي ينعكس على الأطفال، فالصبي يخرج مع والده أو يأتي بالأغراض من السوق، بينما أخته تساعد والدته في أعمال المنزل. وهذا ما يعزز الصورة النمطية في المجتمع باستمرار عبر أجيال متعاقبة على هذه المناهج التي تمّ تعديلها هذا العام لتنتصر في النهاية، وإلى حدٍّ ما قيم الجندر والمساواة على أساس الجنس. ولكن، هل يمكن اعتبار هذا التغيير كفيلاً بتغيير الصورة النمطية في المجتمع على المدى المنظور..؟ باعتقادي الشخصي، إضافة إلى رأي ضيوف البرنامج، نجد أن التغيير المنشود يحتاج زمناً ليس بالقصير لعدة أسباب أهمها: - أن وزارة التربية ما زالت تعمل بعقلية قائمة على التمييز عبر الفصل بين الجنسين في الصفوف في كثير من المدارس، خاصة في المدن. وحتى إن لم يكن هناك فصلاً مباشراً بينهما، فإن الفصل يتم في دروس مثل مادة الرياضة بسبب قيام مدرسَين اثنين(رجل وامرأة) بإعطاء هذه المادة، وبالتالي المعلمة تأخذ الفتيات، والمعلم يأخذ الفتيان، أو أن الذكور يجلسون في جهة واحدة داخل الشعبة، وكذلك الإناث في الجهة المقابلة، وهذا بحد ذاته فصل قائم على أساس الجنس في الصف الواحد. ومن هنا نقول أن المناهج وحدها غير كفيلة أو قادرة على المدى المنظور بإلغاء هذا التمييز ما لم يتم تغيير الذهنية المجتمعية وتعاملها مع الجنسين. وفي هذا الإطار يمكننا أيضاً الإشارة إلى تمييز آخر يتم بمعرفة الوزارة، وهو التمييز على أساس الدين، من خلال وجود مدارس خاصة إسلامية ومدارس خاصة مسيحية، وهذا التمييز الديني يُعزز الطائفية لدى الناشئة مما يترك آثاراً سلبية على المجتمع وتماسكه. - عدم تهيئة وإيمان الكادر التدريسي بهذا النمط من التفكير عبر المناهج الحديثة، بمعنى أن هؤلاء المدرسين هم أبناء تركيبة اجتماعية لم تزل تحتفظ بالكثير من القيم والمفاهيم الخاصّة بدور كل من الجنسين في المجتمع، وحتى مسألة مفهوم النوع الاجتماعي- وهو الترجمة المقرّبة لمصطلح الجندر- لم تأخذ حيّزاً كبيراً من اهتمامهم بسبب تلك الذهنية المجتمعية المحفوظة في الذاكرة الجمعية. - أمر آخر غاية في الأهمية، وهو موضوع التربية الجنسية وضرورة تضمينه في المناهج الحديثة على اعتبار أن لا حياء في العلم، لأن هذا الموضوع إن لم تتم معالجته بشكل علمي صريح من خلال الأسرة والمدرسة، فإنه سيبقى القنبلة الموقوتة التي تؤذي الفرد والمجتمع بما تحمله من آثار بعيدة المدى على شخصية الفرد ناتج القمع من جهة، والاستعانة على الموضوع بجهات وأشخاص غير جديرين به، من هنا تنبع أهمية وضرورة تدعيم التربية الجنسية من خلال المناهج التربوية. - إن التربية المجتمعية تراكمية، تُصبح فاعلة على المدى البعيد، ويمكننا أن نسوق مثالاً على ذلك عمل المرأة خارج المنزل، والذي يحمل اليوم بعداً اقتصادياً، أي أن الدافع لعمل المرأة، والاقتناع الاجتماعي بهذا العمل جاء نتيجة الوضع الاقتصادي وحاجة الأسرة لمردود عمل المرأة، وليس عن قناعة حتمية بحقها الطبيعي في العمل حتى ولو لم تكن هناك حاجة مادية لعملها، أي أن العامل الاقتصادي ساهم إلى حدٍّ ما في تغيير الدور الاجتماعي الجندري وهذا فعل تراكمي، فالتراكم عبر الزمن يؤدي إلى توحيد الرؤى الإنسانية حول حقوق المرأة، الطفل، الإنسان... الخ من خلال رفض الأصولية بمفهومها الشامل دينية أم اجتماعية أم سياسية. - على الإعلام أن يلعب الدور الهام في تعزيز مفهوم النوع الاجتماعي وقضايا الجندر الأخرى، من أجل تعزيز هذه المفاهيم في أذهان الناس، وبالتالي يكون حضورها في المناهج التربوية أمراً طبيعياً، لأن دور الإعلام لاسيما في الوقت الرهن أكثر حضوراً في حياة وتفكير وتعامل الناس. - إن التشكّل الاجتماعي لمفهوم الجندر وتطوره يتم عبر عملية التنشئة الاجتماعية ومؤسساتها الاجتماعية بدءاً بالأسرة مرورا بمؤسسات التعليم كافة، والمدرسة كأول مؤسسة تعليمية، وانتهاء بمؤسسة الإعلام ومؤسسات المجتمع كافة من خلال معالجة كيفية تشكل التصورات الجندرية ومراحل تكوينها والتي تنعكس على الاتجاه ثم السلوك ودورها في تحديد عملية التفاعل الاجتماعي، لكنها بذات الوقت تحتاج لفكر سياسي حر يدعّم ضرورة تبنيّها والعمل بها في المجتمع والدولة من خلال تفعيل كل الشعارات والخطط الخمسية والتنموية التي تناولت قضايا الجندر والمرأة بكل وضوح.
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أبوّة على قارعة النزوة وأمومة على قارعة القهر..
-
عفواً وزيرة الاقتصاد دستورياً هذا حقّنا
-
القتل بحجة الشرف والإجهاض كلاهما قتل ولكن!.
-
الأجور.. ما بين اقتصاد السوق والوضع المعاشي والاجتماعي
-
/DNA/ محدداً للنسب... والبنت قاطعة للميراث
-
ليكن المرسوم رقم/1/ دافعاً قوياً للمضي في نضالنا من أجل المز
...
-
تعميم وزير العدل هل نعتبره مقدمة لتغييرات قانونية إيجابية.؟
-
ما زالت حياة المرأة قرباناً لحرية الاختيار.
-
هل سيشهد المجتمع المدني مكانة لائقة بعد الهبّات الحكومية
-
إلى متى ستبقى الطفولة في سورية مغتصبة...؟
-
تعديل المادة/308/ والتمسّك بالمادة/192/ قوّض الآمال بقانون أ
...
-
القوانين الاجتماعية والتشريعية- القضائية تُصنّع المجرمين بدع
...
-
عام مضى على اغتيال القضاء السوري لزهرة العزو
-
مسألة المواطنة... كرامة قبل كل شيء
-
جائزة ابن رشد جديرة بالحوار المتمدن
-
هل نحن مواطنون حقاً...!!؟؟ أجل... لكن مع وقف التنفيذ.!!!
-
التبرعات هل تحلُّ مشكلات الفقراء..؟
-
ظاهرة تسوّل الأطفال ظاهرة منظمة في سورية
-
احذروا الشجار أمام الأبناء
-
تأجير طفلات صغيرات كخادمات، وأسئلة برسم المعنيين
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|