|
كيف يرحل الطاغية1 بعد مرور 222 عاماً
دارا خسرو حميد
الحوار المتمدن-العدد: 3291 - 2011 / 2 / 28 - 02:55
المحور:
كتابات ساخرة
في مقالتي المعنونة "النظام الشمولي وجيل مابين زمانين"2 ، حاولت تحليل الدور الذي لعبهُ النظام الشمولي في ترسيخ ثقافة إجتماعية لا مكان لها في المجتمعات التي لها بنية سليمة . نجح هذا النظام من خلال إعلامهِ الموجه و الديماغوغي وعن طريق صحفيين محترفين لخلق أجواء من الرعب الفكري بهدف إبراز صورة قائد الضرورة وتمجيدهيمنته بالنقيض تماما عن الواقع الموضوعي وكذلك عدم أمكانية وصورل الجماهيرالى الوسائل التقنية الحديثة للاتصالات والمشر لعبت دورهُاَ في إطالة عمر النظام الشمولي. بالرغم من إنتهاء رأس النظام وجماعتهِ وبعد أن أصبحوا جزءاً من الماضي، ما زال سؤال محوريا بقى بدون جواب وفرض نفسه مجددا على المتابع لما حدث في العراق يوم جمعة الغضب( 25-2-2011 ) ، وهو فيما إذا رحلت ألية ألنظام الشمولي في الحكم برحيل رأس النظام أو بقت على حالها في القصور و المكاتب الحكومية لكي تتغلغل مرة أخرى في سياق عمل المنظومة الجديدة للحكم التي تُسمى بالنظام الديمقراطي الجديد !! إن دور هذا النظام في العراق أشبه بدورالفزاعة(خيال المأتة) التي تُوضع في المزارع للمحافظة على المحصول وليس المزرعة بحد ذاتها، كما و يؤكد توماس فرديمان في مقالته المعنونة بــ "If not now, when?" المنشورة يوم 22فبراير2011 بأن ألانظمة التي أُُنشأُت ورُسخت أركانها في أرجاء العالم العربي كان الهدف منها ضمان إستمرارية تدفق النفط الى الاسواق الغربية، و إن التستر وغض النظر عن الأنتهاكات المرعبة بحقوق الانسان من قبل الحكام كان أمراَ لا مفر منه في نظرهم، لانه ،كما أسلفنا، الأهتمام الكلي بالمحصول وأهمال المزرعة. لهذا لا يغيبُ شبح الطاغية من هذا البلد المنكوب وانما يجري تبديل شبح مستهلك بشبح أكثر حيوية وجذباَ لضمان بقاء المزرعة "بأيدي أمينة". المشاهد المسرحية التي سبقت يوم 25 فبراير وما حدث من تجاوزات في اليوم نفسه وأمام أنظار العالم لخير دليل على ذلك. إن الروائح التي تنبعث من التقلبات السياسية في المنطقة والتي وصلت الى أنوف صناع القرار في الولايات المتحدة و ملئت صدورهم ، وهنا يبرز سؤال فيما إستطاعوا فك شفرة هذه الروائح ؟ يتوقع البعض، بدو شك، بأن حاسة الشم لدى الساسة الامريكان بامكانها تحليل هذه الشفرة. التردد الامريكي في إتخاذ موقف أخلاقي واضح تجاه ماحدث في مصر، وتأخرإتخاذ ما يلزم للجم الفزاعة الموجودة في المزرعة الليبية، وغياب الأستنكارالأمريكي بخصوص ألاحداث الدموية في العراق قد خيب ضن الشباب في الأعتماد على الأدارة الأمريكية كقارب نجاة يمكن ألاعتماد عليهِ عندما تغرق السفينة وتهوي نحو القاع. أكتب هذه السطور وأننا حائر بين التشأوم أوالتفائل بالمستقبل بسبب التصعيد الدموي في وتيرة الاحداث. هل يُعقل، بعد مضي 222 سنة من إندلاع الثورة الفرنسية، أن يرحل الطغاة بعد إراقة أنهار من الدماء. يوم 25 فبراير شهد العراق مسرحية خبيثة بأمتياز تجاوزت التراجيديا بكل معانيها حيث تابع ملايين العراقيين المسرحية الهزلية التي كانت تُدار في غرف عمليات متخصصة في كيفية التنكيل بالمتظاهرين بدل ألاستجابة لمطالبهم كما وعُزلت مدينة أربيل لاكثر من 24 ساعة عن المدن الملتهبة لتحاشي امتداد التظاهرات التي عمت المدن الاخرى اليها. قُمعت مظاهرات بغداد بعقلية مخابراتية بأمتياز. و لم تنقشع الضباب تماما عن ما حدث في الموصل و البصرة. تستحق الحكومة الحالية كل التقدير من لدن الادارة الامريكية و الجمهورية الأىسلامية في ايران، وأثبتت بأنها فزاعةُ من الفزاعات التي تحافظُ على سلامة المحصول في كل الفصول!!! تزداد الفجوة إتساعا بين الشعب الغلبان والحكام يوما بعد أخر في العراق ولم يبقى امام الشعوب غير الثورة لحل مشاكلِها، ولم يبقى أمام الحكومة العراقية إلا أن تصطف مع الشعب وبعيدا عن البرج العاجي 3 والعودة الي أحضان المجتمع الذي هو المصدر الحقيقي للشرعية. 1- الطاغية: عنوان لكتاب أستاذ امام عبدالفتاح امام. 2- دارا خسرو حميد، النظام الشمولي وجيل مابين زمانين، جريدة الصباح الجديد، عدد970 6-10-2007 3- برج العاجي: مصطلح أوجدهُ الشاعر الفرنسي سانت بيف لكي يبين انعزال النخبة عن هموم العامة.
#دارا_خسرو_حميد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصص قصيرة جداَ-جزء الثالث
-
قصص قصيرة جدا-جزء الثاني
-
قصص قصيرة جدا-جزء ألاول
المزيد.....
-
توجه حكومي لإطلاق مشروع المدينة الثقافية في عكركوف التاريخية
...
-
السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي
-
ملك بريطانيا يتعاون مع -أمازون- لإنتاج فيلم وثائقي
-
مسقط.. برنامج المواسم الثقافية الروسية
-
الملك تشارلز يخرج عن التقاليد بفيلم وثائقي جديد ينقل رسالته
...
-
موسكو ومسقط توقعان بيان إطلاق مهرجان -المواسم الروسية- في سل
...
-
-أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل
...
-
-يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم
...
-
تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا
...
-
مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|