|
شيعةً وسنة ندين اعتقال الشيخ مهنّا
علي فردان
الحوار المتمدن-العدد: 983 - 2004 / 10 / 11 - 08:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
لا تسمح الحكومة السعودية بإنشاء أي نوع من مؤسسات المجتمع المدني ولا حتى جمعية خيرية دون أن تأتي الموافقة من المقام السامي، ومخالفة ذلك يعني الصدام مع الحكومة؛ مع ذلك فقد قام الشيخ مهنّا الحبيل بالإعلان عن اللقاء الإسلامي الوطني لإقليم الأحساء والذي ينادي بتوثيق العلاقات بين أبناء المجتمع الأحسائي والمطالبة بالحقوق الفكرية والاقتصادية للأحسائيين. الشيخ مهنّا الحبيل هو الأمين العام لهيئة اللقاء الإسلامي الوطني وقد تحدّث مع قناة الجزيرة مؤكداً بالمطالبة بالحقوق حيث أن إقليم الأحساء يقع على بحر من النفط والغاز وهو من أغنى أقاليم السعودية وله موقع استراتيجي. مع أن جميع أعضاء الهيئة هم من الأخوة السنّة، إلاّ أن الشيخ بيّن بأن المجال مفتوح للشيعة أيضا في هذا اللقاء. كذلك أعطى الشيخ مقابلة مع موقع شبكة الأحرار وأجاب على سؤال خبيث عن الشيعة يتهمهم بالعداء للإسلام وهو سؤال طائفي بغيض، وكان رد الشيخ حفظه الله واضحاً حيث أكّد على أن الشيعة أخوة مسلمون ويعيشون مع أخوتهم من السنّة منذ قرون. الشيخ مهنّا له آراء خاطئة عن الشيعة خاصةً التي تربط ولاء بعضهم بإيران. كذلك له آراء لا ترقى للحقائق وهي تطعن في الناشطين من الشيعة في بريطانيا وأمريكا وتصف بعضهم بأوصاف غير لائقة. وإن اختلفنا مع الشيخ مهنّا، لكن هذا الاختلاف هو حق طبيعي وأقل من ذلك، إذا ما نظرنا إلى عقود مضت حيث كانت الحكومة تُشنّع على الشيعة في وسائلها الإعلامية ليل نهار مما خلق جواً من انعدام الثقة، صاحبه تمييز طائفي بغيض ضد الشيعة ومناطقهم. هذا التمييز أصاب الأحساء أيضاً، وهي منطقة مختلطة بشكل كبير بين الشيعة والسنة (جيران وأقارب)، أي بمعنى آخر، التمييز طال الجميع ولم يجني أهالي الأحساء من خير أرضهم إلاّ الحصرم. ولهذا فموقف الشيخ نتفهّمه ولن نعتب عليه فيما حصل في الماضي، وما تحدّث عنه في الحاضر لن يمنعنا من الدفاع عنه لأننا نشترك معه في هذه الأرض والشيخ هو ابن الوطن له حقوق مثل الآخرين. نُحيّ في الشيخ جرأته وشجاعته وهو يعلم بأن إنشاء أي تجمّع أو لقاء لهو مغامرة يعرف مدى خطورتها، ومع هذا فقد أعلن عن هذا اللقاء وتحدث بجرأة مطالباً بحقوق أهل الأحساء في خيرات أرضهم، وهي مطالب مشروعة، مثل ما يطالب أهل القطيف في المشاركة في خيرات أرضهم من النفط والغاز. كذلك فإن الشيخ مهنّا قد قابل الشيخ حسن الصفّار وهذا يعني أن أجواء التفاهم وإن كانت في أولها، فهي موجودة والمطلوب تفعيل هذه اللقاءات الأخوية بين أبناء المنطقة الواحدة، فلا يجمعنا فقط المواطنة بتعبيرها الكبير، بل أننا من منطقة واحدة نعيش مع بعضنا البعض كأقارب وأخوة. إن اعتقال الشيخ مهنّا من قبل الحكومة بدعاوى مخالفته للأنظمة وتحريضه على الفتنة وشق وحدة الصف وإثارة النعرات كما أعلن المتحدّث الأمني بوزارة الداخلية ما هي إلاّ اتهامات باطلة تسقط أمام القانون الإلهي والإنساني كما تسقط أوراق الخريف. كذلك فإن المتحدّث أضاف بأن الشيخ قد نقض ما سبق وأن تعهّد به أمام الجهات المختصة في مخالفات سابقة وسوف تُطبّق في حقّه الإجراءات النظامية. هذه الاتهامات هي نفسها حيث تطال كل من يطالب بحقوقه وحقوق المواطنين، هي نفسها تطال كل من يتحدث عن حقوق الإنسان والمساواة والعدالة، فهذه التُهَم جاهزة لتكميم أفواه الناشطين المخلصين من أبناء الوطن. لماذا الإعلان عن اللقاء الإسلامي يخالف الأنظمة؟ ولماذا تعتبره الحكومة تحريضاً على الفتنة ويهدف إلى شق وحدة الوطن وإثارة النعرات؟ الكل يعلم بأن الحكومة تمارس الطائفية البغيضة ضد أهل القطيف والأحساء وتمارس التمييز المناطقي ضدّهم في مجالات التنمية، ومن حق أهل الأحساء أن ينالوا حقّهم في نفط أرضهم، فهم يعيشون على بركة من النفط، كما قالت الأستاذة وجيهة الحويدر في مقالها الأخير بعنوان (من أجل ذاك القنديل) الذي نشرته شبكة إيلاف. إن التمييز المناطقي والطائفي هو ممارسة حكومية نتيجتها بذر الفتنة بين أبناء الوطن الواحد وإثارة النعرات وبالتالي تُهدّد الوحدة الوطنية، ولا يُلام الإنسان في الدفاع عن أهله وأهل منطقته، بل هذا واجب على الإنسان الشريف، خاصةً وهو يرى خيرات أرضه تذهب بعيداً إلى مناطق لا يربطها بأرض الأحساء ولا القطيف سوى النفط ولم تعمل على تقوية الانتماء الوطني عن طريق تنمية هذه المناطق المليئة بالخير، بل على العكس من ذلك، فالحكومة تعمّدت تهميش هذه المناطق والتمييز ضد أهلها. أمّا الاتهام بأن الشيخ مهنّا قد خالف ما سبق وتعهّد به أمام السلطات المختصة، فهذا المنطق هو منطق الاستبداد لأن السلطات المختصة هي المحكمة والقاضي، ولا أعتقد أن الشيخ قد وصل أمره إلى المحكمة أو أن هناك قاضي قد أمر باعتقاله، بل وصل فقط إلى المباحث وتم نزع تعهّد منه، وهذا مخالف للقانون وبشكل فاضح، فإذا ما قامت الحكومة بتطبيق الإجراءات النظامية فإنها ستكون أول الخاسرين لأن الحكومة أول من يخالف الإجراءات النظامية. هنا لا بد أن نُذكّر بأن هذه الأنظمة لم تصدر عن مُمثلين للشعب، ولم تصدر عن مجلس منتخب ولا حكومة منتخبة، ولم يصادق الشعب عليها من خلال صناديق الاقتراع، فهي أنظمة سنّتها الحكومة دون الرجوع للشعب وهي تخالف ما وقّعت عليه الحكومة السعودية من قوانين دولية تكفل حقوق الإنسان وحرية التعبير ونزاهة القضاء. هذه القوانين تُخالف الدين الإسلامي وتخالف الفطرة السليمة التي تدعو للحق والعدل والمساواة. ما فعله الشيخ مهنّا هو واجب النخبة من الوطن التي تتصدى للجور والظلم وتُطالب بالحقوق الفكرية والاقتصادية، كما ذكر بيان اللقاء الإسلامي الوطني. الشيخ يعرف أنه سيتعرض للمسائلة والسجن بدون شك، وهو ومن معهم في هيئة اللقاء الإسلامي يعرفون أيضاً بأن ما قاموا به له تبِعات لن تخفى عليهم، ومع ذلك أصرّوا على الإعلان عن اللقاء وتم توزيع البيان عنه. اعتقال الشيخ مهنّا يعطينا دليلاً تلو الآخر على توجّهات الحكومة المستمرة في قمع أي تحرك سلمي يطالب بالحقوق المدنية، وكمدافعين عن حقوق الإنسان في المملكة، حقوق الجميع أياً كانت توجّهاتهم أو دياناتهم أو مذاهبهم، ندافع عن الشيخ مهنّا ونُدين اعتقاله واعتقال أي فرد لأسباب تتعلق بحرية التعبير ونطالب الحكومة بالإفراج عنه، كما الإفراج عن الشيخ الدكتور سعيد بن زعير وأبناءه سعد ومبارك، وكذلك نطالب بالإفراج عن أبطال الإصلاح والمجتمع المدني الأستاذ متروك الفالح والأستاذ عبدالله الحامد والأستاذ علي الدميني.
#علي_فردان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أنا ضدّ الإصلاحات السعودية !
-
لماذا يا شبكة راصد؟
-
المؤمنون الثلاثة: ولا تهِنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون
-
الشيعة والحكومة السعودية: من يحتاج لصك غفران من الآخر
-
الشيخ صالح العبيد: إذا حدّث كذب!
-
الحوار التمدّن في مواجهة الجاهلية السعودية
-
الإصلاحات السعودية تكشّر عن أنيابها
-
ماذا يعني تِعداد السكّان للشيعة في السعودية؟
-
ماذا بعد تقرير الخارجية الأمريكية عن اضطهاد الشيعة في السعود
...
-
الشيعة يرحّبون بتقرير الخارجية الأمريكية وإدانة الحكومة السع
...
-
الشيعة في السعودية يطالبون بحقوقهم كاملةً غير منقوصة
-
ملخّص تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في ا
...
-
رد على شيخنا الصفّار حول تقرير وزارة الخارجية الأمريكية
-
الخصوصية السعودية: استبداد ودعوة صريحة للعنف
-
ثلاث سنوات على تفجيرات سبتمبر: مازال الإرهاب مستمراً
-
إلى المتميّزين من الشيعة في السعودية: موتوا كمداً
-
مشايخ الإرهاب والإرهابيون: سياسة فن الممكن
-
السلام على المذبوحين في العرق
-
لا تخذلوا الشعب العراقي ولا العراق
-
التسامح واحترام الآخر: لا يشمل المواطنون الشيعة
المزيد.....
-
مصر.. حكم بالسجن المشدد 3 سنوات على سعد الصغير في -حيازة موا
...
-
100 بالمئة.. المركزي المصري يعلن أرقام -تحويلات الخارج-
-
رحلة غوص تتحول إلى كارثة.. غرق مركب سياحي في البحر الأحمر يح
...
-
مصدر خاص: 4 إصابات جراء استهداف حافلة عسكرية بعبوة ناسفة في
...
-
-حزب الله- يدمر منزلا تحصنت داخله قوة إسرائيلية في بلدة البي
...
-
-أسوشيتد برس- و-رويترز- تزعمان اطلاعهما على بقايا صاروخ -أور
...
-
رئيس اللجنة العسكرية لـ-الناتو-: تأخير وصول الأسلحة إلى أوكر
...
-
CNN: نتنياهو وافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. بوصع
...
-
-الغارديان-: قتل إسرائيل 3 صحفيين في لبنان قد يشكل جريمة حرب
...
-
الدفاع والأمن القومي المصري يكشف سبب قانون لجوء الأجانب الجد
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|