|
كالفرنسية ، ستطول ، بالفعل دامية
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3288 - 2011 / 2 / 25 - 00:06
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
الثورة المصرية بماذا يمكن وصفها ؟ لا يمكن أن توصف بالضاحكة ، و هو الوصف الذي حاولت هيئة البي بي سي العربية - التي فقدت خلال تغطيتها للثورتين : المصرية ، و التونسية ، أخر إحترام كنت أكنه لها - أن تلصقه بها . بخمسة و ستين و ثلاثمائة شهيد ، على الأقل ، فضلا عن المفقودين ، و من أصيب ، لا يمكن أبداً وصف ثورة الشعب المصري في 2011 بالضاحكة ، و إلا كان في ذلك إستهانة بشهدائنا ، و مفقودينا ، و جرحانا ، و عدم إحترام لمشاعر لذوي ، و أصدقاء ، الشهداء ، و المفقودين ، و الجرحى . هل يجرؤ هؤلاء الذين يصفونها بالضاحكة على مواجهة أسر الشهداء ، و أصدقائهم ، و زملائهم ، و رفاقهم في النضال الذين رأوا رأي العين مصارعهم النبيلة ؟؟؟ هل يجرؤ هؤلاء الذين وصفوها بالضاحكة على مواجهة من روعتهم عصابات نظام مبارك في بيوتهم ، و من حرقت تلك العصابات بيوتهم ، أو نهبت محال رزقهم ؟؟؟ دامية ، دامية ، هذا أحد أوصافها ، و لم يكن ذلك عن رغبة من الشعب الذي كان يهتف : سلمية ، سلمية . لقد كانت في فصلها الأول دامية ، و بالتالي دامعة أيضا ، فكم من الدموع قد سالت في العديد من البيوت المصرية ، و لازالت تسيل ، على شهداء الحرية ، و الوطن ، الذين إستشهدوا في الثمانية عشر يوما الأولى من عمر ثورتنا . منتهى الصفاقة أن يدعي أي شخص ، أو هيئة ، إنها ثورة ضاحكة . عزائي لأسر ، و أصدقاء ، و زملاء ، و رفاق ، الشهداء ، أرسله ثانية ، و أتمنى ألا يكون هناك مزيد من الشهداء في المستقبل ، و أتمنى أن يُكشف بسرعة عن مصير المفقودين ، و أن يعاقب ، بالعقاب الرادع العادل ، المجرمين ، الذين أراقوا ، عن عمد ، دماء بني وطنهم ، و أزهقوا نفوساً برئية . لكن وصف ثورة 2011 بالدامية ، لا أعتقد إنه التوصيف الوحيد لها ، الذي يجمل كل شيء . الثورة مسألة معقدة ، و لا يمكن إختصارها في وصف واحد ، فقط يمكن التعرض لبعض وجوهها بالتوصيف المحدد ، خاصة عندما تطول . الثورة المصرية التي شبت في الخامس و العشرين من يناير 2011 لم تُكتب نهايتها ، و إنما كُتب فقط الفصل الأول فيها ، و الذي إنتهى في الحادي عشر من فبراير 2011 ، فما حدث في الثمانية عشر يوما الأولى ، ليس إلا الفصل الأول في كتابها ، أما البقية فلم تأت بعد ، و نحن الأن في الصفحات الأولى من الفصل الثاني ، نسطره ، و هذا ما يجب أن نفعله ، أن نسطر ، لا أن نتابع من الخارج . إن لم نكتب الفصل الثاني ، و بقية الفصول ، إلى أن نكتب الخاتمة ، بأنفسنا ، و نغلق الكتاب ، فسيأخذ أعداء ثورتنا القلم من أيدينا ، ليكتبوا هم بقية الفصول . أعداء ثورتنا ، يزاحموننا منذ ما قبل سقوط مبارك ، ليكتبوا التاريخ بأنفسهم ، و هم أنشط ما يكونون منذ أعلنوا عن حل البرلمان ، و تعديل الدستور ، خاصة بعد أن رأوا فتور بعض الهمم ، و محدودية آمال البعض ، و أعني هؤلاء الذين أحسنوا النية في ذلك المجلس العسكري الحاكم ، و صدقوا إنه مخلص فعلا في تأسيس عهد جديد ، فضلا عن هؤلاء من محدودي الطموحات ، و التصورات ، الذين يرضون بالقليل ، دون أن أطعن في إخلاصهم ، وصدق نواياهم . أعداؤنا يحاولون إبقاء نظامهم تحت لافتة أخرى ، كما ذكرت في مقال سابق . و بما أن أعداؤنا ، في هذه الآونة نشطاء ، بعد أن إمتصوا الصدمة الأولى ، و عاودهم الأمل في البقاء ، و بما أن هناك على الطرف الأخر من المواجهة ، من لن يستسلم من الشعب المصري ، و سيعمل على الإستمرار في أخذ زمام المبادرة ، لكتابة بقية فصول ثورة 2011 ، و إلى الخاتمة ، بإذن الله ، و منهم حزب كل مصر ، إذا فالنضال سيطول . ثورتنا ، مثل ثورات شعبية أخرى مريرة ، غيرت وجه مجتمعاتها ، و أوجه مجتمعات أخرى تأثرت بها ، و لعل أشهر مثال على ذلك الثورة الفرنسية ، التي لم يكن سقوط الباستيل نهايتها ، و لم يكن في إحضار لويس السادس عشر من فرساي إلى باريس نهايتها أيضا ، و لا كان حتى إعدام الطاغية أخر فصل في فصولها . ثورتنا ، ثورة 2011 ، لم تكن ، و لن تكون ، ضربة صاعقة ، أو خاطفة ، كما تصور البعض في الحادي عشر من فبراير 2011 ، و كما أرادت بعض الهيئات الإعلامية الصديقة لنظام مبارك ، مثل البي بي سي العربية ، أن تصور ، لتوحي بأن الثورة إنتهت ، ليدعونا نفرح بنصر ، هو في الحقيقة غير مكتمل على الإطلاق ، ليستكمل النظام الذي اسسه حسني مبارك وجوده بإسم أخر . الثورة المصرية أيضا ستطول ، و ستطور ، و ستشهد مراحل متعددة ، إلى أن ينتصر طرف على أخر ، الشعب المصري ، أو النظام الذي أسسه حسني . لا يمكن أن يبقى الإثنان معا ، و كما ذكرت في مقال سابق : مصر لا تتسع لكلانا . إنها معركة النفس الطويل ، كما قلت في الأيام الأولى للثورة ، و الشعب المصري صاحب النفس الأطول . إما نحن ، شعب مصر ، و إما النظام الذي أسسه مبارك . لن ندع أعداء الشعب يأخذون القلم من أيدينا ليسطروا هم بقية فصول كتاب الثورة . لن نسمح بأن يكتب التاريخ مصنفاً ثورة 2011 المصرية : ثورة غير مكتملة . لن نسمح بأن تقول عنا الأجيال المصرية القادمة : ضحك عليهم في النهاية نظام مبارك . فليعيد البعض الحسابات ، و لنفكر جميعاً في المستقبل ، و لنحسب الخطوات القادمة ، و لنوقظ الهمم ، و لنرتب الصفوف ، و لنحد الإرادات ، فالثورة ستطول .
24-02-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام البرلماني قادر على الإصلاح و البناء
-
ستة أعوام للفترة الواحدة خطر في ظروفنا الحالية
-
حسني مبارك مطمئن لأن أتباعه في السلطة
-
هل قرروا البقاء لمدة غير محددة ؟
-
هكذا سيتصرف الإنقلاب العسكري الحقيقي
-
الشعب و جيشه ، أب و ابنه
-
يجب إحتلال مبنى مجلس الشعب
-
الإقتصاد نقطة ضعف نظام مبارك
-
يا أهل الصعيد ، سيخجل منكم أحفادكم
-
الثاني من فبراير يحمل بصمة جمال مبارك
-
لم يبق إلا القليل ، فإلى مزيد من التصعيد
-
كيف يتعامل الإعلام الروماني مع الثورة المصرية ، تجربة شخصية
-
حمداً لله إنه غبي ، الخوف هو من طعنة في الظهر
-
خطاب لا يقبله سوى الخونة ، و لا يصدقه إلا البلهاء ، الثورة ي
...
-
أيها الضابط الصغير ، هل فكرت في مصيرك ؟
-
في سلوكنا الحضاري إستمرارية الثورة و نموها
-
حتى نضمن نجاح ثورتنا
-
الأهمية الإستراتيجية لمصر ليست عقبة في طريق التغيير
-
القتل في الفقه السعودي
-
ثورة لا تُمنع و لا تُخمد
المزيد.....
-
-يا إلهي-.. رد فعل عائلة بفيديو وثق بالصدفة لحظة تصادم طائرة
...
-
ماذا نعلم عن طياري المروحية العسكرية بحادث الاصطدام بطائرة ا
...
-
إليكم أبرز الرؤساء العرب الذين هنأوا الشرع على توليه رئاسة س
...
-
العلماء الروس يرصدون 7 توهجات شمسية قوية
-
أسير أوكراني يروي كيف أنقذ الأطباء الروس حياته
-
على شفا حرب كبيرة: رواندا والكونغو تتصارعان على الموارد
-
ألمانيا تمدد 4 مهام خارجية لقواتها قبيل الانتخابات
-
مرتضى منصور يحذر ترامب من زيارة مصر (فيديو)
-
-الناتو- يخطط لتقديم اقتراح لترامب بدلا من غرينلاند
-
مشهد -مرعب-.. سماء البرازيل -تمطر- عناكب والعلماء يفسرون الظ
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|