سامان كريم
الحوار المتمدن-العدد: 3287 - 2011 / 2 / 24 - 18:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تواصلا مع ما كتبت في الجزء الاول من هذا المقال _ الى الامام حتى تحقيق مطالبنا _ و اليوم و بعد 16 يوم و التضاهرات و الاحتجاجات مستمره و متواصله و في خضم هذه التحولات لثوريه الراهنه في العراق نحن الان بانتظار الخامس و العشرين من فبراير , اليوم الذي ستنطلق فيه حشود كبيره في ساحه التحرير في بغداد و ساحات اخرى مماثله في مدن العراق.
فب الجزء الاول كنت قد ركزت على توسيع التظاهرات و كيفيه و سبل تنظيمها و ايضا كيفيه مواجهه مراوغات البرجوازيه التى كانت تمارس حينذاك . و ان مراوغات البرجوازيه المتمثله بالقوى التى تقف بوجه الثوره, و محاوله اجهاضها بطرق مختلفه و متنوعه خصوصا ان هذه القوى منظمه و لديها الجيش و قوات الامن و الاعلام و الامكانيات الماديه الهائله . ناهيك عن الاستفاده من تراكم الخبره في مواجهه الثورات مستفيدين من ثورات مصر و تونس . عليه فان هذه القوى و بمختلف تلاوينها بدءا من الحكومه الحاليه و القوى المشاركه فيها من الاحزاب القوميه الكرديه و القائمه العراقيه التى تجمعت خيمتها القوى القوميه العربيه و الاسلام السياسي الشيعى بكل الوانه و المنظويه تحت اسم التحالف الوطنى و كذلك القوى الغير منظويه تحت تلك المظلتين و حتى تلك التى تعارض النظام الحالى في بغداد كحزب البعث القومى و دوله العراق الاسلاميه الارهابيه ... كل هذه هى القوى التى تقف بوجه التحولات الثوريه .
ان عمليات المداهمه التى تتعرض لها بيوت النشطاء و قاده التظاهرات و عمليات اعتقالهم و مهاجمه مقرات الفضائيات و القاء القبض على الصحفيين والمتظاهرين . نشر و دس المندسين الى صفوف التظاهرات و الاضرابات .. و المظاهرات البيضاء ايضا ضد الثوره و المحتجين كالذي اقدم عليه التيار الصدرى قبل ان يعلن تراجعه عنه , _ و تبقى مساله مشاركه هذا التيار احتمال قائم لحد اللحظه او من الممكن ان يشارك باسلوب مختلف , ...كل هذا بالاضافه احتمال قيام تلك القوى بكسر التظاهرات باشكال مختلفه كفتح النار على المتظاهرين و قتل المشاركين او انتهاج سياسه التخويف و الترهيب و التحريض و بث الدعايه المضاده للثوره و خلق الفوضى و البلبله لفرض التراجع على المتظاهرين و كسر عزيمتهم و روحهم المعنويه و تشويه المظاهرات من خلال رفع صور لصدام او اي من اعوانه او دس اشخاص يحملون شعارات تعطى الحكومه المبررات لقمع المتظاهرين . كذلك الحال الاصرار على تعريف و تصوير الجيش و القوات الامنيه على انها حاميه للتظاهرات و الاحتجاجات اضف الى ذلك اشاعه و بث الفتنه و خلق اجواء اللاطمأنينه و بث روح الانشقاق بين جموع المتظاهرين اضافه الى اطلاق تصريحات كاذبه بوجود الارهابيين و السيارات المفخخه لخلق حاله من الرعب و الفوضى و منه الى اخلاء الساحات و الشوارع لذا فان وجود اللجان الامنيه المنبثقه من قبل المتظاهرين انفسهم هي مساله في غايه الاهميه .
لاشك في ان بعض القوى ستشارك في هذه المظاهرات لتحقيق مكاسب سياسيه و هي ستشارك و لكن و في نفس الوقت ستحاول رسم ووضع خطوط حمراء امام تطور الثوره الى الامام . أن هذه القوى ستكون عائقا جديا تقف امام صيروره الثوره و تطورها اذ ان هذه التطورات تتعدى حدود برامجها و سياساتها . و يمكن الاشاره في هذا الصدد الى كافه القوىالبرجوازيه في مصر و تونس و سواء كانت في المعارضه او في الحكم . كيف تجمعت و ائتلفت في سبيل المصالح الراسماليه الكبرى و اختطاف الثوره من الثوريين و خصوصا الطبقه العامله و باسم الثوره . انظروا كيف اتفقت كافه الاجنحه البرجوازيه القوميه و الليبراليه و الجيش و القوى الاسلاميه في مصر . في سبيل اجهاض الثوره .. الا ان الثوره توسعت و اخذت تتطور و هي الان في المصانع و المعامل المصريه و هذه هى نقطه التحول الكبرى في الثوره المصريه و هى لحد الان تمضى قدما و مفتوحه على مصراعيها .
اليوم و بعد 16 يوما من اندلاع الاحتجاجات التي برايي هي انتفاضه اندلعت شرارتها في السابع من فيراير الحالى . اود التركيز على محورين اساسيين لهذه التحولات الجاريه في رحم الثوره الحاليه و يبدو لى ان مسارات الثوره في العراق تختلف عن مصر و تونس و لعده اعتبارات منها :
اولا: في كل من مصر وتونس كانت هناك دوله مركزيه و قويه و سقوط المركز يعني سقوط النظام . ان الهدف الذي ننتظره لم يتحقق لحد الان . اقول لم يتحقق على الرغم من سقوط مبارك و بن على . في حين ان الثوره مستمره و القوى المضاده للثوره مازالت منظمه بالرغم من ترنح دولتها تحت ضربات الثوره . اما في العراق فان الدوله مقسمه اساسا على الاقاليم و المحافظات و البلديات . و في العراق فان جميع المحافظات بالاضافه الى اقليم كوردستان تشكل الدوله الضعيفه في العراق . اي مركز ضعيف و مدن قويه تسيطر عليها ميليشيات الاحزاب تحت اسم مؤسسه الجيش و الشرطه و الامن.
ثانيا: فى كل من مصر و تونس فان القوميه هي السائده كافكار و تقاليد و منهج سياسي و تسود حتى على ادواة الانقلاب كالجيش. و في مقالتنا السابقه عن مصر اشرنا الى وهم خطيروهو وهم دور الجيش و حياديته . و ايضا رفع الاعلام المصريه و التونسيه في كافه التظاهرات . و هذه ربما تكون خصيصه يشترك معهما العراق و لكن الاختلاف وارد في العراق ايضا.
ثالثا: الاسلام السياسي اقوى وهو قوه حاكمه مقارنه بتونس التى الاسلام السياسي فيه غائب تماما و في مصر يمثله الاخوان المسلمون حيث انها تتمتع بقوه و نفوذ اجتماعي و على الرغم من ذلك فان القوميه العربيه مازالت لحد اللحظه سائده على اجواء الثوره :في مصر. في حين ان القوميه العربيه في العراق نراها مؤتلفه في القائمه العراقيه وحزب البعث بشقيه في جانب المعارضه وهي اي القوميه العربيه ليست منظمه تنظيما قويا كما في مصر مثلا و ليس لديها نفوذ قوي داخل الجيش .
هنا و بعد هذه المقدمه اود ان اركز على محورين رئيسيين و هما يشكلان معا ركيزه اساسيه لانتصار الثوره في العراق و في تحققهما ستسير الثوره في طريقها نحو تغير جذرى و ستكون مقدمه لتحولات اجتماعيه كبرى بقياده الطبقه العامله
.
اساليب النضال
كتبت في الجزء الاول من هذا المقال قبل اسبوع و قلت فيه " ان الدرس الاول في التجربه التونسيه و المصريه كان انعدام هذا التنظيم و العلاقه بين الشارع و بين محلات العمل و المصانع و المعامل و المناطق السكنيه " ان هذه هى نقطه جوهريه ليس فقط لربط الراس بباقى الاجزاء بل و ايضا لتهيئه الاجواء المناسبه للثوريين و المحتجين بالشوارع و الساحات العامه اي تهيئه الارضيه لتوليد القوى المنتفضه و النفخ في جذوه صبرهم و صمودهم و بقائهم في الساحات و اعاده توليها بصوره مستمره . ان الثوره و ايامها ليست بالضروره متطابقه و متشابهه و ليست كلها عباره عن صولات و جولات و هجمات و تظاهرات و بل تتخللها اوقات للراحه البدنيه و الجسميه و ايضا فيها انواع من اشكال المراوغه و التكتيك لتفتيت القوى المؤتلفه المضاده للثوره : فلا يمكن للثوار و الجماهير ان يبقوا معتصمين لشهر او اكبر فى ساحه التحرير مثلا . اذا فكيف يمكنهم تغيير اسلوب نضالاتهم من التحشدات الكبيره ونقلها الى المحلات و الجامعات و المعامل ناهيك عن العلاقه الوثيقه بينهما اي الجمع بين الاسلوبين وممارسه السلطه الجماهيريه المباشره فى تلك المحلات و ادارتها بصوره مباشره من قبلهم.
ان هذه هى نقطه محوريه سواء لتفتيت قوه الحكومه و احزابها و شل قدراتها و كذلك لتطوير و ديمومه الثوره و توسيعها ليس فقط من الجانب الكمي بل و على الجانب النوعي ايضا اي الافقي حيث تتدخل الثوره في مفاصل المحلات و المؤسسات و يمارس فيها العمال و الاهالي دورهم الثورى في اداره محلات سكناهم و العمال لمعاملهم و الطلاب لجامعاتهم و بهذا الاسلوب نتمكن من تعميق الثوره و ايصالها الى مديات واسعه لايكون بامكان الحكومه و قوات شرطتها ان تقمعها بسهوله.
و في العراق فان هذه التى ذكرناها اعلاه هي ليست القضيه الوحيده بل ان في العراق و حسب النظام السياسي المحاصصاتي القائم و حسب القوى البرجوازيه المؤتلفه التى تشكل الحكومه و ارست العمليه السياسيه الراهنه هي قوى اسلاميه و قوميه ميليشياتيه تسيطر على المدن : اي ان القوى التي تسيطر على المدن و مجالس المحافظات و مجالسها البلديه هي نفس القوى التى تشكل المركز و بهذا تكون الدوله في العراق هي عباره عن حاصل جمع هذه القوى و هذا ما يشكل اختلاف كبير و كبير جدا ما بين العراق من جهه و مصر و تونس من جهه : لهذا فان سيطره المحتجين على مجالس البلديات في المحافظات هو برأيي اسلوب سياسي نضالى ثوري مهم لشل الحركه في المركز و قياداتها الامنيه . لذا فان سقوط عدد من المدن بيد الثوار يعني شل الحكومه بالكامل و افشال اجهاضها للثوره و السيطره عليها.
اذن فهذه الميزه هي ميزه مهمه في العراق و عليه و نحن ننتظر بوم غد الخامس و العشرين من فبراير شباط و الذي من المقرر فيه ان تحشد الحشود في ساحه التحرير للتظاهر و الاحتجاج فانه بالنسبه لى انه حتى و ان تمكنت فيه السلطه من السيطره او اجهاض الحركه و بايه وسيله في اليوم الاول من اندلاعها او لنقل ان اعداد المحتجين ليست بتلك الاعداد التى كان من المؤمل ان تحضر و تشارك فبرايي ان هذه سوف لن تكون مشكله كبيره لان مسار الثوره في العراق و لحد الان يسير وفق نقس الخصائص التى انبثق وفقها الفقر و البطاله و الخدمات و الكهرباء و الحقوق و الخ و حيث ان الناس تعاني من فساد المحافظات و اداراتها كما و يعانون من بطشها و قسوتها و التى هي نفسها تلك القوى المسيطرة على المنطقه الخضراء. حيث ان لكل محافظه ميزانيتها الخاصه بها و حصتها من الكهرباء و حتى العقود التجاريه و الاقتصاديه مع الشركات هي من اختصاص المحافظات . اذن و حتى ان خالف يوم الخامس و العشرين التوقعات فعلينا ان لا نخفض من سقف عزيمتنا و روحنا الثوريه و عزيمتنا بل علينا ان نصحح مساراتنا النضاليه و اسلوبنا النضالى و تكتيكنا الثورى و مراوغاتنا اليوميه . و برايي يجب ان نوجه انظارنا الى عمال النفط الى تلك الفئه من الطبقه العامله التى باستطاعتها ان تخنق الحكومه اذا ما قامت بتنفيذ اضراب لاسبوع واحد فقط.... تخنق الحكومه و كل القوى المنظويه تحت معطفها . ان هذه الشريحه هي المارد الجبار الذى حينما ينهض فليس بامكان الحكومه في بغداد ان تقاوم كثبرا
الرؤيه السياسيه
في مقدمه الجزء الاول كنت قد شرحت هذه الرؤيه و لكن من زاويه المطالب الانيه و من حيث الاهداف النهائيه للإنتفاضه . و في هذا الجزء اود ان اشرح و لو بصوره مبسطه في التداعيات السياسيه للسته عشر يوميا المنصرمه . ان الطابع السائد على الاجواء السياسية في التظاهرات ابرز في ظاهرتين : الاولى هي مسأله علم العراق بالوانه و الله اكبره و هذا يدل على عمق التصور السائد للقوميه العراقيه و ليس العربيه هذه نقطه , و الثانيه كانت رابطه الجيش و المتظاهرين . ان الجيش يبرز نفسه لحد الان كحامي للشعب و المتظاهرين . فعلى الرغم من صولات هذا الجيش و هجومه على المتظاهرين في الديوانيه و الكوت و حلبجه والسليمانيه و ناحيه النصر و ساحه التحرير ببغداد و تنصله و انكار دوره او علمه بهذه الهجمات " و هذه بطبيعه الحال جزء من مراوغات السلطه التى تحدثنا عنها " و على ايه حال فعلى الرغم من ذلك فان دور الجيش مازال " حياديا ظاهريا" و بالتاكيد فان من يقول ان الجيش حيادى فهو واهم و ان ظهوره و اعلانه لحياديته ماهى الا مراوغه برجوازيه ذكيه علينا الاستفاده منها ايضا . ان هذين العاملين يدلان على سيطره و سياده افكار القوميه العراقيه و العربيه و ايضا في كردستان و لحد اللحظه فان السياده السائده للمنتفضين هي القوميه الكرديه كسياسه و كمنهج و خصوصا ان القوميه الشعبويه هي الخط الغالب في انتفاضة كردستان . لهذا و برايي ان تجاوز الاطار الفكري للقوميه العراقيه و العربيه في خضم هذه الثوره القائمه هي اقصر الطرق المؤديه لانتصارها على اتم وجه و هذه المهمة مرهونه بدورنا، وهي وظيفتنا الرئيسة. 23 شباط 2011
#سامان_كريم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟