|
النظام البرلماني قادر على الإصلاح و البناء
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3286 - 2011 / 2 / 23 - 18:36
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
منذ إبريل 2008 أعلن حزب كل مصر عن مطالبته بتحويل النظام السياسي المصري ، في حقبة الديمقراطية الثانية - التي لم تولد آنذاك ، و لم تولد بعد للأن - إلى جمهورية برلمانية ، تكون اليد العليا في السلطة التنفيذية فيها لرئيس الوزراء ، مع صلاحيات جد محدودة لرئيس الجمهورية ، على النمط الألماني ، و الهندي ، و التركي ، و النمساوي ، و غير ذلك من الأمثلة . بعد سقوط مبارك تعالت بعض الأصوات مطالبة بنفس المطلب ، كان منها بالطبع حزب كل مصر ، و لكن للأسف لم تجد هذه الأصوات صدى لدى النظام الذي أسسه حسني مبارك ، الذي لازال يحكم مصر لليوم في صورة المجلس العسكري الحاكم ، و حكومة شفيق ، و الأهم من هم وراء الستار . إذا كان النظام الذي أسسه حسني مبارك ، و الذي يحكم مصر لليوم ، يستحق اللوم ، فإن الفرق المختلفة من المعارضة الحقيقية ، التي سارعت بتأييد قرار المجلس العسكري الحاكم بالإكتفاء بتعديل الدستور ، تستحق اللوم أضعاف مضاعفة ، لأنها بضيق أفقها ، و محدودية طموحاتها ، إكتفت بالفتات الذي ألقاه لها ذلك المجلس العسكري الحاكم ، الذي هو إمتداد لنظام مبارك ، أو مجرد وجه أخر له ، فلم تعرف أن هناك فرصة لتغيير البنية السياسية لمصر تغييراً كبير ، و جذري ، للأفضل ، فإكتفت بالقليل ، أو الفتات ، الذي تصدق به عليها المجلس العسكري الحاكم ، و من يقف ورائه . من مميزات حزب كل مصر إنه لا يفقد الأمل ، فقد عمل من أجل ثورة شعبية سلمية تطيح بالنظام عندما كان الجميع نيام ، أو خائفين . لم يفقد حزب كل مصر الأمل حتى في أحلك الظروف ، و أخطرها ، فإستمر في العمل من أجل إسقاط نظام مبارك - و لازال يعمل - بينما كان الأخرين يعملون فقط في المواسم ، مثل في فترات الإنتخابات الرئاسية ، و التعديلات الدستورية ، و الإنتخابات البرلمانية ، و رفعوا عقائرهم بمطالب محدودة للغاية ، مثل : لا للتوريث ، أو المطالبة بإعادة إنتخابات برلمانية مزورة ، و أحيانا بإقالة وزير ، أو عزل محافظ ، و حتى المطالبة بحساب رئيس حي . و لأن حزب كل مصر لن يفقد الأمل في تطبيق ما يراه الأصلح لمصر ، و من ذلك تأسيس النظام الجمهوري البرلماني ، لهذا فمن المهم تفنيد حجج أعوان النظام الذي أسسه حسني مبارك ، و رجاله ، ضد الأخذ بالنظام البرلماني . الحجة الأساسية ، و ربما الوحيدة ، هي : الإصلاح ، و البناء . من وجهة نظر النظام الذي أسسه حسني مبارك أن المرحلة القادمة هي مرحلة إصلاح ، و بناء ، و تلك المرحلة تحتاج إلى شخص ، هو الرئيس ، ذو صلاحيات واسعة ، و يستمر لمدة طويلة نسبيا ، حددوها بستة أعوام للفترة الرئاسية الواحدة ، و يستمر بحد أقصى لفترتين . شخص يجلس في قمة النظام ، ذو صلاحيات واسعة ، و لمدة طويلة ، لا أرى في ذلك إلا مشروع ديكتاتور أخر ، سينضم في المستقبل للقائمة التي تضم عبد الناصر ، و السادات ، و حسني مبارك . عبد الناصر ، و السادات ، و مبارك ، كلهم طالبوا بصلاحيات واسعة ، أخذوها ، أو ورثوها عمن سبقهم ، و حافظوا عليها ، بحجة ما ، فمرة بحجة مناهضة الإستعمار ، و النهوض ، و مرة بإسم الحرب ، و السلام ، و مرة بإسم التعمير ، و البناء . و إثنان منهما وعدا في بداية عهدهما بالبقاء فقط لفترتين رئاسيتين ، فكان أن عدل واحد منهما الدستور ، و لكن لم يسعفه القدر للتمتع بذلك التعديل ، ليستفيد منه وريثه ليبقى في الحكم قرابة ثلاثين عاماً . فمن سيكون رابعهم ؟؟؟ برغم إن دعوى مرتزقة النظام الحاكم مفضوحة ، و مفهوم غرضها ، و قد ذكرته آنفا ، إلا أن ذلك لا يمنع من تفنيد ذلك الإدعاء ، ليس لإقناعهم ، لأنه يكاد أن يكون من المستحيل إقناع مرتزق ، و لكن لبسط كل الحقائق أمام الشعب المصري . أعتقد أن أفضل وسيلة لإثبات زيف دعواهم تلك ، هي الأمثلة العملية التاريخية ، لتجارب مختلفة في المشارب السياسية ، و مختلفة في البيئات الثقافية ، و الإجتماعية ، التي تثبت قدرة النظام البرلماني على قيادة البلاد في المراحل الصعبة ، التي تحتاج الإصلاح ، و البناء . من تلك الأمثلة مثالين كبيرين هما : نهرو من الهند ، و كونراد أديناور من ألمانيا . أولهما قاد بلاده بفكر إشتراكي ، مشوب بصبغة محلية ، و الثاني بفكر محافظ ، رأسمالي ، يختلط ببعض فكر دولة الرفاه . كلاهما نجحا سياسيا في ترسيخ قيم الديمقراطية ، لدرجة إستمرارها للأن ، برغم أن الهند لم يكن لديها أي سابق خبرة ديمقراطية ، فقد كانت مستعمرة بريطانية ، و ألمانيا كانت ذات تراث ديمقراطي ضحل ، تمثل في جمهورية وايمار - أو فايمار - الضعيفة ، و التي قامت في فترة ما بين الحربين العالميتين . لم ينجح الإثنان ، نهرو ، و أديناور ، فقط سياسيا ، بل نجحا أيضا في البناء الإقتصادي ، و في ظروف أسوء من الوضع المصري الحالي بكثير ، فالإقتصاد الهندي بُعيد الإستقلال كان شبه منهار ، و ألمانيا الغربية شبه مهدمة بعد الحرب العالمية الثانية ، و لكن تفاوتت درجة النجاح ، فقد حقق أديناور في ألمانيا الغربية ، ما يشبه المعجزة الإقتصادية ، مع محافظته على دولة الرفاه ، لحد ما . ليس فقط نهرو ، و أديناور ، هما ما يحضراني هنا ، فالنمسا تعافت من آثار الحرب العالمية الثانية في ظل نظام برلماني ، و هناك من تركيا مثالين : تورغوت أوزال ، و أردوغان ، فقد حقق الأول منهما إصلاحات جيدة في الميدان الإقتصادي ، و حقق الثاني إصلاحات معقولة في الميدان التشريعي ، و أخرى جيدة إقتصاديا . الأمثلة الناجحة للأنظمة البرلمانية ، التي تثبت خواء إدعاءات النظام الذي أسسه حسني مبارك ، كثيرة ، و تمتد على فترات زمنية كبيرة ، و تغطي ثقافات متعددة ، و من مدارس سياسية متباينة . النظام الذي أسسه حسني مبارك لا يريد الإصلاح . هل من خرب ، و سرق ، هو من سيصلح ؟؟؟!!! هل من إنتهك الديمقراطية ، و إغتصب الحرية ، و عذب الشعب ، هو من سيؤسس عهد ديمقراطي طاهر ، يحترم حقوق الإنسان ؟؟!!! إنهم يريدون رئيس واسع الصلاحيات ، يستمر لأطول مدة ممكنة ، ليحمي أفراد ذلك النظام من الحساب ، و ليخفي كذلك مكتسباتهم ، أو قل ، لتكون أدق : سرقاتهم ، عن أعين الشعب المصري . الثورة لم تحقق بعد كل أهدافها ، فقط هدف واحد هو الذي تحقق . حسني سقط ، أما نظامه فقائم يحكم ، و يخطط للإستمرار . إستمرار تهليل بعض فرق المعارضة الحقيقية لتلك التعديلات ، و لكل خطوات ، و تصريحات ، المجلس العسكري الحاكم ، هو ما سيمنح الشرعية لإستمرار النظام الذي أسسه حسني مبارك تحت لافتة أخرى .
حزب كل مصر تراث - ضمير - حرية - رفاهية - تقدم - إستعيدوا مصر
23-02-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ستة أعوام للفترة الواحدة خطر في ظروفنا الحالية
-
حسني مبارك مطمئن لأن أتباعه في السلطة
-
هل قرروا البقاء لمدة غير محددة ؟
-
هكذا سيتصرف الإنقلاب العسكري الحقيقي
-
الشعب و جيشه ، أب و ابنه
-
يجب إحتلال مبنى مجلس الشعب
-
الإقتصاد نقطة ضعف نظام مبارك
-
يا أهل الصعيد ، سيخجل منكم أحفادكم
-
الثاني من فبراير يحمل بصمة جمال مبارك
-
لم يبق إلا القليل ، فإلى مزيد من التصعيد
-
كيف يتعامل الإعلام الروماني مع الثورة المصرية ، تجربة شخصية
-
حمداً لله إنه غبي ، الخوف هو من طعنة في الظهر
-
خطاب لا يقبله سوى الخونة ، و لا يصدقه إلا البلهاء ، الثورة ي
...
-
أيها الضابط الصغير ، هل فكرت في مصيرك ؟
-
في سلوكنا الحضاري إستمرارية الثورة و نموها
-
حتى نضمن نجاح ثورتنا
-
الأهمية الإستراتيجية لمصر ليست عقبة في طريق التغيير
-
القتل في الفقه السعودي
-
ثورة لا تُمنع و لا تُخمد
-
للشعب التونسي : أكمل ثورتك ، و لا تسمح بإليسكو تونسي
المزيد.....
-
أمينة خليل والسعدني وشاهين بمسلسل -لام شمسية- في رمضان
-
أحمد الشرع يكشف ما بحثه مع محمد بن سلمان في الرياض: -لمسنا ر
...
-
نعيم قاسم: تشييع حسن نصر الله وهاشم صفي الدين يوم الأحد 23 ف
...
-
إيران تسدل الستار عن صاروخ -اعتماد- الباليستي بمدى 1700 كيلو
...
-
ترامب يقر بتداعيات حرب الجمارك وشولتس ينتقد تقسيم العالم بحو
...
-
الرئيس السوري أحمد الشرع بعد لقائه ولي العهد السعودي في الري
...
-
الحرس الثوري الإيراني يكشف عن -مدينة صاروخية- جديدة تحت الأر
...
-
إسرائيل تفجر عددا من المنازل في مخيم جنين (فيديو)
-
إعلام: نتنياهو يسعى لإقناع ترامب بتأييد خطته لمواصلة الحرب ع
...
-
وزارة النقل الأمريكية تصف نظامها لمراقبة الحركة الجوية بأنه
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|