أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إلهام مانع - صباح الخير يايمن، صباح الخير ياوطن!














المزيد.....


صباح الخير يايمن، صباح الخير ياوطن!


إلهام مانع
إستاذة العلوم السياسية بجامعة زيوريخ


الحوار المتمدن-العدد: 3285 - 2011 / 2 / 22 - 10:49
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إتصل بي أخي. سألني: "ماذا كتبت عن اليمن؟" فحرت جواباً.
لم أكتب عن اليمن حتى الآن. لا لعدم رغبة، بل لإن الكلمات تأبى أن تطيعني. ألجأ إلى الكمبيوتر، اضع اصابعي على لوحة المفاتيح، ثم أنتظر. أصابعي تنظر إلي من خلف، تنتظر هي الأخرى، لكني أتجمد. فتكف هي عن التوقع، ثم تهمد. فأعود لأتابع الأخبار، أقرأ وأسمع وأشاهد.
رأسي حبلى بالأفكار، لكنها ترفض أن تلدها في كلمات. كأنها تغيضني.
مخاض. مخاض. مخاض.
و لست وحدي في هذا المخاض.
اليمن أيضا تعيش واقعاً قد يتمخض عن جديد.
شيء ما يتبدل، شيء ما يتغير، شيء ما ينبثق من ظلام دامس. لكني أخشى أن اصدق. أخاف أن أصدق كي لا تطعنني الخيبة من جديد. وانا تعبت من الخيبات. وتعبت اكثر من اليأس.
هل تريدون الحق؟ كنت قد فقدت الأمل. منذ زمن. فقدت الأمل في اليمن. قراري بالهجرة من اليمن كان مؤشراً على فقداني للأمل.
بحثت دوماً عن الوطن في اليمن، لكن وطني كان يخنقني بمرضه. لأن وطني مريض، مريض.
ولذا قلت لنفسي يوماً "كفى"، "كفى، مافائدة أن تحرثي في أرض بور. ستنهال عليك السكاكين، وسيكون عليك أن تقرري إما أن تكوني جزءا من النظام أو ضده". فقررت أن أغادر ولا أعود. سافرت وأنا أدري أني لن اعود: "وداعاً ياوطن، وداعاً بلا رجعة."
ولم أشعر يوماً أن قراري كان خاطئا. لم أشعر بالندم. لأني تمكنت من التنفس كما أريد، و أن أحيا بتعمد، أكون، ولا أساوم. أضع رأسي على الوسادة وأنام ملء أجفاني، مطمئنة الضمير. وفي الواقع إشتريت نفسي وراحة بالي بالرحيل. لأني لو كنت بقيت كنت سأكون جزءا من النظام، ولكي تكون جزءا من النظام عليك أن تكون فاسداً. أو على الأقل أن تكون فاسداً "إلى حدٍ ما". وإلى "حدٍ ما" هذه كانت تقتلني. لا أحتملها. او كنت سأنقلب ضد النظام، وحينها كنت سأحيا والجمر وسادي. ولحمي كان حينها غضاً، لا يبحث عن العراك.
هذه الأيام بدأت أكتشف أن هناك طريقاً ثالثاً يمكن للإنسان أن يختاره. ليس أقل صعوبة من الخيار الثاني.
طريق إختاره شبابنا، طريق إختارته شاباتنا.
طريق "ان تبقى وتبحث عن وطنك في وطنك".
طريق "أن تصر على إسترداد وطنك ممن إستلبه وحوله إلى إرث يستبد به".
وطريق "أن لا تقبل بأنصاف الحلول".
"سنكون" قالها لي أحد هؤلاء الشباب.
"سنكون".
ولم افرح يوماً بكلمة مثل هذه الكلمة التي خرجت من رحم الأمل. فرح أغرق عيني بالدموع، لأنها لخصت برونق بديع ما يريده شباب وشابات اليمن.
شبابك ياوطن كف عن اليأس. شاباتك قررن أن يحلمن. يريدون وطناً يكون لهن وطناً. يريدون أن يكونوا، أن يكن.
فأخجلونا نحن من بدأ الشيب يتسلل إلى قلوبنا. اخجلونا نحن من ركنا إلى التحسر. أخجلونا نحن من وجد الأمل مذبوحاً في صدره.
-------
اليمن ليست تونس ولا مصر.
الكثيرون يرددون هذه العبارة، وأنا لن أجادل فيها. فهي موضوعياً صحيحة.
اليمن كدولة لا زالت في حالة "تجربة"، وهي إلى يومنا هذا "لم تتبلور بعد". ليس لديها تاريخ في الحكم المركزي، ومنقسمة مناطقياً وطائفيا. وتحكمها اقلية قبلية عشائرية.
ولذلك فإن المطالبة بإسقاط النظام قد تتمخض عن عدة سيناريوهات محتملة. أولها إنقسام اليمن، ثانيها حرب أهلية، وثالثها "أو".
إنقسام اليمن وارد. لأنه إذا كان مطلب إسقاط النظام قادر أن يوحد القوى المعارضة على المدى القصير، فإن اهداف هذه القوى من إسقاط النظام قد تختلف. وبعض هذه القوى قد لا يرضى بأقل من الإنفصال.
والحرب الأهلية واردة هي الأخرى، لإن اليمن مدجج بالسلاح حتى العنق، والدولة طابعها قبلي، وإلإنقسام القائم بين صفوف الأقلية الحاكمة كلها عوامل يسهل أن تشعل فتيل أزمة سرعان ما تتفجر إلى حرب أهلية.
السيناريو الثالث هو "أو".
و"أو" هذه يؤمن بها شبابنا وشاباتنا.
"أو ننسى إنقسامنا، ونقرر أن نبني وطناً موحداً، يحمى أبناءه وبناته، يكون لهم ولهن وطناً. ونؤسس لدولة، دولة مدنية ديمقراطية عادلة، تخلو من الفساد، تقوم على مفاهيم المواطنة وتحترم حقوق الإنسان. دولة مؤسسات يقف فيها الجميع متساويين أمام القانون."
"أو" هذه هي سيناريو "الحلم".
شبابنا يحلم. شاباتنا يحلمن.
يؤمنون ويؤمنَّ بهذا الحلم.
ويريدون أن يبعثوه حياً في الوطن.
وأن تحلم يعني أن تصمم على الحياة.
غيري كثيرون سيسخرون من سيناريو الحلم هذه.
من "أو".
ولعلهم على حق!
لكني تعبت من اليأس كما قلت لكم. وأريد أنا ألأخرى أن أحلم. أحلم بوطني من جديد.
ولذا سأضع مخاوفي جانباً، واسكت عقلي قليلاً، وأقف مع شباب وشابات اليمن، احلم مع المستقبل، ولن أقول أكثر من جملتين: "صباح الخير يايمن، صباح الخير ياوطن".



#إلهام_مانع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مصر على مفترق الطريق!


المزيد.....




- هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل ...
- في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو- ...
- الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م ...
- البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
- الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
- السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز ...
- دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
- ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد ...
- تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
- مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - إلهام مانع - صباح الخير يايمن، صباح الخير ياوطن!