|
أبوّة على قارعة النزوة وأمومة على قارعة القهر..
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 13:14
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
نشرت صفحة الحوادث في صحيفة الثورة بتاريخ 8/2/2011 خبراً مفاده أنه تمّ إسعاف السيدة (أ/ع) إلى مشفى دمشق إثر ضرب زوجها لها ضرباً مبرحاً بعصا غليظة ومحاولته إحراقها بالمازوت لولا أن حصّنتها ابنتها بجسدها، ولم تتزحزح قيد أنملة من أمام أمها مشكّلة بينها وبين والدها درعاً بشرياً جعله يتراجع عن إحراقها. وتقول الأم المعنّفة على هذا النحو الحارق، إن زوجها الذي يعمل (سائق تكسي أجرة) يرغب بالزواج عليها، وقد انصاعت لرغبته وخطبت له بنفسها، شرط أن يترك لها حضانة أولادها الأربعة لتربيتهم، لكنه فاجأها برغبته في أن تترك المنزل مع أولادها الذين رفض حضانتهم وتربيتهم، مؤكّدا لها بأنه يحتاج المنزل ليتزوج فيه ويحضر إليه عروسه الجديدة. وعندما رفضت الخروج من المنزل الذي طردها منه مع أولادها الأربعة، حاول إكراهها على ترك المنزل بالضرب المبرح ومحاولة تشويهها بإحراقها الأمر الذي طفح الكيل معه فبلغ السيل الزبى، فلم تجد مناصاً من رفع دعوى عليه في جمعية العنف ضد المرأة . هنا، وبعد كل هذا، هل نجد أن الأبوّة تحمل دائماً الحنان والرأفة والقدوة الصالحة..؟ أم أنها في بعض الأحيان تحمل كل القسوة وعدم الشعور بالمسؤولية المنوطة بها كقدوة مُثلى، وقارب نجاةٍ يقود أطفاله لبر الأمان والاستقرار، فتتحول هذه الأبوّة إلى مصدرٍ للغربة والتشظّي في فضاءات كونٍ مفعم بالمجهول المرعب لفراخٍ ما زال زُغُبها نديّاً.. فالأبوة كما الأمومة ... عاطفة غريزية من الأب تجاه الأبناء، يتفاعل معها بشكل يقارب عاطفة الأم، أو هكذا يُفترض أن تكون.. فهذا الأب الذي يلجأ للضرب والحرق والتهجير مقابل نزوته ورغبته في زواج ثانٍ، لم يكتفِ بالعنف النفسي الذي مارسه على زوجته عندما ذهبت بنفسها لتخطب له مقابل أن يتركها وأولادها بالبيت، بل فضّل أن يُضحي من أجل نزواته ورغباته بزوجته وأطفاله، هل يمكننا أن نمنحه شرف أبوّة مقدّسة تهب الطفل الأمن والحنان..؟ أم أنه ابن غابة لا شرعة لها غير الافتراس والبطش حتى بفلذات الأكباد مقابل نزوات ورغبات لا يمكننا أن نصفها إلاّ بالـ..؟ إلى متى تبقى هذه الظواهر منتشرة في عالم يُفترض به التطوّر والارتقاء بالتعامل الإنساني..؟ ثمّ، إلى متى تبقى مهمة الصحافة الرسمية منها والخاصة، فقط إحداث صفحات تقليدية مثيرة كصفحة الحوادث مهمتها ملْ فراغٍ أبيض بمآسٍ اجتماعية لا ترقى إلى اهتمام المعنيين بالأمر، ولا تؤخذ بالحسبان أثناء إجراء الدراسات والأبحاث التي تخص قضايا الأسرة والمجتمع وما بينهما من نساء وأطفال يصبحون على قارعة الفقر والحاجة والتشرد أمام رغبات أزواج لا يعرفون من مسؤوليات الزواج إلاّ نزوات تنتج أطفالاً لا ذنب لهم سوى أنهم أبناء لآباء غير آبهين بأبوّتهم. وإلى متى سيبقى القانون متفرّجاً في أفضل الأحوال إن لم يكن متحيّزاً غالباً للأب في مسألة سكن الأولاد بعد الطلاق..؟ لماذا لا تُحل هذه الإشكالية بقانون يبيح السكن لمن يحتفظ بالأولاد.. ؟ وهذا ما طالبنا به سابقاً، وسنبقى نطالب به حتى يجد المشرّع صيغة يحفظ من خلالها للأطفال كرامتهم وبراءتهم وأمانهم أمام جشع آباءٍ لا يرحمون. إلى متى يبقى التشريع خاضعاً لنزوات الرجل، وليس لتشريع ديني أجاز الزواج لأسباب قاهرة..؟ لماذا يظلُّ هذا التشريع قاصراً في مسألة تعدد الزوجات دون مبررات مقنعة، من خلال إباحته بكل الحالات دون الأخذ بعين الاعتبار ما سيلحق المجتمع من خراب ناتج عن خراب يطال الأسرة والأطفال الذين سيفدون مستقبلاً إلى عالم التسوّل والتشرّد، وبالتالي تزداد نسب التسرّب المدرسي، وترتفع غالباً أسهم الدعارة التي يفيض بها المجتمع حالياً، لأن الزوج في هذه الحادثة سائق تكسي أجرة، أي أنه يعيش بأجر يومه، فكيف بزواجٍ ثانٍ... !!!؟؟؟ وأيضاً، إلى متى سيبقى شعار تمكين المرأة، وتفعيل حضورها الاجتماعي والاقتصادي مجرد شعار يُرفع في المؤتمرات المحلية والإقليمية والدولية، ومتى كانت هناك حاجة إعلانية إليه، دون النظر للمرأة على أنها دوماً هي الحلقة الأضعف في ظل تراتبية اجتماعية مقيتة، وفي ظل وجود زوج غير مبالٍ إلاَّ برغباته ونزواته، وأب يتخلى ليس فقط علن أبوّته التربوية والاجتماعية، بل حتى عن مسؤولياته المالية والتزامه المادي حيّال حاجيات الأطفال، ملقياً الحمل برمته على الأم، ألم تختَر حضانة الأولاد..؟ إذاً عليها تحمل تبعات اختيارها بكل أبعاده ونتائجه مهما كانت قاسية ومريرة. وفي أفضل الأحوال يكتفي هو والقانون بما نصّ عليه من نفقة لا تغني ولا تسمن من جوع، لا بل قد يلجأ للتحايل على القانون عندما يقدم وثيقة تثبت ضآلة دخله الذي لا يساعده على تأدية واجبه المادي تجاه أولاده، أو وثيقة تثبت أنه لا عمل له، وبالتالي هو غير مكلّف بما لا طاقة له به، بينما يؤمن متطلبات أسرته الثانية دون تقصير، وكل ذلك تحت حماية ورعاية مظلة القانون، هل هذا معقول..؟ هل معقول ومقبول أخلاقياً وقانونياً واجتماعياً أن تقوم الأم بكل تلك الأعباء، ويُسمح للأب بالتخلي عن واجبه تجاه أبوّته..؟؟ وحتى أنه ربما لا يسأل من أين ولا كيف تفي الأم بتلك الالتزامات حتى ولو كانت منتجة، فكيف سيكون الوضع إذا لم تكن منتجة وفي ظل ظروف اقتصادية ومعاشية بالغة التعقيد...؟؟؟؟ لكنه بذات الوقت لا يتوانى عن إدانتها وسلبها حضانة الأولاد إذا ما اشتبه بأخلاقها والطرق لتي تسلكها لتأمين احتياجات أطفاله، حيث يستفيق الشرف وتتأجج الرجولة العفنة المدججة بالأعراف والتقاليد والقيم البالية عن مفهوم الشرف. وفي أحيانٍ كثيرة، ولكي يزيد من جرعة الكيد للأم يلجأ إلى تلفيق التهم الأخلاقية لها حتى يحرمها حق حضانة أبناءها، وكثيرة القصص التي تُروى حول هذا الموضوع. فأين هو إذاً من الشرف لمّا تركها وأولادها لمصير مجهول وحاجة قد لا تقبل أو تعرف التأجيل..؟ هل من الشرف بمكان التحايل على القانون..؟ أم أن الأبوة فقط بالنسب وحمل اسم لا يجوز له أن يندثر.!!!!!!! أسئلة نضعها برسم الإجابة أمام المجتمع والقانون والقيم. فهل من مجيب...؟؟؟؟
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عفواً وزيرة الاقتصاد دستورياً هذا حقّنا
-
القتل بحجة الشرف والإجهاض كلاهما قتل ولكن!.
-
الأجور.. ما بين اقتصاد السوق والوضع المعاشي والاجتماعي
-
/DNA/ محدداً للنسب... والبنت قاطعة للميراث
-
ليكن المرسوم رقم/1/ دافعاً قوياً للمضي في نضالنا من أجل المز
...
-
تعميم وزير العدل هل نعتبره مقدمة لتغييرات قانونية إيجابية.؟
-
ما زالت حياة المرأة قرباناً لحرية الاختيار.
-
هل سيشهد المجتمع المدني مكانة لائقة بعد الهبّات الحكومية
-
إلى متى ستبقى الطفولة في سورية مغتصبة...؟
-
تعديل المادة/308/ والتمسّك بالمادة/192/ قوّض الآمال بقانون أ
...
-
القوانين الاجتماعية والتشريعية- القضائية تُصنّع المجرمين بدع
...
-
عام مضى على اغتيال القضاء السوري لزهرة العزو
-
مسألة المواطنة... كرامة قبل كل شيء
-
جائزة ابن رشد جديرة بالحوار المتمدن
-
هل نحن مواطنون حقاً...!!؟؟ أجل... لكن مع وقف التنفيذ.!!!
-
التبرعات هل تحلُّ مشكلات الفقراء..؟
-
ظاهرة تسوّل الأطفال ظاهرة منظمة في سورية
-
احذروا الشجار أمام الأبناء
-
تأجير طفلات صغيرات كخادمات، وأسئلة برسم المعنيين
-
أمومة المرأة وأنوثتها ليست أساساً للتمييز.
المزيد.....
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
-
فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح
...
-
السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب
...
-
تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
-
-دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة
...
-
مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|