سامية نوري كربيت
الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 09:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا يسعني في بداية مقالي إلا أن اشكر كل من طور التكنولوجيا وأدخلنا إلى عالم جديد نستطيع فيه أن نوصل أصواتنا ونبوح بمكنونات صدورنا التي جثم عليها قرونا طويلة من أباح دمائنا وسلب حقوقنا ، اشكر شبكة الانترنيت ومواقع التواصل الاجتماعي التي فتحت لنا أبواب العالم الذي أوصده في وجوهنا سلاطين القهر والطغيان ، اشكر موقع الحوار المتمدن الذي قبل أن يوصل أصوات المعذبين والمهمشين والمسروقة ديارهم والمصادرة خزائن تراثهم وحضارتهم ، اشكر الكتاب من ذوي الضمائر الحية والمثقفين ذوي العقول النيرة الذين يتعاطفون مع الحق والحقيقة ، اشكر كل من قرأ التاريخ وقال كلمة صدق في حق من اغتصبت أراضيهم ونهبت ثرواتهم واجبروا على ترك عقائدهم خوفا ورعبا من سيوف الجلادين ، اشكر كل من ذرف دمعة من اجل شعوب بمئات الملايين قهرت وعوملت (ولا زالت) كالعبيد والسبايا في عقر ديارهم وتحت سماء أوطانهم واوطان أجدادهم .
هذه المقدمة البسيطة أحببت أن تكون المدخل لردي على مداخلات المعلقين على مقالي السابق الذي تناولت فيه باختصار شديد مقابلة جرت بين الدكتور كامل النجار والسيد رشيد معد ومقدم برنامج سؤال جرئ على قناة الحياة المسيحية ، ولما كان الدكتور كامل النجار من الكتاب البارزين في موقع الحوار المتمدن وله الكثير الكثير من المؤيدين والمعارضين رغبت أن أضع تلك الحلقة في متناول المهتمين في متابعة كتابات وأفكار الدكتور كامل النجار ، وفي الحقيقة إني كنت واعية لحقيقة أن أواجه بردود غاضبة أو مخالفة او منتقدة ولكني لم أكن أتصور أن تكون التعليقات بذلك المستوى الهابط في لغة الحوار ، ولهذا السبب لم أرد مباشرة على التعليقات لأنها من ناحية لم تكن تعبر عن منطلق فكري جدلي يناقش المحتوى والأفكار والقناعات ، ومن ناحية ثانية كانت عبارة عن توصيفات تحاول أن تجرني إلى مهاترات هي ليست من أسلوبي في الحوار ، ولم أكن لأسمح لنفسي أن اسحب إلى جدال عقيم لا طائل من وراءه ولا يفيد احد بل يحقق هدف من يريد أن يحول الموقع إلى ساحة تهريج وتبادل الاتهامات بما يحمله من فراغ فكري وخواء ثقافي .
إن مشكلة قسم كبير من المعلقين أنهم يعلقون بدافع تعصب ديني بدون أن يكون لديهم القدرة على فهم وتقدير ما يحدث حولهم من تعديات على المخالفين لهم بالدين بدون أي سبب سوى لأنهم لا يدينون بدين الإسلام ، وهذا يحدث في أي مكان من العالم سواء في الغرب عن طريق التفجيرات الإرهابية أو في الشرق من قتل وتهجير على يد من تم غسل أدمغتهم من قبل رجال الدين ومن ثم حشوها بآيات الجهاد والقتال وكأننا نعيش في القرن الأول الهجري ، وهؤلاء المعلقين لا يجدي معهم نقاش لأنهم بعيدين جدا عن مفهوم إن لكل شخص الحق فيما يعتقد به أو يعبده لان هذا من ابسط حقوق الإنسان التي تضمنتها إعلانات حقوق الإنسان ولا يحق لأي شخص أن يفرض على الآخرين ما يعتقده ، وبخلاف ذلك يكون استعباد للبشر وتعدي سافر على حرية الفرد .
احد المعلقين يتهمني بان المقال يفتقد إلى الأكاديمية في الطرح وانأ أجيبه بالتالي : أولا ليس من شروط كتابة مقال أن يكون بصورة أكاديمية لأنه ليس بحثا وثانيا أنا لست بحاجة أن يعلمني شخص الكتابة الأكاديمية وهو لا يعلم متى تستعمل الأكاديمية كأسلوب في الكتابة في الوقت الذي فيه كانت دراساتي كلها أكاديمية ، كما إن نفس المعلق يتهمني باني مبشرة ولست ادري على ماذا استند في قوله ؟؟؟ هل كان المقال يحوي أي آية من الكتاب المقدس أو تعاليم المسيحية أو دعوة لأي كان للتحول للمسيحية ؟؟؟ الذي اعرفه في مجال الكتابة إن الشخص عندما يعلق يجب أن يكون أمينا في تعليقه ولا يرمي الاتهامات يمينا وشمالا دون دليل والقول أنني أتستر بالعلمانية وأنا أدعو للمسيحية ؟؟؟ أنا لا احتاج أن اتستر بالعلمانية فانا بالفعل علمانية بكل معنى الكلمة ولكني أدافع عن ديني ضد الاضطهاد والظلم ، ثم إن العلمانية لا تعني الإلحاد بل تعني فقط الإيمان بان الدين أمر شخصي وفصل الدين عن الدولة ، وكذلك يعتب على موقع الحوار كيف يسمح بنشر المقال وهو موقع يساري والجواب إن الموقع يساري علماني يدعو إلى الديمقراطية والانفتاح على الآخر ، وإذا كنت من متابعي الموقع فأعتقد انك تكون قد لاحظت كتابات كثيرة تطعن بالمسيحية والكتاب المقدس وحتى بشخص المسيح .
معلق يقول إن المسيحيين يصرفون المليارات للتبشير وأنا هنا اسأله كم كنيسة تبنى كل عام في الدول العربية وأي دولة عربية تسمح للفرق التبشيرية ، يااخي على الأقل تذكر أن هناك والحمد لله قنوات تلفزيونية وانترنيت ومعلومات تضخ في كل الاتجاهات وكلها تجمع على أن أموال البترو دولار غزت العالم بهدف نشر الإسلام عن طريق بناء آلاف المساجد والحسينيات والمدارس الدينية وإرسال آلاف الدعاة وأئمة المساجد التي تؤدلج الشباب وتدفعهم للانتماء إلى الفرق الإرهابية الجهادية بتلقينهم آيات القتل ، وأنا هنا أتسأل لماذا انتم مرتعبين من التبشير ولماذا لا ترتعب الدول المسيحية من نشاط آلاف المنظمات والجمعيات التي تعمل على نشر الإسلام ؟؟؟ سؤال عليكم إيجاد إجابة له ، كما إن نفس المعلق ذكر أن المسيحية قتلت الآلاف والمسيح قتل أطفال بيده وأخبار عن مذابح ارتكبها المسيحيون ، وأنا هنا أعيد شكري الجزيل لوسائل الاتصالات التي غزت العالم لأنها تستطيع أن تكذب أقوالك جملة وتفصيلا فلا يعقل أن يصدق احد إن المسيح الذي هو رسول السلام والذي دعانا أن نحب أعداءنا ونبارك لاعنينا ونصلي من اجل الذين يضطهدوننا ، يمكن أن يكون أتباعه قتلة ؟؟؟ ولكنها السياسة ومن ثم السياسة ولا دخل للدين المسيحي كما هو مبين في العهد الجديد (الإنجيل) بسياسة أية دولة ، وهناك مع الأسف خلط بين العهد القديم الذي هو التوراة وبين الإنجيل .
يقول معلق آخر إن ثورات العرب سوف تمسح المسيحيين بالأرض وأنا أجيبه بان ثورات العرب سوف تمسح ذوي العقول المدجنة بالأرض لان الثوار لم يتخرجوا من المدارس الدينية أو من الكتاتيب التي تحشو عقولهم بالكره والحقد على كل ما هو ليس أسلامي ، إنها ثورات شباب مواقع التواصل والانترنيت التي فتحت أذهانهم وأطلعتهم على الواقع المخزي الذي يعيش فيه العرب اليوم من تخلف اجتماعي وفساد سياسي وحكام لصوص ورجال دين مضللين وشعوب مغيبة عقولها بالأوهام والخرافات والأساطير تساق كالقطعان مسلوبة الإرادة بخزعبلات لم تعد تنطلي على هؤلاء الشباب ، إنها ثورات تدعو إلى بناء الإنسان فكريا وعلميا وثقافيا بعيدا عن محاولات تغييب الوعي كما يحدث الآن في إيران حيث يصبح شعب كامل ودولة مرهونا بإرادة شخص نسب لنفسه صفة القدسية ومن حوله مطبلين ومزمرين للتمتع بالامتيازات التي يسبغها عليهم الولي الفقيه ، كما كان يحدث في عهد الملوك والأباطرة والسلاطين والفراعنة ولم يتغير شئ سوى اللقب ، إنها ثورة شباب لم تعد تنطلي عليهم نظرية المؤامرة أو تحميل الغرب وأمريكا كل شرور الحكام وآثامهم وفسادهم وأسباب تخلف وفقر وعوز وجوع المجتمعات العربية ولم يعد احد يصدق الكذبة الكبرى التي أصبحت الشماعة التي تعلق عليها كل مصائب الدنيا وهي أمريكا فأمريكا فعلت وأمريكا قالت وفي الحقيقة إن الفساد ينخر كالسوس في مجتمعاتنا ، وشعوبنا تكابر وتكذب وهي تعلم الحقيقة ولكنها مكممة الأفواه وألان بداية رفع الكمامات وبناء العقول والنفوس قبل الأوطان ولننسى أمريكا ومسيحيتها ولنتذكر أنها والغرب وقفت إلى جانب مسلمي البوسنة والهرسك ضد صربيا المسيحية ، كما أن حلف شمال الأطلسي الذي يتكون من قوات أمريكية وأوربية قصف صربيا من الجو لمدة احد عشرة أسبوعا بعد أن أعلن الحرب عليها دفاعا عن كوسوفو المسلمة عام 1999 ولم يوقف الحرب إلا بحصول كوسوفو على الحكم الذاتي تحت حماية دولية والقوا القبض على رئيس صربيا المسيحي سلوبودان ميلوسيفيتش .
وأخيرا أود أن أقول لقسم من المعلقين الذين يستعملون عبارات التهجم أو التهكم أو تلفيق قصص خيالية بان ذلك لا يسئ للكاتب بل للمعلق لأنه يبين ضحالة المستوى الفكري للمعلق ، كما يجب أن أوضح حقيقة مهمة بان ما اكتبه لم يأتي من فراغ وإنما هو نتيجة طبيعية لما يحدث لأهلي في العراق لأن ما يحدث هناك للمسيحيين فاق قدرتي على التحمل ، وسوف استمر بالكتابة وفضح كل ما يحدث من ظلم وقهر لشعب هم أحفاد أشور وبابل وسومر ، أحفاد بناة أعظم حضارة في التاريخ ولا يزال الذي يزور المتحف البريطاني في لندن والمتحف الألماني في برلين ومتحف اللوفر في باريس يقف مشدوها أمام آثار تلك الحضارات الشامخة ، واليوم يعاملون كغرباء على أرضهم وفي موطنهم ولا يعترف بحقوقهم بالإضافة إلى أنهم أصبحوا أهدافا لمجرمي الفكر الإرهابي السادي القذر .
#سامية_نوري_كربيت (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟