|
المقاومة العراقية: ارهاب ام مقاومة شرعية؟
الياس المدني
الحوار المتمدن-العدد: 981 - 2004 / 10 / 9 - 15:14
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لم تكن مفاجئة ان تصف وسائل الاعلام الغربية وبالاخص الامريكية كل حركة مقاومة ضد المصالح الغربية بالارهاب. فهذه الكلمة السحرية اصبحت سيفا يسلط على رقبة كل من يتجرأ على رفض الهيمنة الامريكية في العالم. ولكن ما يفاجئني حقيقة هو استعمال هذه الكلمة من قبل بعض الصحفيين والمتثاقفين العرب في وصف حالات المقاومة الوطنية الشريفة في كل من فلسطين والعراق. اذا كان بعض الزملاء كتاب الحوار المتمدن يستخدمون كلمة الارهاب لوصف ما يدور من احداث في العراق فانني فعلا اقع في حيرة وفي غضب غير عادي، واتسائل ما هو الارهاب؟ هل لدينا تعريف محدد للارهاب؟ هل هناك تعريف دولي لمفهوم الارهاب؟ هل هناك صفات محددة للارهاب؟ هل هناك فرق بين المقاومة الوطنية المشروعة لكل شعب (كما نصت عليها النظام الاساسي لهيئة الامم المتحدة) وبين الارهاب؟ الا نستخدم هذه الكلمة السيئة عن سوء نية؟ الا نعطي للاعلام الغربي الحجج لاستخدام هذه الكلمة لوصف الاحداث الجارية في منطقتنا؟ ان النقاش حول الارهاب مع اناس لا يودون فتح عقولهم لاستيعاب اراء الاخرين هو حوار بيزنطي وهم ارادوا ام لم يريدوا يمارسون ارهابا ثقافيا من خلال رفض اراء الاخرين وتسخيف ما يرد في تلك الافكار. فكما يقول بريان جينكينز ان ما يسمى اليوم بالارهاب يعتمد على وجهة نظر المتحدث. وهو يشكك اولا بالمعايير الاخلاقية للمتحدث نفسه اذا كانت احدى الاطراف بدون أي تأنيب للضمير تنجح بوصف الاخرين بالارهاب فان هذا يعني انها استخدمت ضدهم العنف أي الارهاب الاخلاقي. لهذا اعتقد انه من المفيد بهذا المكان الانتقال من الحوار البيزنطي الى الحوار الاكاديمي عن مفهوم الارهاب لنرى هل ما يجري في بلادنا هو ارهاب ام نضال ومقاومة مشروعة ضد احتلال غريب. مما لا شك فيه انه لايوجد تعريف محدد للارهاب. حتى داخل الولايات المتحدة نفسها التي تحمل لواء الحرب على الارهاب نجد ان تفسير هذه الكلمة يختلف في وثائق مكتب التحقيقات الفيدرالي عن وثائق وزارة الخارجية وهذه بدورها تختلف مع تعريف وزارة الدفاع للارهاب. فوزارة الخارجية ترى ان تعريف الارهاب وارد في المادة 22 من الدستور الامريكي الفقرة 2656ف المقطع د: العنف المبرمج لاغراض سياسية ضد اهداف غير مشاركة بالحرب الذي تمارسه الحركات المنظمة الوطنية والعملاء والتي عادة تهدف الى التأثير على عموم المجتمع. اما مكتب التحقيقات الفيدرالي فيرى ان الارهاب هو: الاستعمال الغير قانوني للعنف ضد الاشخاص والممتلكات بهدف اشاعة الرعب واجبار الحكومة او الشعب او جزء منهما وبالتالي تحقيق اهداه السياسية او الاجتماعية. اما وزارة الدفاع فتعتقد ان الارهاب الاستعمال الغير قانوني للعنف او التهديد به ضد الاشخاص والممتلكات بهدف اشاعة الرعب واجبار الحكومة او الشعب وبالتالي تحقيق اهداه السياسية او الدينية او الايديولوجية. اما حلف الناتو ففي وثائقه الخاصة يعرف الارهاب على انه: "القتل والخطف واشعال الحرائق وما شابهها من اعمال عنف جنائية، بغض النظر عن الاسباب والدوافع التي تقف وراء القائمين عليها". هذا يعني ان أي من اعمال العنف مهما كان اسبابها هي اعمال ارهابية. أي ان العمل ذاته وليست دوافعه هي التي تضفي عليه صفة الارهاب. من هنا نرى انه من الصعب الحكم بكل بساطة على الاعمال التي تجري في كل من فلسطين والعراق ونطلق عليها جزافا لقب الارهاب. ولتفريق بين ما يجري من احداث في فلسطين والعراق يجب ان انوه الى الحقائق التالية ككما يراها القانون الدولي وليس بالضرورة كما اؤمن بها انا شخصيا: 1. دولة اسرائيل دولة مستقلة وهي عضو في هيئة الامم المتحدة في الحدود التي اقرتها هذه المنظمة بعد حرب 1948. وكل ما يتم داخل هذه الحدود من عمليات عسكرية للمقاومة الفلسطينية هي اعمال ارهابية. 2. الاراضي الفلسطينية التي احتلتها اسرائيل في حرب حزيران هي اراض محتلة ولا يحق لاسرائيل السيطرة عليها او التصرف بها او بسكانها وعلى الدولة العبرية مراعاة الاتفاقيات الدولية بحق السكان المدنيين الموجودين تحت الاحتلال. ومن حق الشعب المحتل استخدام كل الوسائل بما فيه العسكرية لاخراج الاحتلال من ارضه. 3. العراق دولة مستقلة وذات سيادة وهي عضو في هيئة الامم المتحدة واراض هذه الدولة موجودة تحت الاحتلال الامريكي وحلفائه. من هنا لابد من ايضاح ان العمليات العسكرية التي تقوم بها الحركات المسلحة ضد الاحتلال هي عمليات مقاومة وطنية مشروعة اذا تمت على الشكل التالي: 1. داخل الاراضي المحتلة. 2. موجهة ضد القوات العسكرية المحتلة. 3. موجهة ضد العملاء والمتعاونين مع قوات الاحتلال. 4. غير موجهة ضد المدنيين. 5. تتبنى خطا سياسيا وطنيا يهدف الا اجبار الاحتلال على الخروج من البلاد وبالتالي الحصول على الاستقلال او استعادته. 6. غير موجهة الى موظفي الهيئات الاممية العسكريين والمدنيين بما في ذلك موظفي هيئات الاغاثة والمساعدات الانسانية. من هنا يمكن لكل منا ان ينظر الى ما يجري من احداث ويقيمها بشكل شخصي هل هي حركات مقاومة مشروعة ام انها حركات ارهابية كما يصر البعض. وللموضوعية ايضا لابد من الاشارة الى ان الكثير من الاعمال التي تجري خصوصا في العراق من خطف للمدنيين الاجانب ومقايضتهم بالمال باسم المقاومة الوطنية لا يمس بعلاقة لا من قريب ولا من بعيد بالمقاومة الوطنية، واولئك الذين يقومون بقطع رؤوس البشر امام كاميرات التلفزة ويعرضونها متباهين على الانترنت باسم الله لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد ليس بالرب فقط وانما ايضا بابسط المبادئ الانسانية والتسامح الديني الذي تميزت به منطقتنا خلال العقود الماضية. ان القيام باعمال لا تمس لا للوطن ولا لدين بقريب ولا من بعيد الا بالسوء لايمكن بشكل من الاشكال تصنيفها تحت عنوان المقاومة الوطنية فهي لم تأتي الا بالخسارة وبتشويه صورة المقاومة الشريفة وهنا يخطر لي سؤال عن حقيقة من يقف وراء هذه الاعمال وبمصلحة من تصب. يقول البروفيسور وولتر لاكويير صاحب اكبر عملي اكاديمي حول مفهوم الارهاب انه "ليس هناك امل للحصول على تعريف واحد ومحدد للارهاب لان ذلك غير ممكن وليس من المفيد المحاولة". وبعد سنوات طويلة يوافقه الرأي عالم الارهاب الدولي ألكس شميت الذي توصل الى هذه القناعة بعد تحليله لاكثر من 100 تعريف للارهاب ليصل الى اعتراف بان "هذه المحاولة لم تقرب من امكانية تعريف الارهاب او توسيع المعرفة به". بعد كل هذه هل لازال البعض يصر على تعريف ما يجري من احداث على انه اعمال ارهابية بحته؟؟؟ اذا كان ذلك فلهم حق التعبير عن رأيهم ولكن ارجوهم الا يمارسوا الارهاب الفكري بحق الاخرين.
#الياس_المدني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار حول مسؤولية المعارضة عن الوطن والمواطن - النظر الى المس
...
-
الحلقة الثانية من كتاب -الحرب على العراق: الاسباب الحقيقية ل
...
-
قائمة الممنوعات - الى الحوار المتمدن بمناسبة حجبه في السعودي
...
-
من الاستبداد الى الديمقراطية
-
الحلقة الاولى من كتاب -الحرب على العراق: الاسباب الحقيقية لل
...
-
كانت لهم اسماء - قصة قصيرة
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|