|
الخيار الفلسطيني ... الشعب يريد إنهاء الاحتلال
محمد بهلول
الحوار المتمدن-العدد: 3284 - 2011 / 2 / 21 - 00:17
المحور:
القضية الفلسطينية
مرة أخرى تعود الحقيقة الراسخة إلى الوجدان والعقل، الحقيقة التي كان معتنقها أو القائل بها يوسم بالخشبية والتحجر والتكلس ذات يوم، فبعد الانتصار لكل من ثورتي تونس ومصر، عادت الحقيقة الساطعة التي تناسيناها سهواً أو عمداً، بوعي مقصود أو وعي مفروض بحراب القمع والتنكيل من قبل الدكتاتوريات السلطوية بتلاوينها المختلفة ولغاتها المتباينة والمتناقضة أحياناً، أو بظلال التنعم بخيرات السلطة والمال والنفوذ والاستقواء بالجغرافية السياسية متعددة الأهداف ومتنوعة المصالح ومختلفة المصادر. عادت حقيقة أن الشعب وبالأدق الكتلة التاريخية، أي مجموع الطبقات والفئات الاجتماعية المتضرر بشكل مباشر أو غير مباشر من النظام المحلي القائم وتحالفاته الإقليمية والدولية، هو صاحب الدور الحاسم في تقرير مصيره ومصير دولته، بما يتوافق ويتواءم مع مصالحه، مصالح الغالبية الساحقة من أبناء الشعب. لقد عاد الشعب إلى موقع المبادرة والصدارة بعد سنوات من توهن قدراته ومبادراته، لقد خلع الشعب ـ أي شعب في المنطقة ـ حاجز الخوف، إنه العصر الجديد ... عصر الشعب الحاسم على تقرير مصيره. لعلّ من أبرز الدروس التي أفرزتها ثورة الشعب المصري وقبله الشعب التونسي والمتوقع أن كل الشعوب العربية قد تعلمتها أن الاعتماد على الخارج، أي خارج، سواء من قبل الدكتاتوريات الحاكمة أو الشعوب المقهورة ما هو إلا سراب ... فلا الغرب استطاع أن يحمي نظام مبارك وبن علي، ولا استطاع أو رَغِبَ على وجه الدقة جلب الديمقراطية والاستقرار لكل من شعوب أفغانستان والعراق، الاعتماد على الخارج كما أكدت التجربة هو ارتهان له وذوبان في إطار مصالحه. لا يعني هذا الاستخلاص على الإطلاق، التقليل من شأن التحالفات الإقليمية والدولية وأهميتها، بل على العكس إنه يدعو إلى إعادة صياغة وتمتين التحالفات واستثمارها في خير ومصالح الطرفين، لا ذوبان الطرف الأضعف في إطار الأقوى، والممر الإجباري لصياغة مثل هذا التحالف يكمن في إعادة إحياء وتقوية العامل الذاتي، للنهوض الشعبي الواسع على طريق التحرر من الاستبداد الداخلي وإنجاز برامج التحولات الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، القائم على الاقتناع العميق بالدور المقرر والحاسم للشعوب. في دعوات الدول وما يمثلها من خب اقتصادية واجتماعية وإعلامية ونصائحها للثورة في مصر، تبرز الرغبة في استثمار الثورة وتحويل مسارها ونتائجها وفق الأجندات الخارجية المختلفة، من إقليمية إلى دولية، أما في دعوات وتضامن الشعوب العربية وما يمثلها من نخب سياسية وإعلامي، فإنها تترك لثورة مصر وقيادتها ونخبها تقرير خطواتها وفق ظروفها وأولويات الحاجة لديها، مع إبداء الحرص الشديد والتنبيه الدائم من أعداء الثورة على الصعيدين الداخلي أو الكوني. إن أكبر تضامن اليوم مع الشعب المصري والشعب التونسي، مع شعبنا الفلسطيني والشعوب العربية وفي الشرق الأوسط، يكمن في وضع آليات التغيير المناسبة أمام أجندة كل شعب، انطلاقاً من ظروفه وقدراته وأولويات حاجاته. إن الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات والمغتربات أمام حقبة استلهام العبر والدروس من التجربتين المصرية والتونسية، وإعادة الثقة إلى وعيه أولاً، بقدرته وجاهزيته على الانتفاض الشامل بوجه الاحتلال والاستيطان، ونحو تحولات ديمقراطية شاملة في مؤسسات السلطة ومنظمة التحرير والاتحادات النقابية والجماهيرية لإنهاء الانقسام وإعادة بناء الوحدة الوطنية طريق الصمود وطرد الاحتلال والاستيطان. إن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطتين الحاكمتين والفصائل بمختلف اتجاهاتها وتلاوينها الفكرية والسياسية؛ مدعوة إلى إعادة تقييم التجربة السابقة التي لم تجلب خلال عشرين عاماً إلا مزيداً من الاستيطان، قابله مزيداً من الإحباط في أوساط الشعب. إن السياسة المتبعة من قبل القيادة النافذة في المنظمة والسلطتين الحاكمتين في كل من رام الله وغزة كانت بالرهان على الخارج، مترافقاً مع تهميش دور الحركة الجماهيرية والمقاومة إلى أضيق حدود، بل لنقل بكل صراحة استخدامها لتكتيكات سياسية ومصالح ضيقة. ما لا يبشر بالخير القول بأن مهام الحكومة الفلسطينية الجديدة هو الاستقرار وإنهاء الاحتلال، "فالاستقرار" نقرأه دعوة إلى عدم التحرك والانتفاض بوجه الاحتلال، وهو ما يعني تلقائياً أن "إنهاء الاحتلال لا زال مرتبطاً، أي مراهناً عليه بالأجندة الخارجية وتحديداً الأمريكية بدون حلول عملية تدب على الأرض، من دمقرطة المجتمع وخطة اقتصادية اجتماعية شاملة مهمتها الأساسية تعزيز الصمود واستنهاض الطاقات لإطلاق المقاومة الشعبية السلمية على أوسع نطاق بوجه الاحتلال، بجدولة زمنية واضحة وقصيرة لإنجاز كل ذلك، فإن التحركات الشعبية قادمة من القاعدة وفي المقدمة الشباب والعمال وفقراء المدينة والريف، كما اللاجئين في كل أقطار اللجوء والشتات، ولكن الخوف ساعتدئذ أن تتوجه هذه التحركات بغير وجهتها الحقيقية ... ألا وهو الاحتلال. إن تحركات احتجاجية واسعة وشاملة ومحاصرة للجدار الفاصل والمستوطنات والمعابر الإسرائيلية مع قطاع غزة على امتداد ثماني عشر يوماً قد لا تنهي الاحتلال، لكنها بلا شك قادرة على إعادة التوازن للموقفين الأمريكي والأوروبي، لا سيّما بعد انتصار الثورتين في كل من مصر وتونس، وشرارات الثورة في أكثر من بلد عربي.
#محمد_بهلول (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الموقف الأمريكي من انتفاضة مصر ... مصالح لا قيم
-
مصر بعد تونس - اليسار من رؤيا النهوض إلى النهوض الملموس
-
عملية -وادي السلقا- بين المفاوضات الحائرة والإستراتيجية البد
...
-
مع حواتمة في كتابه الأخير -اليسار العربي ... رؤيا النهوض الك
...
-
الديمقراطية تدعو إلى إستراتيجية بديلة ... لماذا الآن ؟!
-
نقاش هادئ لأفكار عزام الأحمد
-
تجميد المفاوضات: تكتيك أم خيار ...
-
استشرافاً من كتاب حواتمة -اليسار ورؤيا النهوض الكبير-
-
قراءة في كتاب -وثيقة الوفاق الوطني- 27/6/2006
-
خيار الدولة الواحدة والهروب إلى الأمام
-
المفاوضات وبؤس الخيار الواحد
-
حماس ابتدأت التوظيف فماذا عن الولايات المتحدة وإسرائيل ؟! ..
...
-
الديمقراطية: انتخابات أم تلبية مصالح الأغلبية ؟! ...
-
أي اتفاق ينتظر الفلسطينيون هذا الشهر ؟! ...
-
المصلحة العربية الموحدة ... والمصالح الأمريكية
-
لقاء نيويورك الثلاتيفشل أم نجاح لسياسة أوباما الخارجية ؟! ..
...
-
فصائل منظمة التحرير ردّت ... فأين ردّ حماس
-
تحوّل المصريين من راعٍ إلى وسيط
-
اليمين الديني حليف أم نقيض لليمين المالي والنظام المالي الرأ
...
-
ما يجري في غزة..حمسنة مجتمع لا أسلمته
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|