|
-نريدْ/ إسقاط/ ْأبواقِ النظام -
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 3282 - 2011 / 2 / 19 - 16:00
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
مبروك لمصر. عندما بدأت ملامحُ الثورة تتشكل، راسمةً الحريةَ بدماء شهدائها، خرج علينا الرئيس حسني مبارك ببيانه الأول، مساء "جمعة الغضب" 28 يناير، ليقدّم منحتَه الأولى بإقالة الحكومة، ووعْدٍ بالنظر في أحكام القضاء بشأن الطعون على انتخابات البرلمان. وقتها خرج حاملو أختام النظام وأبواقُه الزاعقة يؤكدون أن الرئيس استجاب لمطالب الشعب، وطالبوا المتظاهرين بالعودة إلى بيوتهم كي يعمَّ الاستقرار، وتؤدي الحكومةُ الجديدة عملها، وتنفذ ما جاء في خطاب التكليف. وبعدما عاد الرئيس مساء الثلاثاء ليعد بملاحقة الفاسدين والنظر في تعديل مادتي الدستور 76 و77، عادوا للظهور مرددين الزعيقَ ذاتَه، ثم سيَّروا مظاهرات مؤيدة للنظام، انتهت بموقعة الإبل، وفعلوا الأمرَ ذاتَه بعد البيان الثالث مساء الجمعة 10 فبراير. فماذا عساهم سيقولون الآن بعد خروج السيد عمر سليمان في السادسة مساء الجمعة 11 فبراير ليتلو بيانًا من 34 كلمة، أزاحت عهدًا استمر ثلاثين عامًا؟ المؤكد أنهم لن يعدموا الحيلة، وسيشرعون في البحث عن ثغرة ينفذون منها لمداهنة النظام الجديد. فتلك موهبتهم التي لا يتقنون سواها! الأسماءُ معروفةٌ، والوجوهُ محفوظةٌ، والتوجهاتُ والمغانم. الشعبُ المصري المثقف الواعي يعرفهم، لذا خرج بشعار يلخص قراره: "نريد/ إسقاط/ أبواق النظام". إذ لا مكان لهم في حكومة برلمانية حرة تليق بمصر. فهمَ المصريون أن المنح ليست إلا عمليات تجميل لترقيع نظام متهرئ. تجميل يغيّر الوجوه، أكثر مما يضمن انتقال مصر إلى عصر ديمقراطية حقيقية، يأخذ فيها كلُّ ذي حق حقه. فالحكومة الجديدة، التي أصبحت الآن قديمة، ضمت نوابًا برلمانيين نجحوا بالتزوير، وأعضاء لجنة السياسات التي أودت بمصر للتردي. ونائبُ الرئيس، الذي توسّم فيه البعضُ خيرًا، أثبتت التجربة أنه لا يختلف إلا في الاسم والملامح، بعدما أعلن لقناة ABC، أن الشعب المصري غير مؤهل للديمقراطية! كأن الديمقراطية منحةٌ يمنحها الحكّام متى أرادوا، لا حقٌّ أصيل، وثقافة تفرز بالمراس أهليتها! حاملو الأختام مجموعةٌ من المرتزقة. رِزْقُهم استمرارُ النظام الذي صنعهم. منهم صحفيون فقيرو الموهبة يحلمون بمواقع صحفية مرموقة: رئاسة تحرير، رئاسة مجالس إدارات، يتبارون في مدح المتنفذين وذمّ معارضيهم، يعرفون أنهم كلما تفانوا في ذلك تكون طرقهم إلى الكراسي أقصر، وقلما تخذلهم النظم، إذ تنتشلهم وتصنع منهم أبواقًا للدعاية. ومنهم رجال أعمال فقيرو الشرف؛ يحصلون على قروض خيالية دون ضمانات، ويحتكرون قوت الشعب؛ فتتعاظم ثرواتهم وثروات المتنفذين الذين يساندونهم. يستخدمون أموالهم، عند الضرورة، لتحريك "الهتيفة" والبلطجية كما حدث في موقعة الإبل. ومنهم موظفون كبار في الدولة، ما أن يتلقوا الإشارةَ، يحشدون موظفيهم في حافلات، ليسوّدوا البطاقات الانتخابية، مشمولين بوعود مغرية ومصروف جيب سخيّ! ومنهم سياسيون، في الحكومة والمعارضة، يبذلون أنفسهم طواعية، في تجميل وجه الزعيم الخالد، والرئيس المُلهِم، والقائد الأعظم، فيترشحون في انتخابات رئاسية محسومةٍ نتيجتُها، لإعطائها شرعية وهمية، أو يشاركون بأحزابهم الورقية في انتخابات برلمانية لا نزاهة فيها، مقابل تعيينهم في تلك المجالس، وتسهيل حصولهم، وأقربائهم، على بعض المنافع. بضاعةُ الأبواق رائجةٌ في النُّظم الفاسدة لأنها تجزل العطاءَ لأهلها. فبعض رؤساء المؤسسات الصحفية الحكومية جنوا الملايين من وظائفهم، بينما يعيش الموهوبون على الكفاف. كومبارسات يكررون أدوارهم في كل فصل. فالوجوه التي غنت لجمال عبد الناصر، هي ذاتها التي استمرت مع أنور السادات وحسني مبارك، باستثناءات قليلة تؤكد القاعدة. أما غالبية الصحفيين الشرفاء، فلم يبرحوا ميدان التحرير، وميادين الشرف الأخرى بمصر، منذ بداية الثورة وحتى أعلن مبارك التنحي، يؤدون عملهم في تغطية الأحداث، ويرفعون شعارات الثورة، ويشرحون للفئات الأخرى أهمية ما يقومون به لمستقبل هذا الوطن، ثم قدموا لمصر شهيدًا: أحمد محمود، كفيلٌ دمُهُ بأن يغسل صفحاتِ الجرائد الحكومية الملوّثة أعوامًا. أبواقُ النظام يأتون دائمًا بعد الحدث، لا قبله. مهمتهم الثناءُ على القرار لتمريره، ولا يلومون النظامَ إذا لم يفعل، ولا يقترحون سيناريوهات ولا قرارات، لأنهم لا يعبأون بصالح الوطن ولا المواطن، لا يطالبون بتحديد مدد الرئاسة، لأنهم يقبعون فوق صدور مرءوسيهم عقودًا، ولا يتطلعون إلى إرساء قواعد العدالة الاجتماعية كي يضمنوا استمرار تدفق الأموال في حساباتهم البنكية. أبواق النظام يغيّرون خطابَهم حسب مقتضيات الحال وإرادة الكرسي. هم أشدُّ خطرًا على الشعوب من الطغاة أنفسهم. في العهد الجديد الذي يبدأ الآن، لا أحدَ يودُّ أن يرى هذه الوجوه، وهي تعبر الفاصلَ الدقيق وهي تستعدُّ لتبديل اللغة، لتستأنف عملها الذي تتقنه جيدًا. تحيةً لشعب مصر الجميل، ولقواتنا المسلحة الشريفة. ولكِ ثمانون مليون وردة، يا مصر.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يومٌ آخر من ميدان التحرير، قلب مصر النابض
-
لليوم الخامس عشر على التوالي، يحدث في مصر
-
نحتاجُ رئيسًا بحجم تحضّرنا
-
رسالة إلى كل أسرة مصرية، أرجوكم، لا تكونوا طابورًا خامسًا
-
أكتب إليكم من ميدان التحرير
-
احذرْ كتابَ التاريخ
-
جمعةُ الغضب الساطع
-
أشرف ثورة في تاريخ مصر
-
شيءٌ من الخيال لن يفسدَ العالم
-
حوارٌ مع صديقي المتطرّف
-
يا نعيش سوا يا نموت سوا
-
هديةُ الرئيس لأقباط مصر
-
دماءٌ على وجه البحر
-
وجوب قتل مليون برادعي في مصر
-
كاهنُ إيطاليا ومتأسلمو مصرَ!
-
نعم، قدرُنا واحد!
-
بطلوا اإفترا بالتي هي أحسن!!
-
الشعبُ، يدُ الحكومةِ الباطشةُ
-
السوبر غاندي-آينشتين
-
فلنعدْ للخطّ الهمايوني، إلا قليلا
المزيد.....
-
المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات
...
-
أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم.
...
-
كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك
...
-
الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق
...
-
فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ
...
-
نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
-
عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع
...
-
كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
-
آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
-
العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|