|
ماذا قال نيتشة في الديمقراطية..؟
فريد الحبوب
الحوار المتمدن-العدد: 3282 - 2011 / 2 / 19 - 13:57
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
أخيراً، تداعت ووهنت وتلاشت بنفس الوقت قيمة ومعنى الأنظمة الشمولية المحكومة بمستبد واحد أيٍاً كان شكل النظام جمهوري أم ملكي، ففي ذلك الوقت روجوا لأنفسهم على أنهم مثاليون ولأنظمتهم بالوطنية والمساندة للجميع من اجل حل قضاياه الاجتماعية والاقتصادية، والخطأ المؤلم والمثير إن الشعوب وثقت بهم مما جعلها تتمسك وتهيمن بشكل فعلي وتدفع بتجربة الاستفتاء الذي كان خدعة وتضليل، وبتكتيك حاذق ألغيٍ على أساسة ألالتزام بالدستور كما فعلوا لأول مرة في فرنسا بعد تعذر إجراء انتخابات شرعية تستند للدستور ابتدعوا ألاستفتاء عملاً بنصيحة قدمت لنابليون الثالث من قبل مستشاريه، وهكذا سارعت هذه الأنظمة لتستولي على الثروات وتقيد الإعلام وتقمع الحريات وتُغيب القانون وتنفي وتعدم جميع المناوئين لها.وكما شهدنا ومازلنا نشهد مكوثهم لعقود من الزمن يمارسون فيها كل ألوان الاستبداد. واليوم بوافر من الوعي نتعلم من الأخطاء بما له أثر ايجابي في تكثيف التفاعل بين الإنسان وأهداف ومفاهيم تنفخ فيه روح القوة والمطالبة بالمساواة والحرية والحقوق والمجتمع المدني، وهذا يستدعي تغير المسار صوب إستراتيجيات مستقبلية تؤمن كل أشكال العيش الكريم، ففي الوقت الذي لم يكن فيه الوقوف بوجه الأنظمة الأوتوقراطية سوى محض حلم أصبح اليوم حقيقة وصار مهدد لها بل أسقط نظامين عتيين، فما عاد يُخشى من المقصلة ولا صرير الدبابات. اليوم تتدافع موجات الاحتجاج والتظاهر، التي لا يدرك منابعها سوى إنها تأتي من رحم الواقع المهين الذي تعيشه المجتمعات ودونما أسس وأفكار متناسقة إذ تكون في غالبها مضطربة لا ترتكز إلى أيدلوجية معينة بل عزيمة عفوية تنطوي على زخم ساخط اتجاه الشر وضعف الحياة بكل جوانبها، ولا يهم كيف تبدأ ومن أين تنطلق المهم إنهم في الأخير يلتقون في ساحات وأزقة وشوارع المدن، يتسابقون بتميز في طريقة وشكل مظاهرتهم الحية التي غدت مفتاح الحل لكل مـآسي المجتمع. ولابد من الإشارة إلى إن المظاهرات انطلت على واحدة من الأمور المهمة إلا وهي التغيب الكبير للإثنية والمذهبية، فما عاد يذكر بين الناس ما يسمى بالفرقة الخاسرة والفرقة الناجية، وما عاد يذكر الحق لي والويل لك وصراعات عقائدية فاسدة تدفع بالمجتمعات إلى التكاذب والتطرف والغلو بفكرها وعقائدها حتى يصل الأمر إلى عداء مخزي يدفعهم إلى الاقتتال.. ففي مصر بعد أن انطلقت شرارة الصراع الديني الذي لاحت ملامحه من خلال القتل والتفجيرات التي حصلت في بعض مناطق يقطنها المسيحي والمسلم وبعد أن تراشقوا بالحجارة وهدد أحدهم الآخر التقوا سوية في (تحرير) وطنهم ونادوا بتغيير واقعهم المرير، أو كما حصل في السنين الماضية للعراق، التطرف المذهبي دفع إلى حد التوهم أن من يقتل إنسان من الجانب الأخر له أجر وثواب لا يحصى، وهكذا رأينا حتى الموتى لم يرقدوا في سلام.. نُبشت القبور ومُثل بالأطفال قبل قتلهم واستباحوا كل شيء وفاقوا بجرائمهم ما مر بالتاريخ. بل اليوم نشهد يقضه ملحوظة للعقلية المغطاة بعباءة الدين والاستبداد والبلوتوقراطية حيث تجنح المؤشرات التي نلمسها من مشاهد زحمة المظاهرات إلى إن المجتمعات عازمة على خيارات عديدة وبديلة لما خلفته تلك الأنظمة، فقد بات من الأولى إن تدير ألإنسانية دفتها صوب حقوقها المسلوبة، لا أن تنعى الخسارة أو الفوز بعد الحياة، ومثلما قضى التحرر على التمزق والعنصرية التي كانت تعيشها شعوب الغرب سيقضى هنا بشكل كبير على آفة الكرة التي تنطوي عليها نفوس شرائح المجتمعات لبعضها البعض. ولا بد من أن نؤثر تحقيق الأحلام بدلاً من إيداعها في الظلام الحالك كي تعلوا أكثر هذه الأصوات المنادية لحرياتها وتشفى من وباءات القهر المهلك.. وبعد هذا السعي الرائع الذي نشهده هذه الأيام لشعوبنا العربية وغير العربية في مظاهرتها من أجل خنق أنفاس ضيمها وبؤسها لتخلق أنظمتها الديمقراطية، لا أدري ماذا سيقول عنها نيتشه بعدما صنف آرائه بالمجتمعات الأوربية آنذاك والتي وصف في أحداها البريطانيين بأحط الشعوب لتبنيهم الديمقراطية ومنح الحريات الشخصية بشكل واسع لمواطنيها!.
#فريد_الحبوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثورة شخوص أم ثورة شعوب
المزيد.....
-
الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا
...
-
شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
-
استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر
...
-
لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ
...
-
ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
-
قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط
...
-
رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج
...
-
-حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
-
قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
-
استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|