|
يعني أيه حرية في الليبرالية؟
شريف حافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3279 - 2011 / 2 / 16 - 16:40
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
فيه ناس، لما تسمع أن الليبرالية هي المعنى الحرفي، لليبرالية، تفتكر أن الليبرالية معناها، أن البلد اللي فيها التيار ده، تبقى بلد يسودها الرزيلة والدعارة والمفاسد .. وطبعاً فيه كثير بيقولوا الكلام الغبي ده، إما عن عمد لمحاربة الليبرالية زي التيارات اللي بتتلاعب بالدين، لأنها بتقبض على الدعاية الدينية دي فلوس، رغم أن الدين مش ساعة للعب بيها، أو عن غير عمد وغير علم.. يعني اللي بينشروا أن الليبرالية تنشر المفاسد عن غير عمد، بينقلوا المعلومات من غير قراية والسلام!! طبعاً نقل المعلومة من غير قراية وتأكد، ده، ضد الدين أساساً سواء في أن الشخص لازم يقر ـو في أنه بينقل معلومة غلط!!!
الليبرالية هي تيار نشأ في أوروبا الأول، لينشر الحرية الفكرية!!! حد حييحي يقولي: يا عم ده أنت بتقول أن الفكرة جاية من أوروبا!! يعني فكرة إستعمارية ما تليقش مع تفكيرنا وعادتنا والذي منه .. ولا أيه رأيك أنت؟؟؟ حأضحك الأول، وبعدين حقوله:
يا عم هو يعني البنطلون الجينز اللي أنت لابسه ده أيه؟؟ ما هو فكرة، جاية من برة المنطقة!! ... والعربية اللي أنت راكبها دي، أيه؟؟ ما هي فكرة جاية من برة المنطقة!! والأكل اللي أنت بتاكله في ماكدونالد ولا كنتاكي ولا هارديز ده أيه؟؟؟ ما هو فكرة جاية من برة المنطقة!! والتلفزيون اللي بتشوفه ده أيه؟؟ ما هو فكرة جاية من برة المنطقة!! .. وفيما يخص التلفزيون بقى، هو أنت مش عندك إختيار تتفرج على برنامج هادف أو برنامج عبيط؟؟؟ ليه؟؟ لأن ربنا إدالك دماغ تفكر وتختار!!!
الليبرالية بقى، حريتها معناها أنك تختار!! الله؟؟؟ ده الدين كله وأي دين، قايم على الإختيار بين صح وغلط!! لو كان الموضوع إجبار، ربنا ما كانش أوجد المعصية!! ما هو المعصية دي موجودة ليه؟ لأن زي ما فيه صح، فيه غلط!! يعني زي ما فيه ثواب للمصيب، فيه ذنب للمُخطئ!!
الحرية في ظل الليبرالية، هي أنك تشتغل وتبدع وتعمل كل شئ بحرية!! واللي يقول أن الحرية معناها أن الرزيلة تبقى متوفرة، يبقى عبيط!!! أصل الرزيلة متوفرة حتى في الدول اللي بيحكمها الدين!! ما هو المثل بيقول: كل ممنوع مرغوب!! يعني حتمنع أيه ولا أيه .. ما هو الناس حيعملوا كل شئ في الظلمة وحيحاولوا بكل ما أوتوا أنهم يعملوا الغلط في الظلمة.. طيب ليه كل اللفة دي ومحاولات الإلتفاف على الدولة؟؟؟
أنا بتكلم كده، لأني أتربيت فترة في السعودية، ودرسني ناي من الإخوان المسلمين كمان، وكنت هناك وأنا صغير في المدرسة .. وشوفت كل اللي الناس عايزين يمنعوه في الدولة الدينية!! الله؟؟ ما أنا شفته في دولة دينية أهو!! والكلام ده قبل ما يبقى فيه إنفتاح في السعودية.. يعني قبل الأمريكان ما يدخلوها في حرب الخليج!! ايامها شوفت كله.. كله كله، مش ربعه!!
الناس اللي عايزة تمنع الحرية للناس التانية وتكبتهم، عايزة أيه؟ عايزة هي اللي تحدد نشاطهم؟؟؟ أعمل كذا وما تعملش كذا؟؟؟ الناس دي، بتخبط مصر في العالم كله!! ودلوقتي في مصر، نزل الإخوان والسلفيين، اللي مفروض أنهم مش بيطيقوا بعض، يحاربوا الكل، ويقولوا أن المادة الثانية من الدستور، اللي بتقول أن "الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع"، أهم من الدستور كله بالنسبة ليهم، وكأن مصر مش فارقة معاهم على المدى الطويل، وهما شايفين الإسلام مختصر في المادة دي بس!!
وأنا كمسلم، الصراحة، مش عارف إزاي ممكن حد مسلم، يختصر الإسلام الكبير أوي، في سطرين!! هل ده أساساً من الإسلام؟؟ كنت متصور أنهم يطلعوا يقولوا أنهم حيدافعوا عن الديمقراطية اللي تسمح للكل أنه يشتغل في النور، بدل ما يأيدوا أن الناس تشتغل في الظلمة!! بس الغريب أنهم طالعين يدافعوا عن المدني، برفضه في الوقت نفسه!! مش غريبة دي؟؟؟ يعني حتى الإسلاميين الذين يدعون للدولة الدينية، يستخدمون الدستور المدني، "من وراء حجاب"!!!
الدول كلها اللي زايدت على ربنا والعياذ بالله، وقالوا أنه حيعملوا دول دينية، أتفرجوا عليهم، بقوا أيه؟ لولا أن السعودية عندها بترول، ما كانش قاملها قومة، وفي النهاية الأمير نايف وزير الداخلية هناك، قال في 2002، أن الإخوان دول أسوأ خلق الله!! وأكيد الأمير نايف ليه مبراراته اللي يُسأل عنها!! وأما عن الدول الأخرى، فحدث ولا حرج: أدي إيران، بتضرب أي صوت معارض، بينما أيدت الثورة في مصر وقالت عليها ثورة إسلامية!! وأدي السودان، أتفككت قطعتين، وناس بتقول لسه فيه أكثر!! وأدي الصومال، دولة تترامى في قلب الفوصى!! وأفغانستان، ما قامتش من سنة 1979، أيام ما أُطيح بالرئيس بتاعها المدني ولحد النهاردة!! مين تاني؟؟؟ هل عايزين مصر تبقى في اللستة دي؟؟؟
الغريب أن الناس اللي بتتكلم عن الدولة الدينية في عالمنا، ضد حرية الفرد في الإختيار، لحياته، واقفين ضد الدولة الدينية في إسرائيل!! طيب فين المصداقية هنا بقى؟؟ يعني أنا كمدني، لما أقف ضد الدولة الدينية في مصر وفي إسرائيل، يبقى ليا مصداقية!! بس لما راجل بيدعي للدولة الدينية في بلد عربي ما، وفي النهاية، يقول أنه ضد الدولة الدينية في إسرائيل، أصدقه؟؟؟ بالتأكيد لأ!! يبقى بيقول أي كلام!!
الحرية اللي بتدعو ليها الليبرالية في الدولة المدنية، بتتماشى مع قيم المجتمع الأصيلة.. الحرية اللي تدعي ليها الليبرالية يجب وأن تتوائم مع طبيعة الدولة، بمعنى أنها في مصر، تُمصر وفي العراق تُعرق وفي لبنان تُلبنن وفي الجزائر تُجزر ... إلخ!! الموضوع مش سمك لبن تمر هندي، ونعمل أي شئ في أي بلد!! المسألة تقوم على الدراسة لطبائع أهل هذا البلد والليبرالية تخنلف من مكان لآخر!! ده الليبرالية بتهتلف من دولة أوروبية لدولة أوروبية أخرى، رغم أن التاريخ الأوروبي متشابه إلى حد بعيد!! يبقى ما تختلفش عندنا في عالمنا العربي، عن كل أوروبا ومن دولة عربية للثانية؟!!
ما هو اللي يقول أن الليبرالية في فرنسا حتبقى زي اللبيرالية في مصر، يبقى عبيط! فلكل بلد سماته وطبيعته!!
بس هنا لازم نفرق بين حرية وحرية!! يعني فيما يتعلق بالرزيلة وما إلى ذلك من أمور يلفت الإسلاميين إليها النظر، وكأنهم لا يفكرون إلا في الجنس، سيخضع الأمر إلى قيم المجتمع الأصيلة، ووفقاً لضمير المجتمع بصفة عامة!! ما هو يعني ما فيش مجتمع في العالم كله، مهما كان فاسد أخلاقياًً، بيدعو للرزيلة وأتحدى على ذلك ما شاء الناس، لأنني كبرت أيضاً لفترة أكبر من حياتي في أوروبا!!
ولكن فيما يتعلق بالحرية الخاصة بالإبداع والتكنولوجيا والتفكير والكتابة وتعامل الناس فيما بينهم خارج إطار الرزائل، التي يشير إليها الإسلاميين حين الحديث عن الليبرالية، الموضوع حيكون فيه حرية كبيرة جداً، وأكثر مما مضى، في ظل النظم الديكتاتورية!!
الغربي، أن أي شخصين وحين الحديث عن دولة أوروبية، أو غربية متقدمة، إنما يتناولونها، من حيث تقدمها في مجال علمي ما.. نادراً أن يتكلما عن الجنس، إلا في حالة التفاهة أو الأحاديث الخاصة جدا.. وبالتالي، فأن من يشغل نفسه فقط بالرزيلة، عند الحديث عن الغرب، إنما يفكر بشكل متدني للغاية، ولا يضع للعلم الذذي يُشكل القوة وزناً!!!
يعني الحرية مش بس في الرزيلة، واللي يفترض أن الحرية تكمن فقط في الأمور اللي تتكلم وتناقش الرزيلة والجنس، مش شايف الدنيا كلها!! الرزيلة هي جزء يسير من الحرية، وليست الحرية كلها!!
الحرية تشمل حرية التعليم وحرية التنقل وحرية التجارة وحرية التعبير في اي شئ، سواء سياسة أو الأدب أو الحياة في كل مستوياتها!! الحرية لو أننا سجناها في صندوق معين، تفقد معناها تماماً!! السجن الوحيد للحرية في ظل الليبرالية، يكمن في عدم مساسها بحرية الآخرين!! وطبعاً الحرية تحترم القانون!! فلا يمكن أن تعتدي الحرية على القانون!! فلا يمكن لشخص أن يمضي عكس الطريق، بسيارته، ويقول في النهاية أنه حر!! ولا يمكن لشخص أن يغتصب أنثى ويقول أنه حر!! ولا يُمكن لأنثى أن تمضي عارية في الشارع، وفي النهاية تقول أنها حرة!! هناك قانون وقيم تُحترم، لدي كل مجتمع! ما هو الحرية لو أنها مطلقة تماماً، إنما تعني وقتها، سيادة قانون الغاب، ونمحو سنوات من التطور الإنسان المتحضر والقيمي!!
إن الحرية المقصودة في الليبرالية التي تدعو للدولة المدنية، إنما هي حرية الإبداع والتعبير والإخترف باحترام!! إن حرية التعبير تمنح كل إنسان الحق في التعبير عن رأيه ولو ضد أراء الجميع في المجتمع، لأن من يقرر أهمية ما قاله أو كتبه، هو المستمع أو المُشاهد أو القارئ، الذي إما سيستمر في أن يقرأ له أو يسمعه أو يُشاهده، أو يتوقف عن هذا تماماً!!
الحرية ليست محبوسة في بوتقة الجنس، كما يشيع الذين يدعون للدولة الدينية، ولكن الحرية في الدولة المدنية في إطار التيار الليبرالي، تخضع لرؤية وقيم الشعب كله، دون تمييز بين الناس فيه على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو الرؤية الإيديلوجية أو أي شئ .. لأن أحد أهم أركان الليبرالية هي الديمقراطية، والديمقراطية، إنما تعني حكم الشعب!! وعدم التمييز بين الناس في الشعب الواحد، هي قيمة المواطنة، التي تساوي بين جميع المواطنين أمام القانون وسيادته!!
إن من يعتدون على الليبرالية ويشوهون معانيها، إنما يعتدون على حريتك وحريتي وحريتها!! إنما يعتدون على حرية الجميع مشوهين معنى الحرية ليحبسوها في معنى واحد، يربطها بالجنس والرزيلة فقط، وكأن هذا هو الأمر الوحيد الذي يفكرون فيه، بينما الحرية تشمل الدنيا وما فيها وتخضع لتفكير الفرد وبالتالي إختياره، فيما يمكن أن يفيده أو يضره!! إن الحرية هي ما إختارته الشعوب الحرة، ومن ضمنهم الشعب التونسي والمصري!! إن الحرية، تعني حرية التفكير بالأساس دون ترهيب ديني أو مدني!! إن الحرية تعني أن يكون جميع الأفراد حرين في أن يعملوا في المجتمع، بما في ذلك التيار الديني، دون قمع لغيره من البشر!!
الحرية، لا يجب أن تُحبس في صندوق، وإلا فقدت معناها!! فمن يريد حبس الحرية في الدولة المدنية ويخطفها لصالح مشروع آخر، بتشويه معناها؟؟؟
#شريف_حافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإسكندرية: مدينة التعايش المصرى 2011
-
الوحدة الإقليمية بفكر مُغاير
-
رسالة التنوير إلى الأقليات
-
فى تركيا: إسلاميون علمانيون.. ولدينا أيضاً!!
-
الإخوان وتهويد إسرائيل
-
النقد للجميع
-
الإخوان.. -الديكتاتورية هى الحل-
-
الإخوان أعداء الديمقراطية
-
خداع الإخوان!
-
مرشد الجماعة وماؤه الطهور فى الانتخابات
-
كاتب الجماعة: هل أصبح عضواً في الجماعة؟!
-
بين صوفى شول وتراودل يونجه: رسالة وعى للشباب
-
صانعو التطرف
-
الخوف من العقل
-
الجهل المقدس
-
زمن المُتعنونين!
-
نصر حامد أبوزيد.. قلب ما يخافشى
-
فلتؤمنوا بثقافة المربع!
-
دولة -الطلاق- الدينية
-
هل أصبح الشر هو الطريق الوحيد للخير؟
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|