|
المؤمنون الثلاثة: ولا تهِنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون
علي فردان
الحوار المتمدن-العدد: 979 - 2004 / 10 / 7 - 10:22
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
قبل يومين تمّت محاولة للإيقاع بالإصلاحيين ومحاكمتهم سِرّاً، لكن الله أراد أن يُفشِل هذه المحاولة كسابقتها. كما أن وجود العشرات من الصالحين المؤيدين للإصلاح والداعمين للأبطال الثلاثة حال دون أن تستمر هذه اللعبة القذرة وتمريرها. هذا التأييد الذي حظي به أبطال الإصلاح المدني لن يذهب هدراً، وسيذكر التاريخ بأن ثمن التغيير لن يكون بسيطاً، ولن يكون رخيصاً، بل وصل في سنوات الماضية إلى أن دفع العديد من الإصلاحيين والمواطنين دمهم الطاهر، دماً أحمر يسيل ليسقي شجرة الحرية. فالحقوق لن تأتي على طبق من ذهب، ولن تُعطى، بل تُنتزع انتزاعاً. أبطالنا الثلاثة يستحقون دعمناً، ويحتاجونه أيضاً، فهم قد نذروا أنفسهم وباعوا حياتهم وحرّيتهم من أجلنا جميعاً، بل زادوا على ذلك بأن تركوا خلفهم زوجاتهم وأبنائهم وهذا أكثر ثقلاً من السجن نفسه، فلا أقل من أن ندعم قضيتهم ونصبّر أنفسنا وأهليهم ونطالب بتحقيق العدالة لهم؛ فالعدالة إذا ما تجلّت في محاكمة أبطالنا (الأستاذ متروك الفالح، الأستاذ عبدالله الحامد والأستاذ علي الدميني) فهي بدون شك ستفتح باباً لنا جميعاً نكسر فيه حاجز الخوف من كلمة اسمها المباحث والمحكمة والشرطة. نكسر حاجز الخوف لأننا سنعلم بأن العدالة ستأخذ مجراها بشكلها العلني استناداً لقوانين مكتوبة معروفة مسبقاً يناقشها رجال القانون والمتخصصين، هذه القوانين تُسمّى دستوراً يكفل في طيّاته حرية التعبير والمشاركة والتجمع وإنشاء مؤسسات المجتمع المدني وإنشاء الأحزاب والنقابات والإضرابات العمّالية وغيرها. هذه القوانين هي نتيجة ثمار التجربة الإنسانية على مدار ألوف من السنين، وهي تختلف من بلاد إلى آخر استناداً للظروف المحلية والبيئة المحيطة وتاريخ المنطقة، لكنها في مجملها تصب في تنظيم حياة الوطن والمواطن، تنظيم العلاقة بين الحكومة والشعب، تنظيم إدارة موارد الوطن ومشاركة أبناءه فيه بشكل يضمن العدالة في التوزيع والمشاركة في الخيرات والواجبات، المساواة تحت عدالة القانون الذي لا يفّرق بين أبناء الوطن، ضمان الحريات الشخصية وحرية العبادة وحرية التعبير والتظلم إلى قضاء عادل مستقل، وأكثر من ذلك. لن يكون هذا الحلم حلماً إذا ما استمر نشاطنا وحماسنا ووقوفنا صفاً واحداً ننبذ فيه الظلم والتطرف، نرفض انتهاك حقوق الإنسان وندعم قضايانا مطالبين بحقوقنا كبشر وكمواطنين، نطالب بوجود دستور دائم نحتكم إليه، نطالب بانتخابات لمجلس الشورى، انتخابات كاملة غير منقوصة، ليست نصفية، للمرأة حق الانتخاب فيها كما الرجل، تُعطي الحق لكل مواطن في التصويت، كل مواطن ذكر أو أنثى بلغ ثمانية عشر عاماً، لا واحد وعشرون عاماً. نطالب بانتخابات محلّية ننتخب فيها من يُمثّلنا ويطالب بحقوقنا، يحترم رتبته الوظيفية، نستعيض بغيره في الجولة القادمة من الانتخابات عندما يفشل في تطبيق برنامجه الذي وعد به، نحاسب فيه من يستغل منصبه لخدمة أغراضه الشخصية أو يسرق المال العام، نحاسبه كما نحاسب أي مواطن. لن يكون هذا الحلم بعيداً عن الواقع، فوتيرة الحياة سريعة والأحداث بعد 11 سبتمبر 2001 م أصبحت أشبه بفيلم سريع الإيقاع، فالتغيرات التي حصلت في أقل من ثلاثة أعوام لم تكن ستحصل في ثلاثين عاماً لو أن الإرهابيين لم يقتلوا الأبرياء في عمليتهم التي هزّت العالم كله وجرحت كبرياء أقوى دولة على هذه الأرض. هذه التغيرات حصلت بسرعة فسقطت حكومة طالبان الإرهابية وسقط صدّام في الوقت الذي بلغت في الشعوب المستضعفة مستوىً كبيراً من اليأس، وخاصةً الشعب العراقي الذي لم يكن في حساباته أبداً أن يتغير نظام حزب البعث ولو بعد ألف سنة. هنا في السعودية، لم نكن نحلم بأن يقوم ثلاثة رجال في وجه حكومة رمت معارضيها من الطائرات في أوقات ماضية، وأعدمت آخرين وعذّبت حتى الموت من يتفوه بكلمة بسيطة كتذمّر من الوضع المعيشي مثلاً، وسجنت وروّعت الألوف من المواطنين، لكن شاء الله أن تكون الأحداث في صالحنا جميعاً وإن عشنا مخاضاً صعباً بلغ فيه الألم قدراً لا يُستهان به، فبقدر هذا الألم سنحصد النتائج المباركة بإذن الله. لن نفقد الأمل كما أننا لن نعيش الوهم ونطلب المستحيل حتى لو أن الأحداث الماضية فاقت كل حدود التوقعات وزادت على "المستحيل" في قواميس أكثرنا. مطالب الشعوب ليست بمطالب مستحيلة وليست أوهام، هي مطالب مشروعة شاد بها الإسلام ودعا لها قبل أكثر من ألف وأربعمائة عام، هي مطالب ترفع الإنسان وتسمو به، هي مطالب إنسانية قبل أن تكون دينية، هي مطالب المجتمعات الفقيرة والغنية على السواء، المتحضّرة والمتخلّفة أيضاً، هي مطالب تضمن لسفينة الوطن الإبحار بسلام، هي المساواة والحرية والعدالة. هذه ليست مطالب المجرمين، وليست مطالب المُستبدّين، وليست مطالب الخونة والعملاء، وليست مطالب "الكفّار والمشركين أعداءنا"، هي مطالب المسلمين المخلصين، هي مطالب الإصلاحيين الواعين، وهي مطالب كل إنسان في هذا الوطن وخارجه، هي مطالب الإنسانية جمعاء. مطالب قادة الإصلاحيين الثلاثة هي مطالب شعبنا في الماضي والحاضر، طموحهم هو طموحنا وعذاباتهم في السجن هي عذاباتنا خارجه، فعم يعيشون في سجن صغير ونحن نعيش في سجن أكبر، هم يعيشون العزلة ونحن نعيشها بشكل أكبر، هم توّاقون لأن يُغيّروا واقعهم وواقع الوطن إلى الأفضل ونحن أيضاً، نحن وهم صفاً واحداً، نحن وهم صخور الشاطئ الكبيرة، نحن وهم رماله الذهبية، نحن وهم قارب من التحدي يصارع أمواجاً طاغية من الجبروت والاستبداد والظلم، أمواجاً عاتية من التشدد والتطرف والإرهاب، أمواجاً حكومية، أمواجاً فرعونية تُهدّد من يقف في وجهها بالدمار، لكنها تتكسر على صخور الشاطئ، صخور أقوى وأصلب؛ هي الصمود، هي الحرية، هي المساواة، هي التحدي ورفض الواقع المرير المخالف لشريعة الأرض والسماء، هي أبطالنا المؤمنون الثلاثة الأستاذ الفالح والحامد والدميني.
#علي_فردان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيعة والحكومة السعودية: من يحتاج لصك غفران من الآخر
-
الشيخ صالح العبيد: إذا حدّث كذب!
-
الحوار التمدّن في مواجهة الجاهلية السعودية
-
الإصلاحات السعودية تكشّر عن أنيابها
-
ماذا يعني تِعداد السكّان للشيعة في السعودية؟
-
ماذا بعد تقرير الخارجية الأمريكية عن اضطهاد الشيعة في السعود
...
-
الشيعة يرحّبون بتقرير الخارجية الأمريكية وإدانة الحكومة السع
...
-
الشيعة في السعودية يطالبون بحقوقهم كاملةً غير منقوصة
-
ملخّص تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في ا
...
-
رد على شيخنا الصفّار حول تقرير وزارة الخارجية الأمريكية
-
الخصوصية السعودية: استبداد ودعوة صريحة للعنف
-
ثلاث سنوات على تفجيرات سبتمبر: مازال الإرهاب مستمراً
-
إلى المتميّزين من الشيعة في السعودية: موتوا كمداً
-
مشايخ الإرهاب والإرهابيون: سياسة فن الممكن
-
السلام على المذبوحين في العرق
-
لا تخذلوا الشعب العراقي ولا العراق
-
التسامح واحترام الآخر: لا يشمل المواطنون الشيعة
-
لنا الكوارث ولهم الخيرات
-
الحكومة والوطن والمواطن: رأيٌ آخر
-
أين مصلحة الوطن العليا؟
المزيد.....
-
هل يمكن أن يعتقل فعلا؟ غالانت يزور واشنطن بعد إصدار -الجنائي
...
-
هيت .. إحدى أقدم المدن المأهولة في العالم
-
ما هي حركة -حباد- التي قتل مبعوثها في الإمارات؟
-
محمد صلاح -محبط- بسبب عدم تلقي عرض من ليفربول ويعلن أن -الرح
...
-
إيران تنفي مسؤوليتها عن مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات
-
سيدة من بين 10 نساء تتعرض للعنف في بلجيكا
-
الدوري الإنكليزي: ثنائية محمد صلاح تبعد ليفربول في الصدارة
-
تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية وقتال عنيف
...
-
هل باتت الحكومة الفرنسية على وشك السقوط؟
-
نتنياهو يوافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. هل تصعيد
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|