|
تونس....الدين والتنوير والحداثة
احمد القاضي
الحوار المتمدن-العدد: 3277 - 2011 / 2 / 14 - 10:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
( انا عربي المولد غربي الثقافة والتطلع ) الحبيب بورقيبة
هل من أمل في قيام انظمة علمانية في العالم الاسلامي غير محروسة بجنازير الدبابات او نظام الحزب الواحد؟...هل من أمل في قيام انظمة علمانية محروسة بإرادة الشعوب ووعيها؟...سؤال يبرز من وسط ركام النظام البورقيبي-البن علوي الذي هو التوأم للاتاتوركية في تركيا.
التوأمان اليتيمان!
فالنظامان الاتاتوركي والبورقيبي الذي ورثه بن علي هما النظامان العلمانيان اليتيمان في العالم الاسلامي وسط بحر من الانظمة الدينية وشبه المدنية المتزاوجة مع الدينية...علمانيان بالمعنى الحقيقي على نمط اللائكية ( العلمانية ) الفرنسية المصقولة في لهيب الثورة التي فصلت فصلآ كاملآ وشاملآ بين الدين والدولة، ولكن شتان ما بين علمانية محروسة بوعي شعب مستنير وعلمانية تتصدع في تركيا تحت الضربات الناعمة لرجب طيب اوردغان صاحب الشعار الشهير ( المساجد ثکناتنــــا والقباب خوذتنـــــا والمآذن حرابنــــــا ) واخرى تنتظر مصيرآ مجهولآ في تونس التي يخشى ان تصاب بالحمى الاسلامية.
المعلم وتلميذه
كانت اهداف مصطفى كمال اتاتورك وتلميذه النابغ الحبيب بورقيبة متطابقة غير أن مسالكهما اليها اختلفت ربما لاختلاف الارضية الثقافية والمهنية لكل منهما، فقد كان اتاتورك جنرالآ ينتمي الى المؤسسة العسكرية بينما كان بورقيبة حقوقيآ سوربونيآ مثقفآ....فالكمالية في تركيا كانت شيئأ اكثر من كونها ارساء لنظام علماني ..كانت مشروعآ لأوربة تركيا، فاستبدل الابجدية العربية بالابجدية اللآتينية وفرض اللباس الاوربي وما الى ذلك....اراد اتاتورك إعادة صياغة المجتمع التركي وهندسته على النمط الغربي جبرآ بإستخدام آليات الدولة ....وبورقيبة لم يكن اقل تعطشآ لتحديث تونس على النمط الغربي غير أنه إستخدم اسلوب الجرعات..يلقي بجرعة وعندما يستوعبها المجتمع يلقي بالجرعة التالية فمثلآ لم يصدر القانون الذي يحظر لبس الحجاب الا بعد خمسة وعشرين عامآ من جلوسه على سدة السلطة ...ويوازي هذا الاسلوب مبدأه السياسي الشهير ايام الكفاح ضد الاستعمار وهو سياسة المراحل المعروفة بمبدأ ( خذ وطالب ) ...فلتحديث المجتمع كي ينسجم ويتفاعل مع نظام الحكم العلماني مزج بين إستخدام آليات الدولة وبين القيام بدور المثقف التنويري موظفأ وسائل البث الاذاعي المتوفرة آنذاك والمؤتمرات واللقاءات الجماهيرية لبث افكاره المعادية للخرافة والمفاهيم القرون وسطية...وارتباط الحبيب بورقيبة الروحي بالغرب كان كبيرآ فقد درس في فرنسا وتأثر بفلاسفة التنوير واليه تنسب عبارة مفادها ( انا عربي المولد غربي الثقافة والتطلع ) وكان معجبآ بصورة خاصة باوغست كنت ولم يتورع من إستخدام افكاره القائلة بتقديم حقوق الجماعة على حقوق الفرد لتبرير استبداده بالسلطة....ارسى بورقيبة النظام العلماني وقاد تونس الى مرافئ الحداثة دون ان يجبر الناس على التخلي عن الجبة والشاشية ودون المساس باللغة العربية التي لم تكن في حاجة الى اقصاء لانها كانت مقصية بطبيعة الحال رغم انها لغة البلد الرسمية حسب نص الدستور، فاللغة الفرنسية ظلت تمثل ولا تزال لغة الحداثة ولذا هي وسيلة التخاطب للنخبة ولشرائح واسعة من المتعلمين...ولتعلق بورقيبة القوي بالثقافة الفرنسية واللغة الفرنسية لم ينجر الى دعاوى التعريب التي وجدت استجابة في السنوات الاخيرة من حكم بن علي
المجلة الاجتماعية
لعل اخطر نقلة حداثية انفذها بورقيبة هي اصداره لقانون الاحوال الشخصية المعروف بــ ( مجلة الاحوال الشخصية ) بعد اشهر قليلة من اعلان الاستقلال وهي في حد ذاتها ثورة اجتماعية تحررية كبرى...ويتجلى اسلوب الجرعات التي اشرنا اليها في هذه المجلة حيث ظلت خاضعة للتنقيح والتعديل والاضافة لصالح المرأة طوال سنوات حكم بورقيبة وحتى عهد وريثه بن علي...فكلما هضم المجتمع جرعة القى اليه بالجرعة التالية... يمنع هذا القانون تعدد الزوجات ومن يتزوج باخرى وهو في حالة الزوجية يعاقب بالسجن لمدة عام ويدفع غرامة قدرها مائتان واربعون الف فرنك او بإحدى العقوبتين ويعتبر عقد الزواج باطلآ...في تعديل للفصل الخامس من المجلة في ابريل 1964 جعل السن القانونية الدنيا لزواج الاناث سبعة عشر عامآ وعشرين عامآ للذكور...ساوى بين الزوجين في اجراءات الطلاق...وفي تعديل تم في يونيو 1959 ساوى بين الرجل والمرأة في بعض اوجه الميراث...وفي تعديل جرى في اكتوبر 1962 قضى بألا يكون الطلاق نافذآ بين الزوجين إلا بموافقة القضاء .. وفي تعديلات لاحقة ايضآ اباح التبني والاجهاض...والى جانب هذه الحقوق الاجتماعية تم اقرار الحقوق السياسية للمرأة التونسية بمساواتها بالرجل في المواطنة ومنحها حق الترشح والتصويت وما الى ذلك....وبهذا القى بورقيبة عمليآ الشريعة الاسلامية في متحف التاريخ، حيث يجب أن يكون...وتعرض من جراء ذلك لحملة شعواء من قوى الظلام والرجعية في داخل تونس وخارجها واتهامات بالكفر والالحاد والردة.
بورقيبة والقرآن
لم يكتف بورقيبة بارساء دعائم نظام علماني متقدم، بل وعهد على نفسه ان يقوم بدور التنويري الذي يحارب الخرافات والتخلف والعادات البالية ويحث الناس على التفكير العقلاني والتسلح بالعلم ولذا كان كثير الإطلالة على شعبه عبر الاذاعة وفيما بعد عبر التلفزيون في احاديث اثار الكثير منها ردود فعل غاضبة من السلفيين في داخل تونس والعالم الاسلامي..ونقف هنا عند نماذج منها....ففي شهر رمضان من العام 1960 حث الناس على عدم الصيام لانه يؤدي الى تدني معدلات الانتاج وليكون البيان بالعمل قام امام حشد من رجال دولته وحزبه في اجتماع عام بشرب كوب من مشروب في نهار رمضان ويروى في سيرته انه كان يدعو هذا الوزير او ذاك لتناول طعام الغداء معه في رمضان...حرض بورقيبة النساء التونسيات على خلع الحجاب الذي وصفه بـــ (( الخرقة البغيضة )) وفي احدى سنوات النصف الثاني من الستينات خرج الى الشارع بمصاحبة كاميرا التلفزيون وتوقف عند فتاة محجبة مثلها مثل بقية التونسيات وازاح عن رأسها الحجاب في مشهد رمزي يحرض عمليآ على خلعه.. وفي سنة 1981 اصدر المنشور رقم (108) الذي يحظر ارتداء الحجاب....منع اذاعة آذان الصلاة او أية شعائر دينية عبر الراديو او التلفزيون.. والغى القضاء الشرعي والاوقاف...خطا بورقيبة في العام 1974 خطوة غير مسبوقة من مسؤول كبير في العالم الاسلامي اذ إنتقد القرآن علنآ في مؤتمر عام للمعلمين ونشر نقده في جريدة ( الصباح ) التونسية الى جانب عدد من الصحف العربية ومما قاله بورقيبة [ إن في القرآن تناقضا لم يعد يقبله العقل بين " قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا "، و" إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ" ] ومن اقواله ايضآ [ الرسول محمد كان إنسانا بسيطا يسافر كثيرا عبر الصحراء العربية، ويستمع إلى الخرافات البسيطة السائدة في ذلك الوقت، وقد نقل تلك الخرافات إلى القرآن، مثال ذلك : عصا موسى وقصة اهل الكهف، وهذا شيء لا يقبله العقل، بعد اكتشاف باستور،] واضاف كذلك [ إن المسلمين وصلوا إلى تأليه الرسول محمد، فهم دائما يكررون محمد - صلى الله عليه وسلم - الله يصلي على محمد ]..كما انتقد اباحة تعدد الزوجات ونظام الميراث في القرآن بحيث يجعل نصيب المرأة نصف نصيب الرجل وقال [ إن إعطاء المرأة مثل نصف الذكر نقص يجب تداركه، وإن الواجب - في هذا العصر - مساواة المرأة للذكر في الميراث كما ساوته في المدرسة والمعمل والفلاحة والشرطة، انه ليس من المنطق في هذا العصر أن يفضل الذكر على الأنثى ]......لقد درج الحكام في البلاد المبتلية بالاسلام على تملق عواطف شعوبهم الدينية والتحالف مع رجال الدين والمؤسسات الدينية من اجل استخدام الدين للتضليل والتغييب لإطالة اعمار انظمتهم، اما بورقيبة فقد كان يخاطب العقول ويستفزها لتستيقظ في عمل تنويري لا مثيل له داعيآ الى االتفكير العلمي والعقلاني وماضيآ في شجاعة وعزم واصرار نحو آفاق الحداثة.
بن باز يفتي بردة بورقيبة
ليس من المستغرب ان يحدث انتقاد بورقيبة للقرآن وخطواته التحديثية الجرئية ضجة واسعة في العالم الاسلامي ليصبح هدفآ لهجوم رجال الدين في كل مكان...ومن ابرز اولئك مفتي السعودية الراحل الشيخ عبد العزيز بن باز الذي حكم بردة بورقيبة في فتاوى دون ان يذكر اسمه صراحة ( لعله خشية من تأزم العلاقات الدبلوماسية بين تونس والسعودية ) ومن تلك الفتاوى ( حكم الإسلام فيمن زعم أن القرآن متناقض، أو مشتمل على بعض الخرافات أو وصف الرسول صلى الله عليه وسلم وبما يتضمن تنقصه، أو الطعن في رسالته، والرد على من تجرأ على ذلك أو نسب إليه ) و( بيان الأدلة على كفر من طعن في القرآن أو في الرسول عليه الصلاة والسلام ) .[ مجموع فتاوى ومقالات متنوعة...الجزء الاول ...تأليف عبد العزيز بن عبد الله بن باز ] من صفحة 84 إلى صفحة 132...وقد بعث بن باز ببرقية الى بورقيبة هذا نصها ( نشرت صحيفة (الشهاب) بعدد 23 ربيع الأول سنة 1394 هـ حديثا نسب إليكم غاية في الخطورة، يتضمن الطعن في القرآن الكريم بالتناقض، والاشتمال على الخرافات، والطعن في مقام الرسالة المحمدية العظيم.وقد أزعج ذلك المسلمين واستنكروه غاية الاستنكار، فإن كان ذلك صدر منكم فالواجب - شرعا - المبادرة إلى التوبة النصوح منه، وإعلانها بطرق الإعلان الرسمية وإلا وجب إعلان بيان رسمي صريح بتكذيبه، واعتقاد خلافه كي يطمئن المسلمون، وتهدأ ثائرتهم، من هذه التصريحات الخطيرة.ونسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح في الدنيا والآخرة، وللتوبة من جميع الآثام، سرها وجهرها، وأن يعز الإسلام وأهله وأوطانه إنه سميع مجيب..... رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عبد العزيز بن عبد الله بن باز.) كما ارسل اليه برقية اخرى بنفس المضمون بالاشتراك مع المشايخ: حسنين محمد مخلوف مفتي مصر السابق، وأبي الحسن علي الحسني الندوي داعية اسلامي هندي مشهور، وأبي بكر محمود جومي مفتي البلاد الاكبر بنيجريا، والدكتور محمد أمين المصري الاستاذ بكلية الشريعة جامعة الملك عبد العزيز وذلك بتاريخ 23 أبريل 1974 ....وفي إطار تلك الهجمة الواسعة التي استهدفت بورقيبة هجاه الفقيه واللغوي العراقي الشيخ محمد بهجت الاثري ببيت من الشعر اورده مؤلف كتاب ( حراسة الفضيلة ) يقول: ابورقيبة لا امتدت له رقبة [][] لم يتق الله يومآ لا ولا رقبة
دستور معيب
من المفارقات ان كل هذا الزخم الحداثي والاتجاه العلماني الحاسم لم يمنع من صدور دستور معيب من المنظور العلماني بتوقيع الحبيب بورقيبة في العام 1959جاء في ديباجته: ( أن الشعب التونسي الذي تخلص من السيطرة الاجنبية بفضل تكتله العتيد وكفاحه ضد الطغيان والاستغلال والتخلف مصمم على (...) " تعلقه بتعاليم الاسلام وبوحدة المغرب العربي الكبير وانتمائه للأسرة العربية " ...الخ )...وجاء في الفصل الاول من الباب الاول ( تونس دوله، مستقلة، ذات سيادة، الاسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها.)... لم يقع الحبيب بورقيبة وحده في هذا التناقض الكبير فحتى مثله الاعلى كمال اتاتورك وقع في تناقض مريع مع توجهاته العلمانية عندما اصدر دستورآ معيبآ في العام 1924 يقول في فصله الثاني ( ديانة الدولة التركية هي الاسلام ) ....ولكن اتاتورك فطن بعد ثلاث سنوات الى هذا التناقض وهذا العيب الذي ينتقص من علمانية دولته الوليده فقام بمحو هذه الفقرة من الدستور في تعديل له تم في العام 1928 بينما ظلت تلك الفقرات المعيبة في الدستور التونسي الى يومنا هذا.
من داخل الدين
في كتابه النقدي ( بورقيبة والإسلام.. الزعامة والإمامة ) " تونس 2004" يقول الكاتب التونسي لطفي حجي ان بورقيبة لم يكن اتاتوركيآ بالمعنى الحقيقي وان موقفه من الدين كان ملتبسآ ...فهو لم يقص الدين مثل اتاتورك، بل وظفه لخدمة اهدافه على طريقته حسب قوله...ويرى الكاتب ان بورقيبة اتخذ مواقفه المتعارضة مع الدين من داخل الدين نفسه، أيّ انه اوجد لها تأويلات ومسوغات وتبريرات من النصوص الدينية نفسها...ويذهب ابعد من ذلك بالقول ان بورقيبة لم يظهر افكاره العلمانية والحداثية أيام الكفاح ضد الاستعمار، بل وظف الدين في نضاله وكان يرى الاسلام من مكونات الهوية الوطنية التونسية...وفي هذا السياق يشير الى زيارته المثيرة للجدل الى تركيا في العام 1965 حيث انتقد اتاتورك في عقر داره لاقصائه للدين ولالغائه للخلافة الاسلامية على اعتبار انها كانت الرابطة التي تجمع المسلمين...ومن الدلائل التي يوردها حجي لتأكيد ان بورقيبة لم يكن له موقفآ ايديولوجيآ متزمتأ ضد الدين هو تراجعه عن دعوته لمواطنيةبالافطار في رمضان من اجل الحفاظ على معدلات الانتاج وذلك بالاعلان في ما بعد بانه لم يقل بأن رمضان ليس فرضأ على المسلمين... ومن تلك الدلائل ايضآ حسب حجي استخدامه للمفردات ذات الدلالات الدينية مثل الجهاد وقبوله كما يقول بلقب ( المجاهد الاكبر )......إن هذه الملاحظات النقدية للطفي حجي لم تراع ان بورقيبة كان يقوم بدور مزدوج ...من جهة هو رئيس الدولة الذي يعمل على ارساء دعائم العلمانية ومن جهة اخرى يقوم بدور المثقف التنويري الذي ينتقد الدين وخرافاته واساطيره وتشريعاته القرون وسطية...والعمل التنويري بوظيفته تلك وبما يثيره من ردود افعال غير محتسبة في مجتمع اسلامي تقليدي كان من البديهي ان يجلب الخطر لدولته ونظامه السياسي ولعل ذلك يفسر سبب تراجعه في بعض الاحيان ولجوئه الى سند من داخل النص الديني فعلى سبيل المثال، اعلانه بأنه ليس منكرآ بأن الصيام من فرائض الاسلام يعود للمظاهرات الاحتجاجية التي اندلعت ضده في عدد من المدن التونسية مثل تونس العاصمة والقيروان وقفصة وغيرها بعد حثه لشعبه بعدم صيام رمضان ولا نظن انه كان سيتراجع لو لا تلك الاحتجاجات فقد تغلب السياسي على التنويري...اما انتقاده لاتاتورك لاقصائه للدين ولالغائه للخلافة الاسلامية فانه ليبدو امرآ غريبآ حقآ ..فهل بورقيبة من يحزن على إقصاء الدين؟!... وليس هناك ما يشي بأنه كان مغرمآ بالخلافة الاسلامية، فقد كان شديد الحساسية ضد دعوة القومية العربية والامة الاسلامية وكان ينادي بــــ ( القومية التونسية ( ...هل كان بورقيبة ينتقد اسلوب اتاتورك الذي اراد ان يخلص تركيا من الميراث الاسلامي المتخلف وينقلها من الآسيوية الى الاوربية بين يوم وليلة؟ لاندري..... ولعل ذلك الحوار الذي دار بين بورقيبه ومحمد المصمودي في الطائرة التي كانت تقلهما الى المملكة العربية السعودية في العام 1951 في اطار حشد الدعم لقضية استقلال تونس تكشف لنا التقاطع الذي كان يحدث احيانآ بين دوره كسياسي مسؤول وبين دوره كمثقف تنويري... فقد تغلب عليه دور السياسي فأخذ يرواغ عندما سأله المصمودي عما إذا كان يؤمن بوجود الله ام لا، مع أن بورقيبة عرف بشجاعته وجرأته الشديدة ...القصة كما اوردها لطفي حجي نفسه في كتابه ( بورقيبة والاسلام: الزعامة والامامة ) تقول ان المصمودي قال لبورقيبة ان الناس يتساءلون عما اذا كنت مؤمنآ بالله ام لا..فأجاب بورقيبة (على كلّ حال فإنّ الله سيدخلني الجنّة ) اعاد المصمودي السؤال فرد بقوله ( في بعض الأحيان أنا مؤمن وفي أحيان أخرى ينتابني الشكّ... وتتوالى في ذهني الأسئلة الوجوديّة ) فاعاد المصمودي السؤال للمرة الثالثة ( هل انت مؤمن بالله؟ ) فقال بورقيبة ( نعم فأنا ذاهب الى مكّة ) !!
المعايير العجيبة
في النصف الثاني من الخمسينات وطوال حقبة الستينات من القرن الماضي كانت هناك معايير عجبية لثورية وتقدمية هذا النظام او ذاك في الدول الناطقة بالعربية....فمتطلبات تلك التقدمية والثورية لم تكن تتعدى حنجرة ضخمة تهاجم امريكا وتهدد برمي اسرائيل في البحر، وعلاقات حميمة مع ما كان يعرف بالاتحاد السوفيتي العظيم ...ووفق هذه المعايير لايهم إن كان نظامآ خرج من جبة الاخوان المسلمين كنظام الرئيس المصري عبد الناصر او نظم شوفينية كالنظامين البعثيين في العرآق وسوريا...ووفق هذه المعايير ايضآ لم يكن نظام بورقيبة يصنف ضمن الانظمة التقدمية لانه لم يلعلع بالتصريحات النارية ضد امريكا او ينادي برمي اسرائيل في البحر وعوضآ عن ذلك دعا الى الاعتراف بقرار الامم المتحدة في العام 1947 بتقسيم فلسطين...ولانه لم يكن ذا علاقة حميمة بالاتحاد السوفيتي رغم انه قام في الستينات بتغيير اسم الحزب الحر الدستوري الى الحزب الاشتراكي الدستوري وامم المصارف وقطاعآ واسعآ من الشركات الخاصة وطبق تجربة التعاونيات الزراعية التي فشلت... ...... فلو كان هناك شخص واحد يستحق ان يوصف بالتقدمية آنذاك او نظام واحد في البلدان الناطقة بالعربية يستحق هذا التوصيف لما كان هناك غير بورقيبة ونظامه الذي كان يخوض صراعآ شديدآ ضد المؤسسات الدينية الكهنوتية المتحجرة ويتصدى لألف واربعمائة سنة من الظلام..ولذا صدرت الفتاوى بتكفيره وتطالبه بالتوبة والعودة الى طريق الاسلام ....لم يتجرأ أيّ نظام من تلك الانظمة التي كانت تصف نفسها بالتقدمية والثورية ان تتخذ ولو خطوة واحدة من الخطوات الحداثية لنظام بورقيبة وعجزت عن اقامة انظمة علمانية بالمعنى الحقيقي... فعلى سبيل المثال، فإن نظام عبد الناصر الذي تزعم حملة العداء ضد بورقيبة وصنف نظامه ضمن الانظمة الرجعية العميلة كان يتعايش بود مع الهيمنة الدينية للمؤسسة الازهرية الكهنوتية على المجتمع وعلى الحياة الثقافية لدرجة انه في عز السطوة الناصرية قام الازهر بمنع صدور رواية نجيب محفوظ ( اولاد حارتنا ) من مصر الامر الذي اضطره الى طبعها في بيروت.....وكان اقصى حد للحداثة المزعومة في مصر الناصرية هو تعيين وزيرة للشؤون الاجتماعية في اوائل الستينات وحتى هذه كانت محاكاة لنظام عبد الكريم قاسم في العرآق الذي عين اول وزيرة في الاقطار الناطقة بالعربية وهي الدكتورة نزيه الديلمي ( 1959-1962 )...وأي معنى لتوزير النساء دون إحداث تغيير جذري في بنية القوانين الدينية القرون وسطية التي تحكم عليهن بالعبودية الابدية ... فلا عبد الناصر ولا غير عبد الناصر يستطيع إغضاب هذه المؤسسة الازهرية الكهنوتية لهيمنتها على عواطف المصريين وعقولهم، ولذا لا غرابة في ذهابه عشية العدوان الثلاثي في العام 1956 الى الازهر ليخطب من فوق منبره لحشد التأييد لموقفه ...فالزواج الكاثوليكي القائم بين الازهر وبين السلطة الحاكمة عبر الازمان المختلفة استمر كما هو في الحقبة الناصرية وما يزال مستمرآ، بينما اصبح حال المؤسسة الدينية الزيتونية في ظل نظام بورقيبة العلماني وثورته التنويرية والاجتماعية كحال كاتدرائية نوتردام بعد الثورة الفرنسية....جاء في كتاب الكاتب التونسي الصافي سعيد ( بورقيبة..سيرة شبه محرمة ) ص 255 نقلآ عن كتاب بالفرنسية عن بورقيبة ونظامه ان الرئيس المصري جمال عبد الناصر حين اجتمع ببورقيبة خلال مؤتمر عدم الانحياز الذي عقد في بلغراد عام 1961 قال له : ( لقد فعلتم شيئآ حسنآ حين اصدرتم تلك القوانين الثورية. إنه شئ رائع ولكن للاسف الشديد فإنني لا أستطيع أن أفعل ذلك في مصر. إن ظروف بلادي لا تسمح بذلك الآن. ) انتهى...وهل كانت تونس جاهزة لمثل هذه القوانين الثورية ام أن بورقيبة صادم واقتحم عش الدبابير الدينية بعزم لا يلين...وفيم الثورة المزعومة إن لم تكن لتحرير الانسان.قبل رمي اسرائيل في البحر!
تراث الاستبداد الآسيوي
كان كعب اخيل نظام بورقيبة العلماني هو الاستبداد بالسلطة إذ أخذ يرسي نظام الحزب الواحد بعد الاستقلال بقمع المعارضين السياسيين من جميع الاتجاهات بلا استثناء حتى نصب نفسه رئيسآ مدى الحياة لتونس في منتصف السبعينات من القرن الماضي....ولا غرابة إن تشابه في نقطة ضعفه هذي مع النظام الاتاتوركي في تركيا حيث حرس مصطفى كمال اتاتورك علمانية نظامه بالجيش بنص الدستور رغم النظام الديمقراطي الذي ارساه بكل مؤسساته ...يبدو أنه لم يكن واثقآ من بقاء نظامه العلماني ومشروعه التحديثي دون حراسة الجيش الذي فشل اخيرآ في منع الاختراق الذي احدثه الاسلاميون بعد ثمانين حولآ بدا فيها نظامآ راسخآ متجذرآ غير قابل للاختراق... ومن سخرية التاريخ أن اوربا التي عمل اتاتورك كي تكون بلاده قطعة منها مظهرآ ومخبرآ رفضت عضوية تركيا في مجموعتها بسبب هيمنة الجيش على الحياة السياسية والانقلابات العسكرية التي قام بها عدة مرات..... والحبيب بورقيبة حرس نظامه العلماني ومشروعه التحديثي بنظام الحزب الواحد الذي تعرض لانتقادات المنظمات الحقوقية العالمية لقمعه للمعارضين....فقد كان نظام بورقيبة يشرئب غربآ الى مراكز النور والحداثة بينما قدماه مغروستان في عطن الاستبداد الآسيوي... أخذ عن الغرب كل شئ الا ديمقراطيته القائمة على التداول السلمي للسلطة وفصل السلطات وحرية التعبير والتجمع بدعوى انها غير ملائمة للشعوب غير الناضجة!.... يقول الكاتب والمؤرخ الانجليزي اللورد اكتون ( السلطة مفسدة والسلطة المطلقة مفسدة مطلقة )...ولقد انتهى نظام الحزب الواحد الذي ورثه بن علي الى مفسدة مطلقة فكان من الطبيعي ان ينتهي تلك النهاية التراجيدية...والسؤال هنا: هل يعني سقوط نظام الحزب الواحد الذي أقامه بورقيبه بداية النهاية لمنجزاته العلمانية والاجتماعية التحررية ؟
الغنوشي وجرثومة الحداثة
ستجلي الشهور القادمة الاجابة عن هذا السؤال.وستخبرنا عما اذا كانت المكتسبات الحداثية والعلمانية التي تمت على يد بورقيبة ستبقى ام ستعود تونس القهقرى وتنضم الى الانظمة القرون وسطية القائمة في ايران والسودان وغزة...فقد تناقلت وكالات الانباء عودة زعيم حزب النهضة الاسلامي راشد الغنوشي الى تونس واستقبال الالآف من انصاره له في المطار.. وكان عنوان احد الاخبار في صحيفة ( الشرق الاوسط ) التي تصدر بالعربية في لندن بتاريخ 31-1 -2011 (( الاسلاميون في تونس يستعرضون قوتهم في استقبال زعيمهم العائد راشد )) .... في السنوات الاخيرة انتقد الغنوشي علنآ النظامين الاسلاميين في ايران والسودان .. وفي ايام الانتفاضة التونسية قال " ان تونس لا يمكن ان تحكم بأنظمة على غرار الانظمة القائمة في ايران والسودان ".... اما بعد عودته الى بلده فقد قال قولآ عجبا ...وكأني به قد اصيب بجرثومة الحداثة في منفاه بلندن التي عاش فيها عقدين ونيف..ففي اول تصريح له على ارض المطار بين حشود مستقبليه قال ( لست الخميني ) ..وبعد ذلك وفي حوار اجرته معه صحيفة ( الشرق الاوسط ) بتاريخ 5 فبراير 2011 وصف بورقيبة بالمستنير المثقف فقد سأله المحرر عن الفرق بين بورقيبة وبن علي فقال: (( الفرق كبير بين الرئيسين السابقين لتونس. الحبيب بورقيبة كان ديكتاتورا مثقفا. سمح بوجود حركة نقابية قوية، ونشأت في عهده الحركة الإسلامية وبلغت الذروة في وجودها السياسي والميداني. بورقيبة سمح بوجود حركة طلابية نموذجية وأعطى الضوء الأخضر لنشاط الرابطة التونسية لحقوق الإنسان ولبعض الأحزاب والأصوات المعارضة، ومكن الصحف المستقلة وصحف الرأي من التعبير الحر، ولم تتمكن بعده أي صحيفة من التعبير عما يدور في تونس على الرغم من المحاولات اليائسة لصحافة المعارضة. لقد كان بورقيبة ديكتاتورا متنورا، قرأ عن كبار كتاب الثورة الفرنسية واطلع على كتب السياسيين ومذكراتهم، وهو مطلع على ما يدور في تونس من أحداث سياسية واجتماعية وله دراية كبيرة بالسياسة وفنون الخطابة. وكل تلك المكاسب تهاوت الواحدة تلو الأخرى في عهد بن علي ولم تبق غير المافيا والبوليس. أما زين العابدين بن علي الرئيس المخلوع، فقد كان ديكتاتورا بيده «هراوة»"..." )) انتهى.... فقال له المحرر ( كلت مديحا مبطنا لبورقيبة رغم وصفك له بالديكتاتور، ولكن بورقيبة كذلك غضب عندما حكمت عليك محكمة أمن الدولة بالسجن مدى الحياة بدل الإعدام ) فقال الغنوشي بعد شرحه لملابسات نجاته من الاعدام ( ولكن كل هذا لا يمكن أن ينقص من مساهمات بورقيبة في تطوير الحياة في تونس ككل ) ..وفي حديث آخر امام انصاره قال الغنوشي كلامآ غاية في الاعتدال حيث حذر من الاعمال الثأرية الانتقامية خارج القانون ومن ضمن ما ورد في حديثه (( " هناك من يريد إلباسنا عباءة غير عباءتنا التونسية، ونحن لن نسمح له بذلك"، مشيرا إلى " أن الحركة تتمتع اليوم بفكر وسطي ومعتدل يمازج بين القيم الإسلامية والمكاسب الإنسانية وقيم الحداثة" )) ..بل وذهب أبعد من ذلك بدفاعه عن قانون الاحوال الشخصية الذي اصدره بورقيبة وقال انه تم من داخل الاجتهاد الاسلامي (( إن ذلك القانون وضعته نخبة من شيوخ جامع الزيتونة، ضمنهم الفاضل بن عاشور، وهو يدخل ضمن الاجتهاد الإسلامي، ولا يمكن ألبتة نسبته إلى فكر من خارج التيار الإسلامي، حتى وإن كانت للحركة بعض التحفظات إزاء بعض بنودها على غرار موضوع التبني.)) انتهى.. "صحيفة الشرق الاوسط بتاريخ 8 فبراير 2011.....قيل أن الفضل ماشهدت به الاعداء...ترى هل ثمة تحوّل حقيقي في فكر راشد الغنوشي ؟ وهل يشمل هذا التحول كل حركة النهضة الاسلامية ؟ أم أن الامر مجرد مسايرة إلى حين لمجتمع توغل بعيدآ في الحداثة والعلمانية خلال الخمسين سنة الماضية مقتديآ في ذلك برجب طيب اوردغان الذي يساير علمانية اتاتورك والحنين الى زمن الخلافة العثمانية يملأه.
عقارب الساعة الى الوراء
قيل "من مأمنه يؤتي الحذر"...فقد جاء في بعض الانباء أن اول اختراق لعلمانية تونس حدث بعد ذهاب زين العابدين بن علي مباشرة حيث أخذت القناة 7 التونسية في اذاعة الآذان.... لا يعقل ان القوى السلفية الظلامية ستكف عن محاولة إعادة عقارب الساعة إلى الوراء لوأد الانجازات الحداثية البورقيبية إذا ما وجدت إلى ذلك سبيلآ....ولا شك أن المستقبل سيكشف مدى روسوخ فكرة العلمانية والحداثة في عقل وضمير المجتمع التونسي ...وكما سيكشف مدى صحة ما قيل بأن خصوصية تونس تحصنها من الانزلاق الى مهاوي الافكار القرون وسطية....فقربها الجغرافي من اوربا تجعلها دائمآ منفتحة على كل جديد، بالاضافة الى أن جذور انفتاحها على الفكر الاوربي الحديث يعود الى زمن الثورة الفرنسية التي تأثر بأفكار مفكريها التنويريين الكبار حاكم تونس الباي حمودة باشا ( 1783-1814 ).....أيّ أنه سبق محمد علي باشا في مصر في الانفتاح على الغرب ..ولكن كل هذا لا يقلل من خطر التيارات الدينية التي تسعى الى السلطة وقدرتها الفائقة على إستخدام الأفيون الديني لتزييف الوعي.....ومشكلة الديمقراطية الحقة هي في ديمقراطيتها التي تفتح الطريق الى السلطة حتى لاعدائها.
#احمد_القاضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نادر قريط وغسيل السيرة المحمدية
-
تديين كارل ماركس!
-
توطين الماركسية بالخرافات الاسلامية !
-
زوبعة دكتور حجي....يا قلبي لا تحزن !
-
الآية التي سطا عليها محمد !
-
متنكر في ثياب التنويريين....او اركلجة الخرافة
-
المثقف المكي الذي هزم محمد
-
محمد يحرق النخيل وعلي يجز الرؤوس !!
-
ابن تيمية ام الضحوك القتّال !
-
اولوية نقد الدين
-
بائع الافيون الفلسطيني
-
هل تراجع د. طه حسين عن اطروحاته في كتاب ( في الشعر الجاهلي )
...
-
ادونيس...اودكتور جيكل ومستر هايد !
-
الشعر الجاهلي ام القرآن الجاهلي
-
اول صوت في صندوق عمر البشير الانتخابي
-
الكوميديا الالهية علي الطريقة المحمدية
-
البيدوفيل واعتساف عائشة
-
نبي يضاجع في الخلاء !
-
سويسرا افضل حالآ دون مآذن
-
لا شئ تم في الخفاء ايها الحالم بعرش اليونسكو
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|