|
هل تستهدف مجازر حكومة شارون تحويل شمال القطاع الى منطقة عازلة و-جنوب لبنان- جديد!!
احمد سعد
الحوار المتمدن-العدد: 978 - 2004 / 10 / 6 - 11:37
المحور:
القضية الفلسطينية
يوم الأحد، قبل اسبوعين بالكمال والتمام، وفي اجتماع مجلس وزراء حكومة اليمين، أشعل رئيس الحكومة اريئيل شارون، الضوء الاخضر امام جند هولاكو الاحتلال لتشغيل آلات القتل والتدمير ضد الفلسطينيين دون تردد في اثناء الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة، في اثناء اعادة الانتشار لقوات الاحتلال الاسرائيلي، اذا ما تم ذلك في السنة المقبلة! وقيّمنا هذا التصريح الشاروني في حينه انه دالة شؤم يعكس التخطيط المنهجي الذي ترسمه حكومة الاحتلال والدماء اليمينية الذي في مركزه مواصلة تصعيد العدوان الهمجي الدموي بصورة اكثر شراسة ووحشية ضد الفلسطينيين، قادة ومدنيين وعسكريين، في قطاع غزة والضفة الغربية، وذلك لتحقيق هدفين مركزيين مترابطين عضويًا، الاول، تخفيف النقمة على شارون من قبل قوى الاستيطان واليمين المتطرف والفاشية العنصرية، من داخل حزبه الليكودي ومن خارجه، واثبات حقيقة ان شارون، جنرال الاستيطان والمجازر لم يتغير، وان اهداف برنامجه الاستراتيجي في قضية التسوية مع الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية الشرعية تلتقي في نهاية المطاف مع أهداف قوى اليمين المغالي في تطرفه وعدائه للحقوق الفلسطينية المشروعة، مع اهداف منع قيام دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وضم غالبية الاراضي الفلسطينية لاسرائيل.
والثاني: خلق وقائع كولونيالية جديدة على الارض المحتلة في القطاع وشمال الضفة الغربية مخضبة بدماء المجازر ضد الفلسطينيين والتدمير لبيوتهم وممتلكاتهم وذلك لكسر ارادة الفلسطينيين وقيادتهم الشرعية وبشكل يجعل سقف التسوية مبنيًا على أقل مساحة من خطة شارون للفصل من طرف واحد، أي اختزال حتى خطة شارون. ولم يمض اكثر من اسبوع على تصريح شارون المشؤوم، وعشية الذكرى السنوية الرابعة لمجزرة القدس والاقصى، التي اشعل شارون شرارة نيرانها وفجرت الانتفاضة الفلسطينية الثانية، حتى صدرت الاوامرمن وكر العدوان الشاروني بارتكاب مجزرة دموية جديدة من خلال اجتياح شمال قطاع غزة وشمال الضفة الغربية المحتلة. فقوات الاحتلال التي تجتاح بدباباتها ومجنزراتها وطائراتها منذ يوم الاربعاء الماضي ترتكب جرائم حرب بشعة ضد المدنيين، قتل متعمد للناس الابرياء، قصف وهدم بيوت على رؤوس اهلها،تجريف اراض، مما أدى الى استشهاد وجرح العشرات من الرجال والنساء والاطفال والشيوخ، مجازر وجرائم حرب يرتكبها المحتلون وتعيد الى الاذهان جرائمهم الهمجية ابان عملية "السور الواقي" الدموية التدميرية. ولتبرير هذا التصعيد الوحشي الدموي الجديد للعدوان وللتغطية على أهدافه الحقيقية تلجأ حكومة الكوارث اليمينية الشارونية الى الادعاء التضليلي بان الدافع والهدف رد فعل على اطلاق صواريخ "قسّام" الفلسطينية على المستوطنات ولحماية امن المستوطنين. ذريعة لا تصمد امام معطيات الواقع المأساوي. ومعطيات الواقع تؤكد ان من يواصل ممارسة سياسة قطف الرأس، باغتيال وتصفية قيادات وناشطين ضد الاحتلال، قصف وتدمير أحياء سكنية وقتل مدنيين من الناس الابرياء، هو الاحتلال الاسرائيلي. لقد كشف التداول الذي جرى في مطبخ شارون بين القيادة السياسية والعسكرية حول مدى التصعيد الاجرامي الجديد عن الاهداف الحقيقية التي يتوخاها المحتل من ورائه. فشارون اراد توسيع وتعميق نطاق العدوان الدموي الجديد على نسق عملية "السور الواقي"، باحتلال القطاع من جديد للقضاء على فصائل المقاومة الفلسطينية. القادة العسكريون حذروا من ان عملية شبيهة بعملية "السور الواقي" تكلف الغزاة المحتلين الثمن الباهظ بالأرواح، وغير مضمونة الجانب، وركزوا على ان الاحتلال الموضعي العيني لمناطق استراتيجية وحساسة في القطاع يكون اكثر نجاعة من حيث المردود السياسي في اطار خطة شارون الاستراتيجية. ولهذا، جرى الاتفاق في نهاية المطاف على اجتياح واحتلال شمال قطاع غزة وتمترس جيش الاحتلال فيه، وجعله منطقة عازلة تعزل شمال القطاع عن جنوبه، كما تعزل عمليًا القطاع عن الضفة الغربية. وما تشهده مناطق شمال غزة وخاصة بيت حانون ولاهيا واجزاء من جباليا وغيرها من جرائم عدوانية، قصف صاروخي ومدفعي عشوائي على منازل المدنيين، استشهاد وقصف اعمار الناس الابرياء من الاطفال والنساء والشباب الفلسطينيين وهدم بالجملة للمساكن السكنية الفلسطينية، تحويل حياة الفلسطينيين الى جحيم، كل ذلك يستهدف افراغ هذه المنطقة من غالبية سكانها، فرض الترانسفير القسري عليهم، وتحويلها الى ثكنة عسكرية للمحتلين، الى منطقة عازلة (حزام أمني) كما كان الوضع في الجنوب اللبناني المحتل. فأخطر ما في الأمر ان حكومة الاحتلال والجرائم اليمينية الشارونية تستهدف استغلال احتلال شمال القطاع وتحويله الى منطقة عازلة كورقة للضغط السياسي لابتزاز تنازلات سياسية من الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية تضمن رضوخه لاملاءات برنامج شارون التصفوي لثوابت الحقوق الشرعية الفلسطينية غير القابلة للتصرف. ويجري توقيت التصعيد الدموي الاحتلالي في شمال قطاع غزة في ظروف تصعيد الهجمة الاستراتيجية الارهابية الامبريالية الامريكية والاسرائيلية ضد شعوب وبلدان المنطقة، ضد سوريا ولبنان وايران، وذلك بهدف تدجين أنظمة هذه البلدان في حظيرة خدمة مخطط الهيمنة الامريكي – الاسرائيلي في المنطقة. فوصول اصابع الديناميت الاسرائيلية – الامريكية لاغتيال شخصيات في سوريا ولبنان (الوزير السابق حمادة) وسيلة من وسائل ارهاب الدولة المنظم لزرع القلاقل وعدم الاستقرار. كما ان تصريح الامين العام للامم المتحدة، كوفي عنان، بان سوريا لم تنفذ قرار مجلس الامن بسحب قواتها من لبنان والتحذيرات المتتالية لايران حول برنامجها النووي يندرج في اطار استراتيجية عولمة الارهاب الامريكي للضغط على الأنظمة غير المستعدة بعد السير في الثلم الامريكي. إن ما يثير أشد النقمة والاستنكار هو الصمت العربي والعالمي المعيب وفي وقت يواجه فيه شعب الانتفاضة الفلسطينية في شمال قطاع غزة وفي رفح وجنين المذابح اليومية على أيدي الغزاة الجزارين المحتلين. فإدارة بوش شريكة في العدوان الدموي الجديد على شمال القطاع ومتواطئة مع الجزارين، وبدلا من استنكار وادانة جرائم الحرب من مجازر وتدمير ضد المدنيين الفلسطينيين فانها تدعي في بيان رسمي أصدرته امس الاول، "ان لحكومة اسرائيل الحق في الدفاع عن أمن مواطنيها"!! انها بهذا تشجع المحتلين الاسرائيليين على مواصلة تصعيد عمليات المجازر والتدمير والعدوان. ان ما يتعرض له الفلسطينيون في شمال القطاع وغيره من مجازر وجرائم تقشعر له أبدان من تجري في شرايينه دماء الانسانية يستدعي أكثر من أي وقت مضى تضافرًا دوليًا ضاغطًا لتوفير حماية دولية للشعب الفلسطيني تنقذه من بطش المحتلين وتوفر له الأمن حتى زوال ليل الاحتلال المعتم. فهل تستغل أنظمة التخاذل العربي والدول الاسلامية وأنظمة دعاة حقوق الانسان انعقاد الدورة الحالية للجمعية العمومية للأمم المتحدة للمساهمة بأضعف الايمان، بالعمل على كبح جماح ذئب العدوان ووقف نزيف دماء عدوانه وتوفير الحماية الدولية لشعب الانتفاضة الفلسطينية. كما ان فظاعة الجرائم التي يرتكبها المحتلون تفرض موضوعيًا على فصائل وقوى شعب الانتفاضة المختلفة رص صفوف الوحدة الوطنية، وعلى مختلف المستويات والصعد في هذا الظرف المصيري من الصراع المصيري على حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية الشرعية. وتقع على عاتق قوى السلام وحقوق الانسان، وحق الشعوب في الحرية والسيادة الوطنية، اليهودية والعربية في اسرائيل التحرك الكفاحي السريع لمواجهة وإفشال المخطط الدموي الكارثي العدواني الذي تمارسه حكومة الاحتلال والاستيطان والدماء اليمينية الشارونية.
#احمد_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عبد رضا الشيوعي الذي كان بيننا
-
لمواجهة مخطط الاستيطان والتصفية الاسرا–امريكي
-
صباح الخير صباحك منوّر يا أبا حنظلة
-
المعيار الاجتماعي لسياسة تُعيد انتاج المآسي
-
التفاعلات الجارية في الخارطة السياسية الحزبية الاسرائيلية
-
حتى لا نكون وقضايانا صفرًا على الشمال!
-
جون كيري يسجد أيضًا في بيت الطاعة الصهيوني
-
حتى لو انفلق الكارهون!- زيّاد أهل للتكريم
-
التطورات المأساوية على ساحة الصراع الأسرائيلي – الفلسطيني
-
القاضية دوريت بينيش تفضح عرض وعار تحالف -الشاباك- والحكومة
-
المدلولات الكارثية للسياسة الليبرالية الجديدة
-
تطوير الترسانة العسكرية الاسرائيلية في ارجوحة المخطط الاسترا
...
-
المدلولات الحقيقية لنتائج انتخابات برلمان الاتحاد الاوروبي
-
وتبقى القضية في جوهرها ومدلولها سياسية اولا وليست أمنيّة يا
...
-
وتبقى القضية في جوهرها ومدلولها سياسية اولا وليست أمنيّة يا
...
-
خطة (لفك الارتباط) بدون أي فك للرباط!
-
في الذكرى السنوية الـ- 37 للحرب والاحتلال: لن يكون (شرق أوسط
...
-
ماذا كنتَ ستقول يا ماير فلنر؟
-
كان ماير فلنر أمميًا حقيقيًا وشيوعيًا مبدئيًا
-
تقرير منظمة العفو الدولية: ادانة صارخة لجرائم الحرب في المنا
...
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|