|
لانزال ورقيين نحرق مالنا ووقتنا واعصابنا
عبد الرحمن تيشوري
الحوار المتمدن-العدد: 3272 - 2011 / 2 / 9 - 22:31
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
إن القوانين والتشريعات الواضحة الخالية من التناقض من صميم الحكومة الرشيدة. وهي هامة جداً للإدارة المؤثرة والفعالة أيضاً. وتطرح الخطة الخمسية ملاحظات هامة بحاجة للتنفيذ في هذا المجال. إن المراسيم والتشريعات الجديدة لا تلغي القوانين السابقة بشكل واضح دائماً؛ ولا تخدم هذه البقايا القانونية الناتجة عن ذلك أية غاية هامة، بل يمكن أن تسمح بتصرفات لا أخلاقية أو تعسفية ضمن الإدارة العامة. وعند اعتماد الصلاحيات الوزارية العامة، يكون الوقت ملائماً جداً لمراجعة القوانين والتشريعات. وثمة اهتمامان يوجهان هذه المراجعة: الحاجة إلى تصنيف وتعزيز القوانين كتابةً بما ينسجم مع الهرمية القانونية في سورية، مع إزالة التناقض أو التداخل في الأحكام القانونية. ويصح هذا بصرف النظر عما إذا كانت النصوص تفرض حقوقاً أو واجبات على الحكومة أو الأفراد. تعتبر هذه المساعي نشاطات مبشرة بتبسيط روتين العمل الداخلي؛ ومع إمكانية تقدم العمل في هذين المجالين بطريقة موحدة ذات مرحلتين، (أي لا تحتاج عملية التبسيط انتظار الإتمام الكامل للإقرار القانوني)، تبقى العمليات الإدارية التي يفرضها القانون إلى حد كبير بحاجة إلى توضيح. ولهذه الحاجة قواعد مدونة في القوانين، وهي مفهومة من وجهة نظر الإنسان العادي المهتم، أي الشخص الذي يكون مهتماً بالقانون بوصفه ينطبق عليه في مجال محدد مما يجعله يدرك سياق تطبيق القانون. كانت الحاجة "لحل رموز القانون" (وكلفتها القانونية) مزعجة جداً للمواطنين في كثير من البلدان، مما جعلها موضع اهتمام الحكومات الديمقراطية. وقد جرت الإشارة إلى أن الكتابة بلغة قانونية غير مفهومة تظل حكراً على فئة بعينها ضمن الإدارة العامة أمر غريب عن المجتمع الحديث. ونتيجة لذلك يتم التثبت من وضوح لغة القوانين في كثير من الدول، وذلك وفقاً لإرشادات ومنهجيات عامة يتم تطويرها استجابة للضرورات المستمرة في هذا الميدان. وتبذل منذ خمسة عشر عاماً في أوروبا (وأماكن أخرى) جهود لتحسين أساليب الصياغة القانونية. كما جرى نشر كثير من المواد التدريبية والمبادئ الموجهة بشأن الصياغة القانونية السليمة. ورغم ما تورده الخطة الخمسية من حجج قوية لصالح تبسيط لغة الأحكام القانونية، فلا بد من موازنة الأولويات لأن ثمة أموراً أخرى لا تقل أهمية. إن تصنيف وتعزيز القوانين أمر جوهري لتبسيط الإجراءات. ومن الممكن أن يكون إحداث خدمة النافذة الواحدة والكتابة بلغة بسيطة أمراً مطلوباً عند تحديد القوانين والأنظمة الملائمة لمفهوم الخدمة هذا، ولكنه سيبدو أقل إلحاحاً في المجالات الأخرى التي تخصص موارد محدودة لهذه الغاية كما علمنا. تبسيط الإجراءات الإدارية ذكرنا آنفاً أنه بسبب تبعية العمليات الإدارية للتشريعات القانونية، فإن توضيح القوانين والتشريعات يسبق تبسيط العمليات الإدارية. ويفيد التبسيط تحسين الفعالية (إنفاق موارد أقل)، وحسن الاستجابة (يتحمل "الزبائن" أو المواطنون نفقات خفية أقل من حيث الانتظار)، والشفافية (لأنه يتم إعلام المواطنين عن الإجراءات الإدارية الداخلية، ويتم تزويدهم بمعلومات فيما يتعلق بطول وقت العمل). وقليلة هي الميادين التي عرفت هذا القدر من الدراسات والأطر التحليلية (التي قد يسميها البعض عبارات طنانة) الذي عرفه تبسيط الإجراءات الإدارية. وهذا ما يعكس إمكانية توفير هام في العمليات الإدارية الانسيابية، وكذلك خفض نفقات الخدمات الاستشارية بالنظر إلى الضغط الكبير الذي تعانية الحكومات من أجل تقليل هذه النفقات. يكون التوفير الناجدم عن عملية التبسيط الإداري حيادياً بمعنى أنه لا يؤثر على المخرجات التوزيعية للنشاط الحكومي. ومن هنا فهو لا يواجه الجدالات المتعلقة بالعدالة والإنصاف من النوع الذي كثيراً ما ينشأ عن الحديث عن تخفيض الإنفاق الحكومي. ولن يصر أي مواطن عاقل على عدم تغيير الإجراءات الإدارية أو على تقديم خدمات أكثر كلفة من العمليات الأخرى التي تقدم نفس النتيجة. إن كلاً من إعادة تنظيم العمل والإدارة الرشيقة يقدم إطار عمل تحليلي مركب لمساعدة مديري القطاع العام على تخفيض النفقات المباشرة عبر تشكيل عمل يتطلب جهداً مكثفاً، أو تخفيض النفقات المباشرة عن طريق اختصار وقت العمل (كالانتظار أو تأجيل فرض النفقات المتكررة على المواطنين). وقد جرى ابتكار إعادة تنظيم العمل والإدارة الرشيقة من أجل القطاع الخاص في البداية، مع إمكانية استخدامها في الإدارة العامة كذلك. وفي هذا الصدد يمكن أن نلاحظ بعض الشركات الخاصة كالمصارف وشركات التأمين التي تظهر تشابهاً مع القطاع العام بمعنى أنه يتوجب دراسة محتويات كل وثائق العمليات الرئيسية ("قطعة ورق مع نص ما، وبعض الأرقام غالباً") في ضوء القوانين والسياسات، ثم يتم التصديق عليها. وعند التفكير في قيام بتقديم جهة إدارية عامة منتجاً أو خدمة معينة، تكون الخطوات الرئيسية: • التركيز على المنتجات النهائية التي تنتجها المؤسسة أو تقدمها ؛ مثل التراخيص أو الموافقات أو جوازات السفر، أو التصديق على أهلية الأشخاص، أو الإعانة الصحية. والفكرة هي أنه لا يجب أن نسأل ماذا يفعل الناس بل ماذا ينتجون. • تحليل العملية إلى خطوات متسلسلة واضحة. فكل خطوة هي مركب من النشاطات التي: - تستمر في الزمن؛ - تنفذ من قبل نفس الشخص؛ - تقدم نتيجة واضحة (نتيجة وسيطة [الحصيلة]، أو النتيجة النهائية). • دعم كل خطوة واضحة بالوثائق، وأي دور أو مستوى تنظيمي معني؛ من خلال تجربتنا نقول بأنه يمكن توثيق العمل في أقل من عشرين خطوة بشكل نموذجي على الرغم من أنه يتطلب أحياناً أكثر من ذلك. • دراسة مراحل العملية ثم الانتقال إلى التقليل من: - عدد الأدوار المختلفة/الوظائف/الأفراد المعنيين؛ - عدد المستويات التنظيمية؛ - عدد الخطوات المنفصلة في المعالجة؛ - طول فترة العمل؛ - عدد الاتصالات الخارجية (مثال، مؤسسات الإدارة العامة الأخرى، المؤسسات الخارجية، الأفراد). • تقليل عدد الأوراق والاستمارات، وعدد البنود في كل منها؛ • إلغاء تقديم المعلومات عبر التوثيق الورقي؛ توفير معلومات هيكيلية للزبائن أو المواطنين من خلال "الأسئلة كثيرة التكرار" أو "كيفية ملء الأوراق" وذلك بشكل ورقي وإلكتروني لا نزال ورقيين وكل امر يحتاج الى عشرين توقيع وفي كل ذلك ضياع للوقت والمال وحرق للاعصاب
#عبد_الرحمن_تيشوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اين خريجي معاهد الادارة العليا ؟ تحت امرة من هو ادنى منهم تأ
...
-
نحن بامس الحاجة اليوم لانسنة المؤسسات الادارية لنتجنب ما حصل
...
-
من اجل جامعات سورية مهنية احترافية تخدم التنمية والمجتمع
-
اصلاح النصوص وحده لا يكفي لاحداث التطور بل يجب ان يرافقه اصل
...
-
مجالات تجديد واصلاح الادارة الحكومية
-
التعليم العالي والخطة الخمسية تخريج كوادر بلاعمل وبلا مستقبل
-
كفاءات الدولة القديمة غير صالحة للادارة الحديثة العولمية
-
ثورة تونس المظفرة وازمة المشاركة في الوطن العربي
-
من اجل مستقبل سورية واولادنا
-
الثقافة الحكومية السائدة - ثقافة مديرنا - مقاومة التغيير ومح
...
-
لا توجد دولة متخلفة ودولة متطورة بل توجد ادارة متخلفة وادارة
...
-
الفساد يعرقل التنمية ويخرب السلطة الادارية وينعكس سلبا على ا
...
-
المنظمات العالمية والمنظمات العربية - التشابه والاختلاف
-
ان احداث تغييرات في بيئة الادارة السورية يستدعي بالضرورة تدخ
...
-
مراحل تطور الادارة في سورية
-
كيف يمكن تحسين أداء اية مؤسسة عامة؟ -عبد الرحمن تيشوري
-
هل يمكن تطبيق اقتصاد المعرفة في سورية؟؟؟
-
متى نجد حلولا جذرية للخريجين وللكفاءات العالية ؟؟؟؟؟
-
اسباب ارتفاع تكلفة المشاريع العامة واسباب تأخيرها
-
كل دول العالم تدعم انتاجها المنافس فكل بقرة هولندية تحصل على
...
المزيد.....
-
الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
-
ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات
...
-
إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار
...
-
قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
-
دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح
...
-
كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع
...
-
-كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة
...
-
مدفيديف: لم نخطط لزيادة طويلة الأجل في الإنفاق العسكري في ظل
...
-
القوات الروسية تشن هجوما على بلدة رازدولنوي في جمهورية دونيت
...
-
الخارجية: روسيا لن تضع عراقيل أمام حذف -طالبان- من قائمة الت
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|