|
الشعب و جيشه ، أب و ابنه
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3272 - 2011 / 2 / 9 - 20:37
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
عمر سليمان صبره يَنفذ ، هذه رسالته ، التي يبطن بداخلها التهديد ، و الوعيد . بدأ صبره في النفاذ في حد ذاته علامة على طريق الثورة ، تدلنا ، كشعب ثائر ، إننا نسلك الطريق الصائب . لكن ، و كمواطن مصري ، أسأل : ماذا ستفعل يا عمر ؟؟؟ ما الذي في جعبتك يا عمر ، للشعب المصري الثائر ، في أنحاء مصر ، و ليس في القاهرة فقط ؟ ما الذي تبقى لكم ، كنظام ، و لم تستعملوه معنا ؟؟؟ لقد إستخدمتم في البداية خيزرانه الأمن المركزي ، فكسرنها ، ثم الغازات المسيلة للدموع فلم نبك ، بل صمدنا ، ثم الرصاص المطاطي ، فلم نأبه ، ثم تلوتم كل ذلك بالرصاص الحي ، فلم نخل لكم الميدان . أطلقتم مجرميكم ، و لصوصكم ، فلم نروع ، و لم نُخدع ، و كشفنا اللعبة القذرة للعالم . حلقت طائراتكم فوق ميدان التحرير ، جيئة ، و ذهابا ، و إرتفاعا ، و إنخفاضا ، فلم تفلح في أن تطأطأ هامات ممثلي شعب مصر الحقيقيين ، نواب شعب مصر الشرعيين . حاولتم الوقيعة بيننا كقوى سياسية معارضة حقيقية شريفة ، و تخويفنا من بعضنا البعض ، فلم تنجح المحاولة الخبيثة ، لأننا نحب هذا الوطن ، يضاف لذلك أن غالبية المشاركين في الثورة بدون إنتماء سياسي ، فلم ترتفع إلا أعلام مصر ، و لم نهتف إلا لمصر ، و لم نطالب سوى بمطالب الشعب المصري ، و قررنا أن يكون صندوق الإقتراع الحقيقي هو الفيصل بيننا في المستقبل ، نقبل حكمه ، و نمتثل لأمره . حاولتم تخويف المسيحي من المسلم ، فصلينا معا في نفس الميدان الذي شهد إراقتكم لدمائنا . أطلقتم جهاز شائعاتكم القذر ، ليروج إشاعاتكم القذرة بحق ثوار مصر ، ممثلي مصر ، فلم يبتلعها الشعب ، لسخافتها ، و لحصانة الشعب المصري منها لطول إعتياده على أمثالها ، فهذه طريقتكم منذ ثلاثين عاما تقريبا ، قذرة مثلكم ، مفضوحة ككل ألاعيبكم . الحرب الإقتصادية ، إستخدمتموها في البداية ، حين أوقفتم صرف الرواتب ، و المعاشات ، ثم إنسحبتم من تلك الحرب ، و على كل حال فقد سبق أن تحديت نظامكم أن يمضي قدما في تلك الحرب ، و تصعيدها ، ليبدأ في رفع أسعار الأغذية ، أو الكهرباء ، أو الماء ، أو البنزين ، أو المواصلات العامة ، و لكن أرى إنكم لن تدخلوا تلك الحرب مرة أخرى ، لأسباب منطقية ، بل أنكم تخافون منها . هل ستقوم بسلسلة من الإغتيالات ؟ ربما تفعلها في ساعة غضب ، أو في لحظة يأس ، خاصة إن الإغتيال يدخل في نطاق تخصصك ، منذ إدارتك لجهاز إستخبارات نظام مبارك ، و لكن أقولها لك من الأن : إنها وسيلة غير ناجحة ، لأن هذه الثورة أكبر من الأفراد ، بدليل إستمرارها لليوم بدون الإلتفاف حول شخص ، أو حتى جهة ، و هذا أحد أسباب قوتها . أسأل إذاً : ماذا في جعبتك يا عمر ؟ بماذا كنت تفكر ، أو بماذا كنت تلوح ، و أنت تطلق هذا التصريح ، أو التهديد ؟؟؟ هل ستمنعنا من دخول ميدان التحرير ؟ لا تستطيع ، و لا أعتقد إنها الوسيلة التي تدور بذهنك ، لأننا قادرين على الإلتفاف حول المنع . لم يبق إلا أن تجهز على الثورة بالسلاح الثقيل . بالدبابة ، و العربة المصفحة ، بالجنزير ، و الرشاش الثقيل . لقد حاول نظامكم منذ أمد طويل أن يوقع بين الشعب المصري و جيشه ، و كان أوضح مثال على ذلك هو إحالة المدنيين إلى محاكم عسكرية ، و قد علقت على ذلك منذ سنوات بمقال : إنه إسفين بين الشعب و جيشه . إنني على ثقه بأن محاولاتكم يا عمر الوقيعة بين الشعب و جيشه لم تفتر لليوم ، بل زادت ضرورتها في أنظار نظامكم ، بعد ترحيب الشعب المصري بالجيش ، الذي شهدتموه في الأيام الأولى للثورة ، و هو الترحيب الذي سيزيد محاولاتكم ضراوة لتدمير أسس ذلك الإحترام ، و قطع روابط تلك المحبة . لكني على ثقة بأن الجيش لن يستخدم القوة ضد العزل من أبناء الشعب . لكن هذا لن يمنع من زج نظام مبارك بالجيش في محاولات سلمية للتضييق على المتظاهرين ، و هو أمر نستطيع أن نحبطه بنجاح بأساليب سلمية تماما ، لا تفسد أسس العلاقة الودية مع الجيش ، و التي نود الحفاظ عليها من جانبنا . إننا سنقاوم كل المحاولات السلمية التي ستقع من جانب الجيش للتضييق على الثوار ، بأساليب سلمية أيضا ، متفهمين للضغوط الواقعة على الجيش من جانب ذلك النظام اللصوصي الذي يحكم مصر لليوم ، لأننا ، كشعب ، أعقل الأطراف ، و أحرصها على دوام حُسن العلاقة مع الجيش . لن نكون البادئين بتحطيم العلاقات الطيبة الحميمة التي تربط الشعب المصري بجيشه ، فالجيش ابن للشعب ، هكذا نؤمن ، و الأب لا يمكن أن يكون هو المبادر بقطع العلاقة الحَسنة مع ولده . صبر الأب على ابنه لن ينفذ ، مهما كانت هنات الابن و أخطائه السلمية ، و مهما حاول أن يحرف الأب عن طريقه الذي إختاره ، إلا أن يقدم الابن على محاولة قتل اباه ، و تحطيم إرادته بالقوة الصريحة . حتى عندها ، عندما تقدم وحدات من الجيش على سحق الثورة بالقوة إمتثالاً لأوامر نظام مبارك اللصوصي ، فإننا كشعب لن نلوم سوى الوحدات العاقة التي ستقوم بالجريمة ، و سنعمل على تقديمها للعدالة ، لأننا لا يمكن أن نعمم الجرم ، و لأننا ندرك أهمية الجيش لمصر . ثورتنا ، ثورة شعبية سلمية ، عاقلة . حتى الأن لا يمكن تحديد خطوة عمر القادمة ، بعد أن ينفذ صبره ، و يطيش عقله - كما طاش عقل أخرين في ذلك النظام - و لكننا ننتظرها ، لنحبطها .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يجب إحتلال مبنى مجلس الشعب
-
الإقتصاد نقطة ضعف نظام مبارك
-
يا أهل الصعيد ، سيخجل منكم أحفادكم
-
الثاني من فبراير يحمل بصمة جمال مبارك
-
لم يبق إلا القليل ، فإلى مزيد من التصعيد
-
كيف يتعامل الإعلام الروماني مع الثورة المصرية ، تجربة شخصية
-
حمداً لله إنه غبي ، الخوف هو من طعنة في الظهر
-
خطاب لا يقبله سوى الخونة ، و لا يصدقه إلا البلهاء ، الثورة ي
...
-
أيها الضابط الصغير ، هل فكرت في مصيرك ؟
-
في سلوكنا الحضاري إستمرارية الثورة و نموها
-
حتى نضمن نجاح ثورتنا
-
الأهمية الإستراتيجية لمصر ليست عقبة في طريق التغيير
-
القتل في الفقه السعودي
-
ثورة لا تُمنع و لا تُخمد
-
للشعب التونسي : أكمل ثورتك ، و لا تسمح بإليسكو تونسي
-
هيلاري لم تفهم ثورة الشعب التونسي و رسالته للعالم
-
تشابهت الأخطاء في السودان و النتيجة واحدة
-
لا تقلق يا زين ، فالإخوان أقصاهم سياسياً المباركة
-
هل يملك آل مبارك أنفاق في رفح ؟
-
العراق بين الذئاب
المزيد.....
-
البنتاغون: واشنطن تأخذ قرار زيادة تعداد القوات المسلحة الروس
...
-
القائد الإسرائيلي السابق لفرقة غزة: نحن نخسر الحرب في غزة بش
...
-
كوريا الشمالية تطلق صواريخ بالستية قصيرة المدى
-
مقتل 11 وإصابة آلاف بتفجير أجهزة اتصال تابعة لحزب الله في لب
...
-
ليبيا تلغي عقد الشركة الإيطالية المنفذة لمطار طرابلس الدولي
...
-
-حزب الله- في العراق يعلن استعداده لإرسال مقاتليه إلى لبنان
...
-
مسؤولون وخبراء يكشفون تفاصيل جديدة عن تفجير إسرائيل لأجهزة -
...
-
مراسلنا في ليبيا: اشتباكات مسلحة في طرابلس وإغلاق الطريق الس
...
-
جورجيا -تهدد- الولايات المتحدة
-
اكتشاف -كنز- يعود إلى 9 ملايين سنة تحت مدرسة في لوس أنجلوس
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|