أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - أيها المتضامنون: هذه الثورة قامت ضدكم















المزيد.....


أيها المتضامنون: هذه الثورة قامت ضدكم


محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 3272 - 2011 / 2 / 9 - 02:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ما يجري في تونس ومصر كان ينبغي ، حسب منطق التاريخ الحديث ، أن يحصل قبل ذلك ، في مرحلة الاستقلالات أو قبل ذلك ( مع مجيئ نابليون إلى مصرمثلا). فما طرحه التاريخ على الأمة العربية وعلى سواها من دول العالم هو أن الحضارة الرأسمالية الزاحفة للتمدد على كل الكرة الأرضية ، وبعد ذلك نحو أعماق البحار وإلى أعالي السماوات ، هذه الحضارة عرضت علينا ، نحن العرب كما على سوانا ، الدخول إلى رحابها ، بالقوة والاحتلال المباشر كما في الهند أو في الصين ، أو بالسلم والحذو حذوها كما في اليابان.
العالم العربي اختار أن يرد سلبا على هذا العرض ، رافضا الدخول في التاريخ الحديث ، وكانت له مبرراته وذرائعه ، وعلى رأسها الاستعمار والصهيونية ، الذريعتان اللتان باسمهما مارس الحكام العرب كل صنوف القهر والاستبداد في حق شعوبهم . ثم جاء ما يتناغم مع الذرائع حين قامت الثورة البلشفية الاشتراكية التي دعت إلى محاربة الرأسمالية وإلى بناء النظام الاشتراكي على أنقاضها ، ثم حين قامت الخمينية لتعلن الحرب على الشيطان الأكبر.
ما يجري اليوم في مصر وتونس ، وما سيحصل في سواهما بقوة التاريخ ، هو نقد ذاتي قاس لمرحلة عدت ناصعة في تاريخنا ، لكنه ليس نقدا انقلابيا على طريقة أصحاب القبعات العسكرية ولا على طريقة العمائم ، إنه نقد يحفظ لعبد الناصر مجد نهوض عربي عارم ، ولليسار مجد تضحيات من أجل القيم الكبرى ، وللحركة القومية العربية بناصرييها وبعثييها وشيوعييها وإسلامييها مجد مواجهات كبرى مع " الاستعمار والصهيونية والرجعية" .
النقد التونسي المصري لا ينقلب على هذه الأمجاد ، بل على الاستبداد الذي مورس بحق الشعوب العربية باسم هذه الأمجاد. ذلك أن باب الدخول في الحضارة الحديثة ، إن جاز اختصاره في كلمة، هو نهاية عصر التوريث السياسي ، نهاية عصر الممالك والأمبراطوريات والسلاطين ، وبداية عصر الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان ، ومن المؤسف أن تكون مرحلة الأمجاد الناصرية القومية اليسارية قد تأسست على حكم التوريث والقضاء على بذور الديمقراطية الفتية في حينها.
العالم العربي ظل وحده على الكرة الأرضية محكوما بالوراثة . حتى في الأنظمة التي كانت تعتمد الانتخابات كان يتم اختيار الحاكم فيها بالوراثة أو بالتمديد أو بالتجديد ، أو بانقلاب الشقيق على الشقيق والضابط على الضابط والمعمم على المعمم ، أسماء مختلفة لمسمى واحد هو التمسك بسلطة "إلى الأبد "، سلطة كتبت أبديتها بأحرف من نار وحبرها من دماء الشعوب وعرقها. انظروا إلى الأمة من المحيط إلى الخليج ، فيها أكبر المعمرين من الحكام ، فيها عميد الحكام في العالم ، وحكامها يخيرون شعوبهم بين اثنين : إما حكمهم الأبدي إما الحروب الأهلية.
ذريعتنا ، نحن شعوب الطوق ، إسرائيل . لنقل جدلا ، نعم . إسرائيل التي تتجسد فيها كل قبائح التاريخ السياسي ، العنصرية والتوسعية والعدوانية والشوفينية والإجرام ، الخ . لكن ما علاقة إسرائيل بإمعان حاكم السودان في تفتيت بلده أو في إمعان الصومال في التقهقر نحو القرون الوسطى ، أو في اليمن حيث الرغبة جامحة في التمسك بالبداوة والقبيلة والعشيرة على حساب القانون، أو في الجزائر والصومال والسودان والعراق حيث الحروب الأهلية هي الخيارات الوحيدة المتاحة أمام الشعوب ، إذا لم يبق الحاكم حاكما . حتى الحرب الأهلية في لبنان هي بنت هذا العقل ذاته ، عقل الاستبداد الأبدي الذي يمارسه علينا سياسيون خارجون على كل قانون، عقل الاستبداد العربي الذي لم يرضه أن تقوم ديمقراطية في هذا الشرق وتهدد عروشهم الموروثة.
في مصر ، كما في تونس ، لم ترتفع راية من تلك التي كانت ترتفع في المظاهرات اليسارية أو القومية أومظاهرات الإسلام السياسي ، لا الاشتراكية هي الحل ولا الإسلام هو الحل ولم نسمع تنديدا بأحد أو بدولة خارجية . مسألة واحدة جمعت الثوار : الحرية ودولة القانون والمؤسسات.
في مصر ، كما في تونس ، لم نلحظ تنافسا على مسرح الأحداث ، بل قيادة مستترة تشبه تلك التي وجهت الثورة الفرنسية ، قيادة قد تكون مغمورة وقد تكون مخضرمة وقد تكون متعددة المنابت، لكنها طالعة بالتأكيد من شعور عارم بالوحدة الوطنية ، أي بالانتماء إلى وطن هو تونس ، وهو مصر ، وفي غمرة هذا الانتماء تذوب الفوارق والاختلافات كلها من أجل هم واحد أوحد : دولة عصرية تعلن نهاية عصر التوريث السياسي.
في مصر ، كما في تونس ، تجمع وعي سياسي جديد ، بالفيسبوك والنضال الإلكتروني وليس بمكبرات الصوت والسبابات والخطابات الحماسية والشحن العاطفي الشوفيني ضد عدو خارجي . بل إن الثورتين عزمتا ، لأول مرة في تاريخ الأمة العربية ، أن تصوبا على عدو ، بل على خصم داخلي ، ولأول مرة في تاريخنا تعلن جماهير بمئات الآلاف سأمها من الخطاب الأجوف الذي يقوم عصبه على نظرية المؤامرة ، وإصرارها على أن الأزمات ذات أسباب داخلية بالدرجة الأولى وأن حلولها ينبغي أن تبدأ من الداخل.
إنها إذن ثورة من أجل الديمقراطية ، غابت عنها الشعارات الكبرى المتعلقة بالقضية الفلسطينية والصراع مع الاستعمار والإمبريالية . إنها ثورة بسيطة تختصر مطالبها بتأسيس دولة عصرية تقوم على تداول السلطة : دولة القانون والمؤسسات والعدالة والكفاءة وتكافؤ الفرص ، الخ.
الذين يتضامنون مع الثورتين التونسية والمصرية، خارج تونس ومصر، يسقطون عليهما مفاهيم وأهدافا من خارج سياقهما ، وأحيانا يقيسونهما بعكس ما يريده أهل الثورتين، وقد ظهر ذلك التضامن خجولا أحيانا وسافرا أحيانا ، لكنه تضامن لم يعبأ به اهل الثورتين ، بل لعل من غير المبالغة القول إن بعض هذا التضامن كان مسيئا للثورة وعده الثوار مساسا بالسيادة الوطنية وتدخلا في الشؤون الداخلية ( التضامن الإيراني والتصريحات الأميركية وبعض التضامن اللبناني مثلا).
هي ثورة جديدة حقا ، بل هي الثورة الوحيدة الحديثة التي قامت في كل أنحاء الأمة العربية .كل ما عداها وما سبقها من "ثورات" لم يكن سوى انقلابات عسكرية أو عمائمية كما حصل في إيران الخيمينية ، ذلك لأن الثورة تعني أول ما تعني ، ليس فقط تغيير الطقم الحاكم ، بل تغييرا في النظام الاقتصادي الاجتماعي ، ومن باب أولى تغييرا في بنية النظام السياسي، وقد تكون هذه الانقلابات قد قامت بتغييرات كثيرة لكنها جددت أنظمة الاستبداد وضرب الديمقراطية .
إنها ثورة جديدة حقا لأنها تفتح الآفاق واسعة أمام انتقال بلدان الأمة كلها من أنظمة الوراثة إلى أنظمة ديمقراطية . ذلك يعني أن هذا المجد لا يستحقه إلا الديمقراطيون ، أفرادا وأحزابا وأنظمة . أما الأحزاب الشمولية المعادية للديمقراطية ، وأنظمة الحزب الواحد ، وأنظمة قمع الحريات فلا يحق لها حتى التضامن مع الثورتين ، لأنهما ثورتان ضد الاستبداد ، ضد كل أنواع الاستبداد السياسي والديني والعسكري الخارجي والداخلي ، أي ضد من يتضامن معها من هؤلاء المستبدين.
وحده جيل الشباب هو صاحب الثورة ، ولن يسمح بأن ينضم إليه إلا من عمل على تنظيف سجله الاستبدادي بالنقد الذاتي الشجاع للمرحلة القومية الشوفينية البعثية والناصرية والشيوعية والإسلاموية.



#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)       Mokaled_Mohamad_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- د.محمد على مقلد في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: الدول ...
- الشيعة: من ولاية السلطان إلى ولاية الفقيه
- ...أما اليسار فليس أقل غباء
- علماء الدين والمعممين والدولة
- شيعية سياسية أم شيعية سياحية
- دفاعا عن جعجع وسائر القتلة
- 14آذار تنتهك شعاراتها
- أما وقد حصلت الزيارة ..فماذا عن مصير 14 آذار
- علمانية في المزاد
- تحية احترام للحوار المتمدن ومحبة في العيد الثامن
- اقتراح بيان وزاري
- المعارضة اللبنانية:الاصطفاف الانكشاري
- أين أخطأ جنبلاط وأين أصاب
- الجامعة اللبنانية
- المثقف اليساري المتأسلم _ المتشيع
- طبقة انتخابية وحكومة انتظارية
- اتفاق الدوحة : مأزق الممانعة والممانعين
- اتفاق الدوحة: رابحان وخاسرون
- للأصوليات جذر واحد
- قراءة نقدية في وثيقة قوى 14آذار


المزيد.....




- تحت ضغط رامز.. حسام حبيب يعترف بأنه لايزال يحب شيرين
- تحليل لـCNN: ماذا تريد -حماس- من أول محادثات مباشرة مع أمريك ...
- الخارجية الأردنية: المملكة تستضيف الأحد اجتماعا لدول الجوار ...
- لحظة وصول إعصار قوي يضرب أوكلاهوما الأمريكية
- الإمارات تندد برفع السودان قضية ضدها أمام محكمة العدل الدولي ...
- بوتين لـ -ماكرون-.. تذكر نهاية نابليون
- أوروبا تفقد توازنها وسط تحولات جيوسياسية
- -نيويورك تايمز-: الخارجية الأمريكية تضع خطة لإغلاق عشرات ال ...
- وزير الخارجية المصري: فلسطين قضية العرب المركزية وسنتصدى لأف ...
- الجيش العراقي يعزز انتشاره على الحدود


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - أيها المتضامنون: هذه الثورة قامت ضدكم