أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن ميالة - الإنسان أولا - البقاء للأسوأ















المزيد.....


الإنسان أولا - البقاء للأسوأ


مازن ميالة

الحوار المتمدن-العدد: 3271 - 2011 / 2 / 8 - 23:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هناك سؤال يطرح نفسه بإلحاح في الأيام الأخيرة ويطرحه كل راغب في التغيير في سوريا وطرحته الكثير من الأقلام وهو لماذا تونس ومصر وليس سوريا؟. وأنا هنا سأحاول الإجابة على هذا السؤال في سياق البحث الذي نشرته تحت عنوان - الإنسان أولا- وبنفس المرجعية الفكرية التحليلية.
أنا أعتقد أن هناك مجموعتان من العوامل المسببة لكوننا نتأخر عن مصر وتونس في الإنتفاضة على الإستبداد:

- المجموعة الأولى كنت قد تناولتها بشيء من الإسهاب في بحثي سابق الذكر، وإن لم تكن في سياق الإجابة على هذا السؤال، خصوصا فيما يتعلق بطبيعة النظام السوري وتوصيفه، فيما يتعلق بسياسته الداخلية، ودرجة التدمير التي ألحقها بشخصية ووعي والمنظومة القيمية للإنسان السوري والمجتمع السوري بشكل عام ، والتي بلا شك تفوًق فيها وبأشواط على أقرانه في تونس ومصر. الإنسان السوري والمجتمع السوري كانا ولا يزالان الأكثر تعرضا لإرهاب وإذلال السلطة الإستبدادية بين دول المنطقة وبدون منازع، وهو بلا شك الإرهاب الأوسع إنتشارا والأكثر إحكاما بين كل هذه الأنظمة. هل تعرض الشعبان المصري أو التونسي إلى مجازر مثل المجازر التي تعرض لها السوريون في حماه وتدمر؟. هل وصل الأمر في تونس أو مصر إلى أن يتحكم النظام بلقمة عيش كل إنسان كما هو حاصل في سوريا؟.

- المجموعة الثانية تتعلق بالجانب الإقليمي، وكنت قد أشرت إليه في سياق البحث أيضا، وتتمثل في أن للنظام السوري دور إقليمي لم ينته بعد.
كون هذا الدور إقليمي، يعني بالتالي أنه يجب أن يكون بالتوافق مع القوى الإقليمية الأقوى في المنطقة، اي إسرائيل وإيران بشكل خاص.
فمن غير النظام السوري سيضمن حدود آمنة مع إسرائيل فوق أراضينا المحتلة وإبقاء حالة اللا حرب ولا سلم والممانعة الخطابية المستدامة التي تعني في حقيقتها، عدم إزعاج إسرائيل على أي صعيد، للأربعين سنة القادمة. ومن سيتولى أمر الشعب السوري، الذي كان قبل أن يحل هذا النظام ويقوم بإخضاعه، يسبب قلقا دائما لدولة إسرائيل بحماسه للقضية الوطنية والقومية ومقاومة المشروع الصهيوني ودعم النضال الفلسطيني كما لم يفعل أي من الشعوب العربية الأخرى.

ومن سينوب عن النظام السوري في لعب ذلك الدور التاريخي الذي لعبه ولا يزال، في لبنان الشقيق في توضيب وضمان أوضاع تضمن أن لا يقوم لمشروع الدولة اللبنانية بعد الآن قائمة، ويبقي على تقسيمه على أرض الواقع بدعم دولة حزب الله فيه، ويحرمه بالتالي من الإستقرار والتطور الطبيعي. كل هذا خدمة لأجندته ومثيلتها لدولة الملالي الإيرانية في إبقاء النفوذ والهيمنه من ناحية وتنفيذا للمصلحة الصهيونية في القضاء على أي فرصة لإستعادة لبنان عافيته وتقدمه الذي كان يوما شوكة في عين وحلق الصهاينة الذين يريدون الحفاظ على تفردهم بالتقدم والحضارة والديمقراطية من ناحية أخرى.

من غير النظام السوري سيضطلع بذلك الدور التاريخي الذي إضطلع به النظام ومنذ تأسيسه في ضرب القضية الفلسطينية والنضال الفلسطيني بمحاولات الإحتواء وزرع الشقاق والفتن والإعتقالات وإرتكاب المجازر كلما استدعت الحاجة، ودعم وتمويل الإنقسام الفلسطيني الكارثي الحالي. وهنا أيضا لسنا بحاجة إلى عبقرية حتى نكتشف من له المصلحة ومن المستفيد من ذلك ومن الذي يخسر إن انتهى هذا الدور.

ومن غير النظام السوري سيقوم بالأدوار المشينة في إعداد وتصدير الإرهاب والإرهابيين إلى العراق الشقيق وصب الزيت على نار الحرب الطائفية والمذهبية فيه" كلما دعت الحاجة"، ولا داع للسؤال عن المستفيد.

هذه الأدوار"الخلاقة" على الصعيد الإقليمي لم تضطلع بها لا مصر ولا تونس في أي يوم من الأيام. ولهذا تحديدا تجري مكافأة النظام السوري على كل خدماته وأدواره تلك، بمنحه "رخصة" التمديد أو البقاء في الحكم.

من ناحية أخرى وفي هذا الصدد، لم أستطع أن لا ألاحظ، أن هناك ضغوط على النظام المصري والتونسي ومنذ زمن ليس بالقصير لإجراء تغييرات "ديمقراطية" تفتح المجال لبعض الحريات في الداخل. بينما لم نسجل أي ملامح لضغط من هذا القبيل على النظام السوري. لم أستطع أن لا أسجل، كيف أن وسائل الإعلام الأوسع شهرة وإنتشارا في العالم العربي، كانت تفتح مجالا واسعا نسبيا لإنتقاد النظامين المصري والتونسي ولمخاطبة شعبيهما من قبل المعارضات، في الوقت الذي لا تنشر فيه مقابلة سجلت مع أحد أبرز رموز المعارضة السورية منذ سنوات من قبل محطة فضائية "منوط بها كشف الحقائق والأسرار وخفايا الأمور".
بكلمة أخرى، أنا أعتقد أن التغيير في تونس ومصر كان يجري التخطيط له، ولكن الأحداث على أرض الواقع، وبفضل الإنتفاضتين الملحميتين فيهما، قد أدت إلى تجاوز السيناريوهات التجميلية التي كانت معدة لهما، لتتصدر القضايا التحررية الإنسانية على أجنداتهما، ويشعلا نار الثورة في نفوس جميع المنكوبين بالإستبداد في العالم العربي.

وبالعودة إلى الشأن السوري، لا بد من الإشارة إلى أن المجتمع السوري لا يزال لم يتعاف بعد من عواقب الأحداث الجلل في تاريخه الحديث ولم "يتأقلم" بعد مع الأثمان الباهظة التي دفعها في صدامه مع النظام. كما أنه لم يلتقط أنفاسه بعد في مواجهة الآلة القمعية للنظام.
ولهذا السبب أعتقد وبكل أسف، أن هذا المجتمع ليس مهيأ بعد لمواجهة على مستوى الإنتفاضة مع النظام. ولذلك فإني أعتبر دعوات إلى يوم غضب في سوريا، كالتي حصلت مؤخرا، دعوات تفتقد الحكمة وإن كانت مخلصة. المجتمع السوري سوف يحتاج أولا، وكما أشرت في بحثي سابق الذكر، إلى مرحلة من إعادة تأهيله بداية من خلال معارضة سلبية لا صدامية، لا تتطلب تضحيات كبيرة، لإعادته للإنخراط بالشأن العام ولإستعادة الثقة بالنفس والتضامن.
إن استنهاض المجتمع السوري من جديد لن يتم بالدعوات الخطابية، لن يتم بإشاعة تفاؤل لا يستند إلى واقع ملموس. إن استنهاضه يتطلب مجهودا في تدريب هذا الشارع على تجاوز الرعب المبالغ به من بطش النظام، وشرح أن هذا النظام ببساطة، لن يستطيع تكرار إرتكاب المجازر الكبرى كما حصل في السابق. تجاوز الرعب يتم بممارسة الفعل المعارض بشكل تدرجي من أبسط أشكاله بالامتناع مثلا عن السعي لإرضاء النظام وأجهزته، برفض المشاركة في مظاهر التبريك والتأييد وتعليق الصور والشعارات، المقاطعة الإقتصادية للمصالح التي تعود للرجالات المافيوية للنظام وأزلامهم، رفض مساعدة الأجهزة الأمنية وعدم ممارسة الباطنية وإغتصاب الإنسان لنفسه وكل ما يسيء إلى كرامته وضميره. هذا الفعل المعارض يمكن الدعوة إلى تصعيده ورفع وتيرته بناء على مستوى تفاعل الشارع وبحيث يكون خطه البياني متصاعدا وبدون نكسات حتى الوصول إلى مرحلة المواجهة الإنتفاضية.
إن إنتفاضة الشعبين الشقيقين في تونس ومصر تجربة نادرة ومساعدة لا تقدر بثمن للشعب السوري وبقية الشعوب العربية في نضالها ضد الإستبداد في دولها، كونها تقدم رؤية ملموسة للطريق نحو الحرية ، لكن حتى نتمكن من تمثل هذه التجربة النادرة وإسقاط قلعة الإستبداد في سوريا، سيبقى قانون التطور الطبيعي معكوسا في منطقتنا أي أن البقاء ولو مؤقتا للأسوأ.



#مازن_ميالة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان أولا - البعد السوري


المزيد.....




- إليك ما نعرفه عن اصطدام طائرة الركاب ومروحية بلاك هوك وسقوطه ...
- معلومات سريعة عن نهر بوتوماك لفهم مدى تعقيد البحث عن حطام ال ...
- أول تعليق من ترامب على حادثة اصطدام طائرة ركاب ومروحية عسكري ...
- حوافه حادة..مغامر إماراتي يوثق تجربة مساره بوادي خطير في قير ...
- كيف نجا قائد الطائرة إف-35 -الأكثر فتكا في العالم- بعد تحطمه ...
- إيطاليا تعيد كنوزا عراقية منهوبة.. قطع خلدت ذكرى من شيدوا ال ...
- FBI يستبعد العمل الإرهابي في حادث اصطدام طائرة الركاب بمروحي ...
- بعد كارثة مطار ريغان.. الإعلام الأمريكي يستحضر آخر حادث كبي ...
- جورجيا تنسحب من الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بعد مطالباته ...
- الائتلاف الوطني السوري يهنئ الشرع بتنصيبه رئيسا للجمهورية


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مازن ميالة - الإنسان أولا - البقاء للأسوأ