مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 3271 - 2011 / 2 / 8 - 17:18
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
نعوم تشومسكي : هذه هي الانتفاضة الإقليمية الأروع التي يمكنني أن أتذكرها
مقابلة مع آمي غودمان من الديمقراطية الآن
في الأسابيع الأخيرة أدت الانتفاضات الشعبية في العالم العربي إلى خلع الديكتاتور التونسي زين العابدين بن علي و النهاية الوشيكة لنظام الرئيس المصري حسني مبارك و إلى حكومة أردنية جديدة و إلى تعهد ديكتاتور اليمن بترك السلطة في نهاية فترته الرئاسية الحالية . نتحدث إلى البروفيسور نعوم تشومسكي في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا عما يعنيه هذا لمستقبل الشرق الأوسط و سياسة الولايات المتحدة الخارجية في المنطقة . عندما سئل عن ملاحظات الرئيس أوباما في الليلة الماضية عن مبارك , قال تشومسكي : "لم يقل أوباما و بشكل حذر جدا أي شيء ... إنه يفعل ما فعله قادة الولايات المتحدة بانتظام . كما قلت هناك شريط جاهز : في كل مرة يكون فيها ديكتاتور مرغوب أو مفضل في أزمة , حاول إبقاءه , احتفظ به , لكن عند نقطة ما إذا أصبح هذا مستحيلا انتقل للطرف الآخر" . نواصل الحديث مع تشومسكي ....
آمي غودمان : لتحليل الانتفاضة المصرية و دلالاتها بالنسبة للشرق الأوسط و ما وراءه , ينضم إلينا المنشق السياسي المعروف عالميا و عالم اللسانيات نعوم تشومسكي , البروفيسور الفخري في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا , مؤلف أكثر من 100 كتاب , بما في ذلك آخرها الآمال و التوقعات .
أهلا بك نعوم إلى الديمقراطية الآن ! ما هو تحليلك لما يجري الآن في مصر و ما الذي يعنيه للشرق الأوسط ؟
نعوم تشومسكي : حسنا , أولا , ما يجري هو بالفعل شيء هائل . إن جرأة و عزيمة و التزام المتظاهرين شيء رائع فعلا . و مهما كان الذي سيحدث , فإن هذه لحظات لن تنسى و سيكون لها بالتأكيد نتائج بعيدة المدى , حقيقة أنهم تغلبوا على الشرطة , و استولوا على ساحة التحرير , و أنهم باقون هناك في وجه العصابات المنظمة المؤيدة لمبارك , و التي نظمتها الحكومة محاولة إما طردهم أو إحداث وضع يزعم معه الجيش أن عليه أن يتحرك لكي يستعيد النظام و عندها يمكن حتى تنصيب حكم عسكري ما أيا يكن . من الصعب جدا التنبؤ بما سيحدث . لكن الأحداث كانت هائلة حقا . و هذا بالطبع في كل الشرق الأوسط . في اليمن , في الأردن , تقريبا في كل مكان , توجد الآثار الكبرى لها .
ما زالت الولايات المتحدة حتى الآن تتقيد بالوصفة التقليدية . أعني كانت هناك مناسبات كثيرة عندما فقد ديكتاتور ما مفضل السيطرة أو كان تحت التهديد بفقدان السيطرة . هناك نوع من الروتين النموذجي – ماركوس , دوفالييه , تشاوشيسكو , الذي دعمته الولايات المتحدة و بريطانيا بقوة , سوهارتو : واصل دعمهم طالما كان ذلك ممكنا , و عندما لا يعود من الممكن الحفاظ عليه , بشكل نموذجي لنقل مثلا عندما يغير الجيش موقفه – عندما يتحول 180 درجة , فإنهم يزعمون أنهم كانوا إلى جانب الشعب طول الوقت , امح الماضي , و بعد ذلك قم بما شئت من تحركات لتستعيد النظام القديم تحت أسماء جديدة . نجاح ذلك أو فشله يعتمد على الظروف .
و أنا أفترض أن هذا هو ما يجري الآن . إنهم ينتظرون ليروا فيم إذا كان باستطاعة مبارك الصمود , كما يبدو أن يحاول أن ينوي أن يفعل , و طالما كان هذا بمقدوره , سيقولون : "حسنا , نحن ندعم القانون و النظام , ندعم تغيير دستوري منظم" و ما إلى ذلك . أما إذا لم يتمكن من الصمود , لنقل مثلا إذا انقلب الجيش عليه , عندها سنشاهد التخلي عن هذا الروتين المعتاد . في الواقع فإن القائد الوحيد الذي أصبح بارزا بالفعل و الذي أصبح الشخص الأكثر شعبية – و هو قد يكون كذلك بالفعل – هو رئيس الوزراء التركي إردوغان , الذي هو شخص مستقيم جدا و صريح جدا .
آمي غودمان : نعوم , أريد أن أسمعك ما قاله الرئيس أوباما بالأمس .
الرئيس باراك أوباما : لقد تحدثنا دعما للتغيير . بعد خطابه الليلة تحدثت مباشرة إلى الرئيس مبارك . اعترف أنه لا يمكن للوضع الراهن أن يستمر و أن تغييرا ما يجب أن يحدث . من دون شك أن أيا منا من الذين يتمتعون بامتياز الخدمة في مواقع السلطة السياسية يفعل ذلك وفقا لإرادة شعوبنا . خلال آلاف السنين , عرفت مصر كثير من لحظات التحول . تخبرنا أصوات الشعب المصري أن هذه واحدة من تلك اللحظات , هذه واحدة من تلك الأوقات . الآن إنه ليست مهمة أي بلد آخر ليحدد من هم قادة مصر . فقط الشعب المصري يمكنه فعل ذلك . ما هو واضح , و ما أوضحته الليلة للرئيس مبارك هو اعتقادي بأن انتقالا منظما يجب أن يكون ذا معنى ( هدف ) , يجب أن يكون سلميا , و يجب أن يبدأ الآن .
آمي غودمان : هذا ما قاله الرئيس أوباما بالأمس في البيت الأبيض . نعوم تشومسكي , ما هو ردك على ما قاله الرئيس باراك أوباما , هناك خيبة أمل الكثيرين من أنه لم يطالب مبارك بالرحيل فورا ؟ الأكثر أهمية , هو دور الولايات المتحدة , لماذا يجب أن يكون للولايات المتحدة أي رأي هنا , عندما يصل الموضوع لأي درجة قد دعمت النظام ؟
نعوم تشومسكي : حسنا , كان أوباما حريص جدا على ألا يقول أي شيء . مبارك سيقبل بأنه يجب أن يكون هناك انتقال منظم , لكن إلى ماذا ؟ حكومة جديدة , بعض التعديلات الصغيرة في النظام الدستوري – هذا شيء فارغ . هكذا فإنه يقوم بما يفعله قادة الولايات المتحدة عادة . كما قلت , هناك دفتر تعليمات : عندما يكون هناك ديكتاتور مفضل في أزمة , حاول الإبقاء عليه , احتفظ به , و إذا أصبح ذلك مستحيلا في نقطة ما , انتقل للطرف الآخر .
للولايات المتحدة دور هام للغاية بشكل كاسح هناك . مصر هي ثاني أكبر متلقي طوال فترة طويلة للدعم الأمريكي العسكري و الاقتصادي . إسرائيل هي الأولى . كان أوباما نفسه داعما بقوة لمبارك . مما يستحق التذكير هنا هو أنه في طريقه إلى خطابه الشهير في القاهرة , الذي كان يفترض أن يكون خطابا تصالحيا تجاه العالم العربي , سأله أحد الصحفيين – أعتقد أنه كان من البي بي سي – فيم إذا كان سيقول أي شيء عما وصفه بحكومة مبارك السلطوية . رد أوباما , لا , أنه لن يفعل . قال : "لا أحب أن أستخدم أسماءا ( أو تصنيفات ) للأشخاص . مبارك رجل جيد . فعل أشياء جيدة . و حافظ على الاستقرار . سنستمر بدعمه . إنه صديق" و ما إلى ذلك . هذا واحد من أكثر ديكتاتوريات المنطقة وحشية , و كيف يمكن لأي شخص أن يأخذ تعليقات أوباما عن حقوق الإنسان على محمل الجدية بعد ذلك إنما هو لغز . لكن الدعم كان قوي جدا في أبعاده الدبلوماسية , و العسكرية – الطائرات التي تحلق فوق ساحة التحرير هي بالطبع طائرات أمريكية . إن الولايات المتحدة هي الداعم الأقوى , الأكثر صلابة و الأكثر أهمية للنظام . ليس مثل تونس , حيث كان الداعم الرئيسي هي فرنسا . إنهم الطرف الملوم ( المتهم ) الأساسي هناك . لكن في مصر , إنها بكل وضوح الولايات المتحدة و بالطبع إسرائيل . إسرائيل – من بين كل دول المنطقة , كانت إسرائيل , و العربية السعودية أيضا كما أظن , الداعم الأكثر وضوحا و تصريحا لنظام مبارك . في الحقيقة , إن القادة الإسرائيليين غاضبون , على الأقل يعبرون عن الغضب , من أن أوباما لم يأخذ موقفا أقوى في دعم صديقهم مبارك .
آمي غودمان : ما الذي يعنيه هذا الحديث في الشرق الأوسط يا نعوم ؟ أعني أننا نتحدث عن احتجاجات جماهيرية جرت في الأردن لدرجة أن الملك عبد الله أقال حكومته و عين رئيس وزراء جديد . في اليمن هناك احتجاجات كبرى . جرت الدعوة لاحتجاجات كبرى في سوريا . ما هي دلالات ذلك , تلك الانتفاضة من تونس إلى مصر ؟
نعوم تشومسكي : حسنا , هذه هي الانتفاضة الإقليمية الأروع التي يمكنني أن أتذكرها . أعني أن البعض قارنها بأوروبا الشرقية , لكن هذه ليست مقارنة صحيحة تماما . لشيء واحد , في هذه الحالة لا توجد هناك نسخة عن غورباتشيف لا في الولايات المتحدة و لا في بقية القوى العظمى التي تدعم الديكتاتوريات . هذا فرق هائل . الاختلاف الآخر أنه في حالة أوروبا الشرقية فقد اتبعت الولايات المتحدة و حلفاءها مبدأ بال ( عتيق , مستهلك ) بأن الديمقراطية جيدة , على الأقل لدرجة ما , إذا كانت تتوافق مع الأهداف الإستراتيجية و الاقتصادية , لذلك فهي مقبولة في مناطق العدو لكن ليس في مناطقنا . هذا مبدأ ثابت , و هو يميز بحدة بين الحالتين . في الواقع , المقارنة المنطقية الوحيدة إلى حد ما ستكون رومانيا , حيث كان تشاوشيسكو الأكثر شرا ( فسادا , قبحا ) بين ديكتاتوريات المنطقة , كان مدعوما بقوة من قبل الولايات المتحدة حتى لحظة النهاية . بعد ذلك عندما , في أيامه الأخيرة , جرت الإطاحة به و قتله , التزمت إدارة بوش الأولى بالقواعد المعتادة : ادعوا أنهم إلى جانب الشعب , و أنهم عارضوا الديكتاتورية , محاولين تدبر استمرار العلاقات الجيدة .
لكن هذا مختلف تماما . من الذي سيقود , لا أحد يعرف . أعني , أن المشاكل التي يحاول المحتجون أن يتحدثوا عنها عميقة جدا , و لن تحل بسهولة . هناك فقر مروع , قمع , غياب ليس فقط الديمقراطية بل حتى لتطور جدي . مصر و بقية بلدان المنطقة كانت تعيش في مرحلة نيوليبرالية , أدت إلى نمو على الورق , لكن مع النتائج المعتادة : تركز هائل لثروة و امتيازات ضخمة , و إفقار هائل و جزع معظم السكان . و هذا لا يمكن تغييره بسهولة . يجب أن نذكر أيضا فيما يتعلق باهتمام الولايات المتحدة , فإن ما يحدث هو قصة قديمة جدا . حتى في الخمسينيات كان الرئيس إيزنهاور ..
آمي غودمان : بقي 10 ثوان نعوم
نعوم تشومسكي : المعذرة ؟
آمي غودمان : بقي 10 ثوان يا نعوم
نعوم تشومسكي : حسنا
نقلا عن http://www.democracynow.org/2011/2/2/noam_chomsky_this_is_the_most#
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟