أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - ثلاثة أخطاء فلسفية















المزيد.....

ثلاثة أخطاء فلسفية


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 3270 - 2011 / 2 / 7 - 18:07
المحور: الادب والفن
    


ثلاثة أخطاء فلسفية
بقلم: نبيل عودة

هل يمكن أن يتفاهم أعظم فيلسوف عرفته البشرية مع حمار ؟!
صحيح أن الحمار غير عاقل مثل الفيلسوف،ولا يملك نفس ذكائه وبعد نظره وقدراته على ارباك عقول الناس.
والسؤال الذي فرض نفسه على طلاب الفلسفة: هل يمكن اعتبار الغريزة عند الحمار ، كممثل لسائر المخلوقات الشبيهة، نوع من البصيرة، التي سماها أرسطو "العقل المنفعل" مقابل "العقل الفعال" للإنسان؟
في الحالتين العقل قائم. هذه بديهية غير قابلة للنقض. ونضيف انه بغض النظر عن كونه عقلا منفعلا او عقلا فعالاً، العقل ، بصفته كتلة مادية،هو مضمون لكل كائن حي مهما اختلف تصنيفه ورقيه في سلم المخلوقات.
هذا السؤال الفلسفي أشغل طلاب قسم الفلسفة لأسبوعين كاملين. كان نقاشهم يحتد وينخفض، ترتفع اصواتهم وتبرز شرايين أعناقهم. تهدأ نفوسهم ليس استسلاما ، بل استعدادا لجولات جديدة لا تنهي النقاش ولا تصل الى موقف يجمع عليه أكثر من شخص ، او حتى نصف شخص ، لأن المتابع يلاحظ ان المواقف غير ثابتة وتتغير من ساعة الى أخرى لدى كل طالب. رغم ان الموضوع يبدو لطلاب الآداب والعلوم المختلفة مثل الفيزياء والبيولوجيا تافها ولا يستحق هذا الانشغال والنقاش البيزنطي، والعصبية التي جعلت طلاب قسم الفلسفة متنازعون مفرقون حول مسالة ثانوية في الحياة، وهناك من شبههم بالأحزاب العربية ، أو بدول العرب التي تزيد عن عشرين ولكن لا تجد دولتين على اتفاق، بل على نفاق.
ميرا قالت: ما قيمة الفلسفة إذا كانت عاجزة عن فهم عقلية الحمار؟ أو عقلة المنفعل؟! مرشد رد ضاحكاً: من يسمعك يا ميرا يظن أن الفلاسفة منشغلون بفهم نفسية الحمير، وهم بصعوبة يفهمون نفسية البشر؟!
مريد علق: أظن أن هناك علاقة لا يمكن نقضها، تصوروا فيلسوفاً عظيماً في العصر الإغريقي، حيث لا وسائل نقل متطورة... هل كان يمكن أن تنتشر فلسفتهم التي ألهمت العقل البشري حتى ايامنا هذه، وأثرت وأثرت المحيط الإنساني حتى ايامنا، واوصلتنا إلى قرننا المتطور الحضاري الحالي ، هل تتصورون انه كان سيصلنا شيئا من تلك الحضارة لولا وجود الحمير كوسائل نقل؟!
وأضاف متحمسا من الصمت غير المتوقع : بدون الحمير كوسيلة نقل كنا فقدنا التواصل مع العقل البشري وتراكم المعارف ،والآن ماذا يهم إذا كانت الحمير ذا عقل منفعل أو بلا عقل !!
زاهر قال: إذن، حسب نظرية مريد ، الحمار أفضل من إنسان عادي في نشر الفلسفة وخدمة تطور العقل البشري، فهو ينفذ إرادة أصحاب العقل بدون نقاش متعب للدماغ ، وبدون تردد او تفكير حول ما يجوز او لا يجوز ، الآن او غدا، متعب ام غير متعب ، جاهز الآن او اريد استراحة...
ميرا استفزها هذا المستوى الذي قالت عنه لنفسها انه لا يليق بطالب صف أول ، فكيف يطرحه طلاب أعظم فكر انساني ، طلاب الفلسفة؟ ولكنها غربلت الكلمات في دماغها وقالت بشيء لا يخلو من الغضب: أنتم تستخفون بأهلية الحمار المعرفية، حتى أرسطو كان يشدد القول أن لكل شيء مضمون داخلي. للشجر، للنبات، للطيور للنحل، وأن هذا جزء لا يتجزأ من الواقع. لا شيء في عالمنا ظهر إلا بسبب ضرورته. عندما تنتهي ضرورة الحمير، ستختفي عن وجه الأرض. في زمن أرسطو وأفلاطون كان عدد الفلاسفة يعدون على أصابع اليدين، اليوم في كل شارع عددا من الفلاسفة يزيدون أضعافا عن عدد كل فلاسفة اليونان ، هذا عدا المتفلسفين!!
علق زاهر: لذلك انقطعت الحمير عن مدننا، استبدلت بالفلاسفة بعضهم ذا عقل فعال وبعضهم ذا عقل منفعل.
مريد لم يعجبه الأمر، فقاطع ضحكة زاهر الفجة: أن نكون فلاسفة مع حمير أفضل من أن نكون فلاسفة بين متفلسفين بجسم بشري وعقل حمير، لأنهم عالة على الفكر الإنساني.
منيرة التي حافظت على صمتها، قالت: ليس كل ثرثرة نسمعها هي فلسفة، بدون وعي اجتماعي لا توجد فلسفة.هذا هو المقياس للفلسفة وللوعي. الوعي هو من نصيب الانسان فقط ، وهذا المميز الكبير والهام . فهل للحمار ، او غيره من الدواب، وعي اجتماعي؟وهل للقاصرين في فهم الواقع، وعي اجتماعي، وهل كل ثرثار يعي ما يقول؟!
سعدت ميرا بتدخل منيرة وسارعت تقول: الآن بدأنا في الفلسفة الحقيقية. شكراً يا منيرة... كلامها يعني انه بدون وعي للمفاهيم العامة عن عالمنا،عن مجتمعنا ، ومكانتنا كبشر في هذا العالم. سنظل أقرب إلى الحمير في وعينا وفهمنا للحياة ولدورنا في الحياة. أليس كذلك يا منيرة؟
هزت منيرة رأسها موافقة: بالضبط!!
كلمات منيرة فرضت صمتا طويلا بمقياس طلاب الفلسفة،عندما أستمر الصمت لفترة تعتبر تجاوزا غير عادي، أضافت: اسمعوا هذه الحكاية عن الفهم الفلسفي لمضمون الأشياء:
سافر زوجان فيلسوفان إلى سويسرا لقضاء عطلة في جبال الألب الساحرة. استلموا غرفهم في الفندق، الزوج جلس كئيباً بعض الشيء، مقارناً بين زوجته والصبايا المتزلجات على الثلج ولماذا هناك اختلاف صارخ في المضامين والشكل ، ورغم الفجوة المعرفية الفلسفية الكبيرة بين زوجته والصبايا المتزلجات الا انه كان يفضل صبية لا تعرف من عالمها الا اللعب والضحك عن زوجة فيلسوفة بلا جمال تحلل أعقد قضايا الفكر العالمي للإنسان. وقال لنفسه: رغم التصنيف الواحد ، وعلاقة ذلك بالفلسفة ، ترى من الغبي الذي قال أن جمال العقل يفضل عن جمال الشكل؟.
كان مستغرقا في تفكيره حين لعلع فجأة صوت زوجته :
- أنظر أنظر زوجي العزيز ... أرى غزالاً من النافذة.
نظر الزوج إلى حيث تشير زوجته، وابتسم بحيرة ورد على زوجته :
- يا زوجتي العزيزة، رؤيتك فيها خطأين فلسفيين كبيرين. الخطأ الأول ما تنظرين إلية عبر النافذة هذه بقرة ضخمة، والخطأ الثاني أنت لا تنظرين عبر النافذة، بل تنظرين إلى المرآة في الغرفة.

ردت عليه غاضبة من الاهانة المبطنة التي طالتها:
- كم أشعر بالأسف لأني تزوجتك، كان أفضل لو تزوجت من الشيطان نفسه.
فرد الزوج:
- يا عزيزتي، هذا خطأ فلسفي ثالث. يعبر عن ضعف الوعي الاجتماعي، ويقلل من شأن عقلك الفعال. ألا تعرفين عزيزتي أن الزواج بين الأخوة ممنوع؟!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملاحظة: تصرفات الرئيس الديكتاتور حسني مبارك أوحت لي بهذه القصة. لشدة التطابق بين عقله الانفعالي ونظامه الانفعالي .. والعقل الفعال للشعب المصري . حتى الرئيس التونسي، استعمل عقله الفعال للحظة ورحل إلى غير رجعة.

[email protected]
www.almsaa.net



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في وداع الصديق ورفيق الدرب والأديب المبدع عفيف صلاح سالم
- بعيدا عن السياسة - قريبا للهم الثقافي
- مداخلة حول طروحات المفكر سلامة كيلة - من هو الشيوعي اليوم؟
- رؤية سياسية: أشكنازي هو الزعيم القادم لحزب العمل
- المناضل الوطني أحمد جربوتي، في كتابه الجديد عن عبد الناصر يح ...
- العرب والمؤامرات - هل من دور عربي في مواجهتها؟!
- من السهل بدء انقلاب في لبنان - من الصعب انجازه!!
- الانفصال في السودان: نهج سيتسارع في الواقع العربي البائس!!!
- التباس الوعي القصصي
- المسيحيون في الشرق: هل هم المشكلة او الغطاء لمشكلة الانظمة ا ...
- العنصرية.. وباء أخلاقي، اجتماعي، ثقافي وسياسي
- العرب قضية أمنية بنظر حكومة نتنياهو
- لغتنا العربية وهويتنا القومية ؟
- كورنت- 30 كيلو غرام يدمر دبابة 100 طن
- انجاز فلسطيني مرحلي هام: إجماع دولي واضح ضد الاستيطان وضد سي ...
- الحاخامات أيضا يتكلمون باسم الرب !!
- - صارخ ٌ في البرِّيَّة - للشاعر شفيق حبيب
- متى نغير مجتمع الكوتات النسائية؟!
- ثقافتنا تغير شكلها
- سميرة تفسر علم المنطق


المزيد.....




- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - ثلاثة أخطاء فلسفية