أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - المسحوق الأردني














المزيد.....

المسحوق الأردني


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3270 - 2011 / 2 / 7 - 10:31
المحور: كتابات ساخرة
    


تقول أمي بأنها تتمنى أن ترى لي قميصاً أو بنطلونا لا يوجد عليه بقعة حبر وليست أمي الوحيدة التي تحاول سحق ملابسي والبقع الزرقاء عنها وليست الوحيدة التي تعاني من أقلام الحبر التي تفيض على جيبة الصدر القريبة من قلبي فالحكومة الأردنية أيضا تعاني من نفس المشكلة ولديها خبراء كيمائيون في كل يوم يطورون مواد جديدة كيميائية من أجل إزالة بقع الحبر عن ملابس الأطفال , فمنذ الطفولة وهم يحاولون إزالة الأحبار عن ملابسنا ولكن المفاجأة الأخيرة في كل مشوار نذهب به للسحق هو أنني أنا والشعب المسحوقين أولا وأخيرا , فآخر مسحوق كان مستوردا من الصين من أجل سحق البقع الخضراء والزرقاء والسماء الصافية ومن أجل ازالة الصفحة البيضاء من حياتي وحياة الأردنيين وقبل ذلك ظهر مسحوق جديد وكان اسمه (مُضر) هذا المسحوق كان قد أضر بالزرع وبالطلع وبالهواء الذي نشمه ومن ثم ظهر مسحوق اسمه (الكبريت) هذا الذي أعطى الشعلة لرغيف الخبز بأن يحترق وبأن ينتحر كل من يحاول الإمساك به, ومن ثم ظهر( الهالك) أو (المُهلك) فهذا أيضا يهلك الصراصير التي تنتشر في المدينة أو التي تصقصق أو تصرصر فلا يستطيع المسئولون الكبار في حارتنا أن يناموا لذلك طورت لهم الحكومة (الهالك والمُهلك) ومن ثم أحضرت لنا المبيد الجديد ليس بقوة واحدة فعالة بل بثلاث قوات فعالة ويزيل حتى (حَبْ الشباب) عن وجوه المراهقين, وعرفت طوال حياتي في الأردن شتى أنواع المبيدات الحشرية والبشرية وتعايشت مع غالبيتها وعانيت ُ من أكثرها فهنالك من كان يحاول زحلقتي بطريقة سلمية وهنالك من كان يحاول سحقي بقدميه نهائيا وإنزالي تحت الأرض وهنالك من كان يضع الخطط الخمسية من أجل تنظيف الأردن من أمثالي المخلصين لوطنهم وأمتهم وأهلهم وإخوانهم, والحمدُ للرب أن كل المحاولات التي تعرضت لها كانت تزيدني قوة على قوة وكنت وما زلتُ في كل يوم أكبر بنظري أنا أولا ومن ثم بنظر المخلصين من الأردنيين الشرفاء وكل محاولات سحقي بالثلاثي وبالرباعي وب(ريد) وب(بف باف) وبالمناسبة كان في ذلك الوقت يبث التلفزيون الأردني لهذا المُبيد دعاية ما زلت أذكر السيناريو الخاص بها :

- سيدي .

- ماذا هنالك؟

- سيدي جسم طائر يتجه نحونا

- حسناً...أطلق بف باف الأصفر.

ومن ثم يظهر صوت انفجار كبير وبعد ذلك يظهر صوت مقدم الدعاية وهو يضع بالمبيد على الطاولة قائلا بصوت عالي وكأنه في معركة: لا شيء يقاومه الآن أطلبه من كافة المحلات التجارية.
كانت كل تلك المحاولات على الدوام تزيدني إصرارا حتى محاولات رشي من بعيد والتعامل معي كما يتعاملون مع الحشرات كل تلك المحاولات كانت تؤكد لي بأنهم ليسوا أردنيين على الإطلاق فلا يوجد أردني أصيل يبيد أهله ويستخدم ضدهم مساحيق الوجه والعينين ومساحيق الحشرات فلا أحد يتعامل مع الناس وكأنهم حشرات إلا الحشرات نفسها.

أنني أنا المسحوق في أسواق الخضار والألبان ومحلات بيع الدواجن فاليوم بالذات تعرضت لعملية سحق غير طبيعية من قِبل صاحب محل لبيع الدواجن حيث اشتريت دجاجة ب3 دنانير أردنية ونصف عدا ونقدا وهذا الرقم بالنسبة لي رقم ساحق قد سحقني وجعلني بحجم رأس دبوس أمام التاجر وأمام أولادي .

وكذلك إن لزم الأمر فإن الساحق الأردني الجديد يستطيع أن يسحق البقع الصفراء والحمراء والخضراء ويستطيع أن يسحق الإنسان سحقا كاملا إذا تعرض لأي شمة منه أو لعقة من تلك المساحيق المصنعة مخبريا فالجوع أيضا مسحوق جديد يستخدمونه ضدي وضد كل الأردنيين فهنالك في الأردن من يحاول سحقنا بالجدع بدل محاولة اعتقالنا فاعتقالنا يسيء إلى سمعة الدولة الديمقراطية ويعني الجماعة خايفين على سمعتهم وكأن سمعة بلدنا أفضل من سمعة سويسرا, فلماذا يخافون على سمعتهم يجب أن يعتقلونا ويزجونا في السجون لأن تجويعنا عذاب لنا أكثر من عذاب السجون وعلى فكره من الممكن للإنسان أن يجوع وهذا شيء طبيعي ولكن غير الطبيعي هو أن ترى ولدك وفلذة كبدك يصرخ من الجوع ولا تملك بجيبك ما يسد جوعه سواء أكان جوعه للعب أو للخبز, ومن الممكن أن تفكر بحرق نفسك وحرق البلد معك إذا رأيت ابنتك تبكي على لعبة رأتها بيد ابنة الجيران.

وهنالك مسحوق أو ساحق سام جدا وخطير ويُنصح بتركه بعيدا عن الأطفال لأنه يسيء للطفولة , وعلى فكره دائما ما يعرض التلفزيون الأردني كافة أنواع المساحيق التي تسحق وتزيل حتى البقع المستعصية عن الملابس وغسل أي شيء وأن يزيل بقع الحبر من على قمصاني وبيجاماتي الشتوية والصيفية فأمي أمضت عمرها وهي تعاني من أقلام الحبر التي تفيض دائما بلونها الأزرق والأسود والأحمر على ملابسي لذلك دائما ما تبحث عن مساحيق جديدة تسحق ملابسي وتسحقني سحقا, وكلما ظهر على شاشة التلفزيون دعاية لإحدى المساحيق تناديني لتقول لي (شايف هذا هو الحل) فأقول : ليش بدكوا تسحقوني أو تسحقوا الحبر الذي يعطرني أنا أكون سعيدا جدا ومنتعشا جدا كلما شممتُ رائحة الحبر وهي تنبعث من جيوبي.
وصدقوني أنني لا أهزأ وأنني لا أتمصخر ولا أسخر ولا أتهكم على نفسي ولا على أحد وصدقوني كل من يعرفني يعرف عني هذه الحقيقة وهي أن جميع قمصاني وملابسي عليها ألوان من أقلام حبر فائضة رغم أن ملابسي كلها عبارة عن بدلة صيفية وبدلة شتوية وبنطال واحد لا أملك غيره دائما على جيبته اليمين لون حبر أزرق فائض وعلى الجيب اليسار نفس الشيء.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فشل المخابرات
- ارحلو نريد أن نرى وجه ألله
- حفلة وداع وتعارف
- اصلاحات جلالة الملك
- مبروك الحكومة الجديدة
- المساعدات الأمريكية
- أكثر شخصية مكروهة في الوطن العربي
- من يسقط النظام؟
- مخلوق للكتابة
- من يحمينا؟
- المحبة تُغير شكلي
- هل تحبني حبيبتي؟
- شرف المهنة
- عُقدة التفوق
- الخطية
- من أجل كيلو طحين
- سياسة الرفع
- الاختبار الصعب
- هل أحرق نفسي؟
- انتفاضة البسطات


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - المسحوق الأردني