|
الإقتصاد نقطة ضعف نظام مبارك
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3268 - 2011 / 2 / 5 - 18:07
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
نحن مع حماية كافة الممتلكات ، العامة ، و الخاصة ، أيا كانت طبيعتها ، ليس فقط لأننا نريد لثورتنا أن تظل سلمية لتفخر بها الأجيال القادمة ، و لكن لأننا ، من حيث المبدأ ، ضد العنف ، و التخريب ، و لأننا أيضا واقعيين ، واعين ، نريد للثورة أن تنجح ، بتفويت الفرصة على نظام مبارك الذي يسعى لجرنا للعنف ، و التدمير ، و وصم ثورتنا بالتخريب ، و الإرهاب ، حتى يصبح بمستطاعه أن يخمدها بالقوة ، التي لا يعرف سواها ، و هو ما سبق أن ذكرته في السابع و العشرين من يناير 2011 . مقدمة أراها ضرورية ، حتى لا يُساء فهم ما سيأتي به المقال ، و حتى لا يحاول أحد تشويه رسالة المقال ، بلي معناها ، و حرفها عن مغزاها الأصلي . في هذه الآونة ، و بعد أن تعدت الثورة يومها العاشر ، كثر الحديث عن التأثير الإقتصادي السلبي لثورة الشعب المصري ، على الإقتصاد المصري . كثر الحديث عن الخسائر الإقتصادية اليومية للإقتصاد المصري ، و التي وصلت إلى أكثر من ثلاثمائة مليون دولار يوميا ، كما يقولون . نظام مبارك يعتقد أنه بالتركيز على تلك الأخبار سيجعلنا نتوقف ، نتيجة شعورنا بالخوف ، أو الخجل . نظام مبارك يريد اللعب على مشاعر الوطنية المصرية ، أو مشاعر الخوف من المستقبل ، حتى نوقف ثورتنا . لكننا لن نوقف ثورتنا ، حتى لو وصلت الخسائر لأضعاف ذلك الرقم ، و ذلك للأتي : أولا : إننا نمارس الطريقة الوحيدة المشروعة المتاحة لدينا لإسقاط النظام . نحن نتظاهر ، لأننا نريد تغيير النظام الذي حكمنا ثلاثين عاما تقريبا ، و ليس تخريب الإقتصاد . لم نذهب للإحتجاج بهدف تخريب الإقتصاد ، إذا نيتنا سليمة ، و مشروعة . ثانيا : إننا ، في غالبيتنا الساحقة ، لم نذق ، و لم نر ، أي ثمرة لذلك النمو الإقتصادي ، الذي طنطن له النظام ، و طبل ، و زمر ، و رقص ، لسنوات ، و لطالما أشادت به المجلات الإقتصادية العالمية ، و منتديات النخب ، مثل منتدى دافوس ، و غيره . الشاب الذي لا يعمل منذ تخرج منذ عشر سنوات ، لم يذق ثمرة نمو إقتصاد نظام مبارك ، بل ذاق المر . و تجرع المر معه ذاك الذي يعمل في وظيفة لا تناسب مؤهله ربما لأكثر من عقد ، و ذلك الذي يكاد يقتل نفسه بالعمل في وظيفتين بدوام كامل في الإثنتين . الفتاة التي تأخر عنها قطار الزواج ، و ربما فقدت الفرصة في الإنجاب ، بسبب الأزمة الإقتصادية المستمرة منذ ثلاثين عاما ، لا تعرف شيء عن النمو الذي تحقق ، و لا تخاف بالتالي أن يتأثر ذلك النمو ، و بالتالي لا أعتقد إنها ستوقف مشاركتها في الثورة بسبب تلك الأنباء التي تقلق نخب النظام . و مثلها الفتاة المتخرجة حديثا ، أو الطالبة ، التي تخاف أن تلحق بها . الأب الذي لا يشتري اللحوم الحمراء إلا مرات معدودات في العام لأطفاله ، حتى يعرفوا ما هي اللحوم الحمراء ، شكلا ، و مذاقا ، هو أيضا لا يهمه إقتصاد نخبة نظام مبارك ، و لا يعنيه خسائر إقتصاد تلك النخبة ، و بالمثل للمتقاعد الذي لا يعرف أينفق جنيهاته القليلة على الغذاء ليبقى حيا ، أم الدواء ، ليخفيف آلامه ، لأنه لا يملك ثمن الإثنين . الطالبات ، و الطلاب ، الذين يعايشون مقاساة أسرهم في تدبير أمر الحياة اليومية ، و يرون مقاساة نظرائهم الذين سبقوهم في التخرج من الجامعات ، و المعاهد ، و المدارس الفنية ، هم أيضا لا يرتعدون عندما يسمعون رقم الثلاثمائة مليون دولار كخسارة يومية . كل هؤلاء لا يهمهم أن يخسر الإقتصاد ثلاثمائة مليون دولار يوميا ، لأنهم إما خسروا حياتهم بالفعل ، أو قسط كبير منها ، حياتهم التي أصبحت بفضل نظام مبارك كابوس مستمر ، و إما يخافون أن يخسروها كما خسرها آبائهم ، و أمهاتهم . هؤلاء هم المتظاهرون ، الذين يقفون الأن أمامك الأن يا مبارك . لم نكن يوما شركاء في الأيام الحلوة التي مرت على الإقتصاد المصري . لم نذق طيب مذاق النمو الإقتصادي في الأعوام الماضية ، فلماذا نخاف عليه اليوم ؟ ما يهمنا هو نوعية حياتنا التي نعيشها ، لا ما يكتب في الصحف ، و يذكر في دافوس . لا نخاف أن تنقص حصيلة ما يصب في جيوب الأسرة الحاكمة ، و كبار رجال الأعمال غير الشرفاء المرتبطين بنظام مبارك . أمثال عز ، و ساويرس ، و طلعت ، و أبو العينين ، و بالتأكيد النجلان ، هم الذين عليهم القلق من تلك الخسائر الإقتصادية . ما يقلقهم ، لا يقلقنا . ليس لدينا ما نخسره . هل فهمت تلك الجملة الخطيرة ، التي تحدد كل شيء . هل ستهددنا بوقف رواتبنا ، و معاشات تقاعدنا ، يا حسني ؟ إفعلها لو كنت رجل . هل ستوقف الرغيف المدعوم يا عمر ؟ إفعلها لو كنت رجل . هل ستقطع عنا الماء ، و الكهرباء ، يا جمال ؟ إفعلها لو كنت رجل ، و ابن رجل . هل ستوقف الموصلات العامة ، و ترفع سعر البنزين ، و الغاز ، يا علاء ؟ إفعلها لو كنت رجل ، و ابن رجل . هل ستصرخ يا عز ، إرفعوا أسعار الأغذية ؟ أفعلها لو كنت رجل . مبارك يظن إنه بالنفس الطويل سوف يجعلنا نمل ، و ننفض . لا ، لن نتوقف ، لإننا معاندين مثله ، كما إننا إكتشفنا نقطة ضعف ذلك النظام ، و بفضله هو . هذه الخسائر التي يتحدث عنها نظام مبارك ، و جمال ، و سليمان ، هي نقطة ضعفه . لنجعل إقتصاد يخسر ، فهو ليس إقتصادنا ، إنه إقتصاد آل مبارك ، و سليمان ، و شفيق ، و عز ، و ساويرس ، و أبو العينين ، و غيرهم ، فليخسروا ، فقد خسرنا ما هو أغلى . هذا لا يعني أبدا إننا لسنا حريصين على الإقتصاد المصري ، بل على العكس ، نحن حريصين على الإقتصاد المصري ، و لكننا نريده بالفعل مصري ، للمواطن المصري ، و ليس لبعض اللصوص الذين يحكمون مصر . نحن نريد بناء مصر قوية إقتصاديا ، تصل فيها ثمرة الإزدهار لكل مواطن مصري جاد ، و شريف . أما الأن ، فقد خسرنا حياتنا ، خسرنا الأمل لأطفالنا ، خسرنا الفرصة الجيدة لشبابنا ، و لهذا سنظل معتصمين ، حتى يستسلم نظام مبارك ، أو يفلس ، ليستسلم أيضا . لا بديل عن إستسلام ذلك النظام . سنرى من ستنكسر إرادته أولا ، شعب مصر ، أم أنت يا مبارك ، و نظامك .
05-02-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يا أهل الصعيد ، سيخجل منكم أحفادكم
-
الثاني من فبراير يحمل بصمة جمال مبارك
-
لم يبق إلا القليل ، فإلى مزيد من التصعيد
-
كيف يتعامل الإعلام الروماني مع الثورة المصرية ، تجربة شخصية
-
حمداً لله إنه غبي ، الخوف هو من طعنة في الظهر
-
خطاب لا يقبله سوى الخونة ، و لا يصدقه إلا البلهاء ، الثورة ي
...
-
أيها الضابط الصغير ، هل فكرت في مصيرك ؟
-
في سلوكنا الحضاري إستمرارية الثورة و نموها
-
حتى نضمن نجاح ثورتنا
-
الأهمية الإستراتيجية لمصر ليست عقبة في طريق التغيير
-
القتل في الفقه السعودي
-
ثورة لا تُمنع و لا تُخمد
-
للشعب التونسي : أكمل ثورتك ، و لا تسمح بإليسكو تونسي
-
هيلاري لم تفهم ثورة الشعب التونسي و رسالته للعالم
-
تشابهت الأخطاء في السودان و النتيجة واحدة
-
لا تقلق يا زين ، فالإخوان أقصاهم سياسياً المباركة
-
هل يملك آل مبارك أنفاق في رفح ؟
-
العراق بين الذئاب
-
المراقب الأهلي الأجنبي ممكن أن يكون تركي أو عراقي أو برازيلي
-
ليس منا من يمارس العنف ، أو يهدد به ، أو يروج له
المزيد.....
-
ترامب: لا ناجين في حادث اصطدام الطائرة بالمروحية فوق نهر بوت
...
-
مغنية راب سودانية.. صوت يصدح أملا في زمن الحرب
-
غزة تشهد إطلاق سراح رهائن إسرائيليين جدد من أمام منزل يحيى ا
...
-
سلوان موميكا.. مقتل حارق القرآن في بث مباشر على تيك توك في ا
...
-
هل تمكّنت إسرائيل من إضعاف حماس عسكرياً؟
-
كيف استطاع أحمد الشرع أن يصل إلى رئاسة سوريا؟
-
من دمشق.. أمير قطر يدعو لحكومة -تمثل جميع الأطياف- في سوريا
...
-
ترامب: ليس هناك ناجون في حادثة تحطم الطائرتين فوق مطار ريغان
...
-
بن غفير: إطلاق سراح الرشق والزبيدي شهادة على الاستسلام ويجب
...
-
حافلات تقل سجناء فلسطينيين أفرج عنهم تغادر سجن عوفر الإسرائي
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|