|
إلى الجيش المصري: تمنوا الموت أو انتحروا
منال نصر الله
الحوار المتمدن-العدد: 3267 - 2011 / 2 / 4 - 10:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحية للجماهير التي تقاتل لتصنع مستقبلها بأيديها، وتحية لأرواح الشهداء، الذين قدموا أرواحهم قرابين ليثبتوا إنهم يرفضون واقعهم المر والمفروض عليهم تحت قمع الحكام الطغاة. يحز في نفسي، أن أرى هذه الصور التي تبث على القنوات الفضائية عمّا يجري في مصر من ذبح للأحرار والمضحين في سبيل الحرية. وبعد أن دخلت الاحتجاجات يومها العاشر، لم يعد بمقدوري رؤية الدماء البريئة تراق وبشكل بشع، لا لشيء إنما لقول كلمة "لا" للطاغية. إنهم يقتلون على أيدي حفنة من المتزمتين والانتهازيين، هم مجموعة أرجعت مصر إلى الخلف آلاف السنيين. هذه الطغمة الحاكمة، تعتبر نفسها الأطناب التي تمنع أن تقع السماء على الأرض فتبيدها، ويتصورون أو صور لهم البعض، إنهم ثلة تقية، نقية، إن ذهبت فلن ترى مصر يوما من الاستقرار والأمان، وكأن الأمهات لم تلد سواهم. إنهم يسخرون من عقول وإرادة الشعب المغلوب على أمره، من زمن لا يمكن تحديده. لقد قالها قبلهم عدي ابن صدام حين اجتمع بمجموعة من الشباب (إن لم تخني الذاكرة)، قال قبل دخول أمريكا بقواته وأعوانه العراق: إن الأرض ستتفجر تحت أقدامهم)، طبعا لم يقرأ الغيب، بل كان قد تم التحضير، لمن تسول له نفسه أن يلفظ كلمة "لا" أمام جبروتهم. لقد حصل ما قاله لكن الأرض تفجر تحت أقدام العراقيين، وأولاد الثكلى، وليس تحت أقدام قوات الناتو. الآن ما يحدث في مصر هو عبارة عن سياسة الأرض المحروقة، لكن ليس برغبة وأمر من حسني مبارك،لا، إنما بأمر مِن مَن ولاه على شعبه، وسانده ليحكم 30 سنة، ودعمه ليفصل الدستور على مقاسه. ويمكن أن نقول إنه مجبر على البقاء، في الحكم، بعد أن نفذت الأخبار من مكتبه بأنه كان يحاول توريث ابنه الحكم، وخاصة بعد أن أجري له العملية الأخيرة في ألمانيا. مع بالغ احترامي لشعوبنا ولدماء الشهداء، إلا أن هذه الموجة من الثورات التي حصلت، والتي سوف تحصل لا محالة، في دول عربية أخرى، لن تحصل فيها تغيرات جذرية للأنظمة، إنما يتم التغيير في شكل الحكومات، وذلك على مدى قريب في الدول العربية، وفي الشرق الأوسط على المدى الأبعد. وإنها تحمل طابعا واحداً، وهي مكملة لما حصل في العراق، بعد التدخل المباشر من قبل الناتو. وإن تصرف الجيش أبان الثورة التونسية التي لم تطرح بعد بثمارها، ثم في مصر، لهو دليل على أن منظومة الجيش سوف لن تتغير، أي أنه تمت الاستفادة من التجربة المرة، من حل منظومة الجيش العراقي. ما يقال هو، إن ما يحصل من التغيرات يمكن اعتبارها مجرد تغير لديكور البيت العربي، إن لم تصر الجماهير العربية على موقفها، في طلب التغير، وزيادة سقف الحريات، وتسليمهم مقدراتهم بأيديهم، وخاصة الاقتصادية منها. فإن البنيان المرصوص للمستعمرات، لا يمكن تغيرها من الأساس، وإلا فما جدوى الاستعمار، للمستعمرين. وطبعا مصر هي حالة خاصة، نسبةً إلى معاهداتها المبرمة مع الجارة الإسرائيلية. ومن كمية الخسائر في الأسواق المالية العربية خاصة، نعرف قيمة مصر اقتصاديا، وأول الخاسرين كان السوق السعودية، التي تستثمر نسبة كبيرة، من أموالها في مصر، وبالخصوص بعد الخصخصة، التي دقت المسمار الأخير في نعش آمال الفرد المصري، بانتعاش الاقتصاد المصري، لصالحه. ففي الأيام الأولى من الانتفاضة المصرية البطلة، حاولت قناة العربية، التخفيف من أهوال ما يحصل في مصر، كي لا تنعكس بآثارها على الأسواق المالية، على أمل تدارك الأمر، ولأسباب أخرى بالتأكيد، كمخاوف النظام السعودي، من انتقال العدوى عبر الحدود،ووو، لكن الشمس لا تحجب بالغربال. لقد أدت قناة الجزيرة، على الضفة المقابلة، بتغطية الأحداث لا بل بتأجيجها. وبالطبع هذا الموقف تشكر عليه الجزيرة، وإن كانت أهدافها لا تمت لمصير شعوب المنطقة بصلة. وعلى غفلة من الأحزاب المصرية الغارقة في عنتريات " مصر العروبة" قامت الجزيرة ما لم تقدر عليها اكبر الجيوش. لابد أن حصة الجزيرة من المسؤولية في حملة "التغير" هذه تفوق ما قدمه الجيش المصري، من دعم ، ومساندة، بمختلف أنواعه، لقوات الناتو، خلال اجتياح العراق من قبل تلك القوات. وحتى تفوق ما حملت الجزيرة نفسها، من ترويج للجهاد، الذي كان يذهب أبرياء العراق، ضحايا له. حين كان طقم الجزيرة يجاهدون، في تصوير ما يحدث، في العراق هو جهاد، ومقاومة، وعندما سئل الحداد ( وهو احد صحفيي الجزيرة) عما كان يسمى بالمقاومة، لماذا تقتل العراقيين دون القوات المحتلة، أجاب أن العراقيين يتقاتلون بينهم، ويفجرون بعضهم بعضا. الجزيرة مشكورة، أنها تحاول استنهاض الشباب العربي، وقد تلعب بالنار، إذا ما استمر هؤلاء الشباب يطالبون، بتغيرات حقيقية، وليس بإرغامهم على القبول بأجندات غربية وغريبة. يمكنني القول، إننا نشهد الحرب العالمية الثالثة، ليست على مستوى الجيوش، والمعارك التقليدية، إنما هي حرب يحمل أوزارها أولا وآخرا الشعوب. ويشهد على ذلك الدفاع المستميت لفرنسا، للإبقاء على حكومة الغنوشي، التابعة لها، مقابل الدفاع الأمريكي على "حق " الشعب التونسي في تقرير مصيره، والمساعدة الأمريكية للجيش التونسي، في الأخذ بزمام الأمور قبل وبعد هروب بن علي. والسيناريو الجديد، كالعادة يعطي الجيش السلطة، ليس بالانقلابات هذه المرة. إنما بإعطائه الدور الباهت والمخزي الذي يلعبه الآن في مصر، وقبله في تونس، فهم يقفون متفرجين على وديان حفرت بدماء إخوتهم من الأحرار، الذين تجرءوا أخيراً على قول كلمة " لا" للحاكم الظالم وأجهزته القمعية. فالأحرى بالجيش المصري، أبناء الفراعنة، كما ينعتون أنفسهم، أن ينتحروا على أن يتلقوا الأوامر من الخارج، وأن يشاهدوا إخوتهم الشجعان تحت سياط الشرطة، هذا الجهاز القمعي، الذي طالما قتل الكثير من أبناء مصر بدم بارد، تحت التعذيب. إن هذا الجهاز يحير العقل إلى درجة لا يمكن معها، أن نتصور إنهم يمتون لمصر والمصريين بصلة، ولا يمكن أن نتصور إنهم يشربون من النيل. إنهم عبارة عن جلاوزة تستخدمهم السلطة كما ال...... لقمع الشعب. وهناك نقطة لابد من ذكرها، وهو أن الإرادة الخارجية، قد استفادت أيضا من تجربة بن علي هذه المرة، فقد عين مبارك من يستخلفه، ومن أعضاء أجهزة القمع وليس الأمن كما تسمى، لتمتلك الشرعية ولا يختلف عليه بعد فراره، كما الغنوشي، الذي جاء بقصاصة من الورق ليقرأها وكأنها منزلة من السماء، ليثبت أحقيته في استلام السلطة. سلمت يداكم يا بنات وأولاد مصر، لقد أثبتم أن المستبدين و الظلمة والقتلة يخشونكم، ويخشون من غضبتكم، لقد كحلتم عيون الشمس بدماء الشهداء، ضيقوا الخناق على من يريد وأد ثورتكم، وليهربوا إلى رمال الصحراء، ليغمروا رؤوسهم فيها هربا منكم، فأين يذهبون؟؟؟
04-02-2011
#منال_نصر_الله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأقليات الدينية والعرقية ترسم خارطة جديدة للعالم العربي
-
لنا ديننا ولهم دينارنا
-
صعود اليمين و تصعيد الكراهية ضد المهاجرين
-
أحزاب المقاولين ونعمة النسيان
-
تلميع وجه الرأسمالية بعرق العمال
-
بصمة مهاجرين عراقيين على الانتخابات السويدية
المزيد.....
-
تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س
...
-
كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م
...
-
أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
-
ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو
...
-
ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار
...
-
بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
-
-من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في
...
-
مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس-
...
-
حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال
...
-
فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|