|
الشيخ صالح العبيد: إذا حدّث كذب!
علي فردان
الحوار المتمدن-العدد: 976 - 2004 / 10 / 4 - 07:54
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
مصداقية الشيخ الدكتور عبدالله بن صالح العبيد رئيس اللجنة "الأهلية" لحقوق الإنسان على المحّك، فهو بين أمرين، أولهما المحافظة على منصبه والذي تم رفعه إلى مستوى وزير وما لذلك من مزايا دنيوية يجنيها أو أن يكون له ضمير ومشاعر تحتّم عليه الصدق فيما يقول، وقد اختار الشيخ العبيد أن يكون منافقاً. لا زلت أتساءل كيف تمّ تسمية اللجنة بالأهلية وهي حكومية منبثقة من وزارة الداخلية، ورئيسها يستلم راتبه من الحكومة وأصبح بوقاً مدافعاً عن الحكومة الجائرة بدلاً عن المظلوم؟ في حديث لرئيس اللجنة "الأهلية" حول تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في السعودية، قال العبيد لصحيفة الوطن اليوم "أن أياً من هذه الجهات لم تثر مسألة الحريات الدينية في السعودية"، ويعني الشيخ الجهات المتضررة، مثل المسيحيين وغيرهم، وكذلك الشيعة. يبدو أن الشيخ والذي برتبة وزير لم يطّلع على تقارير منظمة هيومان رايتس ولم يطّلع على الشكاوى التي تظهر بين الحين والآخر حول الاعتداءات التي يتعرض لها الأجانب والمواطنين من غير أتباع المذهب الوهابي من مضايقات وحبس وتعذيب. هل يحتاج الشيخ لدليل، هنا لن أتكلم هنا عن الأجانب، بل عن الشيعة فقط، لأني منهم، ولأن قضيتنا أصبحت معروفة للمجتمع المحلّي والعالمي. هل يعلم الشيخ عن حوادث التضييق على الشيعة في الأعمال وطردهم، ومنعهم من بناء المساجد والحسينيات؟ هل يعلم أن شيعة الأحساء لا يستطيعون الجهر بقول أشهد أن علياً ولي الله، ولا بقول حيّ على خير العمل في الأذان؟ هل يعلم أن شيعة المدينة المنورة يخفون تشيّعهم ويتظاهرون بأنهم سنّة خوفاً من التمييز ضدّهم؟ هل يعلم أن شيعة نجران يعانون ليس فقط من التمييز بل من التطهير العرقي؟ ويطالب الشيخ العبيد بأن تقوم "الجهات المعنية في السعودية والدول التي تطرق إليها التقرير الأمريكي الخاص بالحريات الدينية الالتقاء بمعدي هذا التقرير"، وهذا ما حصل خلال إعداد التقرير وكانت المماطلة والتهرّب هي الطريقة المناسبة للمسؤولين الحكوميين السعوديين الذين لم يستطيعوا الإجابة على أيٍ من الاتهامات، وهذا ما ذكره التقرير في ثناياه وفي آخره. بمعنى أن التقرير لم يظهر دون تواصل مع الجهات الحكومية السعودية، بل بعد أن فُقِد الأمل في التجاوب منها. ويضيف الشيخ "إلى أن أصحاب هذه المذاهب لم يتذمّروا من أوضاعهم"، وهذا كذب أولاً كما أنه عذر أقبح من ذنب. أين يذهب المتضرر من الأجانب إذا كان الخصم هو الجلاّد؟ والدليل وجود هذه اللجنة برائحة المستنقع الآسن، فإذا كان هذا رد مسؤول لجنة حقوق الإنسان، فكيف سيكون رد الجهات الأمنية؟ أصحاب المذاهب لم يتذمّروا فقط، بل اشتكوا وقضايانا نحن الشيعة وصلت إلى أعلى مستوى في الحكومة. أعتقد أن الشيخ كان على اطلاع على مذكرة: شركاء في الوطن، وكذلك على قضايا أخرى مثل التمييز الاقتصادي والديني والاجتماعي والتعليمي ضد الشيعة. كذلك أعتقد أنه على معرفة بالكثير من القضايا المطروحة في شبكة راصد والتي تداولتها الصحف المحلية مثل رفض الطالبات الشيعيات في الكليات الصحية في الدمام، وقضايا أخرى لم تغفلها المنظمات الدولية المستقلة المهتمة بحقوق الإنسان والأقليات. إن كلامه هذا به استخفاف بالشيعة ومعاناتهم، وحتى لو كان بوقاً حكومياً، فهو يسيء حتى لمنصبه ولوزارة الداخلية أيضاً كمتحدث باسمها. حتى لو فرضنا أن أصحاب هذه المذاهب لم يتذمّروا، فهل هذا دليل على عدم وقوع تمييز واضطهاد؟ لا يوجد مكان على الأرض خالي من التظلّم والمشاكل والمسائلات، وإذا اختفت هذه المشاكل يعني أحد اثنين، إمّا أن الجميع قد مات، أو أن الجميع في الجنة، ونحن لم نمت ولم نصل إلى الجنة بعد! عدم وجود الشكاوى هو دليل على وجود قمع شديد للحريات وليس دليل على أن كل شيء "تمام" وأعتقد أن العبيد تناسى إدانة عائلات الأبطال الثلاثة له حين ادّعى كذباً بأن له يد في عملية المحاكمة العلنية وإن اللجنة على تواصل مع عائلات أبطالنا الثلاثة. وهاهي تصريحاته ترتد إليه، فقد تمّ تحويل المحاكمة الهزلية لأبطالنا الثلاثة من علنية إلى سرّية، ببركاته حيث أكّد في أكثر من حديث للصحافة بأن عملية اعتقال الأبطال الثلاثة (الحامد والفالح والدميني) هي حق مشروع للحكومة وليس بها أي مخالفة قانونية. وهاهو الأستاذ المحامي، الإنسان الأمين على مصلحة الأمة والوطن، الأخ عبدالرحمن اللاحم سيُعرض للتحقيق من قبل هيئة التحقيق والإدعاء العام يوم غد الأحد (3 أكتوبر 2004 م) بسبب بياناته الشجاعة التي لم تعرف الخوف ولا التزلف ولا النفاق والتي آخرها كان مداخلة مع قناة الحرة قبل أيام منتقداً قرار تحويل محاكمة الأبطال العلنية إلى سرّية. فهل يستطيع العبيد التدخل لمنع تكميم الأفواه؟ أم أن العبيد هنا أيضاً سيكون في صف الجلاّد مبرراً عملية التحقيق بأن ذلك حق للحكومة أيضاً في اضطهاد كل الشعب وخاصةً من يحملون هذا الحس الوطني والشجاعة والصدق التي يفتقدها هو بدون شك. إن تصريح العبيد لصحيفة الوطن من أعجب ما قرأت، لأن كل جملة فيه هي كذب صريح، فالعبيد يكمل ليقول "فهل تم استطلاع آراء هذه المذاهب لكي يقال بأن هناك كتماً للحريات؟" ولا أدري كيف يمكن عمل استطلاع إذا كان كل شيء ممنوع، جمع التواقيع ممنوع، التحدث للصحافة الداخلية أو الخارجية بما فيه نقد للحكومة ممنوع. فهل تفضّل شيخنا العبيد ليعطينا الطريقة المناسبة لعمل استطلاع حول رأي هذه المذاهب؟ لربما الطريقة المناسبة التي يعرفها وتعرفها وزارة الداخلية هي عملية الاستجواب وليست الاستطلاع، ونحن نعلم أين تتم هذه العملية، أليس كذلك يا صاحب المعالي برتبة وزير؟ كلام الشيخ العبيد نقلاً عن بيان الشيخ حسن الصفّار "لقد اطلع الجميع على البيان الذي أصدره الشيخ حسن الصفار الذي قال فيه إنه مهما كان اختلاف وجهات النظر داخل البلد فإنه يظل في هذا النطاق ولا يسمح باستغلاله دوليا أو بالتدخل من خلاله في الشؤون الداخلية للسعودية "هو أكبر دليل إدانة، فالصفار لم ينفي حصول انتهاكات للحريات الدينية، وإنما رفض استغلالها من قبل أمريكا، وأكّد الصفار بأنه من الواجب تفعيل توصيات مؤتمرات الحوار الوطني والإقرار بالتعددية المذهبية التي أقرّتها توصياته وعدم إتاحة المجال لأي ممارسات وإثارات طائفية لا يستفيد منها إلاّ الأعداء. هذا يا شيخنا العبيد، عفواً، يا معالي الشيخ، تبين بجلاء بأن الشيخ الصفّار يحمّل الحكومة مسؤولية ظهور التقرير لأنها لم تطبق توصيات مؤتمرات الحوار الوطني، مما يعني أن استدلالك في غير موقعه. وأضاف الصفار في لقاء مع قناة العربية بأن المشكلة ما زالت قائمة وأن ممارسات التمييز الطائفي موجودة وتمارس من قبل بعض الجهات أو الأشخاص، وطالب بوجود وزير شيعي أيضاً. فهل هذا دليل على صدق كلامك أم العكس؟ ما يثير الخجل والحنق بشكل كبير هي عملية التعميم التي توارثها المسؤولين كابراً عن كابر، فالرئيس حسني مبارك يفوز بنسبة 99.9% والملك يحبه "كل الشعب"، ولا يوجد "فقير واحد"، إلى أخر السبحة العجيبة. ولأن الشيخ العبيد أصبح من المسؤولين، فعدوى الكل وصلته، لذلك يقول "ولم يشتكي أحد منهم من وجود مضايقة له في حريته الدينية"، متحدثاً عن المسيحيين المقيمين في السعودية. شيء مخجل أن يكون رجلاً مسلماً يصلي ويصوم ويؤدي الفرائض ويكذب بشكل شنيع. قضايا المسيحيين أكثر من أن تُعد، والشكاوى كثيرة، والطرد والترحيل والاعتقالات والتعذيب، كل ذلك مدوّن بالتواريخ والأسماء، فلماذا الكذب يا معالي الشيخ؟ لربما كان من الأنسب أن يقول بأن الأكثرية لم تشتكي، ولكن لم يشتكي أحد؟ هذه فعلاً شبيهة بتصريحات وزارة الداخلية التي سمعنا وزير الداخلية يوماً يقول: بأنه لا توجد في المملكة جريمة مقيدة ضدّ مجهول، فكل الجرائم تم معرفة الجناة الذين ارتكبوها. هذا لا يحصل حتى في أكثر الدول تقدّماً، فكيف ببلادنا ونحن نرى الكثير من جرائم القتل والسرقة والاختطاف والاعتداءات لا تتمكن الجهات الأمنية من معرفة فاعليها! أمّا نهاية حديث الشيخ العبيد، فيقول "بأن التقرير مجحف وغير موضوعي"؛ فهذا أقل ما يمكن أن يخرج من الحكومة الأمريكية التي تعلم الكثير، ولولا النفط المتدفق لأمريكا لظهرت لنا قضايا أكبر وأهم. كان من الممكن للشيخ أن يتحدث بشكل آخر، فموقعه كرئيس للجنة مهتمة بحقوق الإنسان لا يناسبها الحديث بهذه الطريقة السمجة ويتحدث وكأنه مندوب وزارة الداخلية. كان من الممكن أن يتحدث بأن اللجنة ستظر في الأمر وتطلب من أي شخص أو جهة عانت أو تعاني من التمييز أن تتواصل مع اللجنة، وإن اللجنة حديثة التشكيل ولذلك لا تستطيع حل كل المشاكل، لكنها ستحاول. بيد أن تصريح الشيخ العبيد يبين للمرة الألف بأنه هو وأعضاء لجنته الموقّرة لقد باعوا دينهم، واللجنة لم تكن ذات مصداقية منذ إنشاءها، وهاهو رئيسها يعطي الدليل تلو الآخر لماذا هذه اللجنة لا تستحق أن يُربط اسمها بكلمة سامية مثل "حقوق الإنسان".
علي فردان [email protected]
#علي_فردان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوار التمدّن في مواجهة الجاهلية السعودية
-
الإصلاحات السعودية تكشّر عن أنيابها
-
ماذا يعني تِعداد السكّان للشيعة في السعودية؟
-
ماذا بعد تقرير الخارجية الأمريكية عن اضطهاد الشيعة في السعود
...
-
الشيعة يرحّبون بتقرير الخارجية الأمريكية وإدانة الحكومة السع
...
-
الشيعة في السعودية يطالبون بحقوقهم كاملةً غير منقوصة
-
ملخّص تقرير وزارة الخارجية الأمريكية عن الحريات الدينية في ا
...
-
رد على شيخنا الصفّار حول تقرير وزارة الخارجية الأمريكية
-
الخصوصية السعودية: استبداد ودعوة صريحة للعنف
-
ثلاث سنوات على تفجيرات سبتمبر: مازال الإرهاب مستمراً
-
إلى المتميّزين من الشيعة في السعودية: موتوا كمداً
-
مشايخ الإرهاب والإرهابيون: سياسة فن الممكن
-
السلام على المذبوحين في العرق
-
لا تخذلوا الشعب العراقي ولا العراق
-
التسامح واحترام الآخر: لا يشمل المواطنون الشيعة
-
لنا الكوارث ولهم الخيرات
-
الحكومة والوطن والمواطن: رأيٌ آخر
-
أين مصلحة الوطن العليا؟
-
مهزلة القضاء السعودي: إذا بُليتم فاستتروا
-
قبول الطالبات الشيعيات في الكليات الصحية: الخطوة التالية الم
...
المزيد.....
-
روسيا أخطرت أمريكا -قبل 30 دقيقة- بإطلاق صاروخ MIRV على أوكر
...
-
تسبح فيه التماسيح.. شاهد مغامرًا سعوديًا يُجدّف في رابع أطول
...
-
ما هو الصاروخ الباليستي العابر للقارات وما هو أقصى مدى يمكن
...
-
ظل يصرخ طلبًا للمساعدة.. لحظة رصد وإنقاذ مروحية لرجل متشبث ب
...
-
-الغارديان-: استخدام روسيا صاروخ -أوريشنيك- تهديد مباشر من ب
...
-
أغلى موزة في العالم.. بيعت بأكثر من ستة ملايين دولار في مزاد
...
-
البنتاغون: صاروخ -أوريشنيك- صنف جديد من القدرات القاتلة التي
...
-
موسكو.. -رحلات في المترو- يطلق مسارات جديدة
-
-شجيرة البندق-.. ما مواصفات أحدث صاروخ باليستي روسي؟ (فيديو)
...
-
ماذا قال العرب في صاروخ بوتين الجديد؟
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|