|
مسكين ياحسني!
فؤاد علي أكبر
الحوار المتمدن-العدد: 3265 - 2011 / 2 / 2 - 08:59
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
قصص مأساوية لا تنتهي. صور مؤلمة منوعة من الخوف والرعب والهلع تلف حياتنا. تمتص كل لحظات الفرح والسكون وتجفف فينا كل منابع الروح لتجعل منا مشاهد من ركام رمادي فتجمع الأحاسيس كلها في أحساس واحد هو الخوف، أحساس مفعم بصراع أزلي بين غالب ومغلوب وبين ظالم ومظلوم أو جلاد وضحية، يتربص أحدنا بالآخرفي قلق دائم وتوتر مستديم تنتابه موجات غضب مجنونه تأتي على كل شئ فتحيل الركام تراباً لتزرع فيه حزن مزمن غائر في النفوس والى الأبد. هذا هو المشهد الغالب وهذه الصورة الطاغية للعلاقة بين الحكام والشعوب بل بين كل راع ورعيته في أوطاننا. لعبة غريبة عجيبة تلك التي يلعبها حكامنا مع شعوبهم أو ربما شعوبنا مع حكامهم. يتسنم الحاكم سدة الحكم بالتهليل والتصفيق تتدافع فيه الجموع للتعبيرعن الحب والولاء والتمجيد والثناء. يبايعوه على حكم مطلق بلا حدود ولا قيود حكم يمتد مدى الحياة وبلا أنتهاء بلا أقالة أو أستقالة وبلا أحالة على التقاعد ولا حتى أجازات حتى لو كانت مرضية. هو الرئيس الوحيد الأوحد في كل لحظة وثانية وفي كل وحدات الزمن. يُمنح عقد تمليك أبدي لكل الأملاك والأموال والنفوس والرقاب ورسالة مفادها‘ أياك أن تغفل أو تنام أو تترك السلطة في رحلة أستراحة أوأستجمام فرأسك الثمن‘. وتبتدأ لعبة الخوف المتبادل ويبدأ سيادة الرئيس بتشكيل الحكومة، نظام مهمته الأولى وضع خطط يومية وخمسية وخمسينية لحماية رأس سيادة الرئيس. نظام هيكله الأساس ترسانة من المجرمين المحترفين تغلف واجهاته الأمامية دُمى بشرية منوعة الأداء وخلفه جيوش من المنافقين والمصفقين والمنتفعين. وهكذا ندخل كشعوب وحكام في دورات عنف وخوف لاتنتهي فالشعوب تعاني من خوف وجوع وظلم وجور ونقص في الثمرات والأنفس والأموال ولاتجد يداً لتعينها فالرئيس يمسك رأسه بكلتا يديه خوفاً من أن لايطاح بها وليس للمجرمين سوى التوغل في الأجرام سلباً ونهباً وترويعاً وقتلاً للشعوب وتبدأ الشعوب بتحين الفرص لتنال من الرئيس ونظامه. الأكثرخوفاً من الناس والجهلة والمنافقين ومن تمرسوا التصفيق والتهليل والهتاف والخنوع يخدعوا ويُضّلوا الرئيس فيعظموه ويُألهوه فيغرق الرئيس في نشوة الغرور والشعور بأنه الواحد الأحد وينسى كونه أنسان كبقية البشر. وربما ينتابه يوماُ صداع أو مغص أو ألم في الظهر بعد أن أصابه الهرم أو يصحو صدى مظاهرات صاخبة تقظ مظجعه وتدعوه للتنحي والرحيل فيدرك حينها بأنه ليس سوى أنسان وأن كل ما كان وما سيكون ليس سوى وهم وخداع وأن الحياة ذاتها ليست سوى كذبة كبيرة لابد أن تنتهي. فيشعر الرئيس بالضجر ويسأم اللعبة ويقرر التنحي والرحيل. يوقفه الحرس، ترسانة المجرمين من حوله يذكروه بقواعد اللعبة وأن لاينسى بأن رأسه الثمن وأن رؤوسهم أيضا هي الثمن وأن شعوبنا لاتنقصها الخبرة في السحل والتمثيل والتعليق على الأعواد فتنتهي اللعبة بموجة الغضب المجنونة ودورة الحزن والخوف من جديد. في الحقيقة ربما أن هناك ظروف مختلفة ومتباينه لكن االقصة تبقى ضمن هذا التصور وهذه الرؤية للأحداث. فالمعروف عن طبيعة البشر أنهم في الغالب وبعد سن الخمسين أو الستين من العمر يكونوا أكثر ميلاً ونزعة للهدوء والأستقرار والعمل على أيجاد بيئة آمنة توفر لهم حياة كريمة لسنوات الشيخوخة القاسية القادمة ولايمكن أيجاد تفسير آخر لموقف رجل طاعن في السن ولا يقوى على أي شئ ومازال متمسكاً بالسلطة وقد تجاوز الثمانين من العمر قضاها في خوف وقلق وتعب شديد في قمة حكم بلد كبيركمصر يعاني من مشاكل سياسية وأقتصادية هائلة وكان وما يزال رقماً صعباً في وسط أقليمي ملئ بالمشاكل والصراعات السياسة المتفاقمة. لاشك أن الرجل، على الرغم من أخفاقه في تحقيق أصلاحات سياسية وأقتصادية حقيقة تنقذ البلاد مما تعانيه، يتمتع بحكمة ودراية سياسية فائقة كرئيس لأكبر وأهم دولة عربية كان لها دوراً متميزاً في التوازن السياسي الأقليمي والدولي ولم يكن ليرضى لنفسه أن ينتهي به الوضع الى هذه الهاوية. الصمت المطبق لعقود من الزمن لشعوبنا والنظام البوليسي المعقد والمتراكم على مدى أكثر من ثلاثة عقود والكتل السياسية والأقتصادية المنتفعة والمرتبطة بالنظام السياسي المحيط به هذا بالأضافة الى القوى الدولية والأقليمية ومصالحها وأجنداتها السياسية والأقتصادية كلها كان لها دور ضاغطاً في حصره في هذه الزاوية الضيقة وفي هذه المرحلة البائسة من العمر . فيالنا من مساكين شعوباً وحكومات ويالك من مسكين ياحسني!.
#فؤاد_علي_أكبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة أرقى من الرجل
-
مؤمنون أم متدينون؟
-
هذا هو العراق, فهل من متعض؟
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|