محمد عبعوب
الحوار المتمدن-العدد: 3263 - 2011 / 1 / 31 - 22:07
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
منذ عقود مضت، أي بُعيد اكتمال خروج المنطقة العربية عن السيطرة المباشرة للاستعمار وتحويلها الى مناطق نفوذ له تدار بانظمة فلكلورية كرنفالية في تنوع الوانها، منذ ذلك الوقت ونار الثورات الشعبية تتأجج تحت رماد ورثة الاستعمار من حكومات تيوقراطية واستبدادية وقبلية وعسكرية سخرت كل جهدها ووقتها لإخماد هذه النيران بما أوتيت من قوة البطش و القمع بجميع الوانه وأنواعه او بقوة المال او الدهاء والاستقواء بقوى خارجية كبرى..
مرت تلك العقود الطويلة والانظمة الحاكمة في هذه الرقعة تكتم الانفاس وتكمم الأفواه وتمارس سياسة التجويع والافقار والتجهيل ضد شعوبها، مستغلة استفرادها بمقدرات بلدانها ومعيشة سكانها ، واحتكارها لمؤسسات صناعة الرأي، فارضة طوقا أمنيا لحجب الأفكار ومنع تسرب أي نور او إشعاع حقوقي الى وعي الجماهير التي تعاني من التخلف والفقر، وتتزايد حالة الاحتقان لديها كل يوم..
عقود مرت ولم ينتبه هؤلاء الحكام الى النار التي تسري تحت أقدامهم، ولم يفلحوا حتى في تحسس صهيدها، ذلك أن غرغرينا الفساد والطغيان التي انتشرت في أطرافهم افقدتهم الاحساس بنار الثورة حتى بعد خروجها فوق الرماد، فأشعلت عروش بعضهم وحولتهم من رؤساء وحكام يديرون سجون ومعتقلات بحجم الأوطان، الى طالبي لجوء أو مطلوبين لدى الشرطة الدولية "الانتربول" .
مرت هذه العقود والأمة حبلى بجنين الثورة، عقود من المخاض المضني والمؤلم، قدمت خلاله آلاف الضحايا على مذبح الحرية، سقطوا برصاص ووسائل تصفية مختلفة ابتدعها هؤلاء الطغاة الذين لم ينتبهوا الى الجنين الذي ينموا كل يوم ليتحول الى مارد يجتاح عروشهم ويدمر سجونهم ويحولها الى رماد..
كل المؤشرات ومنذ اكثر من عقد كانت تنبئ بما يجري هذه الأيام من انتفاضات جماهيرية، فثورة المعلومات والاتصالات، وانهيار اسوار المنع وحجر المعرفة والانسياب السلس للأخبار والمعلومة، أزالت كل غشاوة عن عيون الناس وكشفت لهم حقيقة جلاديهم، وبددت كل مخاوفهم وأصبح عدوهم الحقيقي واضحا ومكشوفا أمامهم، رغم كل محاولات التجميل والتضليل التي لجأت لها تلك الأنظمة لإطالة عمرها واستمرارها في نهب وتبديد مقدرات الشعوب ومواردها.
واشتد المخاض واندفع الوليد الثوري الى الوجود على أرض تونس ليدك نظام الجنرال بن على في اقل من اسبوع، وتمتد نيران الثورة اليوم الى ارض الكنانة، وها نحن نشاهد فرعون العصر (حسني مبارك) يترنح وهو غير مصدق ان الجماهير قد تخلصت من خوفها وانها تطلب الموت لتوهب لها الحياة الكريمة ، فيما هو لم يستوعب بعد الانتفاضة، ولازال يتحدث عن دعم السلع والحوار مع المعارضة، جاهلا أو متجاهلا ان ما يجري هو ثورة شعبية بكل معنى الكلمة، ليس للاحزاب فيها اي دور يذكر، وان زمن الحوار ودعم السلع قد فات، وان وقت الحساب قد حان.
لقد خرجت نار الثورة الشعبية من تحت رماد هذه الأنظمة بعد أن ظلت لعقود تضطرم تحته، وستحرق هذه الثورة كل العروش البالية ولن تتوقف حتى تدك آخر أوكار الاستبدادا والطغيان التي ظلت تتحكم برقاب العباد ومقدرات البلدان العربية وتديرها لخدمة الاستعمار .
#محمد_عبعوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟