|
خطاب لا يقبله سوى الخونة ، و لا يصدقه إلا البلهاء ، الثورة يجب أن تستمر
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3261 - 2011 / 1 / 29 - 12:08
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
حتى الخانعين من المعارضين ، أصحاب المطالب المتواضعة ، المهادنة ، الذين نصبوا على تجمعهم الخانع لافته تحمل لقب كبير هو : التغيير ، الذين أفتضح أمرهم في اليومين الماضيين ، حيث عرف الشعب المصري حقيقة التغيير الذي يبغونه ، و هو التغيير من خلال بقاء رأس النظام ، و من خلال التعاون معه ، حتى هؤلاء الخانعين لم يلب خطاب ذلك الخبيث المدعو حسني مبارك ، مغتصب الحكم في مصر ، مطالبهم المتواضعة التي أعلنوها مع قدوم زعيمهم الدكتور محمد البرادعي . ماذا أعطى مبارك الخبيث للشعب المصري الثائر ، هذا لو فرضنا إننا كنا ننتظر منه شيء سوى سقوطه ، و محاكمته ؟ من الناحية التحليلية يمكن أن أقسم محتوى خطاب مبارك الخبيث ، الذي طلع به علينا الليلة الماضية ، إلى قسمين : عملي ، يمكن لمسه ، و أخر نظري في حكم الغيب . القسم العملي ، أعني به القرارات الفعلية التي يمكن لمسها على أرض الواقع ، لو تحققت ، و هنا لا يوجد أي شيء سوى تغيير الحكومة ، مع تجاهل تام للمطالب التي كانت تصدر عن المعارضة المؤمنة بالتغيير من خلال النظام الحاكم القائم قبل ثورة الغضب ، و هي المعارضة التي لم نشاركها في حزب كل مصر رأيها للحظة ، لإيماننا الدائم ، و غير المتزعزع ، في ضرورة إقتلاع ذلك النظام بثورة شعبية سلمية ، كما هو مذكور في الوثيقة الأساسية لحزب كل مصر . حتى مطالب ذلك القسم من المعارضة ، الذي كان على إستعداد للتعاون مع نظام آل مبارك لم تلق أدنى إستجابة في خطاب الطاغية الأخير - الأخير كشخص في سلسلة آل مبارك الحاكمة بإذن الله ، و بمشيئة الله أيضا الأخير له كخطاب و هو رئيس - مثل المطالبة بإلغاء قانون الطوارئ ، وإطلاق سراح كل المعتقلين ، و المسجونين ، السياسيين ، من كافة الفئات ، و التيارات ، فوراً ، و حل مجلسي الشعب ، و الشورى ، الحاليين ، مع إقامة إنتخابات نزيهة للمجلسين ، و كتابة دستور جديد ، أو حتى تعديل الدستور الحالي ، ليسمح بتعددية حزبية حقيقية ، و تعددية في الإنتخابات الرئاسية ، كذلك لازال مبارك الخبيث على صمته المريب بشأن التوريث ، فحتى هو في أضعف أحواله خلال الثلاثين عاما التي حكمنا فيها ، لازال يرفض الإعلان علنا عن نفي فكرة التوريث ، كذلك رفض إتخاذ أي قرار عملي بشأن الفساد ، و زاوج المال مع السلطة السياسية الحاكمة ، و هذا يؤكد للشعب المصري أن المسألة ليست زاوج بين السلطة السياسية ، و المال ، بل أن الإثنين واحد ، و أن معظم كبار رجال الأعمال المصريين ، ليسوا إلا واجهات مزيفة تدير في الحقيقة أموال أسرة مبارك . إذا من الناحية العملية ، لم يلتفت مبارك الخبيث حتى للقسم الخانع ، الذليل ، المستسلم ، من المعارضة ، الملقب بحركة التغيير ، و لم يحاول حتى شق صفوف المعارضة بالإستجابة لذلك القسم ، و إستمالته إليه ، فلازال يعتقد أنه ما زال على جبروته ، و قوته . و حتى لو حاول الطاغية الخبيث مفاجئتنا بتعيين البرادعي رئيسا للوزراء ، فلن يكون ذلك إلا إستهزاء من مبارك بهؤلاء المعارضين الخانعين ، الذين يؤمنون بالتغيير من خلال بقاء رأس النظام ، كما سيكون حرق للوجه الوحيد المحترم في تلك المجموعة ، و أعني الدكتور محمد البرادعي ، الذي لازلت أحترم شخصه ، أشد الإحترام ، و إن إختلفت معه سياسيا ، أشد الإختلاف . أما القسم النظري من الخطاب ، فلا أعني به سوى الوعود الخلابة ، عن مكافحة الفقر ، و البطالة ، و السيادة للشعب ، و حرية الرأي و التعبير ، و ما إلى ذلك من وعود . ذلك القسم النظري ، أو تلك الوعود الفضفاضة ، التي لا يوجد في القسم العملي من الخطاب ما يضمن تنفيذها ، و لا يوجد في تاريخ مبارك ، و لا في موصفات شخصيته ، ما يدل على إنها سترى النور ، لا أعتقد أن هناك مصري وطني مخلص عاقل يمكن أن يصدق أنها ستتحقق . مبارك الخبيث أراد في عشر دقائق تقريباً ، أن يخدع الشعب المصري ، و يأخذ منه الشيء الوحيد الفعال الذي تبقى له ، و هو الثورة ، مقابل لا شيء . لقد إنتظرنا تنحيه ، و إستسلامه للعدالة المدنية المصرية ، و لم ننتظر سوى ذلك ، و هذا لم يتحقق ، إذاً الثورة يجب أن تستمر ، حتى يتحقق الشرطان الوحيدان ، اللذان خرجنا لهما ، و دفع إخوان ، و أخوات ، لنا نفوسهم ، و دمائهم لتحقيقهما . الشرطان اللذان ، لا تفاوض بشأنهما ، و لا تنازل عنهما ، و هما : أولا : سقوط النظام الحاكم الحالي . ثانيا : محاكمة كافة مجرمي ذلك العهد الإجرامي ، من الطاغية الخبيث ، نزولاً إلى أدناهم مرتبة ، و شأناً ، بقانون مصري مدني عادل ، و بواسطة قضاء مدني مصري نزيه . نزول الجيش المصري للشارع المصري ، لا يتعارض مع إستمرار ثورة الشعب المصري ، لأننا كشعب ، و مع إحترامنا للجيش ، و هو الإحترام الذي لحظه الجيش ، بل و حبنا له ، و هو الحب الذي لمسه الجيش ، لا نرى أدنى تعارض بين الثورة ضد نظام فاسد ، دموي ، و بين إحترامنا ، و حبنا ، لجيش مصر الباسل . الجيش نزل لحماية المنشأت ، و نحن نرى في ذلك أمر طيب ، و نرحب بذلك ، لأننا لا نريد التخريب ، و لا نريد الحرائق ، و لا نريد السلب ، و النهب . نحن لا نريد تشويه الثورة ، و الجيش بإكتفائه بمهمة التأمين ، يجعلنا نتفرغ لمهتنا الوطنية المقدسة الأولى : إقتلاع نظام آل مبارك من جذوره . يا مبارك ، أن خطابك لا يقبل به سوى الخونة ، و لا يصدقه سوى البلهاء ، و السذج . لا يقبل به سوى الخونة الذين على إستعداد لبيع دماء الشهداء ، و الجرحى ، و لا يصدقه إلا البلهاء ، و السذج ، الذين لا تكفي ثلاثة عقود من الإفقار ، و الإذلال ، لإيقاظ عقولهم ، و إلهاب نفوسهم ، فتخدعهم بعض الوعود الزئبقية ، من طاغية إعتاد الكذب ، و إهانة الشعب المصري أمام الغرباء ، و لا يعرف إلا الصلف ، و الغطرسة ، و القوة ، في تعامله مع المصريين . الثورة يجب أن تستمر ، سلمية ، و نظيفة . إلى الثورة ، فالمهمة لم تكتمل ، فلازال الطاغية يحكم ، و النظام الذي أسسه مازال قائم يتنفس . إما شعب مصر ، و إما أنت يا خبيث ، فمصر لا يمكن أن تجمعنا . إستعيدوا مصر .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أيها الضابط الصغير ، هل فكرت في مصيرك ؟
-
في سلوكنا الحضاري إستمرارية الثورة و نموها
-
حتى نضمن نجاح ثورتنا
-
الأهمية الإستراتيجية لمصر ليست عقبة في طريق التغيير
-
القتل في الفقه السعودي
-
ثورة لا تُمنع و لا تُخمد
-
للشعب التونسي : أكمل ثورتك ، و لا تسمح بإليسكو تونسي
-
هيلاري لم تفهم ثورة الشعب التونسي و رسالته للعالم
-
تشابهت الأخطاء في السودان و النتيجة واحدة
-
لا تقلق يا زين ، فالإخوان أقصاهم سياسياً المباركة
-
هل يملك آل مبارك أنفاق في رفح ؟
-
العراق بين الذئاب
-
المراقب الأهلي الأجنبي ممكن أن يكون تركي أو عراقي أو برازيلي
-
ليس منا من يمارس العنف ، أو يهدد به ، أو يروج له
-
الكوارث الطبيعية نادراً ما أسقطت الكيانات السياسية
-
أتحسر على سقوط الديمقراطية الأولى و لا أتحسر على سقوط أسرة م
...
-
غرس و تنمية الوعي الديمقراطي هدف هذه المرحلة
-
بدون عنف ، لكن لا يجب أن تمر في هدوء
-
دولة ولاية الفقيه لم تنفع متبعي الفقيه الجعفري
-
الإندماج كله فوائد و غير مكلف
المزيد.....
-
الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
-
من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل
...
-
التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي
...
-
هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
-
مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
-
إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام
...
-
الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية
...
-
الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|