صفاء ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3258 - 2011 / 1 / 26 - 22:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عشرات اللافتات المنتشرة في شوارع بغداد تطالب الحكومة المركزية بتنفيذ أحكام الإعدام الصادرة بحق المدانين بارتكاب الأعمال الارهابيه من حملة الجنسية (السعودية) ردا على قيام سلطات (آل سعود )بإعدام ثلاثين عراقيا قبل أسابيع
والحقيقة أن ما حصل هو جريمة وحشية بكل المقاييس واستهتار فاضح بكل قيم الحياة والإنسانية وتعبير واضح عن مدى ما يكنه هؤلاء من حقد دفين وكراهية عميقة للعراق وللعراقيين
الأنباء تتحدث عن قطع رؤوس ثلاثين عراقيا بالسيف في محفل عام وأمام أنظار المصفقين والمطبلين والمهللين وشعارات( الله اكبر) لا لجريمة ارتكبوها سوى أنهم من الرعاة البدو الذين ضلوا طرقهم عبر رمال البادية الجنوبية المحاذية للحدود
ومما يثير الحزن ويدمي القلب والله أن هذه الجريمة القذرة مر عليها الإعلام العالمي وهيئات حقوق الإنسان وأصحاب الضمائر الحية مرور العجالى ومرت على الحكومة العراقية وكأنما قد حصلت في ألاسكا أو التبت أو مجاهل أفريقيا وكأنما الضحايا من الهوتو أو التوتسي أو الهنود الحمر
قبل كل شيء استميح القارئ عذرا لاستخدامي مصطلحات مثل( الأراضي السعودية والجنسية السعودية والسلطات السعودية) وما شابهها مع أني لا اعترف بشرعية هذه النسبة أصلا ولا أستسيغها ولا اقبل لنفسي أن انسب شعب نجد والحجاز وتراثه وتاريخه وأمجاده وحدوده وسلطاته أيضا لشرذمة وضيعة لا يعرف أصلهم ولا شيء من ماضيهم ,ساعدهم الحظ وفتاوى وعاظ السلاطين في السيطرة على نجد والحجاز وأهلهما في غفلة من الزمن الأغبر
نظام غريب عجيب هذا الذي يتسلط على ارض المقدسات في شبه جزيرة العرب, نظام لا يشابه غيره من الأنظمة المعاصرة أو البائدة
لا يعقل انه في أوائل القرن الحادي والعشرين وفي عصر التكنولوجيا والمعلوماتية والاكتشافات العلمية والذرة والانترنت والسفر إلى الفضاء مازال هناك أناس يحكمون شعوبهم وفق شريعة الغاب وقوانين قراقوش وجنكيزخان
تكلمت في مقال سابق عن التحالف الشيطاني بين( آل سعود) وال الشيخ والذي أدى إلى استيلاء (سعود) وأولاده من بعده على السلطة السياسية في نجد والحجاز وبقاء السلطة الدينية والإفتاء بيد بن باز وأبناءه من آل الشيخ ,هذا التحالف الذي لازال ممسكا بالسلطتين منذ قرنين من الزمان
أفراد العائلة المالكة الذين تجاوز عددهم الثمانية آلاف (ربما بسبب تهافتهم على الجنس والإنجاب )يحكمون هذه البلاد الشاسعة المترامية الأطراف وفقا لنظام حكم غريب ليس له ما يشابهه أو يماثله من الأنظمة السياسية المعروفة فلا هو ملكي دستوري ولا هو برلماني ولا رئاسي ولا أي شيء مما هو معروف اليوم في عالم الحكم والسياسة
والعجيب أن الملك عندهم يتولى الحكم بمبايعة أفراد العائلة المالكة فقط ولا رأي لعامة الشعب في ذلك والأعجب أنهم يجبرون الشعب على إحياء هذه المناسبة وإظهار علائم الفرح والسرور بها في كل عام أما منتهى العجب وغايته في ذلك فهوانهم يعتبرون هذه الوسيلة تطبيقا لفكرة الشورى الإسلامية التي ظهر مفهومها لأول مرة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه واله وسلم
لا يوجد لديهم برلمان ولا أي شكل ولو مبسط من أشكال التمثيل الشعبي ولا حتى مجالس بلديه ولا يعترفون بأي دور للشعب أصلا غير دوره في إطاعة ولي الأمر الذي لم يعد يكفيه لقب ملك فأضاف لقب خادم الحرمين من اجل إضفاء مزيد من صفات التشريف والقدسية على شخصه الضئيل الذي لم يكمل حتى الدراسة الابتدائية
المناصب عندهم موزعة على أفراد العائلة الحاكمة منذ أمد بعيد وهي تورث كما يورث المال والمتاع فسعود الفيصل وزير للخارجية للسنة السادسة والثلاثين على التوالي أي منذ كان شابا يافعا صحيح الجسم والعقل والى أن( نخرته الأرضة) ولم تبق فيه باقية كما هو حاله اليوم وسلطان وزير للدفاع لنفس الفترة أو تزيد عليها وابنه خالد نائب لوزير الدفاع ونايف وزير للداخلية وابنه أيضا يعمل وكيلا للوزارة وهكذا البقية فكل شخص من أبناء عبد العزيز له وزارة أو إمارة يديرها هو وأولاده ويورثها إليهم كما يورث عقاراته وسياراته وأرصدته الأجنبية عندما يتوجه إلى جهنم وبئس الورد المورود
هم يدعون أن دستورهم القران وأنهم يحكمون البلاد وفقا للشريعة الإسلامية في حين أنهم يطبقون نظاما انتقائيا يأخذ من الشريعة ما يحقق أهدافهم ويوافق رغباتهم ويقوي سلطانهم ويديم أمد تسلطهم ويساعدهم في ذلك الفتاوى الجاهزة والمفصلة حسب الطلب والمواقف الداعمة لهم من هيئات مشبوهة مرتبطة بنظامهم هم مثل هيئة كبار العلماء والمجلس الأعلى للإفتاء والدعوة ومنظمة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي , و يسيطر على تلك الهيئات ويسيرها ويديرها حلفاؤهم الدائميون من آل الشيخ(عبد العزيز بن باز وأولاده من بعده)
والأمثلة على ا ن آل سعود ينتقون من أحكام الشريعة ما يقوي سلطانهم ويخدم مصالحهم أكثر من أن تعد أو تحصر
والمتتبع لفضائحهم الأخلاقية في داخل البلاد وفي خارجها يدرك ذلك ومازالت قصة الأميرة مشاعل حفيدة محمد بن عبد العزيز وقصة اعدامها مع عشيقها في ساحة لوقوف السيارات في جدة ترن في الأذهان
والمشاهد للثراء الفاحش الذي يتنعمون به هم ومن والاهم مع وجود الفقر المدقع وأكواخ الصفيح للفقراء والمعوزين في قلب الرياض يعلم ذلك أيضا
والذي يرى أن العمالة الأجنبية والتي تشكل أكثر من نصف السكان تستحوذ على سوق العمل والوظائف مما يزيد من أعداد المواطنين العاطلين مع أن الهدف من عمالة النساء واغلبهن من الآسيويات هي الاتجار بالجنس تحت شعار الخدمة في البيوت يعرف ذلك أيضا
والذي يشاهد أن أصحاب الديانات الأخرى من المسيحيين و السيخ والبوذيين القادمين للعمل غير متاح لهم ممارسة طقوسهم وعقائدهم وان الشيعة وهم خمس سكان البلاد محرومون ومضطهدون ومضيق عليهم في أداء شعائرهم وطقوسهم الدينية يعرف ذلك أيضا
والذي مازالت في ذاكرته صور دماء الحجاج الإيرانيين العزل الذين قتلهم (آل سعود) في الشهر الحرام والبلد الحرام بدم بارد وسقوا بدمائهم صعيد مكة دون أن يرف لهم جفن أو يعرق لهم جبين يعرف أيضا أنهم ليسوا من أهل الدين ولا حتى من معارفه
ومن شاهد آلة الموت الوهابية وهي تزرع الموت والدمار في ربوع (صعده) الآمنة إثناء الحرب التي قادها العقيد صالح ضد الحوثيين وكيف أن الطيران والمدفعية استمرت لشهر كامل في قتل الآمنين وتهديم بيوتهم فوق رؤوسهم يعلم أيضا أن (آل سعود) في واد والإسلام المحمدي في واد آخر
ومن يتابع عشرات القنوات الفضائية التكفيرية التي يمولونها من اجل بث سموم الفرقة والفتنة الطائفية بين المسلمين والتحريض على قتل بعضهم للبعض الآخر يعلم ذلك أيضا
نظام الحكم في الحجاز نظام غريب وحكامه اغرب واغرب ولو ملئنا آلاف الصفحات في تسطير ما يصف ما هم فيه من شذوذ وتخلف وابتعاد عن كل قيم التحضر والإنسانية وتعاليم الأديان لما كان ذلك كافيا ولما أوفينا الموضوع ولو جزءا بسيطا من حقه
ندعو لشهدائنا بالرحمة ولعوائهم بالصبر
وندعو كل الأحرار والشرفاء في العالم وكل منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية ذات العلاقة إلى إدانة ماحدث بأشد العبارات والى رفع أصوات الاحتجاج عاليا تجاه ما يمارسه هؤلاء المتخلفون من جرائم وجنايات
ندعو الحكومة العراقية أن يتوقفوا ولو ليوم واحد عن صراعهم على النفوذ والكراسي ليتخذوا موقفا واعيا مما جرى ويجري وليفعلوا كل ما بوسعهم من اجل إنقاذ بقية أسرانا المعتقلين في سجون هؤلاء المجرمين الدمويين
فهل من مجيب؟
#صفاء_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟