أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الناصري - كلمة : زمن الهبوط ، زمن الغناء الهابط !!















المزيد.....

كلمة : زمن الهبوط ، زمن الغناء الهابط !!


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 974 - 2004 / 10 / 2 - 08:48
المحور: الادب والفن
    


يشكل الإنتاج المعرفي والفكري والثقافي والفني المعيار الرئيسي للمشاركة في صنع الحياة والتاريخ ، وبدونه تصبح الشعوب والأمم غير مشاركة في صناعة التاريخ وتصبح جماعات استهلاكية وتتدهور حياتها وقيمها حتى تصل إلى أن تكون مهددة بالتلاشي والخروج من الحياة أو على أقل تقدير تكون على الهامش !!

وإذا ابتليت أمة بالهبوط والانحدار توقف أو تراجع الفكر وتراجعت الثقافة والفنون عموما ومنها الغناء الذي أريد مناقشتة في كلمة اليوم ، هذا الفن الجميل والسهل والسريع في انتشاره ، والخطير في تأثيرة وخاصة على جيل الشباب الجديد . الفن الذي يتأسس من قيم جمالية أساسية مؤثرة ، هي الكلام الشعري الراقي والصوت القادر الجميل و العذب ، واللحن العالي القيمة والتأثير والذي ينتقل بالكلام والصوت إلى حالة جديدة ، وهي تركيب وشد هذه العناصر في صيغة العمل النهائي .

هنا تتأكد العملية الإبداعية الصعبة وشروطها الصارمة لإنتاج فن راقي يساهم في الحياة الروحية للبشر ، لأن الغناء فن مطلوب دائما ، وهو يدخل ويصل بسهولة إلى كل مكان ، في البيت في السيارة في مكان العمل وفي فترات الراحة والمتعة ، وهذه كل أوقات الإنسان الأساسية والتي يمارس فيها نشاطة الاجتماعي ، كما أنه يحتوي على الكلمة ومحتواها وغرضها ، ومن هنا أيضا تتأتى خطورة وقيمة الغناء .

السؤال هو ماذا جرى ويجري للغناء ؟؟ وما هو مستواه وحالته القيمية اليوم ؟؟ قبل أن نتحدث عن الغناء اليوم لابد من جردة سريعة لحالة الغناء العربي في بدايته الجديدة مع أوائل القرن العشرين وخاصة في مصر والعراق ولبنان والمستوى الرفيع والراقي الذي وصله هذا الفن منذ زمن سيد درويش ومن ثم مع الخالدين عبد الوهاب وأم كلثوم وأسمهان وفريد الأطرش وعبد الحليم ورياض السنباطي ومحمد الموجي وبليغ حمدي ومحمد عبد المطلب ومحمد رشدي ومحرم فؤاد ومحمد قنديل و محمد رياض وليلى مراد ونجاة الصغيرة وسعاد محمد وفايزه أحمد وشادية ووردة وهاني شاكر ومحمد منير ومحمد الحلو ومحمد ثروت وعلي الحجار والشعراء الكبار أمثال فؤاد حداد وصلاح جاهين وعبد الوهاب محمد وكمال الطويل وعبد الرحمن الأبنودي ومحمد حمزة وأحمد فؤاد نجم وكل القائمة الطويلة التي ساهمت في بناء هرم الغناء العربي الشجي والجميل والعميق الذي أطرب الناس وربى ذائقة جميلة راقية وذاكرة غنائية واسعة وبإمكانيات متواضعة ، هي أمكانية حب العمل والاجتهاد الفردي الدائم لإمتاع الذات و المستمع !!

كما كانت التجربة في العراق جميلة وهامة ولها خصوصيتها وتنوعها الرائع ، فمن غناء المقامات العراقية الرصينة والصعبة وتجربة محمد الكبنجي ويوسف عمر وحسين الأعظمي و كل مؤدي المقامات في بغداد والموصل وكل مدن العراق ، إلى الغناء الريفي في مدن الجنوب الذي أنتشر وذاع صيته في كل مدن العراق مع بداية الإذاعة العراقية وانتشار ملاهي ومقاهي الغناء والطرب ، وكان يقف في مقدمة المطربين داخل حسن وحضيري أبو عزيز وناصر حكيم ومن المطربات العراقيات صديقه الملايه و زهور حسين و وحيده خليل وعفيفة إسكندر ومائدة نزهت وصولا الى أنوار عبد الوهاب وسيتا وفريدة وعدد كبير من الشعراء والملحنين ، ثم جاء غناء التجديد والغناء الجديد مع ياس خضر وحسين نعمة وفاضل عواد وسعدون جابر ورياض أحمد وفؤاد سالم وعدد آخر من الأصوات الهامة .

كما لابد لنا من تذكر الغناء الجميل في لبنان ، حيث الصعود الى القمم الخاصة مع فيروز والرحابنه والجميلة صباح ونصري شمس الدين والملك البهي وديع الصافي وحتى ماجدة الرومي وصولا الى نجوى كرم وجوليا وعشرات الأصوات الراقية .

في ظل هذا الإرث الغنائي الكبير وهذه الأسماء الكبيرة والتجربة الراقية ، ماذا يجري للغناء العربي اليوم في مصر والعراق ولبنان والخليج ؟؟ ماهو الدور المقصود الذي تقوم به بعض الفضائيات العربية في الترويج لموجة الغناء الهابط والرخيص ؟؟ الى جانب دورها المعروف في نشر وتسويق أفكار وثقافة وسياسة السلطات العربية الفاشلة والمأزومة ومحاولة تلميع صورتها الفجة !!

أين هي لجان فحص النصوص والأغاني والأصوات في مصر ؟؟ وكيف تسمح بتسرب وإندياح هذا الطوفان الهائل والخطير من الأسماء و من الأغاني الهابطة والفيديو كليبات الشائنة والمسيئة للعين والأذن !! أين هم النقاد من هذا الغث والإسفاف ؟؟ أين المعاهد الموسيقية الراقية ؟؟ أين هو الجمهور أو الرأي العام ؟؟ ولا أسأل طبعا عن دور وزارات الثقافة ودور المؤسسات الثقافية الحكومية لأنها تشارك وتشجع هذا الخراب المريع !!

من أين جاءت هذه الأصوات الرديئة والمخجلة ، كيف انتشر شعبولا بهذه السهولة ومن أين جاء مصطفى قمر وهشام عباس والمدعو عصام كاريكا والمدعوة شيرين ونوال ألزغبي وألين خلف وباسكال مشعلاني وروبي وبوسي وجيهان راتب صاحبة الستربتيز الشهير ومن سمح للهبلا نجلا أن تقدم فيديو كليب قالت عنه أنها أثارت فيه حتى الحصان أثناء التصوير، مما دفع الفنان دريد لحام أن يخرج عن كياسته على التلفزيون ويقول لها إذا احتجت إلى حصان في الفيديو القادم فأنا جاهز وقد شاركه في هذه الأمنية والمهمة الشاب فادي العازف الضاحك دائما !!

أخطر دور في تسويق هذا النوع من الغناء وتشوية الغناء العربي ، هو ما تقوم به فضائية النجوم الإماراتية الجديدة ، التي تشرف عليها رئاسة الأمارات أو قصور الإمارات أو أمير أو ثري عربي مدعوم من أمير ليبث تلك النفايات ويوزع أسلحة التدمير الشامل على البيوت وفي كل الأوقات مجانا ، وهذه الفضائية الهابطة تجاوزت الجميع وتخطت كل التجارب القديمة وبشكل مقصود ومنظم ، وهي تصدم كل المشاعر وكل القيم العامة والفردية والاجتماعية والعائلية البسيطة واليومية وتكشف درجة الانحطاط والهبوط في بعض المجتمعات العربية من خلال الرسائل والتعليقات السريعة التي توفرت ضمن خدمة التخريب للذوق العام !!

بعض العراقيين سارعوا للمساهمة في الزفة الخليجية ، والمساهمة في إسفاف النجوم المقصود ، فقد خرج علينا المدعو علاء سعد وعائلته الفنية الكبيرة المكونة من مكي سعد ووحيد ومي والبنت البرتقالة التي يقال أنها بنت مي ، والعهدة على القائل ، بأغنية البرتقالة ويبدو أنهم أرادوا تحديد وتقليص التكاليف والمصروفات وتوزيعها داخل العائلة فقط ، ولذلك أضطر المغني علاء سعد أن يتغزل ببنت أخية وحيد !! وهكذا ثم جاء دور فرقة الرقص الهابطة والتي تقوم بحركات مضحكة مع تقديم لحم رخيص وأجساد رخيصة ممتلئة ، مع حركات مبتذلة لآيمارسها حتى الغجر أو الكاولية الأصليين ، مع فشل تام في اختيار الملابس والديكور!!

ثم كان موسم الفاكهة مع التفاحة والرمانة ، ونحن بانتظار موسم الخضروات حيث الخيار والجزر والبطيخ والثوم وكل شئ عدا الرصانة !!

وفتحت فضائية النجوم أبوابها للمغني الطبلوج المدعبل المدعو قاسم سلطان الذي ساهم بحماس ملفت في معركة أم الحوا سم آخر معارك الدكتاتور ، حيث ظهر وهو يرتدي دشداشة قصيرة ، ويقف في متراس مهلهل ، ويمسك بندقية كلاشنكوف ، وبدا فيها قصيرا أكثر من قصرة وسمينا أكثر من سمنه ، كما بدا المشهد هزليا و مضحكا وهو يحرض الدكتاتور على الحرب بقوله / فوت بيهه وعلزلم خليه ، هذا أبو الحسنيين حاضر بيها / . وإذا كان السيد سلطان أو غيرة مجبرا على أداء تلك الأغاني سيئة الصيت والغرض ، فلماذا يقدم اليوم هذا اللون من الغناء الهابط والرخيص في أغنية يردد فيها / يو يو ييو يو يو ييو/ وهذه ليست ليالي ولا أمان أو أنين الأبوذية ، وليست لازمة تطريب جميل ، مع ترديد مجموعة الغجر / كلبي أوي كلبي .. أشبيه كلبي ؟؟ / ويصاحب الأغنية حركات بلهاء لاتعد رقصا ولا حنجلة ، رغم تعهد قاسم سلطان وفي قناة الشرقية التي تساهم أيضا في نشر هذا النوع من الغناء ، بأنه سيساهم في بناء العراق الجديد !!

كما تعطي هذه الفضائيات لنفسها حق التصنيف وتوزيع الألقاب والأسماء ، فهي تسمي نبيل شعيل بلبل الخليج ولا أدري كم سيكون حجم الفيل في الخليج إذا كان البلبل الوديع المسكين بهذا الحجم فقط ؟؟ مجرد سؤال !! أوأن تقدم هذه الفضائيات الصوت الرجولي الهائل لجواد العلي ، هو يملك صوت ممسوخ لا رجالي ولا نسائي ، كذلك الحال مع المدعو محمد المازم الذي يغني / حل عن سماي وروح كذا .... / إلى آخر القرف .


أغلب الغناء اليوم عدا بعض الحالات وبعض الأصوات النادرة ، لا يمتلك شروط ومقومات الغناء الجميل والمعبر ، وهذه الأصوات الركيكة والضعيفة تختفي وراء الإيقاعات الضاجة والصاخبة ، مع إهمال و ترك الإذن وإشغال العين بالأجساد والرقصات الفاضحة والمثيرة التي لا علاقة لها بالكلمات أو الصوت ولا تنسجم معهما ، أنه زمن الغناء الهابط والرخيص ، الذي يستغل حالة التدهور والتراجع العام .

ماذا سيقول اللواء محمد عبد الوهاب لو كان حيا ؟؟ وبما ذا تجيب القديسة الخجولة فيروز لو سألت عن حالة الغناء العربي ؟؟ وماذا يقول الملك وديع الصافي ؟؟ ولماذا يصمت العقيد هاني شاكر ؟؟ وماهو موقف حسين نعمه وياس خضر مما يجري ؟؟

طبعا هذه نماذج بارزة من ظاهرة الخراب والتخريب ، وليس كل الأسماء التي تمارس هذه اللعبة وهي كثيرة ومثيرة ، وهي تمارس الركض المحموم وراء نجومية زائفة ومزعومة ، وثراء سريع غير أخلاقي . تقف خلف هذه العملية شركات غير مختصة وليست مهتمة إلا بالربح !! بينما يدفع البعض من هؤلاء أموالا لتسويق صوته ونشرة في الفضائيات سيئة الذكر.



ترددت كثيرا في نشر الكلمة هذه الأيام بسبب حالة الحزن والفجيعة وفقدان التوازن التي أمربها لما يجري في العراق وفلسطين ، حيث يبدو أن كل شئ مقر ف وتافة و مثل هذا الموضوع نوع من أنواع البطر والترف وعدم المبالاة بالمأساة الجارية في فلسطين والعراق ، ولكن يبدو إن الحالة مترابطة بشكلها العام ، ويبدو أن نهر الحياة يستمر رغم الفجيعة ورغم الرماد ورغم الهجوم الشامل والمنظم علينا!!



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلمة : أمريكا وقرية مارقة جديدة !!
- كلمة عن المفاجأت والصفعات لبوش و طاقمة الإنتخابي
- تداعيات الوضع الأمني والسياسي والمدن المارقة
- أوراق خاصة / الى الصديق م . ذ
- عن الشيوعي الجميل طارق وتوت / أبو زياد
- الحوار المتمدن والقضايا الفكرية الماركسية
- موت الشاعر ، أو موت بلا شاهدة ، أسئلة إلى وعن آدم حاتم ؟؟
- في الذكرى الخامسة والاربعين لإستشهاد فرج الله الحلو / لماذا ...
- صورتان قلميتان لبوش وصدام
- مؤشرات من الوضع السياسي العراقي
- الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم 3
- الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟ 2
- الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟
- قراءة أولية للقرار 1546 / دعوة للحوار الوطني من أجل موقف واض ...
- شكر وتنوية /عن طاهر البكاء مرة أخرى
- رسائل لم تصل /الى ستار غانم راضي ...............سامي
- القسم الاول:دعوة لتقييم أسباب صعود وسقوط الفاشية في العراق
- شهادة من الزمن الفاشي / هذا الوزير عذبني بيدية
- المشروع والمجزرة / لكي لاننسى
- رسالة مفتوحة الى الكاتبة نوال السعداوي


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الناصري - كلمة : زمن الهبوط ، زمن الغناء الهابط !!