|
اليسار البحريني... الآفاق المستقبلية (1-2)
فاضل الحليبي
الحوار المتمدن-العدد: 3255 - 2011 / 1 / 23 - 10:05
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
تاريخ كتب بالمعاناة والدماء في البحرين منذ منتصف الخمسينات من القرن الماضي، حتى مجيء حقبة الانفراج السياسي في «فبراير» 2001، وبفضل تضحيات ونضالات أعضائه وأصدقائه والحركة الوطنية والشعبية في البحرين تحقق ذلك، وساهم في نشر الثقافة التقدمية في البحرين، وبرزت أسماء معروفة لامعة في الأدب والفن والكتابة، أسست لحركة إبداعية وثقافية وفكرية واقعية ومتقدمة في بلادنا، تضاهي مثيلاتها في البلدان العربية.
اليوم تجري نقاشات عديدة عن اليسار البحريني ودوره، وإمكانية التأثير والتغيير في المجتمع، بعد أن تسيد تيار الإسلام السياسي بشقيه الشارع وفرض هيمنته عليه ، وأدخل البلاد والعباد في تجاذبات طائفية ومذهبية وبالأخص الكتل النيابية في مجلس النواب في الدورتين السابقتين، والمؤثرات الطائفية التي تركتها، «عملية احتلال العراق في عام 2003» في المنطقة، وبالمقابل قلّ نفوذ اليسار البحريني وتأثيراته وجماهيريته التي كانت عليه في السبعينيات وبداية الثمانينيات، حتى عام 1986، ذلك العام الذي تعرضت فيه جبهة التحرير الوطني لضربة قوية من قبل جهاز الأمن، كذلك الظروف الذاتية والموضوعية والتغيرات والأحداث الكبيرة التي هزت العالم اجمع في بداية تسعينات القرن الماضي بانهيار الاتحاد السوفيتي ودول المنظومة الاشتراكية «أوروبا الشرقية» وانتهاء ما كان يعرف بالحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي، والتي استمرت لأكثر من أربعة عقود ونصف من السنين، تنفست الامبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية الصعداء، وأصبحت القطب الأوحد في العالم تتحكم في مصائر الشعوب والبلدان.
وبرزت التيارات الإسلامية في الوطن العربي، بفضل عوامل وأسباب عديدة، استطاعت استقطاب الجماهير الفقيرة والبائسة والساخطة على النظام العربي الرسمي، وقدمت لها المساعدات المالية، والاحتياجات المعيشية، وفتحت البنوك الإسلامية وبنت المدارس والمستشفيات وغيرها من المسئوليات الاجتماعية التي كانت تقدمها للناس، باسم «المساعدات الخيرية»، واستفادت من الخبرات والمهارات والأساليب التنظيمية والجماهيرية التي كان يقوم بها اليسار في عمله السياسي والنقابي والمطلبي.
انتشرت مقالات ومفاهيم ليس بالجديدة، ولكنها بدأت بالانتشار الواسع في البلدان العربية والإسلامية، وما يعرف بالبلدان العالم الثالث، وحتى الدول الاشتراكية السابقة، مثل الليبرالية الجديدة، بجانب ذلك كانت «العولمة» وأفكارها تشق طريقها في العالم وبسرعة مذهلة وتبرق في سماء البلدان النامية، مبشرة بفكرة جديدة عن الرأسمالية، هكذا الرأسمالية تعود من جديد في دورة أخرى لتجدد نفسها، ويتم تسويقها في المجتمعات التي تنعدم فيها الديمقراطية وتصادر فيها الحريات العامة، وتنتهك فيها حقوق الإنسان، بأنها نموذج سياسي واجتماعي واقتصادي «أفضل» للبشرية من الاشتراكية، واخذ منظوروها يروجون الأفكار والمفاهيم في كل أرجاء المعمورة، بنشوة الانتصار على النظام الاشتراكي، جاء ذلك في كتاب المفكر الأمريكي من أصل ياباني فوكاياما «نهاية الإيديولوجية».
عام 2008 وتحديداً شهر أكتوبر من ذلك العام، كان عام شؤم على الامبريالية العالمية وفكرتها الجديدة العولمة، عندما بدأت الإمبراطورية المالية والاقتصادية تتهاوى وتتساقط في عقر دارها، الولايات المتحدة الأمريكية وتبعتها كل البلدان الرأسمالية الكبيرة والصغيرة والبلدان المرتبطة بالدولار الأمريكي، وتكبد الرأسمال المالي العالمي خسائر فادحة ولا زالت تأثيراته مستمرة على العديد من البلدان والشعوب، حيث تم الإعلان عن إغلاق وإفلاس العديد من البنوك الكبيرة في تلك البلدان، ودمج البعض منها، وتقديم الدعم المالي من الخزانات المالية لتلك البلدان لإنقاذ تلك البنوك والمؤسسات المالية، بكلمات فشلت فكرة اقتصاد السوق التي روجت لها الرأسمالية العالمية، عندما استخدمت أموال الدولة لدعم تلك البنوك والمؤسسات المالية، خوفاً من إفلاسها وسقوطها، من جديد تذكروا كارل ماركس وكتابه المعروف «رأسمال» الذي كتب في القرن الثامن عشر، وأدركوا أهميته في ضبط إيقاع الفوضى المالية والاقتصادية في تلك البلدان، عندما يتم تطبيق تلك الأفكار التي جاءت في الكتاب.
شكل غياب وانعدام الديمقراطية والحريات العامة والعدالة الاجتماعية في معظم البلدان العربية والإسلامية، منعطفاً خطيراً فاقم من أوضاعها المتردية في الأساس، وساعدت على انتشار أفكار التطرف والغلو في المجتمع، بالإضافة إلى الأوضاع والظروف التي تم ذكرها سلفاً، وفي ظل التراجعات الفكرية والسياسية لدى قطاعات واسعة من المثقفين والحزبين السابقين عن أفكارهم وقناعاتهم، حيث البعض منهم لم يستوعب تلك الأحداث والتغيرات التي حدثت في العالم، وبدأت لهم الأفكار الماركسية، أو لنقل الإيديولوجية، كمفهوم فلسفي، لا تشكل قناعات ومبادئ يسترشدون بها في عملهم السياسي والثقافي، وبدا يتغلغل في نفس ذلك المثقف أو السياسي، الإحباط واليأس والارتداد على ما كان يؤمن به في السابق، بدأ الحلم يتلاشى لديه شيئاً فشيئاً لم يعد المثقف العضوي الذي كتب عنه غرا مشي، وأصبح البعض من السياسيين والمثقفين «الماركسيين السابقين» ينظروون و يروجون للأفكار الجديدة، المنبثقة من «العولمة»، مثل نيوالليبرالية «الليبرالية الجديدة»، واخذ البعض من اليسار القومي، يروج لفكرة تعويم الايدولوجيا، وهي فكرة مأخوذة من المفكر المغربي الراحل محمد عابد الجابري، وهذا الطرح اخطر من الذين يؤمنون بالليبرالية الجديدة، على الأقل هؤلاء أعلنوا صراحة عن تبنيهم إيديولوجية جديدة، أصحاب فكرة تعويم الايدولوجيا أصبحت البوصلة الفكرية مفقودة لديهم.
ففي البحرين، بقي اليسار الماركسي على مبادئه وقناعاته مع الأخذ بالاعتبار التغييرات والمستجدات والنقاشات والحوارات التي حدثت في المحيطين العربي والدولي، وأخيراً عقد لقاء اليسار العربي في بيروت في شهر أكتوبر، وصدر عنه بيان ختامي يسترشد به في عمله السياسي كل حزب حسب ظروف بلاده.
#فاضل_الحليبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التيار الوطني الديمقراطي «المشروع المؤجل»
-
ثقافة التعدد والتنوع والاختلاف
-
انتخابات 2010 والتداعيات
-
لماذا سرقوا أموال الفقراء ؟
-
الفقراء...والأسعار
-
ماذا بعد سقوط جدار برلين؟
-
جامعة البحرين: محاكم تفتيش
-
مأساة -ميثم بدر الشيخ-
-
تحركات مشروعة
-
الحوار الوطني هدف سامي
-
من أجل حرية الصحافة في البحرين
-
اليسار البحريني أين يمضي.
...
-
كلمة القوى السياسية في البحرين في مهرجان صرخة ألم
-
أهمية التعديلات في قانون الجمعيات السياسية.. مهمة وطنية نياب
...
-
أوقفوا التجنيس، امنعوا سرقة الأراضي والبحار، وارفضوا الطائفي
...
-
الطائفية لا تبني وطناً
-
الحكومة والبرلمان والمعارضة في البحرين
-
كيف يتأسس التحالف الديمقراطي ..؟! - البحرين
-
سبعون عاماً من النضال من أجل الأول من مايو
-
الإمبريالية والدكتاتورية وجهان لعملة واحدة
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|