ماجد لفته العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 973 - 2004 / 10 / 1 - 13:19
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
تحتل قضية الامن في العراق الجديد سلم الاولويات في نشاط الحكومة العراقية المؤقته بالرغم من أستحواذ القوات الامريكية والبرطانية على محتوى وجوهر القضية الامنية بمجملها , ويعتبر الامن والاستقرار وعودة الحياة الاجتماعية الى دورتها الطبيعية , في ظل حراك أجتماعي طبقي سلمي يعتمدالقانون والتعديدية والتداول السلمي لسلطة عبر الديمقراطية السياسية والاجتماعية , المبنية على اساس الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية ,وفق الشكل الفيدرالي للحكم الذي يمنح القوميات والاقليات القومية حقوقها المشروعة ويضمن وحدة الدولة والمجتمع في ظل سيادة القانون.
أن تلك الاجندة السياسية الاقتصادية الاجتماعية لايمكنها أن تجد طريقها لتطبيق من دون الامن الذي يعتبر الرافعة الاساسية للديمقراطية بشكلها الواسع, ,والذي يشكل لها الامن القاعدة الاساس التي تبنى عليه الديمقراطية وتتلازم معه في تطوير المجتمع ويتعتبر مقياس لرقيه وتطوره والامن دون الديمقراطية لايمكن تطويره بالشكل الكامل
وفي بلداننا العربية ظل الامن ومتطلباته المصوغ الاساس لقمع ومصادرة الحريات العامة وقمع الجماهير المناضلة من أجل حقوقهاوتحسين مستوى معيشتها ومشاركتها في أدارة مصالحها وشؤونها بيدها, ولللالتفاف على كل هذه القضاياو وضع الامن كمصد لمواجهة الجماهير بالحديد والنار بحجة الطوارئ والقضايا الامنية , لذى تعلمت الجماهير أن الامن والديمقراطية لايمكن الفصل بينهما, كلما تحققت الديمقراطية وجد الامن وكلما غابت الديمقراطية عن المجتمع فقدالامن في ذلك المجتمع .
والقوى المعاديةلعملية الديمقراطية الفتية في العراق تدرك ذلك ولم يعد خافيا التشابك والتعاون والتنسيق االامني بينها في تدبير الاعمال الارهابية اليومية التي يتعرض لها المجتمع العراقي في مختلف جوانب الحياة في المجتمع العراقي برمته, و التأثيرات الجدية التي يتركهاالارهاب والفوضىفي جوانب الحياة السياسية والاجتماعية. ويعكس التحالف بين القوى الداخلية التي تقف بالضد من العملية السياسية الراهنة, والقوى الخارجية الاقليمية والدولية ذات المصلحة في أستمرار تخلخل الوضع الامني وأستمرار تصاعد الاعمال الاجرامية والارهابية بمختلف الوسائل والاشكال , على قاعدة تأزم الوضع الامني في العراق يصب في جعبة الطرفين ويساهم في تعطيل المخططات الستراتجية الامريكية في المنطقةلذىتعتقد هذه القوى مجتمعة بأختلاف مصالحها وتوجهاتها العقائديةوالسياسية أنها قادرة على فرض أجندتها كأمرواقع وشر لابدمن بفعل نجاحاتها المحدودة و تخبط السياسية الامريكية في العراق وفشلها الذريع في حسابات الملف الامني الذي كبدة الشعب العراقي الكثير ولازالت تكبده أكثر, بفعل أصرار القوات المحتلة بأحتفاضها بهذا الملف خدمة للاغراضها التي بات قسم كثير منها يتكشف أمام العالم أجمع.
ويمكن أن نحدد جزء من هذه الاغراض والتي تتجسد في القضايا الاتية:
أولا: أن قوات الاحتلال تعي جيدا الترابط بين تفاقم الاضطرابات الامنية وأستمرار الاحتلال , والذي يشكل تطاردا عكسيا بين الحالتين, مما جعلها تتصرف منذ البداية بصورة خاطئة في حل المؤسسات الامنية والدفاعية دون تميز بين أفرادها, وساهم ذلك في خلق فراغ أمني أستخدم فيمابعد لينقل حالة القوات الامريكية من حالة التدخل الى الغزو والاحتلال ثم قوات حماية دولية بصورة دراماتيكية , تحت ذراع الحالة الامنية,وسوف يستخدم هذا الملف جسر لبناء قواعد عسكرية وأتفاقيات أمنية ومناورات عسكرية وأتفاقات أمنية تحت يافطة مايسمى بمكافحة الارهاب العالمي.
ثانيا:لقد أستغلت الشركات الرأسمالية الامريكية هذا الاختلال الامني لصالحها أسوة في الجوانب الاخرى,لتحتكر قطاع شركات الحماية الامنية في العراق والذي تقدر ارباحه بأكثر من تسعة ملاين , ويشتغل فيه أكثر من 40 ألف مرتزق من مختلف الجنسيات ,و يعتبر أكبر جيش للمرتزقة في العالم يستنزف الاقتصاد ويشكل خطر كبير على الامن والديمقراطية والسيادة والاسقلال في المستقبل القريب.
ثالثا: أظهر الاحتلال تساهل كبير مع العديد من الجماعات الارهابية والعصابات المنظمة , لانها لم تشكل خطر عليه في بداية الاحتلال وكانت تقوم في عمليات أعادة انتشار وتمركز وهيكلة لعناصرها , وأعتبر القادة الميدانين هذه القوة يمكن السيطرة عليها أو أستخدامها بعد السيطرة الكاملة على التراب الوطني العراقي, وأظهرت الاحداث فيما بعد عدم صحة هذه التوقعات وتم التعامل معها بعقلية الستراتجية العسكرية للجيش النظامي وليس بعقلية ستراتجية حرب العصابات.
رابعا: حتى في عملية بناء الاجهزة الجديدة( الشرطة, أفواج الدفاع المدني, الجيش,والمخابرات) , تم أعادة العديد من الملاكات القديمة بفعل الانتماءات العشائرية والطائفية والحزبية والمحسوبية, ممايشكل ذلك سهولة للاختراق من الجماعات الارهابية والعصابات المسلحة, وأنشار الفساد والرشوة والمحسوبية في هذه الاجهزةالتي تكون الوسط الرخو الذي يمكن عبره سرقة المعلومات وتقديم الخدمات اللوجستية للاعمال الاجرامية والارهابية الغادرة.
خامسا: حسب تصريحات مسؤولين في التعبئة العسكرية للقوات الامريكية, ان قوات الدفاع المدني والشرطة والفرق العسكرية العراقية, تعاني من نقص جدي في التدريب والتسليح والتجهيز والخبرات,بسسب ان قوات الاحتلال لم تنفذ تعهداتها بنسبة(60%) في مجال قوات الشرطة, ونسبة (50%) في مجال الجيش حسب تصريح هذه المصادر, مما جعل القوات المسلحة العراقية الجديدة تعاني من نواقص جدية تمنعها من القيام في واجباتها بشكل أكمل في حماية الحدود التي فتحها الاحتلال على مصراعيها, أوتوفر الحماية الكاملة لمواطنيها الذين يخطفون ويقتلون في الشوارع من قبل العصابات الاجرامية والجماعات الارهابية , رغم الجهود المخلصه والتضحياتالجسيمة لمنتسبي هذه الاجهزة.
كل هذايصب في صالح طرفين يكون الشعب العراقي الخاسر الاول بينهما , فقوى الاحتلال حتى وأن لم ترغب حسب ماتدعي في تدهور الوضعي الامني ,فهو يصب في صالحها ويخدم أغراضها ومصالح أحتكارتها المتعددة الجنسيات في السلاح والغذاء للاستنزاف خيرات وثروات الشعب العراقي وفرض شروط مجحفة أكثر على بلد يعاني من مصاعب جدية بسسب الفلتان الامني.
والجانب الثاني القوى الاخرى الخليط المتحالف تحت بودقة الشر والكراهية للشعب العراقي, من الارهابين والمجرمين والسلفين المتعصبين والقومجيه الشوفينين, أصحاب المقاومة الكاذبه, فهم يستغلون العملية للاعاقة العملية الديمقراطية, وفرض شروطهم الميدانية , وتسهيل عودة العديد من القوى التي تتحمل جرائم البعث الى الحياة الطبيعية والسياسية دون عقاب عادل على ماأقترفته أيدهم بحق الشعب بحجة خلق الاستقرار الامني.
والحكومة المؤقته التي لاتملك من الحلول القوة لتسلم هذا الملف برمته وتمسك القليل, تقف في موقف لاتحسد عليه , مما يدعو الى تأسيس جديد لمفهوم الامن في المجتمع العراقي ينعكس فيه الفهم السليم لترابط الامن كحالة تعبير عن الاستقرار والحراك الاجتماعي السلمي للمكونات اللاجتماعية الشعبية في المجتمع في جوانب الحياة الانسانية الاجتماعية والاقتصاديةوالطبيعية المختلفه , ولذا يتطلب من السلطات الثلاث التنفذية والتشريعية والقانونية أن تعمل كفريق واحد من أجل سيادة القانون والحفاظ على الديمقراطية السياسية والاجتماعية الاقتصادية, والاقرار بتداول السلمي لسلطة والتعديدية كأساس للنظام السياسي والحقوقي في المجتمع العراقي الجديد, مما يجعل الامن الشعبي الجمعي يستند الى ثلاثة مرتكزات أساسية,المرتكز الاول: السلطة التنفذية وأجهزتها الامنية والعسكرية,المرتكز الثاني: اللاحزاب والحركات السياسية ومنظمات المجتمع المدني , المرتكز الثالث: الكتل الشعبية والاجتماعية الغير مسيسة , والجماعات والكتل الاجتماعية التقليدية.
في هذه الحالة يتطلب تأسيس جديد للوعي الامني ,أن تكون مهمته أمن وحماية المواطن والتي تؤدي الى حماية المجتمع, ولو حاولنا أستخدام هذه النظرية الامنية الوطنية لمحاربة الارهاب وحماية الديمقراطية ومؤسساتهاالمختلفه, فعلى سبيل المثال لاالحصر , في المرتكز الاول يمكن للمدرسة والدائرة الحكومية والمستشفى ودائرة الكرباء وأسالة الماء, تشكيل فرق أمنية من الموظفين لحماية ممتلكات الدائرة والدفاع عن الدائرة في حالة الاعتداء,وحماية الموظفات من الاختطاف والاعتداء من قبل العصابات الاجرامية والارهابية, وهنا يمكن تسميته الحماية الشعبية للدائرة الذي يختلف عن جوهر ومفهوم أمن الدائرة في زمن البعث الذي أدى الىسوق الناس للمحارق القادسية ومصالخ الموت في دهاليز الامن والمخابرات العامة.
وفي المرتكز الثاني بصورة مبسطة أن تحمي الاحزاب والمنظمات المقرات والشوارع المحيط بها , وتضع عيون لها ترقب المناطق التي تواجد بها لتجنب الناس مخاطر التفجيرات في منطقة عملها, وأن تدفع منظماتها بالتنسيق مع الحكومة في حماية الاسواق ومناطق المشاة والمدنين في المناطق المزدحمة وبتسليح شخصي غير ظاهر حتى لايكون مستهدف مع تراخيص محدودة معروفة الجهات التي تحملها ومبلغ عنها لدى السلطات وعن مناطق تواجدها وأسماءعناصرها.
أما المرتكز الثالث , يمكن عبر تكليف أبناء المحلات بحماية المناطق عبر مجالس المدن , وكذلك العشائر بحماية مناطقها داخل الوطن والحدودية مع دول الجوار والقيام بمشاريع خدمية للمناطق التي تبدع خارج خطط التنمية المرسومة , وجوائز مالية وتقديرية للافراد المشاركين في الحماية الشعبية.
أن العمل في النظام الشعبي الجمعي مسؤولية جماعية سوف تشكل نظام حماية للمواطن وعائلته التي هي أصغر وحدة أجتماعية حتى أعلى تكوين أجتماعي ألاوهو المجتمع بكامله , وسيكون هذا النظام حامي ورقيب للعملية الديمقراطية ويعيد للعراقين ثقتهم بالدولة وتحملهم المسؤولية الجماعية في حماية المجتمع.
#ماجد_لفته_العبيدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟