خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال
(Khaled Juma)
الحوار المتمدن-العدد: 3253 - 2011 / 1 / 21 - 22:17
المحور:
الادب والفن
قلتُ: وحِّدْ مزاجَكَ
يمرُّ بي، كزجاجٍ سائلٍ خفيفٍ على العينِ، وحشيُّ الرائحة، لا يكترثُ بالأسماء، ولا تعيقهُ الأوقاتُ، هو البحرُ أكادُ لا أعرفُ صورتي دونَهُ.
قلت: انتزعني من صباي كأغنية منسية، لأني أحرجتُ المطرَ على زجاجِ نافذتي، ووصفتُكَ مثلَ عجوزٍ خائفٍ بذكرياتٍ يابسة، واحبسني كموجةٍ بلا زَبَدٍ تحكُّ جُدرانَ السُّفُنِ التي لا تعودُ لشاطئٍ أبداً.
آتياً من أسطورةٍ مثلَ كلامِ صبيٍّ يعبّئُ الغيمَ في جيوبِهِ الخضراء، برئتين من عواصفَ يُكمِلُ روايةً بدونِ طرفينْ، ملامِحُهُ أحصنةٌ من حنينْ، ينجبُ الرِّيحَ بمزاجٍ لا يُخطئُ، وحينَ تمرُّ الحضاراتُ على خطِّ الشاطئِ المُحنّى بالرَّملِ، يغرقُ في الملهاةِ، يُشَرْبِكُ الموجَ بالريحِ بالذكرياتِ بالغيمِ، ويخدعُ النومَ في مشهدٍ طويلٍ يحدُّهُ وعيٌ هائلٌ من أعماقِهِ المنذورةِ للغموض.
قلتُ: وحِّدْ مزاجَكَ
قالَ لي جدٌّ جدِّيٌ إلى حدِّ اليباس: تعلَّمْ أن تُكلِّمَ البحرَ مغمضَ العينين، منفتحَ القلبِ، ليطمئنَّ إلى نواياك، واشبُكْ يديكَ بموجِهِ، على شكلِ عناقٍ خفيفٍ، ودع كلامَهُ يدخلُ مسامَكَ، ولا تخطئ كبقيةِ الغرقى حين اغتسلوا بماءٍ عذبٍ بعد العناقْ.
قلتُ: تزورُكَ امرأةٌ في موكبٍ من هواءٍ مُشبَعٍ بالملحِ، فتنشئُ خطّاً بين العارفينَ والعاشقينْ، وتُبقيها وحدَها كجوهرٍ مقدَّسٍ، فيما تخفقُ القواربُ كفراشاتٍ على قدميها.
أبتعدُ، فيجرُّني، كسائرٍ في نومِهِ أمضي، أشمُّ نوبةَ بكاءٍ مكسورةٍ على الصخرِ، تخرُجُ الأصدافُ كنهاياتِ حكاياتٍ مدوّنةٍ بحزمٍ على ظهورها، تنزُّ الموسيقى بحريَّةً لا تُقَلَّدُ، تزحفُ دهشةُ الأسماكِ في بياضِ الموجِ، وانتظارٌ يلسعُ الصباحَ الآتي على مهلٍ من نافذة السماء، صمتٌ في زاوية الدائرة... البحرُ يغني.
21 كانون أول 2011
#خالد_جمعة (هاشتاغ)
Khaled_Juma#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟