أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جهاد محمد حمه‌کریم - حوار مع جمال علي الحلاق حول الاديان والمرأة















المزيد.....



حوار مع جمال علي الحلاق حول الاديان والمرأة


جهاد محمد حمه‌کریم

الحوار المتمدن-العدد: 3252 - 2011 / 1 / 20 - 20:16
المحور: مقابلات و حوارات
    


خاص بجریدة هاوڵاتی و الحوار المتمدن.
المحاور: جهاد محمد حه‌مه‌کریم
الاسلام من مختلف وجهات النظر

١/ فی الظاهر قوة وهیمنة الإسلام السیاسی فی تسعینات القرن الماضي وکانت فی أوجها وهذە لا نلمسه الآن . لکن الإسلام کایدولوجیة عبرت عن خطابها فی الاسلام السیاسی وهذە الوجهة شملت جمیع نواحي المجتمع بما فیها المؤسسات ( والأحزاب التی سمت نفسها بالعلمانیة ) بحیث لا یمکن للمرء الفصل بین الأحزاب العلمانیة والأحزاب الإسلامية ، علی هذا الأساس نتسأل هل ان الإسلام السیاسي فی حالة تراجع ام فی حالة تقدم برايكم ؟
الدين ينمو داخل المجتمعات التي يتسيّد عليها ما يمكن تسميته بالعقل الإنفعالي ، أي وجود قابلية الإنجراف دون انتماء ، هذه القابلية تجعل عملية التحكّم بمشاعر الناس أمراً سهلاً للغاية ، خصوصاً حين تبدأ الجهات المتحكّمة بالضرب على بعض المفاهيم الإجتماعية المتجذّرة داخل البنية الثقافية للأفراد ، وبالتأكيد فإنّ الجنس هو العمود الفقري لكلّ حملة دينية ، وهذا يعني أنّ الحركات الدينية تبدأ مباشرة بقمع المرأة وتحجيم دورها داخل المجتمع لاعتبارها ( عورة ) ، وهنا يبدأ دور الحركات العلمانية المقابلة ، التي ستكرّر من جديد طلب فصل الدين عن الدولة ومنح المرأة حقّها في مساواة الرجل .
ما حدث في التسعينيات هو انهيار النموذج اليساري ، وبالتالي أصبح العالم واقفا على ساق واحدة ، ولأنّ الرأسمال لا يتقاطع مع الدين ، فإنّه سرعان ما ساهم بخلق حركات دينية هنا وهناك - سواء في الشرق أم في الغرب - تتضارب مع الحسّ المادي اليساري ، يمكن أن نتحسّس ذلك في الحركات الأصولية البروتستانتية التي تطالب الآن بإلغاء تدريس نظرية النشوء والإرتقاء في أكثر من أربعة عشر ولاية أمريكية والعودة الى تدريس نظرية الخلق وفق الطرح التوراتي لها تحت مسمّى ( التصميم الذكي ) . لم يكن الصراع البارد بين اليسار واليمين صراعا اقتصاديا فقط ، بل كان تنافساً علمياً في جانب منه ، وكان ذلك التنافس يتطلّب من كلا الطرفين أن يبادر الى غربلة مجتمعه من الخرافات ومن التصوّرات القديمة التي تتناقض مع الإكتشافات العلمية الحديثة ، أما وقد انهار الإتحاد السوفيتي ، النموذج اليساري ، فقد أصبح الصراع اقتصاديا بحتا ، وبهذا تم التخلّي عن التنافس العلمي ، وتمّ التمهيد للردة الفكرية سواء في الشرق ام في الغرب .
في مجتماعتنا العربية ، وانا اتحدّث عن العراق ، فقد كان تدريس نظرية النشوء والإرتقاء يتم بطريقة خجولة جدا ، أشبه ما تكون بهامش على نظرية الخلق الدينية .
ينبغي أن ننتبه الى أنّ السلوك الإجتماعي – بعيدا عن القسر - يتبع الفهم والإدراك ، وان هذين الأخرين هما نتاج زاوية نظر معينة ، وعليه لكي نحصل على ممارسات أكثر مدنية علينا أن نعمل على تأسيس منهج تعليمي يزرع بذرة الإنفتاح داخل المنظومة المعرفية للفرد داخل المجتمع .
هناك رغبة اجتماعية للتغيير ، غير أنّ هذه الرغبة يتمّ تحريكها باتّجاهات متشظيّة غير ذات معنى إن لم تكن مدمرة .
وهناك حقيقة اجتماعية تؤكد أنّ الدين يفقد هالته القدسية حالما يستلم السلطة ، يفقد قدرته على التأثير ، ويبدأ ظهور عجز المنظومة الدينية عن حلّ المشاكل الإجتماعية الراهنة ، وبهذا ينجر الدين عبر ممثليه الى ممارسة العنف والقمع ضدّ المكونات المجتمعية الأخرى ، فيبدأ المنع والتحريم والتكفير وكتم الأصوات ، ومن هنا تبدأ الحكومة الدينية بإعلان إفلاسها ، استلام الحركات الدينية للسلطة يجعل الحركات تقف في لبّ أزماتها وتناقضاتها ، هذه الحقيقة ينبغي استثمارها من قبل العلمانيين للتعجيل في عمليية التغيير المدني الإيجابي .

٢/ یا تری هل جری عملیة الإصلاح التحديث داخل الاسلام ؟ ام ان الإسلام کفکر ودين لن یقبل ویتحمل الإصلاح !؟
في الدين ، وانا اتحدّث هنا عن العقل الديني ، لا فرق أكان يهوديا أم مسيحياً أم إسلاميا ، أقول ، في الدين لا مجال للإصلاح ، لأن الحكم ، أيّ حكم يأخذ صفة القداسة ، والقداسة بمعناها الأدّق هي الإنغلاق على النصّ ، وما يحدث عادة هو نوع من التحايل على النص المقدّس ونوع من المساكتة عن عجز النصّ على استيعاب اللحظة الراهنة ، وعليه فإنّ أيّ عملية تأويل هي محاولة خروج على حكم النصّ ، محاولة تجميلية لا أكثر ، وبالتأكيد فإنّ عمليّات التجميل المتراكمة تقود الى نوع من المسخ والتشويه ، في النهاية ، لا يكون للتأويل صلة بالنصّ ، تماما ، كما لو أنّها استبدال وجه بوجه . ومع هذا فالتأويل أحدى آليات ديمومة النصّ المقدّس حتى ولو كان بالإبتعاد عن نقطة البداية الأولى ، التأويل محاولة في خلق مقدّس بشمولية جديدة . التأويل يجعل النصّ يلعب على مربعات الشطرنج كلّها الأبيض والأسود معا ، أي أنّه نوع من ضياع الجهة ، وبالتالي ضياع الهوية .


٣/ ما العمل تجاە الدین بحیث لا یطغي علینا ولن یتحکم بحریاتنا الشخصیة والفردیة ؟
لا مفرّ لنا من اللجوء الى الدستور المدني باعتباره النافذة المفتوحة على التجربة البشرية ، ومحاولة تكريس الفهم – سواء في الإعلام أو في مناهج التعليم - في أنّ الدين شأن خاص ، وأنّ الدستور المدني المنفتح شأن عام ، وأنّ أيّ محاولة تجاوز أو خرق للدستور هي خرق وتجاوز على الأخلاق العامة .
وما يحدث الآن في العراق من تحجيم للحقوق الفردية هو نتاج فهم محدود جدا ، قائم على أنّ الدين هو الأخلاق ، وهذا الفهم الخاطئ والقاصر لا يستوعب حقّ حرية الأفراد في الإعتقاد ، لا يستوعب حقّ وجود آخر يمتلك تجربته الخاصة في الحياة أو له موروثه الإعتقادي أيضا ، ما يحدث هو جعل الإكراه نافذة للإنتشار ، وهذه وسيلة ستقود حتما الى إفراغ الدين من أيّ قيمة إنسانية ، وتكشف مدى التناشز بين الإقامة داخل بنايات بمعمار حداثوي لكن بعقلية إنسان حجري كهفي .

٤/ هل یوجد الفرق بین ما یسمی بالدین السماوي والدین الوضعي ( الأرضي ) ؟ یعتقد البعض ان الأديان بصورە عامة لیس هناک فرق کبیر بینها .
لا أريد هنا أن أتحدّث عن دين سماوي وآخر وضعي ، لأنّني أنظر الى الناس فأراهم على قسمين ، قسم بعقل ديني ، وآخر بعقل علمي ، والقول بالعقل الديني يشمل أيضا كلّ الأفكار الشمولية التي تنغلق على نفسها ، سواء أكانت ذات صبغة إيمانية أو إلحادية ، العقل الديني عقل لا يساوره الشك ، يقيني النزعة ، تبشيري أيضا ، بينما العقل العلمي يترك نافذة الشكّ مفتوحة ، وهو ليس تبشيرياً بل محرّضاً ، يقود الى التساؤل والخروج . العقل العلمي باحث بينما العقل الديني متيقّن ، العقل الديني لا يجيب عن الكيف بل عن اللماذا ، وهذا هو أصل التباين بينه وبين العقل العلمي ، لأنّ الأخير مستنفرٌ تماماً للإجابة عن الكيف ، العقل العلمي مستنفرٌ تماماً للبحث عن القوانين التي تجري وفقها حركة الأشياء ، ولا يقف عند حدود قانون واحد ، بينما العقل الديني يرمي بكلّ شيء على أكتاف قوّة غيبية خارقة ، أو قانون سابق كالديالكتيك مثلا .

٥/ هل بامکاننا القول بان الإسلام انهی العنف القبلي لکن جلب العنف الطائفي والتعصب الدیني . هل یوجد بین العنفين المذکورین ( العنف القبلي والتعصب الدیني ) مساحة ولو قلیلة للحریة الفردیة والعدالة الاجتماعیة واحترام حقوق الإنسان ؟
الدين مستوى اجتماعي منغلق لكنّه اكثر اتّساعا من مستوى الأعراف الإجتماعية ، والإنسان في اللحظة الراهنة هو ساحة صراع لمستويات اجتماعية ثلاثة ، يمثّل الدستور المدني المستوى الاجتماعي الأعلى على صعيد الدولة ، وبالتأكيد فإنّ حركة التاريخ تّتجه الى القرية الواحدة ، أي تجاوز الدستور القطري الى دستور دولي عالمي .
ما يهمّنا هنا هو أنّ الإنسان في اللحظات الإجتماعية الحرجة غالبا ما يقفز من مستوى اجتماعي الى مستوى اجتماعي آخر ، وقد يكون القفز من الأدنى الى الأعلى ، وقد يكون القفز من الأعلى الى الأدنى وهذا ما يحدث أثناء الصراعات الدموية ، فإلى جانب الحسّ الطائفي يبدأ أيضا الحسّ القبلي بالنمو ، خصوصا حين تبدأ الطائفة الواحدة بالإنشطار ، وتصبح الكتلة الطائفية غير كافية كدرع حماية أو سند للأفراد . ولو أنّنا كرّسنا النظر في السلوكيات الإجتماعية داخل بنية المجتمع العراقي مثلا لوجدنا كثيرا من تغلّب الحسّ المناطقي والعشائري على الحسّ الطائفي .
أذكر هنا قصّة مسكوتاً عنها حدثت بين منطقتين في محافظة بابل هما منطقة ( الحمزة ) ومنطقة ( القاسم ) يفصل بينهما نهر ، وتسمية المنطقتين جاءت لإحتواء كلّ منها على ضريح ديني مقدّس ، أحدهما هو ( ضريح الحمزة ) وآخر هو ( ضريح القاسم ) ، وغالبا ما كانت تحدث صراعات مناطقية بين أهالي المنطقتين الشيعيتين ، وبلغت شدّة الصراع ذات يوم أن عبر أهل منطقة الحمزة الى منطقة القاسم واكتسحوها واكتسحوا ضريح القاسم أيضا ، ولم يترددوا في أن يهتفوا داخل صحن الضريح : " يالحمزة أعبر نيك القاسم " . هذا الهتاف يكشف أنّ جذور العرف الإجتماعي وتغلغله أكثر عمقاً وترسّباً من الإعتقاد الديني في بنية الأفراد الذين ينتمون الى طائفة واحدة .
والحركات الدينية تعتمد في انتشارها بين الناس من خلال العزف على أوتار الشرف العشائري مثلا وهو مفهوم لا ديني ويختلف تماماً عن مفهوم الشرف وفق الدستور المدني ، فالسرقة مثلا جريمة مخلّة بالشرف وفق الدستور لكنّها ليست كذلك وفق العرف العشائري ، وقد كانت العرب لا تزوّج الرجل إبنتها إن لم يسرق ، ويعتبرون قدرته على السرقة إشارة الى أنّ ابنتهم لن تجوع لديه . وبالتأكيد فإنّ السرقة يجب أن لا تكون من الجار أو من عشيرة الرجل بل من منطقة بعيدة أو من عشيرة أخرى ، وهو ما يشبه تحليل بعض العلماء للسرقة من أموال الدولة في التسعينيات ، وتحليل أموال غير المسلمين وهلم جرا .
أريد أن أقول هنا أنّ الدين والعرف العشائري يتطابقان من حيث رؤية الحق للمنتمي فقط ، ويتعاميان عن رؤية حقّ الآخر المختلف ، وهنا يكمن أساس الإختلاف بين الفقه الديني والعشائري عن الدستور المدني الذي يقوم على كفالة حقوق كلّ الأفراد بمختلف إعتقاداتهم .

6/ فی العقود الماضیة کان هم المثقفين بحث ومناقشة الدین بکل ابعادە لکن الآن تضاءلت هذە النقاشات الی حد کبیر فما سبب ذلک فی رأیکم ؟
لا اعتقد ذلك ، وأرى أنّ القراءات الحديثة سواء للفكر الديني أو للممارسات الطقسية أكثر حدّة وجرأة مما كانت عليه أيام ( طه حسين ) و ( علي عبد الرازق ) مثلا ، بل يمكن اعتبار اللحظة الراهنة هي لحظة مكاشفة وليست لحظة مساكتة ، وأرى سعة انتشار الكتب النقدية دليلا على نمو الحسّ النقدي بين الناس ، هناك رغبة كبيرة لإعادة قراءة التاريخ ، لكن ، ينبغي أن نعترف هنا ، أنّنا نحتاج الى وقت لكي تساهم هذه الكتابات وهذه النقاشات في خلق ثقافة تعي وتتقبّل مفهوم الحرية الشخصية ، وتتقبّل أيضاً مبادئ حقوق الإنسان ، أعتقد أنّ الشارع العربي مثلاً يحتاج الى تكثيف الممارسات والسلوكيات المدنية لكي ينمو الحسّ المدني بين صفوفه أكثر فأكثر . تفعيل الإحساس بالحرية الشخصية تحت خيمة الدستور المدني هو الذي يدفع الى بناء مجتمع منفتح ، الإحساس بالحرية الشخصية تعني أوّل ما تعني الإحساس بوجود الآخر ، الحرية الشخصية تعني المشاركة وليس الاحتكار ، هذا الفهم كفيل بإعطاء كلّ فكرة أو كلّ ممارسة اجتماعية حجمها الحقيقي . النقاش وحده لا يكفي ، نحتاج الى ممارسات مدنية خارج نطاق الدين ، أي ينبغي أن يعي الفرد أنّ الخروج من حكم الدين لا يقود الى فوضى ، ولا يعني الخروج عن الدين خروجا عن الأخلاق ، فالأخلاق إتفاق اجتماعي ينمو مع نمو المجتمع ولا علاقة له بالدين .

7/ کیف ترون دور المؤسّسات الإعلامية فی مجال الثقافة الدینیة من وجهة نظرکم ألیس هم سایروا العقلیة السائدە ، أی خجولین ولیس بامکانهم انتاج اسئلة جدیة فی هذا الجانب .
في الفضاء الإعلامي هناك أما تطرّف ضدّ الدين أو تطرّف ديني ، وكلاهما سيء ، المطلوب أن تتبنّى الدولة مؤسّسات معتدلة ، لا تحارب الدين كدين ، لأنّه في النهاية مسألة شخصية وحقّ من حقوق الفرد ، بل تحارب الحسّ الإيديولوجي فيه ، وتحاول أن تتبنّى المسامات المفتوحة داخل الدين وتعمل على تصعيد هذا الإنفتاح ، يمكن ان يتمّ ذلك عن طريق دفع التنويريين من الدينيين الى أخذ مساحة من الحضور الإجتماعي ، أي محاولة تقريب الدين من الدستور المدني ، وليس تقريب الدستور الى الدين كأيديولوجيا .
8/ الی أیّ حدٍّ مع الرأی القائل فی أنّ الجدل بین الاحزاب العلمانیة والاحزاب الدینیة هو جدل سیاسی ولیس جدل فکری وثقافی ؟ أی أنّ الصراع ما بینهم أصبح صراعا سیاسیا ولیس صراعا ما بین الحکم العلمانی والحکم الدیني المعتمد علی اختلاف الفکر والثقافة .
اتّجاه الصراع يحدّد هويته ، فإذا كان الصراع تنافساً على السلطة فإنّه صراع سياسي ، أما إذا كان صراعا حول آليات التغيير فإنّه يأخذ صبغة اجتماعية . وحتى تكون الإجابة أكثر وضوحا ينبغي الإنتباه الى أنّ اختلاف الأحزاب يعني تبايناً في الثقافات ، والقول بذلك يتطلّب اختلافا في السلوكيات والممارسات الاجتماعية والفردية على حدٍّ سواء ، أفهم الثقافة كسلوك ونشاط حياتي يحدّد خصوصية فئة ما سواء أكانت هذه الفئة تيّارا اجتماعياً أم فردا ، لأنّ الفرد في النهاية هو خط اجتماعي أيضا ، وحين يكون الصراع على الممارسات الاجتماعية فإنّه حتما صراع اجتماعي ، وما يحدث الآن في بغداد من محاولات تضييق الخناق على كلّ ما هو خارج نطاق الدين هو في الأساس صراع اجتماعي قمعي يتّخذ الدين كسلطة وليس الدستور المدني ، الصراع الآن ليس صراعا على السلطة ، لقد تمّ حسم الأمر بنوع من المساكتة ، وهذه المساكتة تمنح الدينيين جرأة القفز على حريّات الآخرين تحت مسمّيات أخلاقية دينية ضيّقة ، وهذا القفز هو بحدِّ ذاته خروج على الأخلاق العامة التي يكفلها الدستور .

9/ برأیکم لماذا في أکثر الأحیان یلصق الإرهاب بالدین الإسلامي هل سبب فی ذلک هو العنف الذي تمارسه القوی السیاسیة الدینیة أم ان الأمر یتعلق بجوهر الإسلام وبرنامجه ؟
القضية سياسية بحتة ، ينبغي أن لا نقع في الفخ ، العقلية الدينية واحدة بكلّ أشكالها ، لقد عانت أوربا من الكنيسة الى أن تمّ تقليم أظفارها ، المطلوب الآن تقليم أظافر الجامع أيضا .

10/ هل بامکاننا القول بأن الدین الاسلامي هو دار للسلام وفی نفس الوقت منبع للعنف ، اذا أردنا ان تکون قراءتنا منصفة وعادلة للدین الإسلامي ؟
هناك بعض النصوص القرآنية المنفتحة التي تدعو الى البحث والتساؤل ، وتدعو ايضا الى التعارف بين الشعوب ، يعني هناك ما يمكن استثماره من اجل تفعيل المشاركة الإنسانية في خلق عالم أفضل ، لكن هذا لا يتم الا بالسكوت عن كثير من النصوص القرآنية التي تدعو الى القتال والعنف ، وينبغي أن يكون السكوت نتاج فهم وإدراك أنّ اللحظة التاريخية التي تمّ فيها تدوين النصّ كانت ذات أبعاد اجتماعية وثقافية مختلفة ، وأنّ نصوص الانفتاح وحدها تمثّل الإسلام في اللحظة الراهنة ، بهذا فقط يواصل الدين ديمومته ، وفي نفس الوقت يقترب من الحسّ المدني العام للإنسان على الأرض الآن . ينبغي فهم النصوص المفتوحة باعتبارها رخصة شرعية لمسايرة التغيّرات الإجتماعية ، وإلا فإنّ الدين القائم على الغزو والسلب والنهب قد مات وانتهى ، وعلامة انتهائه بؤس الشعوب المؤمنة به ، وأنا هنا أقرأ البؤس الإجتماعي كدلالة لتفسّخ الجثّة .

11/ الی أیِّ حد مع الرأی القائل : آن الآوان لأصلاح الدین الاسلامي ، واذا یجوز الاصلاح فمن یقوم بهذە العملیة الاصلاحیة ؟
كلّ ما يأتي من الخارج هو عائق ، حتى وإن جاء بنيّة صادقة ، ينبغي أن تبدأ الحركات التنويرية من داخل المنظومة الاسلامية ذاتها ، وأعتقد ، عراقيا ، هناك خطوط تنويرية فكرية جديدة سيكون لها شأنّها الإجتماعي لاحقا ، سواء أكانت هذه الخطوط فردية أو مؤسّساتية ، المطلوب هو وقوف التنويريين معا من أجل خلق حركة مركزية فاعلة ، ينبغي الإشارة هنا الى ما يقوم به التنويري ( أحمد القباجني ) مثلا .

12/ فی رأیکم أین موقع الحکومات في هذە المعادلة ، ینبغي علیهم أن یکونوا المتفرجین أو المراقبین والمساهمین ؟
على الحكومة دائماً أن تصطف الى جانب الدستور المدني ، لأنّه القانون الوحيد الذي يستوعب وجود الآخر وجودا عضوياً حيوياً ، الدستور المدني يجعل الآخر متساوٍ في الحقوق والواجبات ، بالتأكيد أنا اتحدّث عن حكومة منتخبة بطريقة دستورية ، الدين مسألة شخصية ، أما الدستور المدني فقضية عامة ، وعليه فالدستور المدني هو الذي يمثل الأخلاق العامة للدولة وليس الدين ، لأنّ الدين في النهاية يخصّ فئة دون سواها ، الدين يمثل أخلاق الفئة التي تؤمن به ، وعلى المؤمنين أن يتركوا في ولائهم فسحة للآخر المختلف المكفول وجوده بنصوص الدستور المدني ، من هنا ، على الحكومة أن تكون أكثر استيعابا لهذا الإختلاف الجوهري بين الفردي والجمعي ، فالدستور يكفل للفرد حريته الشخصية ، وبالتالي يكفل له اعتقاده الشخصي ، بينما الدين يتقاطع مع ذلك في حالة صعود الدين كسلطة . وهذا ما نراه ونتحسّسه الآن من وقوع الحكومة العراقية في فخّ الأخلاق العرفية والدينية وليس الأخلاق الدستورية .

13/ هل هناک آفاق لانفصال الدین عن الدولة لدی الحکومات العربیة ، وأیة حکومة مرشحة لذلک ؟
القمع الدكتاتوري ليس حلاً لقضية الدين ، لذا فإنّ أسرع البلدان العربية دخولا الى الفوضى هي أسرعها دخولا الى العلمانية ، أي فصل الدين عن السياسة ، وعليه فلبنان سبقت العراق ، وأظن أنّ مصر تّتجه الى نفس اللعبة ، حكومة الشراكة بادرة مهمة شرط أن لا تقف عند حدّ المساكتة السياسية ، ولا أعتقد أنّ بإمكان أيّ دولة أن تصل الى العلمانية إذا لم تبادر الأقليّات الى فرض حضورها الإجتماعي ، لا بد للآخر أن يعلن عن وجوده ، فاليسار مثلا كخطٍّ إجتماعي ينبغي أن يعلن عن وجوده على صعيد الممارسات الحياتية وليس الكتابي فقط ، الشارع العربي بحاجة الى سلوكيات وممارسات مدنية ، وأعتقد إذا ما توفّر سقف مادي أدنى كضمان اجتماعي فإنّ الرياضة يمكن أن تكون نافذة لممارسات أخرى غير الذهاب الى الجامع أو الكنيسة . الرياضة بأنواعها هي الدين الحق في استراليا مثلا .




ملف المرأة
أسئلة حول قضیة المرأة
١/ هناک البعض من المثقفین یعتقدون دوما ان سبب العنف ضد المرأة هو الدین ، فی رأیک هل هذا الرأي صحیح ؟
الأعراف الإجتماعية أوّلا ثم الدين ، وفي الكثير من الممارسات الإجتماعية هناك مساكتة متبادلة بين ذكورية الأعراف وذكورية الشرائع ، غسل العار مثلا عرف اجتماعي يسكت عنه المنبريون ، لأنّ الجنس المقدّس هو العمود الفقري الذي يتكئ عليه جسد الدين وجسد الأعراف العشائرية .
المرأة والرجل على السواء يعانيان من دكتاتورية أعراف تمّ طلاؤها بصبغة دكتاتورية دينية . إدخال مفهوم الطاعة في علاقة المرأة بالرجل ، وتكريس مبدأ " شاوروهن وخالفوهن " ، هناك شيء من عدم الإحترام تجاه المرأة يتم نقله وتبنّيه من جيل الى آخر ، وهذا عائد في الدرجة الأساس الى هيمنة منهج النقل عن الأسلاف دون قراءة أو تحقيق . ببغائية النقل وإقصاء العقل . وهذا المنهج هو الذي كرّس الثقافة الشفاهية داخل بنية الشعوب الإسلامية الى الآن . أعتقد أنّنا بحاجة الى غربلة الأعراف الاجتماعية وإقصائها عن أيّ صبغة دينية ، فلا علاقة للدين مثلا بالنظرة الدونية للمرأة المطلقة في المخيال الشعبي ، وبالتأكيد فإنّ عملية الغربلة تقع على أكتاف الدينيين التنويريين أيضا ، هكذا فقط يمكن جعل التغيير الإجتماعي أكثر سهولة وأكثر مرونة .

٢/ الی أیّ حد الرأي القائل صحیح حیث یفید بأنّ السبب الکبیر فی اللا مساواة یرجع الی الغبن الذي لحق بالمرأە فی الإسلام خصوصا المسألة التي تتعلق بالمیراث والشهادة حیث أنّ المرأة فیها نصف الرجل .
في المجتمع الذكوري لا تأخذ المرأة حقّها في الميراث ، بل تتنازل عنه ( بشكل يبدو طوعيا ) الى أخيها الذكر . فقضيّة الغبن هنا لا تقتصر على الدين فقط ، ولكن تمتد الى العرف الإجتماعي أيضا ، والقول بأنّها " تتنازل بشكل يبدو طوعيا " يكشف في الحقيقة التغليف والتجميل لعملية القسر الضمني ، فالمرأة وهي تتنازل عن حقّها تبدو كما لو أنّها تمارس حقّها ، لأنّها ستساهم في خلق مركزية الأخ ، دون أن تنتبه الى كون الممارسة تجعلها الضحية على الدوام .
يمكن القول أنّ تحجيم حركة المرأة ( الإقرار في البيت ) كان سببا وراء الكثير من الإجحافات التي لحقت بالمرأة المسلمة ، ولعلّ فشل حركة ( عائشة ) الإنقلابية على ( علي بن ابي طالب ) في ( معركة الجمل ) كان وراء تجسيد هذا التحجيم وتبنّيه الى أقصاه ، فلو حدث أنّ ( عائشة ) لم تفشل في حركتها الإنقلابية تلك لربّما تغيّرت كثير من المفاهيم المجحفة بحق المرأة ، ولما كانت بنصف عقل الرجل ، او حتى بنصف حقّه في الميراث .
لكن ، الآن ، وبعد أن اتّسعت حركة المرأة بخروجها الى العمل مثلها مثل الرجل ، وبدأت تكون مسؤولة عن وضعها الإقتصادي ، وبالتالي تحرّرها من ( قيمومة الرجل ) ، بل إنّها في أحيان معيّنة تعيل العائلة أكثر من الرجل ، أقول ، الجانب الإقتصادي للمرأة عامل أساس في إحساسها بحريتها ، وتنمية هذا الإحساس سيدفعها الى الإحساس بالغبن ، وبالتالي الى المطالبة بحقّها في المساواة داخل البيت العائلي ، وداخل البرلمان أيضا .

٣/ ما العمل لتقلیل العنف ضد المرأە وما هو طرح الاسلام بهذا الخصوص .
هناك تصوّرات اجتماعية متوارثة تجاه المرأة المطلّقة والمرأة العانس ن هذه التصوّرات تجعل المرأة ، سواء المتزوجة أو التي لم تتزوج بعد حريصة على أن تمتلك سقفاً زوجياً فوقها ، وعليه فنحن بحاجة الى كسر هذا الحرص داخل المرأة ذاتها ، وبالتأكيد فإنّ تحرّرها اقتصاديا سيجعل كفّتها هي الأثقل ، ولهذا نرى الآن في العراق مثلا كيف بدأ يتهافت شباب على نساء أكبر سناً لأنّهن موظّفات ويمتلكن دخلا ماديا مغريا ، هذه الظاهرة السلبية بدءاً ستكون قوّة فيما بعد في تأسيس الهويّة الشخصيّة للمرأة ، وتزيد من صلابتها ، لكنّنا أيضا ، نحتاج الى تفعيل الحسّ المدني داخل بنية المجتمع ، والمساهمة في رفعه عن مستوى المفاهيم العرفية تجاه المرأة ، وأعتقد أنّ خروج المرأة الى العمل كفيل بخلخلة هذه المفاهيم إذا ما تمّ دعمها بالمسامات المفتوحة هنا وهناك داخل المنظومة الدينية ، كحقّها في الخلع ، مع توفير حقّ الضمان الاجتماعي من قبل الدولة لربّة البيت ، وضمان اجتماعي خاص لربّة البيت الأرملة لأنّها تتحمّل مسؤوليات عائلية مركّبة ، أي ينبغي ان يكون هناك وضع اقتصادي للمرأة مستقلا عن دخل زوجها أو عائلتها .

٤/ فی رأیکم لماذا لا یوجد هناک فکرة بتحریم العنف ضدّ المرأة بغیة انهاء حالة التفرقة والتبعیض واللا مساواة فی المجتمع .
كما قلت سابقا ، الدين يعتمد في الانتشار على دغدغة بعض المفاهيم العشائرية داخل المجتمع ، وعليه فإنّ تحريماً مثل هذا لن يكون في صالح الجهة الداعمة .
لعلّ العنف ضدّ المرأة من الممارسات التي تتم تحت حجاب ، لكن ماذا عن العنف المازوخي في بعض الطقوس الدينية كالجلد واللطم والتطبير ، يحدث كلّ ذلك أمام مرآى ومسمع العلماء والمجتهدين ، والكلّ يعلم بأنّها طقوس وثنية قديمة ، لكنّهم يتّخذون موقف المساكتة ، ويديرون ظهورهم لها ، وهذا ما يحدث مع موضوعة العنف ضدّ المرأة ، فالبعض يشعر بالحرج إزاء لا إنسانية النصّ القرآني : " واضربوهن " ، لكنّهم يتسمّرون أمام هالة النصّ المقدّس ، والبعض يحاول التحايل على النصّ بصورة أو بأخرى ، بالضرب غير المبرح وما شابه ذلك ، هناك أزمة حقيقية يشعر بها العالم الديني ولا يستطيع التحرّك إزاءها لأنّ الحركة ستكون خروجا على النصّ المقدّس . لكن ، كحلّ لذلك ينبغي تفعيل الحسّ المدني القائم على احترام الحقوق الفردية ، وتصعيد الفهم والإدراك عبر الندوات الثقافية بأنّ الشعب ككلّ يقيم تحت خيمة الدستور المدني وليس تحت خيمة الشريعة الدينية ، وعلى المرأة أن تدرك ذلك قبل الرجل أو معه ، أي إعادة الدين الى جذره الحقيقي باعتباره علاقة خاصّة بين الفرد وربّه ، اما علاقة الفرد بالفرد فيجب أن تتم تحت خيمة الدستور المدني ، بهذا ينجو المتأزّم من أزمته .

٥/ هل نظام ومنهاج وبرامج التربیة في المدارس الابتدائیة فما فوق تأثير علی العنف و اللا مساواة بین الرجل والمرأة .
في اعتقادي لا يمكن أن تتحقّق العلمانية حتى يتم إلغاء تدريس ما يتم انتاجه مجتمعيّاً ، على صعيد السلوك ينبغي عدم فصل الإناث عن الذكور إبتداءً من البيت الى مدارس التعليم ، وعلى الصعيد النظري ينبغي التوقّف عن تدريس الدين والتاريخ والوطنية ضمن مناهج التعليم ، فالتلميذ لا يحتاج الى درس الدين مع وفرة المساجد والكنائس التي تقوم بهذه الوظيفة ، ولا ننسى هنا دور العائلة في ترسيخ ذلك أيضا ، فالطفل يولد بلا اتّجاه حتى تقوده العائلة والمجتمع ، أما بالنسبة لدرس التاريخ فلا زلت أذكر ذلك المعلّم الذي شرح لنا ما جاء في كتاب التاريخ للصف الرابع الابتدائي عن شخصية خالد بن الوليد باعتباره سيف الله المسلول ، قال : " الآن وقد أنهيت ما جاء في الكتاب أريد أن أقول لكم إنّ هذا هو ما تقوله الدولة ، أما نحن فنقول أنّ علي بن أبي طالب هو سيف الله " ، لكلّ بيئة تأريخها وهي حريصة على نقل هذا التاريخ الى أطفالها ، فحتى لا نخلق إنفصامات إضافية داخل بنية التلاميذ ، ولكي نفتح نوافذ أخرى في عقولهم الطرية والطازجة أرى أنه ينبغي تكريس دراسة فلسفة العلم إضافة الى حقول العلم الأخرى التي تقوم أساساً على مبدأ الإحتمال ، فلسفة العلم تكشف بوضوح أن لا وجود لحقيقة مطلقة ، وأنّ كلّ ما يمكن أن نصل اليه هو الإحتمال الأرجح ، وكونه احتمالاً فإنّنا سنكون جاهزين للتخلّي عنه في حال بروز احتمال آخر بأرجحية أعلى ، بهذه الطريقة فقط يمكن أن نساهم في خلق جيل جديد لا يعاني من انفصامات ذهنية ، وبالتالي يكون أقل عنفاً إزاء نفسه أوّلا وإزاء المرأة .

٦/ هناک البعض ینتقدون رجال الدین ویقولون انهم یهتمون بالدین فقط ولا یبالون بالمسألة الإصلاحية داخل المجتمع ، فی حین ان الکنائس فی اوروبا یتدخلون في شوون البطالة لتقلیلها أو إلغائها ، یتضامنون مع المرضی لکن فی الدول الأسلامیة علی العکس من ذلک حیث توظف المنابر من اجل بیان مجموعة من الشعارات الدینیة المتطرفة ، لماذا هذا الاختلاف فی رأیکم ؟
ينبغي الانتباه هنا الى ان نزول الكنيسة الى الشارع جاء بعد أن تمّ عزلها عن السياسة ، فالكنيسة هنا تمارس دوراً سياسياً ( بصبغة إنسانية ) محاولة في العودة الى السلطة ، العقل الديني واحد ، وما أن تعود الكنيسة الى السلطة ستأتي معها محاكم التفتيش ، وعليه فما ينبغي أن نطالب به وأن نعمل عليه هو أن تتبنّى الدولة القيام بالإصلاحات الاجتماعية وفق الصياغة التي تكفلها مفاهيم حقوق الإنسان ، من حقّ الفرد أن يكون له ضمان اجتماعي يمنحه الطمأنينة ويدفعه الى الولاء للدستور المدني بدلاً من الولاء لفكر طائفة أو عرف اجتماعي ، ينبغي تفعيل وتثوير فهم وإدراك أنّ الإصلاح الاجتماعي جزء من حقوق الفرد على الدولة ، وأنّ الدولة مطالبة بإداء ذلك تماماً كما هي مطالبة بإداء واجباتها الخدمية الأخرى .

٧/ هل ینتظر للمنقذ لأنقاذ الحالة التعسة للمرأة فی المجتمعات العربیة فی ظل أوضاعهن المعیشیة الحالیة ؟
هناك جزء كبير يقع على عاتق المرأة أيضا ، المرأة مسؤولة في الدرجة الأساس في نقل إحساسها بالغبن من القاع الى السطح ، السكوت عن الغبن يعني عدم وجوده ، أتحدّث هنا بلغة الإعلام ، ينبغي أن يكون الإحساس بالغبن ظاهراً للعيان ، ينبغي أن يكون هذا الإحساس دافعاً لخلق أزمة اجتماعية ، هكذا " لا منقذ لي سواي " ، حين نصل الى هذا المستوى من الفهم ، الفهم بدلالة التجربة الحياتية اليومية ، أي أن يتحوّل الشعار الى ممارسة وسلوك حياتي ، فإنّ المرأة سترمي بكلّ قشور المجتمع الذكوري بعيدا ، وبالتأكيد فإننا مطالبون بتحرير الرجل من العقلية الذكورية أيضا ، وبهذا نتلافى التناشز المجتمعي .

8/ الی أيّ حدّ في الاسلام مسألة المساواة بین الرجل والمرأة مأخوذة بنظر الأعتبار ؟

منذ البدء كان الخطاب القرآني خطاباً ذكورياً ، فقد كان يرد عادة لفظ ، المؤمنون ، المسلمون ، عابدون ، دون أن يرد لفظ مؤمنات ، مسلمات ، عابدات ، الى أن أحتجّت إحدى المسلمات الأوائل قائلة لمحمد بن عبد الله ، لماذا لا يرد لنا ذكر في القرآن ، ومن تلك اللحظة بدأ القول بالمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، وهذا يعني أنّ المساواة ليست شأناً قرآنياً بقدر ما هو شأن نسوي ، أي ينبغي أن يكون هناك إحساس بالحيف والغبن والتجاوز عند المرأة ، وأن تبادر الى المطالبة بالتغيير ، المساواة ليست صبغة دينية ، ومع هذا كان هناك فقيهاً مثل ابن حزم الأندلسي قال ساخراً من الذين يقولون بنصف عقل المرأة : " هناك امرأة بعقل ألف رجل " .

9/ ما رأیکم في عملیة ختان البنات وهل یوجد آیة فی القرآن الکریم بهذا الخصوص ؟
يدخل الختان ضمن منطقة الأعراف الاجتماعية التي أخذت صبغة دينية ، أي أنّها طقس وثني تمّ تمريره ليكون طقساً دينياً ، هذا السلوك التوفيقي كان تكتيكاً سياسياً في الإنتشار ، وقد كان في مكة قبل الاسلام نساء متخصّصات يقمن بهذا العمل ، كانت ( أم سباع الخزاعي ) واحدة منهن ، حتى أنّ ( حمزة عبد عبد المطلب ) في معركة أُحد حين قتل ابنها شتمه قائلا : " وأنت أيضا يا ابن مقطّعة البظور ممن يكثر علينا " ، ومن هذا القول نعرف أنّها كانت مهنة مذمومة وغير مستحبّة عند المسلمين الأوائل .

10/ فی القرآن حیث وردت هذە العبارە ( الرجال قوّامون علی النساء ) فما معنی القوّامون ؟ هل هذا لیس بمعنی استغلال المرأة والتسلط علیها ؟ ألیس من الأفضل الشراکة والمساواة والتنسیق ما بین الرجل والمرأة في أدارە شؤون العائلة ؟
القوامة هنا مفهوم اقتصادي بحت ، لا علاقة له بالذكورة والأنوثة ، وقد كتب هذا النصّ في لحظة كان العمل المأجور يقوم به الرجل لذا كان هو المعيل ، وهو ربّ الأسرة ، لكن مع خروج المرأة الى العمل المأجور ينتهي مفهوم القوامة ويسقط كسلوك وممارسة اجتماعية ، فالقوامة بشكلها الطبيعي أرجوحة بين الرجل والمرأة ، وكلاهما يتناوب عليها ، فالمرأة قوّامة على الرجل مثلما الرجل قوّام على المرأة ، والقضية في النهاية إشتراك ثنائي حول قيادة العلاقة العائلية إقتصادياً .



#جهاد_محمد_حمه‌کریم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مع الاکادیمي د.أحمد أبو مطر حول: الدین والم ...


المزيد.....




- بريتني سبيرز تقول إنها أمضت أفضل عيد ميلاد في حياتها لهذا ال ...
- الجيش الإسرائيلي يكشف تفاصيل عن الأهداف التي قصفها للحوثيين ...
- لماذا تجند فرنسا جماعات متطرفة بالجزائر؟
- خطوة إسرائيلية -مفاجئة- بعد توغل عسكري كبير في ريف محافظة در ...
- علويون يدعون للتهدئة بعد حرق مقام الخصيبي
- عبد المنعم أبو الفتوح.. التحقيق في قضية جديدة للمرشح الرئاسي ...
- خليجي 26.. السعودية تفوز على اليمن بثلاثة أهداف مقابل هدفين ...
- عودة 18 ألف سوري إلى بلادهم عبر الحدود الأردنية، ولبنان يتطل ...
- أقل من نصف السوريين بألمانيا لديهم عمل: فما فرص بقاء الآخرين ...
- بيربوك تقترح تعليق عملية انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - جهاد محمد حمه‌کریم - حوار مع جمال علي الحلاق حول الاديان والمرأة