أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - من أجل كيلو طحين















المزيد.....


من أجل كيلو طحين


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3252 - 2011 / 1 / 20 - 00:18
المحور: كتابات ساخرة
    


من الطبيعي جدا أن أنام نوماً طبيعيا جدا وأنا مظلوم, ومن الطبيعي أن أنامَ نوماً طبيعيا وأنا مسروق أو مقتول أو مذبوح ولكنني لا استطيع الإحساس بلذة النوم وأنا عندي شعور بأنني ظلمتُ إنسانا أو تسببتُ بالأذى للآخرين أو بأنني قتلت نفسا أو حتى نملة صغيرة أو عصفورا ذلك أنني اعتدت على النوم وأنا مظلوم ولم أعتد على النوم وأنا ظالم.

أصابتني اليوم حالة من القلق وعدم الاستقرار والاكتئاب وتعبتُ من التفكير الشديد وشعرتُ برأسي وهو يريد أن ينفجر مني بسبب إحساسي بأنني أكلتُ طحينا أو خبزا مسروقا وراودتني أحاسيسٌ مليئة بالندم وبالشعور بعقدة الذنب إذا كيف أقبل على نفسي بأن يدخل إلى بطني مالٌ مسروقٌ أو مالٌ مصدره حرام وخصوصاً أن معدتي لم تعتد في حياتها على أكل الحرام فطوال عمري وأنا آكل من عرق جبيني وكفاحي وأولادي يأكلون من تحت يدي مما كسبته يداي وعلى العكس دائماً أن المسروق والمذبوح والمقتول ولم أعش يوما أو ساعة في حياتي قاتلا أو ذابحا أو سارقاً, وبالنسبة للطعام الذي يدخل المعدة فأعتقد بأنه تعويد فالإنسان يدرب معدته على أنواع الطعام كما يدرب نفسه على سلوك بعض السلوكيات وبما أن معدتي لم تعتد ولم أوعودها على أكل المسروق فقد أحسست اليوم بأنني أريد أن أتقيئ على الأرض ما أكلته وشربته من قبل أن تمتد يدي إلى الطعام ولكن شعرتُ بأنني أريد بأن أتقيئ ما أكلته قبل يومٍ أو يومين وأكثر من مليون فكرة بالثانية قد راودتني وشعرت بها وأكثر من 100 احتمال عن الموضوع قد حسبتها وتخيلتها أمامي بسبب كيلو طحين وقلتُ بيني وبين نفسي : لماذا لا يقلق أولئك الذين يسرقون السُكر والماء والقمح والشعير ؟لقد وصلت إلى منزلي وفتحتُ الباب وأنا قلق جدا ولدي إحساس بأن بائع الخبز لم يحسب ثمن كيلو الطحين الأبيض وأغلقت الباب ورائي بسرعة من شدة البرد وسرعة الهواء ومددتُ يدي إلى جيبي لأتأكد من الموضوع قبل أن أحاسبَ نفسي فوجدتُ بأن بائع الخبز قد أعاد لي نصف دينار أردني علما أنه يجب أن يعيد لي أقل من ذلك بستة عشر قرشا وهو باقي دينار دفعتها له ثمنا لكيلو طحين وثلاثة كيلو من الخبز الطازج, وفكرتُ في الموضوع مليا قبل أن أعود إليه لأعطيه ثمن كيلو الطحين التي لم يقتطعها عليّ ولكن راودتني أفكار بأن لا أرجع إليه وقلت بيني وبين نفسي (خليني آكل حرام ) نفسي آكل مال حرام وأجرب طعمه فعلى حسب ما سمعتُ من الشيوخ بأن الذي يأكل مالا حراما مسروقا يجازيه ألله على قد السرقة وراودتني أفكارٌ بأن هذا الكلام سخيف جدا وليس حقيقيا فوضعت الخبز من يدي هو والطحين على طاولة السفرة وناديت على أمي وزوجتي وقلت لهما هلمَّ إليّ يا نسوة هذا المنزل على جناح السرعة إن هذا الطحين قد ابتعته ودفعتُ ثمنه وهذا الخبز قد دفعت ثمنه وسأخلد للنوم قليلاً نظرا لأني تعبت ليلة الأمس وأنا أقرأ في رواية (حكاية بترا) للروائي الكبير (هاشم غرايبه) وقبل أن أضع رأسي على الوسادة قلت :معقول سيجازيني ألله وسيحسبني قد سرقت كيلو الطحين سرقة؟ ومع ذلك رجعتُ بأفكاري إلى ثمن كيلو الطحين وقلت: كم يساوي كيلو الطحين 16 ستة عشر قرشاً؟ إذاً ليحاسبني ألله بستة عشر قرشاً وتصارعت وتيرة الأفكار وهي في داخلي ومن ثم قلت بيني وبين نفسي (جعل لا حد حوّش بدي أذوق طعم الحرام) وأثناء إحساسي بلذة النوم سمعتُ صوتا عاليا وكأنه صوت تكسير زجاج فخرجتُ من غرفة نومي مهرولاً مسرعا باتجاه الصوت ووجدتُ فعلا نافذة الشباك قد سقطت على الأرض لوحدها وقالت أمي "مش مشكله المهم فيش حدى من الأولاد تحتها" وقالت زوجتي" كانت برديس قاعده تحتها مليح إنها قامت لوحدها " أما أنا فقد ضربتُ على رأسي وأصبتُ بالذهول وقلت : معقول يا ألله ؟ يا ألله ثمن كيلو الطحين 16 قرشا والزجاج الذي سقط يساوي 3 دنانير أردنية أي بما يعادل 12 كيلو طحين ؟ هذا ليس عدلاً وليس منصفاً..ثم انطويتُ على نفسي وأنا أقول هذا على شان كيلو طحين نسيت أو أخطأ البائع ولم يأخذ ثمنها مني إذاً كيف لو سرقتُ كيسا من الطحين يزن 50 كيلو أو سيارة طحين أو باخرة طحين أو كيف سيحدث بي لو سرقت طحين الأمة والشعب الأردني بأكمله كما فعل فلان وعلنتان ,ورفعت يدي للسماء وقلت: أنا شو ذنبي أنا أعطيته وهو الذي أخطأ شو ذنبي! وراودتني أفكارٌ أخرى تقول لي : كان يجب عليك أيها المسكين أن تعود إلى صاحب المخبز لتعطيه ثمن كيلو الطحين, فنظرت إلى زوجتي وسألتها شو عملتي بالطحين؟ فقالت : صنعت منه قالب كيك فقلت : وهل أكل منه الأولاد؟ فأجابت , طبعاً, فقلت: وهل شكا أحد من بعض العوارض الجانبية كالتقيؤ والشعور بالدوران , فاستغربت أمي وقالت: شو مالك ليش بتقول هيك عن الطحين ؟ فنظرتُ إلى أمي بعد أن وضعتُ رأسي في الأرض سائلها :شو حاسه؟ هل تشعرين بألم؟ فقالت: معدتي تؤلمني, فقلت: أكيد هذا بسبب الطحين هذا الظاهر إنه مغشوش ...وصمتُ وسكتُّ عن الكلام وساد السمتُ الحزين في كل مكان حتى أطبق على صدورنا ثم ضربت بيدي عرضَ الحائط ووضعت رأسي فوق يدي قائلاً في حسرة وأنا أضرب بالحائط بيدي الأخرى: هذا الطحين ليس مغشوشاً بل مسروقا سرقتةً بيدي إذ نسيت أن أدفع ثمنه لصاحب المخبز وقد علمت بذلك ولم أرجع لصاحب المخبز, فقالت أمي بسيطه: روح هسع عليه قبل ما ألله يسطح إكروشنا وأعطيه ثمنه قبل ما يقع كل زجاج البيت على الأولاد, فقلت: فكركمعقول يقع كل الزجاج؟!.. يعني كله يلحق بعضه ؟ وخرجت من بيتي وأنا أقول: سقط الزجاج على الأرض بسبب كيلو طحين نسيت دفعها لصاحب المخبز أو بالأحرى هو الذي نسي أن يأخذ ثمنها مني وقد لاقيت جزائي مباشرة وأمي آلمتها معدتها وأنا شعرت كما قلت لكم في بداية الحديث حيث شعرت بالدوران وبالإحساس بأنني أريد التقيؤ قبل أن آكل منه وسقط الزجاج على الأرض ولكني أستغرب فعلا من أصحاب الملايين الذين يسرقونها كيف مثلاً لا تؤلمهم أمعاؤهم أو كيف لا يقع زجاج منزلهم على الأرض و كيف مثلا لا يقع بهم المنزل بكامله!!!, فأنا أعرف رجلا كثير السرقة ويسرق من المشاريع بالآلاف كونه يعمل (محاسب كميات) وطوال حياته لم يشعر بالتقيؤ وفي إحدى زياراتي له في منزله الذي بنيته له أنا قال لي: هذه الجنينه من مشروع الملعب وهذا السور الحجري بنيته من سرقة مبنى البلدية حيث سمحت بزيادة نسبة الرمل على الاسمنت وكل مُلحق في منزله بناه من التجاوزات القانونية على المواصفات والمقاييس وكونه يسكن في فيلا كبيرة لماذا لا تقع عليه الفيلا؟أو لماذا لا يتقيأ ما بمعدته !!!! إذا كان زجاج منزلي قد سقط من كيلو طحين فلماذا لا ينهدم الشارع الذي يسكن به من سرق (بنك البترا) حين كان (الجلبي-الشلبي ) مديرا له في عمان, ولماذا لا يضرب الزلزال بيتَ الذي سرق مصفاة البترول الأردنية حيث كانت السرقة بالألوف المؤلفةولماذا لا يصاب بالسرطان من سرق وزارة التربية والتعليم ولماذا لا يموت بالسكتة القلبية من سرق لجنة المشتريات في جامعة اليرموك وآلاف اللترات من الديزل سنة 1993.

هل سقط الزجاج لأنني فقير؟ هل الله يحاسب الفقراء على السرقة ولا يحاسب الأغنياء؟ هل أن ألله مثل الحكومات العربية ؟ ثم أنني قد أُصبت بالقلق الكبير بسبب كيلو طحين فكيف لا يصاب بالموت وبالقلق من يسرق طحين الأمة كلها , فلماذا لا يقلق أولئك الذين يسرقون أكياس السُكر والطحين ليبيعوها في السوق السوداء, ولماذا لا يصاب بالقلق أولئك الذين يسرقون المساعدات الأمريكية, أو الذين يسرقون ويسطون على مؤلفات غيرهم من الكتاب.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة الرفع
- الاختبار الصعب
- هل أحرق نفسي؟
- انتفاضة البسطات
- وأنا المسئول
- الكرسي المسحور
- الصورة الحقيقية
- أحلامي في اليقظة
- قصة حب بوليسية
- باب داري
- العدس لحم الفقراء
- كيف تريدون ذبحي؟
- الأموات يحكمون الأحياء
- لو أداة تمني
- الصحافة تلعب دور البوليس
- في العام الماضي
- واو القسم
- ملاحقة المهنيين
- الحق على مين؟
- الإنسان البليد


المزيد.....




- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...
- “تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش ...
- بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو ...
- سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - من أجل كيلو طحين