|
كابوس الثوره التونسيه
بولس رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 3250 - 2011 / 1 / 18 - 08:52
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
شاب تونسي اشعل في نفسه النار في احد ميادين تونس كان بمثابة فتيلا لقنبله موقوته انفجرت في وجه حاكم تونس استمرت حوالي تسعه وعشرون يوما كانت كافيه لآن يتخذ زين العابدين بن علي واسرته القرار بالفرار .
فر زين واراح واستراح ولكن ترك تونس تلملم اشلاءها وتضمد جراحها وهنا لي مجموعه من التساؤلات :
السؤال الاول : ما هو الرابط بين الثوره علي الحاكم وبين السطو علي مقدرات الشعب التونسي؟
السؤال الثاني : هل حققت هذه الثوره اهدافها ؟
السؤال الثالث : هل ثورة الشعب التونسي قابله للتكرار في دول أخري في المنطقه ؟
وللاجابه علي هذه التساؤلات وغيرها سوف نخوض في غمار الثوره التونسيه وامكانية تكرارها في دولا اخري بالمنطقه :
السؤال الاول : الرابط بين الثوره علي الحاكم وبين السطو علي مقدرات الشعب التونسي:
للأسف شعوبنا العربيه لا تجيد الاعتراض والتظاهر وفي المقابل حكوماتنا ايضا لا تجيد معالجة وضبط الشارع في مثل هذه المظاهرات الكبري التي في الغالب تعم فيها الفوضي وتقل سيطره الدوله وتكون الفرصه الذهبيه سانحه لمحترفي الاجرام لكي تمارس انشطتها الاجراميه وهذا الامر لا يمكن لأي جهه في أي دوله من دول المنطقه نفيه .
وبالتالي فان الرعب من انتقال عدوي الاحتجاجات لا يجتاح حكام المنطقه فحسب بل هو شعورا عاما تشعر به المجتمعات كما هو الحال بالنسبه للحكام وهنا انا اوجهه مجموعه من الاسئله الي الساده القراء الاعزاء :
اولا- هل من اجل الخلاص من نظام الحكم في دولتك يمكنك ان تضحي بحياتك او حياة ابنك او بنتك ؟
ثانيا – هل من اجل انجاح الثوره علي الحاكم تقبل بتدمير ونهب مصنعك او مؤسستك التجاريه او حتي كشك سجاير علي الرصيف؟
ثالثا- هل من اجل مغادرة الحاكم البلاد تقبل بان يقتحم الغوغائيين مسكنك ونهب محتوياته وحرقه وتدميره ؟
رابعا- هل من اجل تعبير المتظاهرين عن غضبهم تقبل ان يقوموا بتحطيم سيارتك الخاصه وحرقها؟
اعتقد عزيزي القارئ انك ترفض قبول جميع هذه التصرفات الغوغائيه واعتقد انك تتفق معي بانه اذا كانت الثوره علي الحاكم لن تكون سوي بالقتل والدمار والحرق والنهب لابد وان ينتابك كما ينتابني الرعب من انتقال العدوي وتمددها في دول المنطقه
كما اعتقد ان حكام المنطقه ايضا لايقبلون مثل هذا الخروج المهين الذي خرج به زين العابدين بن علي من تونس علي انفسهم وهنا اري تساوي الضرر بين الحكام والمحكومين واري ايضا ان الطرفان يتفقان في عدم قبولهم تمدد العدوي وانتقالها الي دولهم وبالتالي اجد انه من الضروري ان نتعلم جميعا حكاما ومحكومين الدرس التونسي وان نتعاون سويا من اجل المرور من هذه الكبوه التي تتعرض لها منطقتنا
السؤال الثاني : هل حققت الثوره اهدافها في تونس؟
ماحدث في تونس نتج عنه مغادرة الرئيس التونسي زين العابدين بن علي للبلاد وظل النظام الحاكم في تونس كما هو فمن الطبيعي ان الرئيس زين العابدين لم يكن يدير الدوله بمفرده ولم يكن هو المسئول الوحيد عن تلك الازمات التي دفعت الشعب التونسي الي الثوره فبالرغم من مغادرة زين العابدين بن علي لتونس الا انه ظل الحزب الحاكم في تونس كما هو بقوته دون تفكك متماسكا قادرا بقياداته وافكاره وشخوصه قابعين علي كراسي الحكم
فقد خرج بن علي من تونس كمهدئ لثورة الشعب التونسي لكن دون أي تغيير يذكر في سياسات الحزب الحاكم اللهم سوي اجراء تعديلا وزاريا ضم اليه بعضا من رؤساء الاحزاب الكبري من اجل تسكين وتهدئة الثوره .
وبالتالي فانا اري ان هذه الثوره لم تكن سوي ثوره فاشله نجحت في اقصاء الرئيس واصبح معاونيه الذين ضللوه وساقوه الي الهاويه قاده للثوره التونسيه وسيطروا علي كراسيهم , ثوره نجحت في حرق وتحطيم ونهب مقدرات الشعب التونسي !! ثوره نجحت في ازهاق ارواح المئات من خيرة الشباب التونسي
نحن شعوبا في حاجه ماسه الي التغيير ومن الخطأ أن يكون التغيير مقتصرا علي الاشخاص نحن لا يعنينا تغيير الاشخاص بقدر ما يعنينا تغيير السياسات !! والاهم من وجهة نظر الشعوب هو تغيير السياسات الاقتصاديه السائده التي بموجبها يزداد الغني ثراء والفقير فقرا شعوبنا لا تعنيها سياسيات الدوله الخارجيه سواء كانت سياسات ناجحه او فاشله ولكن ما يعنيها علي وجه الخصوص هو احتياجات الشعوب من مأكل وملبس ومسكن ورعايه صحيه واجتماعيه !! فبالرغم من ان هناك ارتباطا وثيق الصله بين السياسه الخارجيه وسياسة الدوله الاقتصاديه فلايمكن لدوله فاشله خارجيا ان يكون لديها اقتصادا ناجحا لكن الاهم هو كيفية توجيه المكاسب الاقتصاديه للدوله الناتجه عن نجاحاتها الخارجيه فان برامج التنميه الاقتصاديه الطموحه التي تمر بها البلاد وما تحققه من معدلات نمو مرتفعه لايشعر بها المواطن البسيط في المنطقه فغالبا ما تدخل جيوب الاثرياء لتزيدهم ثراء ويزداد الفقراء فقرا .
أن التغيير الاقتصادي من الاقتصاد الموجه الي اقتصاديات السوق احد القواعد الرئيسيه للنظم الرأسماليه من اجل تطبيقه نكون في حاجه نشر ثقافة اقتصاديات السوق بين شعوبنا والا تحول اقتصاد السوق الي فوضي السوق فعندما نجد تجار اللحوم يغالون في اسعار اللحوم ولا يمر اسبوعا واحدا دون تحريك الاسعار الي اعلي وبطبيعة الحال فقد انتهي دور رقابة الدوله علي الاسعار بموجب نظام اقتصاديات السوق فان شعوبنا اضحت فريسه لجشع التجارالفاحش دون أي وجود للدوله . شعوب الدول التي سبقتنا بعشرات السنوات في انتهاج اقتصاديات السوق تجيد التعامل في مثل هذه الحالات وتستطيع تخفيض استهلاكها من سلعه بعينها لكي تضغط علي جشع التجار وتجبرهم علي خفض اسعارهم , لكن في منطقتنا شعوبنا لازالت حديثة العهد بهذا النهج الاقتصادي وتجهل التعامل معه وبالتالي نحن في حاجه ماسه الي تدخل الدوله في ضبط اسعار السلع الضروريه ولا ينبغي ان تعمل علي زيادة الدخل لمواجهة الارتفاع في الاسعار لان هذا سوف يقابله ارتفاعات متتاليه في الاسعار مما يضاعف معدلات التضخم ولا يخدم المستهلك
لابد من ربط الاجور بالاسعار وهنا اتساءل كيف لموظف بسيط يحصل علي راتب الف جنيه ان يدفع ايجار سكن متواضع خمسمائة جنيه ويدفع مياه واناره وغاز مائه وخمسون جنيه ثم يعيش هو واسرته بثلاثمائه وخمسون جنيه اطالب رئيس الوزراء ان يحل لنا هذا اللغز الصعب هل يستطيع الدكتور نظيف ان يعيش شهرا كاملا بخمسة الالاف جنيه وليس ثلثمائه وخمسون جنيها ؟؟ ارجو من وزير الماليه الدكتور يوسف بطرس غالي ان لايستغبي الشعب المصري وان يضع نفسه مكان اي موظف بسيط من موظفي وزارته !!! وكفا يادكتور تصريحاتك المستفزه والمثيره واتمني ان تصمت هذا افضل لك ولنا !!
قبل ان تستفحل الامور يجب علي الحكومه ان تقوم بدراسه عاجله لتوازن الاجور مع الاسعار وان تتخذ قرارات عاجله من شأنها توفير حياة كريمه للشعب المصري وهنا اري انه لابد من اشراك احزاب المعارضه لان مصر ليست هي الحزب الوطني فقط بل مصر هي كل مصر بكافة تنوعاتها السياسيه والدينيه والاثنيه فلابد وان نشترك جميعا في حل مشكلة بلدنا ولا ينفرد حزبا دون غيره في حل مشكلاتنا فمصر هي وطننا جميعا
السؤال الثالث : هل الثوره التونسيه قابله للتكرار في دولا اخري في المنطقه ؟
في حقيقة الامر فان هذه الثوره كابوسا مرعبا للجميع حكاما ومحكومين فلا الشعوب تقبل تكرار سيناريو الثوره التونسيه ولا الحكام يقبلون هذا الخروج المهين الذي خرج به زين العابدين بن علي وبالتالي فالامر يستوجب ان يعمل الجميع من اجل الحيلوله دون انتقال عدوي الثوره التونسيه الي بلدانهم فالجميع في مركب واحد حكاما ومحكومين واحزاب وجماعات سياسيه ومنظمات مجتمع مدني لابد وان نعمل جميعا من اجل استقرار البلاد ومن اجل حل مشاكل المواطن المصري البسيط
اتمني من كل قلبي ان يبادر الحزب الوطني بالدعوه الي مؤتمرا قوميا من اجل مصر يدعو فيها الهيئات العليا لجميع الاحزاب السياسيه ومنظمات المجتمع المدني وكبار المفكرين والمثقفين لوضع خطه عاجله تستهدف رقي المواطن المصري وزيادة دخله الحقيقي وليس دخلا وهميا لا يغني ولا يثمن , لابد وان نتعاون جميعا من اجل احداث تغيير شاملا في حياة المواطن المصري .
عندها فقط نكون محصنين ضد عدوي الثورات الانقلابيه التي لن تفيد أي من الحكام والمحكومين
#بولس_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل يمكن أن يعيش الهلال مع الصليب؟؟
-
من البرلمان الموازي الي البرلمان القبطي ... ياقلبي ماتحزن
-
حلم ... الله ما اجعله خير
-
السيناتور المصري
-
مبارك المفتري عليه
-
الاصابع الخفيه والعبث بامن مصر
-
الفتن من أجل تقسيم الوطن
-
الجميع فسدوا وافسدوا - الجزء الثاني
-
كلنا فاسدون ومفسدون - الجزء الاول
-
شيزوفرينيا !!!
-
الي مثيري الفتنه الطائفيه
-
لا عزاء للاقباط
-
رساله الي والي الاقباط
-
الحرمان لقطع اللسان
-
عذرا نيافة الانبا بيشوي انت فتنه
-
الاخوان ومعسول الكلام
-
اختفاء كاميليا والدروس المستفاده
-
هل الاقباط مصابون بانفصام في الشخصيه؟
-
مرضي البالتوك يحاولون اخراسها
-
دكاكين حقوق الانسان
المزيد.....
-
بيونسيه تتوج مسيرتها بجائزة طال انتظارها ونانسي عجرم تطوي صف
...
-
فرنسا: هل ينجو بايرو من حجب الثقة؟
-
أمريكا - إسرائيل: أي حدود للتحالف بين ترامب ونتنياهو؟
-
بعد تبرعه بـ 100 مليار دولار للأعمال الخيرية، هل يترك بيل غي
...
-
شتاينماير يطالب من الرياض بإطلاق الرهائن وبتطبيق حل الدولتين
...
-
-مازلت متعطشا-.. نوير مستمر في حراسة عرين بايرن ميونيخ
-
ترامب يعلن رغبة بلاده في الحصول على المعادن من أوكرانيا مقاب
...
-
-زومبي من أجناس متعددة-.. زاخاروفا تعلق على عدم قدرة أوروبا
...
-
رئيس البرلمان البولندي يدعو أوروبا لتقليص الاعتماد على الولا
...
-
بيسكوف: لا يوجد أي تقدم في عملية تنظيم لقاء بوتين وترامب
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|