|
قصة نساء حفرن أسماءهن على جبين الإنسانية
مرعي أبازيد
الحوار المتمدن-العدد: 972 - 2004 / 9 / 30 - 09:26
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لم يعرفن الخوف واللوم، وأصبحن رموزا واقعية للجميع، وخصوصا للنساء اللواتي لم يستطعن العيش في عالم تقليدي يعج بالشوفينية الرجولية. هذا تاريخ حركات مساواة المرأة بالرجل والدفاع عن حقوقها في وجوه معينة لمعت في ذاكرة التاريخ. المفكرة ميري فولستونكرافت «17591797» زعيمة ومفكرة وهي أول شخصية في التاريخ استعملت تعبير «حقوق المرأة » كمصطلح سياسي على غرار المصطلح الجديد في ذلك الوقت والذي أطلقه الثوريون الفرنسيون وهو «حقوق الإنسان». حصل ذلك في عام «1786» عندما حصلت ميري على شهرة واسعة في صفوف الراديكاليين الإنجليز كمعلمة ومربية أجيال وكاتبة لها أعمال كثيرة في الدفاع عن حقوق المرأة في التعليم، وأصدرت أشهر كتاب لها يحكي عن «الدفاع عن حقوق المرأة». تعتبر الآن محتويات أول كتاب نظري ألفته هذه الزعيمة أساساً وقاعدة لكل حركات مساواة المرأة ويعتبر أيضا كتاباً بريئاً وبسيطاً في محتواه إذا ما قورن مع الكتب الحالية. ميري برهنت في عملها هذا أن حقوق المرأة وحقوق الإنسان جزء واحد لا يتجزأ لكن في ذلك الوقت أثار هذا الكتاب فضيحة وجدلاً حاداً لما احتواه من كلمات مطلقة مثل «الكلمات اللطيفة، طيبة القلب، الذوق الرفيع، كلها كلمات مرادفة للضعف»- هكذا كتبت السيدة ميري مما أدى إلى انتقادها بشكل واسع من قبل أعدائها وأطلقوا عليها لقب « ضبع في تنورة». مع كل ذلك اشتهرت ميري من خلال مواقفها وخدماتها التي قدمتها إلى الحركة النسائية العالمية من أجل حقوق المرأة . وليست الظروف الموضوعية هي التي لعبت الدور الأساسي في شهرتها كما قال أحد الكتاب إذ أن هذا التحليل كان عبارة عن «إهانة لها حتى الأعماق» وتأسفت لمثل ذلك التحليل من كاتب مشهور. في عام 1797 أنجبت ميري ابنة أصبحت فيما بعد زوجة للشاعر الإنجليزي الشهير «بيرسي بيشي» وكتبت واحدة من أشهر الثلاثيات في العالم - وهي رواية باسم «فرانكشتين» أو « بروميتي الجديد». المخلصة سوزان انتوني «18201906» أول امرأة من المدافعات عن حقوق المرأة قررت انه لا يمكن الحصول على مساواة المرأة بالرجل بدون المشاركة في الصراع السياسي. في بداية عام 1860 أسست هذه المعلمة من ولاية نيويورك مع صديقتها ايليزابيت ستينتون جمعية الإخلاص النسائية الوطنية. وهي أول منظمة نسائية في العالم . ووقفت جميع عضوات هذه المنظمة مع حزب لينكولن الجمهوري من أجل تحرير العبيد في كل الولايات المتحدة الأميركية على أمل أن يقوم الحزب الجمهوري بتقدير هذا الموقف من قبل النساء وإعطائهن حق الانتخاب، لكن خاب هذا الأمل مباشرة. من عام 1869 وحتى عام 1906 كانت السيدة انتوني تقف سنويا أمام أعضاء الكونغرس لتلقي كلمتها مطالبة بإعطاء المرأة حق التصويت، لكن ذلك كان بدون فائدة لان الكونغرس كان يرفض المرة تلو الأخرى. الانتصار الوحيد الذي حققته سوزان انتوني هو في عام 1869 عندما تم إدخال حق الانتخاب لكل المجتمع بما في ذلك المرأة في ولاية «وايومينغ»، حيث اصبح شعارها عندما أصبحت ولاية رسمية «الكل متساوون في وايومينغ». وهناك ناحية أخرى إذ بذلت ناشطات سوزان انتوني جهدا عظيما من أجل تسمية الأرض الجديدة التي سكنها المحتل - الولايات المتحدة الأميركية. وايومينغ هي الولاية التي أحبت سوزان اكثر من غيرها حتى نهاية حياتها إذ أحبها الرجال والنساء على حد سواء لكن للأسف تم تقييمها وتكريمها فقط بعد موتها، عندما تم تعديل الدستور في عام 1920 لإدخال فقرة جديدة إليه تحفظ للمرأة حق التصويت وسمي هذا التعديل «تعديل سوزان انتوني» تكريما لها. المرأة «المشاكسة» اميلينا بانهيرست ـ «18581928» هي أول امرأة في حركات حقوق المرأة رفضت مبدأ عدم استعمال العنف في الصراع من أجل حقوق المرأة . عمليا ظهرت في بداية القرن العشرين منظمات نسائية للمطالبة بحقوق المرأة في الدول المتحضرة في العالم وكانت أساليب النضال واحدة محاضرات، مظاهرات، إضرابات، وفي بعض الأحيان رفض دفع المخالفات المالية المترتبة من جراء القيام بمظاهرات غير قانونية أو لصق الملصقات على الجدران وفي الشوارع بدون موافقة. قررت اميلينا بانهيرست وهي الاشتراكية البريطانية تغيير كل هذه المفاهيم في النضال بتأسيسها في عام 1903 الاتحاد النسائي الاشتراكي السياسي الذي أثار اهتمام الكثيرين في المجتمع البريطاني لحجم المظاهرات التي كان ينظمها هذا الاتحاد والتي كانت تفوق أي تصور بالإضافة للعنف الذي كان يحصل أثناء هذه المظاهرات من تحطيم لزجاج النوافذ . وواجهات المحال التجارية على طول الشوارع التي تمر منها بالإضافة إلى ضرب رجال الشرطة. الإعلام البريطاني والأوروبي أطلق تسمية على أنصار اميلينا «المشاكسات»، وعلى أثرها ظهرت لأول مرة في التاريخ الحديث معتقلات سياسيات من المطالبات بحقوق المرأة تم اعتقال اميلينا عدة مرات ونظمت داخل السجن إضراباً عن الطعام كاحتجاج على الأعمال التعسفية من قبل الشرطة البريطانية. اعتبرت الصحف الاشتراكية في أوروبا اميلينا واحدة من اكبر الشخصيات المستنيرة في الحركات النسائية العمالية، لكن تغير كل شيء مع بداية الحرب العالمية الأولى في عام 1914 ودخول بريطانيا فيها إذ تم التوقيع على اتفاق مع الحكومة، وفي اليوم العاشر للحرب أطلق سراح جميع المعتقلات السياسيات الناشطات من الاتحاد النسائي الاشتراكي السياسي. هنا بدأت حرب المظاهرات التي نظمها الاتحاد النسائي تحت شعار «من أجل الملك، من أجل الوطن، من أجل الحرية». و كجزء من المعركة الوطنية غير الاتحاد النسائي اسم صحيفته الرسمية من «سوفراجيستيك» إلى «بريطانيا» حيث امتلأت صفحات هذه الصحيفة بكلمات الغضب والحقد ضد أعداء بريطانيا وبنفس الوقت وقفت وقفة قوية جدا ضد الحرب. وفي عام 1917 لأول مرة في التاريخ العالمي تتخلى منظمة نسائية عن أهدافها الرئيسية إذ وضعت اميلينا . وحزبها السياسي النسائي شعار الانتصار النهائي في الحرب ضد ألمانيا، إدخال نظام البطاقات التموينية في الحياة اليومية تنظيف الوزارات من الشخصيات التي لا تحمل الدم البريطاني، وأيضا وضع شروط صعبة لاستسلام ألمانيا والقضاء على الإمبراطورية «الهاسبورغية» بدلا من الأهداف السابقة وهي الدفاع عن حقوق المرأة. سافرت اميلينا بعد انتهاء الحرب إلى الولايات المتحدة وكندا لإلقاء المحاضرات عن الأمراض الزهرية والجنسية وبعد عودتها إلى بريطانيا اعتزلت العمل السياسي. الثورية روزا لوكسمبورغ «18711919» أول امرأة بدأت النضال ضد ما يسمى الآن «الشوفينية اللغوية » وأصبحت مؤسسة «اللغة السياسية الصحيحة» إنها بولندية المولد أسست الحزب الاشتراكي البولندي وكانت ناشطة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني. روزا لوكسمبورغ كتبت القليل عن الحركات النسائية وعن حقوق المرأة لأنها كانت تعتبر التفريق بين الناس حسب الجنس في المجال الاجتماعي يعتبر إهانة للشخصية الإنسانية بشكل عام. في خطابها ورسائلها وكتبها التي ألفتها كانت المرأة الأولى التي لم تستخدم كلمة «بطلة، شاعرة، كاتبة، قائدة، (r)(r)(r). الخ». في الحقيقة ان روزا لم تمارس إعادة تشكيل اللغة وكان النضال من أجل حقوق المرأة عندها يأتي في المرتبة الثانية بعد النضال من أجل مستقبل مشرق للبروليتاريا العالمية. في عام 1919 تم قتلها مع كارل ليبنخت رفيقها في النضال ومن ثم أخذت مجموعة أخرى على عاتقها الاستمرار في هذا النهج وهو اللغة السياسية الصحيحة لكنهم فهموا بعد فترة قليلة بأن روزا كانت تسير في طريق غير صحيح . حسب رأي المؤيدين المعاصرين لسياسة «اللغة الصحيحة» أنه يجب إقصاء الكلمات المؤنثة من القاموس السياسي. مع كل هذا، من الممكن الإشارة إلى مركزية قاموس روزا غير الصحيحة ونقدها اللاذع ومن الواجب إعطاؤها حقها بالتقدير لأنه من الممكن في تلك المرحلة من تاريخ تطور الحركة النسائية العالمية والحركات العمالية لم يكن ممكنا القول غير ذلك. وقالت واحدة من مفكرات الحركة النسائية الحديثة «اندريا دفوركين». «إن الشكل الخطأ لا يمكن أن يغطي صحة الجوهر». اللوبية فريدان بيتتي « ولدت عام 1921» هي أول امرأة فهمت أن الترويج النشيط والدعاية بالإضافة إلى الاحترام والوقار من الممكن أن تصبح الأدوات الرئيسية لرفع مستوى تأثير المطالبة بحقوق المرأة. إنها حولت الحركة النسائية إلى لوبي قوي جدا. بدأت فريدان المشاركة في المنظمات الراديكالية والكتابة في الصحف اليسارية. بعض الناس كانوا يهزأون منها واعتبروها واحدة أخرى من عديمات العقل الناشطات النسائيات، هذا الأمر أزعجها جدا وجرحها في الأعماق. هنا فكرت عميقا، كيف تستطيع إجبار الرجال والنساء على حد سواء الاستماع إليها. أول عمل قامت به هو تأليف كتاب أسمته « السر النسائي» حيث كتبت شرحا موسعا عن الظلم الذي يقوم به المجتمع بالنسبة للمرأة، وكان أسلوب الكتاب كالصحف النسائية في ذلك الوقت. وفي عام 1966 أسست فريدان المنظمة النسائية القومية وكان اختصارها باللغة الإنكليزية ( NOW ) والتي تعني «الآن» وهذه التسمية ليست صدفة. المنظمة الجديدة أعلنت مطالبتها كي تمثل جميع نساء أميركا. فريدان ـ امرأة متزوجة، متزنة.وأم لثلاثة أولاد وكانت ذلك القائد التي كانت النساء الأميركيات بحاجة ماسة إليها، إنها محترمة ووقورة بالمقاييس المحافظة ونشيطة بشكل غير طبيعي ـ هكذا كتبت عنها الكاتبة ليسلي دايكس التي كتبت سيرة حياة هذه المرأة . كان السياسيون يتحدثون معها بكل سرور وبدون ملل وهي أيضا كانت لا تخجل من التحدث أمام الصحفيين. في الحقيقة أصبحت هذه المنظمة بسرعة مذهلة اتحادا عماليا نسائيا دعائيا مدافعا عن حقوق المرأة. وفي نفس الوقت كانت فريدان تمتلك تأثيرا قويا في صفوف النساء مما أدى إلى جعلها «محبوبة السياسيين» الذين كانوا يريدون إرضاءها لكسب أصوات مناصراتها. وأن أي حملة انتخابية لا يمكن أن تتجاهل هذه المنظمة الهائلة «NOW» .
#مرعي_أبازيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|