|
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 12 صَخبٌ في العقول
غالب محسن
الحوار المتمدن-العدد: 3247 - 2011 / 1 / 15 - 01:28
المحور:
كتابات ساخرة
1. مونولوج
لا تخف من الكمال ، فلن تصل أليه أبدا .... سلفادور دالي
مطمأناً غفوت في السحابِ صاعداً نازلاً لا يهم فحُجرُ أُمي مذهبي ومحرابي أن كُنتُ في التُراب ِ أم في الأعتابِ بعيداً في بحورِ الشمسِ لا أشرعةٍ ولا حجابِ فوق القبابِ أستيقضتُ فزعاً كأن زلزالاً شبَّ في ثيابي من هلعي قضمتُ نفسي وشبابي وشَرِبتُ الحُزنَ من فؤادي من شدةِ الحرِ في شتاءِ بلادي أُم البنينِ والأسيادِ والأبوابِ وسماءاً متلألأةً نياشيناً في نعوشِ الأحبابِ من الأمواتِ يتباركون ميلادي ويرقصون فوق الجمرِ في الأعيادِ وطوفاناتٍ تمتد كالأيادي تبحث عن الأطيابِ وقتلِ الأصحابِ في ليالٍ كالقبرِ تنادي يا زمن الأعادي هل من منادي بناتاً واولاداً للجهادِ ولمعانِ سيوفٍ وصهيلِ جيادِ بلا أنقيادِ و قصورٍ من رمالٍ في اعالي البوادي كلٌّ يسبحُ في الأضدادِ من البصرةِ حتى بغدادِ . 2. في اللازمان
الناس المستيقضون ليس لهم ألا عالم واحد ، أما النائمون فلكل واحد عالمه ..... هيراقليدس
لم يكن حلماً كما تتصورون ، أقصد أنه يشبه الحقيقة ، لا أدري ، فعندما تشعر بالألم وأنت في المنام تختفي حينها الحدود بين الحلم والواقع ويصبح السؤال مشروعاً ما اذا كان ما نطلق عليه اسم الواقع هو في الحقيقة حلماً والعكس . في بلادي ، كما في بلاد العرب والمسلمين ، الأحلام كثيرة ولكل أنسان من العوام أما الحُكام فليس لهم أحلام . الأحلام ليست أوهام ألا في العراق .
في بلادي لا تتحقق الأحلام ، وحدها الكوابيس كالزحام .
3. آشور بلادي أيضاً
الثورات يدبّرها الدُهاة ، وينفذها الشجعان ، ثم يكسبها الجبناء .... نجيب محفوظ
هم كانوا أولاً ، عندما جاءت المصاحف والسيوف . وثقوا بالعهود وقبلوا بالمواثيق وحتى القيود على أن لا يتركوا بلاد ما بين النهرين فوق الرفوف . هكذا مرّت السنون وهم يحملون النهرين في القلب ويتصدرون الصفوف ، حَرٌّ وبردٌ ، وجوع وحروب وقطع كفوف . لم يكونوا تأريخاً حافلا فحسب بل كانوا نعم الأهل والجار قبل الدار .وعندما خيّم الخوف والرعب فوق أوروك وآشور ونينوى لم يهتز الصليب ، وعندما تساقط النخل والشعر واللحن و المتنبي و أبو نواس و من معهم من حملة مشاعل النور قام المسيح . والآن يُجبر أهل المحبة الأخيار ، من أصحاب الدار ، للبحث عن دار ، خلف الأسوار ، فيا للعار ، لمن بقي في الدار من القتلة وصحبهم الأشرار . فالعراق يتصدر دول العالم في الفساد وفي عدم الأمان ، ودخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية العالمية لفشله بتشكيل حكومة (بعد أنتهاء الأنتخابات فيه) لأطول فترة في تأريخ العالم الحديث حيث هزم العراق هولندا التي أحتفظت بالرقم منذ العام 1977 . يا لفرحة الهولنديين بهزيمتهم !
لم يمر على العراق منذ واقعة التحكيم في معركة صفين بين الأشعري الحكيم وابن العاص اللئيم زمن يتفق فيه العوام في الأحكام مع غيرهم من الأقوام كما هم عليه الآن . الجميع يتفقون ، على أن لا أمل في العراق ، يرجون .
سافر صديقي ، مؤخراً ، الى العراق ومعه ذرة أمل ، وعاد من غيرها .
4. العذر لمن ؟
أعمل الخير لأصدقاءك يزيدوك محبة ، وأعمل الخير لأعداءك ليصبحوا أصدقاءك .... تولستوي
هل فَكّرتَ يوماً بأن تختلق الأعذارَ لِمٌن تُحب ؟ هل تتذكر أيام المراهقة والشباب كم عدد الساعات التي قضيتها وأنت في الميعاد تنتظر الأحباب دون ضجر بل للأنتظار عندك ألف عذر ، لا تخشى لومة لائم ولا ينثني عزمك مثقال ، ولا حر أو برد أو منع تجوال . هل فكرت كم مرة خلقت المبررات لمن لا تُحب ؟ هذه ليست من سنة الحياة يا صاحبي ، المعذور يمكن أن يكون مذنبا والمذنب قد يكون مظلوما .
هكذا ، يوما ما ، كُنتَ الحبيب والغريب معاً. 5. الظنون فنون
نحن مجانين أن لم نستطع أن نفكر ، ومتعصبون أن لم نرد أن نفكر ، وعبيد أذا لم نجرؤ أن نفكر .... أفلاطون
أخبرني بما تحمل من ظنون أقول لك من تكون . كلما زادت ظنونك زادات همومك . والظنون جنون كما يقول الأقدمون ومن تبعهم من اللاحقون ، لكنه ليس أثماً بأي حالٍ يكون ، فالظن شك والشك مفتاح العيون . عليك بالظون ان طلبت الحق لكن ليس من غير فنون أو جنون .
الظنُ أثمٌ أذا تربع فوق المآذن والسجون وقلبٌ تعصف به الريح مثل شجرة زيزفون .
6. آيات من غير ألوان
الشيئان اللذان ليس لهما حدود هما الكون وغباء الأنسان مع أنني لست متأكدا بخصوص الكون .... أينشتين
كثير هم من قالوا أن البشر ثلاث ، من بينهم جدّي العليم وفلاسفة اليونان والمسلمين ، أنسان يعلم وهو يعلم أنه يعلم فهو حكيم فاسألوه ، وأنسان لا يعلم وهو يعلم أنه لا يعلم فهو من العوام فعلّموه ، وأنسان لا يعلم وهو لا يعلم أنه لا يعلم فهو جاهل لا فائدة ترجى منه . في بلادي الأول نادر الوجود ، والثاني متوفر بقيود ، والأخير هو السائد بلا حدود . لا أدري أذا كان غيري قد راودته فكرة أن كل صنف من هؤلاء يمكن أن يصنف هو الآخر الى ثلاث والأخيرة الى ثلاث أُخر وهكذا .
فالحكيم يمكن أن يكون متكبر شديد العقاب أو غفور رحيم ، ومن العوام من يدعو للمحبة أو للشقاق والجاهل يمكن أن يقود بلداً كالعراق . 7. المرأة في حكمة الأديان
عندما تتحدث المرأة أنصت الى ما تقوله عينيها ..... فيكتور هيجو
يقال أن كل شئ خلقه الله بحكمة ، قد يدركها بعضنا الآن ونستبصرها قبل فوات الأوان ، أو الى حين عندما يُقّدر لنا ربنا سبيلا ، فالحكمة لا تمنح لكل من هب ودب وأنما " يؤتي الحكمة من يشاء " ، أو تبقى حكمة ألهية الى يوم الدين . مثلاً لماذا خلّق الله آدم أولاً مع أن خلق المرأة أولاً كان " أحلى " ولكانت " نقلة " ألهية مدهشة ، لكنه قرر الخلق على شاكلته . المهم أدرك الله ( حسب مفسري التوراة ) أن آدم حزين ، رغم أنه في جنة النعيم ، لأنه وحيد ، فقرر أن يخلق المرأة " لتسليته " في وحدته . وبكلمات أخرى لم يكن مُقدراً لحواء أن تُخلق أساسأ لولا حاجة آدم " للمؤانسة " بل لما خلقت البشرية أصلاً .
الى هنا لا توجد أية حكمة في خلق المرأة بل الحكمة في سبب خلقها من ضلع الرجل من بين أكثر من 200 عظم في جسمه . والسبب كما يرد في الكتب السماوية أن الله أرادها شريكة للرجل ، ففقد جاء في التوراة " وقال الرب ليس جيداً أن يكون آدم وحده ، فأصنع له نظيره " تكوين 2:18، ثم بعدها " فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي. هذه تدعى امرأة لأنها من امرءِ أخذت. لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا " تكوين23:2و24 ، ومع ذلك فهو يسود عليها وعليها طاعته ، " والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك " تكوين 3: 16 ، والقرآن أشد وضوحاً ، فللرجل الحق أيضاً في تأديبها " الرِجالُ قَوّامونَ عَلى النِساءِ.... وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ " النساء 34 و له تعدد الزوجات وما شاء مما ملكت الأيمان والكثير مما فضل الله له عليها .
هذا هوقدر المرأة وقد خلقها الله من ضلع الرجل ، ياترى كيف كان سيؤول مصيرها لو أن الله كان قد خلقها من عظمٍ في قدمِه ؟ فهل للمرأة ، بعد ذلك ، من حجة أن لا تشكر الخالق على هذه الحكمة !
8. الشكل والمحتوى - بعيداً عن الفلسفة
كثيرا ما نرفض فكرة ما لمجرد أن النبرة التي قيلت بها تثير النفور ..... نيتشه
هل للشكل تاثير على فكر الأنسان ؟ يعني ، في ظروف حيادية ، هل يمكن أن تعجبني فكرة ما لمجرد أنني أُعجبت بصاحبها ؟ هل يمكن أن أكره شخصاً ما لمجرد أن فكرته لم تعجبني ؟ ألا نحتكم أولاً لمظهر الأنسان ، جماله أو قبحه ، قبل أن ينطق أول كلماته ؟ أذا هززت كتفيك دون أكتراث ، من سذاجة هذه التساؤولات ، وكان جوابك مع ذلك بالنفي فأعلم أنه جواب تقليدي وقد يبدو بديهي لمعظم البشر لكنك قطعاً لست من الأمة العربية أو الأسلامية وأن كنت منها. 9. تواصل وأندماج
لا تعاجل الذنب بالعقوبة وأجعل بينهماللأعتذار طريقا .... الحسن بن علي
كتبتُ في تأملات سابقة ، وكثيرن غيري أيضا ، عن أشكاليات أندماج المغتربين في بلدانهم الجديدة . وكنت أعني ، كما غيري ، أن من بين آلاف الأسباب لفشل الأندماج ، وكلها هامة بالطبع ، هي عدم حماسة ورغبة ومبادرة ومقدرة ومسؤولية المغترب . هذا حق لكن هناك وجه آخر ، مضئ ربما . فمهمة المغترب ، هنا ، ليست فقط أندماج مع المجتمع الجديد وثقافته وقيمه بل أيضاً تواصل مستمر ثقافي ، سياسي ، أجتماعي وروحاني مع الوطن الأول ، يعني كلها هموم . يالها من مهمة شاقة لمن يسعى بنية صافية حقاً للأندماج ويفشل . أندماج وتواصل في آن ، ونضع اللائمة عليه أذا فشل ، الرحمة !
المغترب ، مِنًا ، يتكلم السويدية مع الأبناء أذا كان الموضوع يدور حول الحياة وظروفها في المجتمع السويدي كالمدرسة والأجازة الصيفية والعمل والديمقراطية وحقوق الأنسان والحيوان والبيئة والمساواة وفردريك راينفلد * وگستاف ڤاسا ** ومثلها كثير ، وينتقل مباشرة وبمهارة للعربية أذا ما أراد توبيخ أحداً منهم أو أذا كان موضوع الحديث يمس جوانب في ثقافتنا وعاداتنا كالحواسم والمواسم ، والگوامة واللطّامة ، والعبوات والرشاوي و فتاوي القرضاوي .
المغترب ، مِنّا ، مناضل مرتين ، مرة للبناء ومرة للهدم ، أو كما قال جبران : للعظيم قلبان ، قلب يتألم وقلب يتأمل . 10. ثلاثية الرحيل
ليس للفراق معنى ألا عند اللقاء وليس للقاء طعم ألا عند العناق
فالفراق ، أغلب الظن ليس من غير أضطراب ، يعني من بين ما يعنيه ، ترك الأهل والأحباب ، والسفر بعيداً الى بلاد الأغراب ، حيث لا أحد يطرق الباب ولا نسمة أطياب ، ولعل أثقلها الشوق للوطن والأصحاب . بعبارة مكثفة الرحيل من الحنان والأمان ، أنت وذاكرة الأوطان ، الى المجهول في اللازمكان . أن تستبدل الأهل والأقرباء ، بالغرباء ، مغامرة محفوفة بالنسيان ولا تنتهي دائماً كما في الحسبان .
أما العناق فهو للفراق دواء ، من بعد الأشتياق والرجاء ، فهو بهاء وصفاء ، ومبتدأ اللقاء وأمل البقاء . فالفراق مهما تعددت أسبابه يبقى اللقاء في المدى ، اليوم أم في الغدا ، مطلباً ومرتجى ، شاء من شاء ومن أبى .
هكذا ، يظن الأنسان ، الآن وفي قديم الزمان ، في كل الأوطان ، ألا في بلد النخيل و الأديان ، حيث الغناء رثاء ودعاء ، والعناق عويل وبكاء ، والفراق هو اللقاء.
د.غالب محسن ------------------------------------------------------------------------------------------------------------ * رئيس وزراء السويد الحالي
**مؤسس الملكية السويدية
#غالب_محسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 11
-
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 10 /الأيمان في الغربة وطن
...
-
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 9 / الأيمان في الغربة وطن
...
-
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 8 تبسيط السياسة دون أبتذا
...
-
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 7 // الرمز الديني بين مطر
...
-
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 6 // جزء 2 (2)
-
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 6
-
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 5 / السياسة بين التأمل وا
...
-
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 4
-
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات 3
-
الموقف من التأريخ هو المحك / تأملات 2
-
نقد الذات قبل نقد الوقائع / تأملات
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|