خربشة على مسلّة (منفى بي)

فيحاء السامرائي

الحوار المتمدن-العدد: 3243 - 2011 / 1 / 11 - 23:28
المحور: الادب والفن
    

خربشة على مسلّة (منفى بي)

في لوح ما قبل الهجرة، جاء: إذا سُلبت منك بلاد خذ منفى، وإذا أخذت منك زنبقة خُذ عوسجاً.
البلاد بالمنفى، والزنبقة بالعوسج، ولازال جدل دائر، حول شرعية الوردة.
****
في لوح المساءات اليابسة، كان النهران موشومين بالعطش، يفقأ حزن ناعق غرينيهما... وينسحب الندى والمطر...للمطر صديد ممتزج بصدأ زمن...وللزمن ملمس رعد يتزاحم على نافذة روحي...لا روحي تطل على شيء...ولاشيء يُرجع لي ملامحي و ألواني...ولا ألوان لخيام صمت نُصبت حداداً، على جزع تجعد، وأحلام طينية، انحنت قاماتُها كما جدتي، يوم خبأت في منديلها تفاحة الحكايات، وغفت...فتسللت اليها دودة النسيان.
****
في لوح ما قبل الحنين، أسلمت رأسي لشرنقة آت لا يأتي، فهربت أقدامي من جسدي، ويد البلاد المباركة تمتد راجية: رويدك...هاهي نهارات قادمة من رحمي، لا ترحلي...
لكن رائحة ليلية وعرة، جثمت هناك...فأخفيت بلادي المباركة في أجنحتي، وعن مساءات طيورعقيمة، وعن غلاف ظلّي، رحلت.
***
في لوح العام الأول للهجرة، كنت في مطلع العشب، وكانت ذاكرتي عذراء...
كيف يتسنى لي أن أنسى، والشجرة بعيدة المنال؟ لا أحد يحرث عنوستها، ولا يدركها مَنيّ شمس، ومن وراء باب الغيم همستْ لنا:
ها هي سلالكم مغتصبة، أحملوها وارحلوا، فلا ضياء يرفو شقوق وجع، ولا آلهة تمنع تناسله، -
ولا قطاف، و لاكروم، ولا باخوس يستفيق ليثملنا، ولا شاماش في الطريق، ولا سكّر في فناجين المواسم، ولا زال المخاض طويل.
****
في اللوح الثلاثين للهجرة، أرحل الى تلك البلاد المباركة، تسْبيني دهشة، و تسْبيني بابل والعويل...فأقنط، كما تقنطُ عوانس وسبايا.
****
أيتها الآلهة! ...
كم من الصباحات أفرج عن زينتها؟
لتغدو مساءاتي خضراء
كم من الصخور أعصر؟
ليصير زمني أملساً
كم من الكلمات أبذر؟
كي لا تهجر حساسينُ سنابلي تغريدها
وتذبل...
****
(جوقة)
يا سيدة النخيل والرحيل
لا تنكسري...
يا امرأة مزيّنة بحقيقة وحقيبة
انبثقي من حدقات فراش وضوء،
واحكي لهم كيف،
لحدود طعنات عبَرت
ولجلدٍ فوق فجيعتك
كيف نسجت
ليس أمامك سوى ماء الروح
لو ظمَأت...
لا تنكسري
كي لا ينكّس النهران جبهتيهما
وينزّ البلد المستباح من جراح أبيّة
لو أسنْت،
كم يلزمك من مواجع وترحال
كي تغدين نبية؟
لاتنكسري
فمن يدحرج شمساً الى قلب النهارات
لو انطفأت؟


فيحاء السامرائي

#فيحاء_السامرائي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات