أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - الأمازيغ، القذافي وسيادة الدولة المغربية















المزيد.....

الأمازيغ، القذافي وسيادة الدولة المغربية


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 3243 - 2011 / 1 / 11 - 15:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو أن علاقة النظام الليبي بأمازيغ شمال إفريقيا قد بدأت تتخذ أبعادا خطيرة، فالأخ العقيد "بطل ثورة الفاتح بالجماهيرية العربية الليبية الشعبية العظمى"، و"ملك ملوك إفريقيا"، قد جعل من القضية الأمازيغية انشغالا يصل إلى حدّ الهلوسة، ومن الفاعلين الأمازيغيين داخل ليبيا و خارجها ألذ أعدائه و أكثرهم خطرا على الأمة و الوطن، و هذا ما جعل ديوان شعر أو أغنية أمازيغية تصبح أخطر من السلاح، ويعاقب عليها في ليبيا كما يعاقب المجرمون العتاة، فالمرء لا يصدق أن فنانا أمازيغيا ليبيا اضطر للمجيء إلى المغرب، لكي يسجل شريطا صوتيا بأكادير، غير أنه فوجئ عند عودته إلى ليبيا بخمس سنوات سجنا في انتظاره، كما لا نصدق كيف أن خطبة جمعة بالأمازيغية ستحرق بسببها بيوت وتهدم أخرى ويعاقب أشخاص أشد العقوبات. في ليبيا كل شيء ممكن، فالأخ القائد لا يحبّ أن يسمع بالأمازيغ، الذين يعتبرهم قوما انقرضوا وبادوا منذ ألاف السنين بسبب جفاف يرى الأخ القائد بأنه استمر في شمال إفريقيا مائة سنة نتج عنه انقراض قبائل الأمازيغ الذين ورثهم في أرض شمال إفريقيا قبائل من العرب العاربة جاءت من الشرق وعمرت هذه "الأرض الخلاء"، لا مجال بالطبع للنقاش مع الزعيم الليبي الذي لا يخطب إلا ليحسم في أمر بشكل ماحق لا يقبل الرد أو النقاش.
والحقيقة أن هذا كله لا يدهشنا ولا يثير استغرابنا، فنوادر الأخ العقيد أصبحت موضوع تندّر وسمر لدى الجميع كالنكات تماما، وحكايته عن الأمازيغ الذين بادوا وانقرضوا ستنضاف إلى مقترحه التاريخي حول "إسراطين" واكتشافه العجيب للـ"الشيخ زبير"، غير أن ما يثير حقا امتعاضنا هو موقف السلطات المغربية المتخاذل والإنبطاحي، إلى درجة أننا بدأنا نعتقد في أن حكام المغرب قد بدأوا فعلا يؤمنون بقصة "ملك ملوك إفريقيا"، فقبل مدة بعث المغرب بتجريدة عسكرية بكاملها للمشاركة في احتفالات "ثورة" القائد التي لم تكن إلا انقلابا عسكريا، ليفاجأ ممثلو الحكومة المغربية بزعيم البوليساريو جالسا في الصفوف الأمامية وهم في الخلف وراءه، وقبل شهور اتجه وفد من المغاربة شارف المائة نفر، جلسوا مطأطئي الرؤوس أمام مهابة وجلال الزعيم الليبي، واستمعوا لمدة أربعين دقيقة لأقاويله ووصاياه وتعليماته التي كانت تشريفا لهم وتطهيرا ، كيف لا وقد أنعم عليهم بالنسب العربي الشريف، وأثبت براءتهم من "البرابر" الذين انقرضوا بعد قرن كامل من الجفاف الذي عرفته شمال إفريقيا في غابر الأزمان. وكانت خلاصة اجتماعهم بالحاكم العسكري أن عليهم أن يعيدوا النظر في كل ما تقرر من أجل النهوض بالأمازيغية، وأن يغلقوا القنوات الإذاعية والتلفزية التي تتكلم بالأمازيغية وأن يسحبوا هذه اللغة من التعليم، لا لشيء إلا لأن الأخ القائد قرر ذلك وارتآه بحكمته. ومن جانب آخر فقد أمر الزعيم الليبي بترحيل المعارض فتحي بنخليفة من المغرب الذي عاش فيه خمسة عشر عاما وطرده إلى الخارج، وهو ما قامت السلطات المغربية بتنفيذه على الفور إرضاء للعقيد. وفي الأيام الأخيرة فقط، قامت السلطات الليبية باختطاف باحثين من المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ذهبا في مهمة بحث بتونس و ليبيا حول آثار الأمازيغ، والذين اختفيا لما يقرب من سبعة عشر يوما، ليتم الإفراج عنهما بدون أي تبرير أو اعتذار.
كيف يجرأ مائة مغربي على السماح لزعيم دولة أجنبية بالتدخل في السياسة الداخلية لوطنهم، وكيف عادوا إلى بلدهم وسكتوا عن الكلام المباح ؟ هل المغرب دولة مستقلة ذات سيادة أم أنها من حيث لا نعلم دخلت تحت سلطة "ملك ملوك إفريقيا" تأتمر بأوامره في غفلة منا ؟ لماذا تمنع السلطات المغربية أي تظاهر أو احتجاج ضد القذافي ؟ هل انضاف إلى مقدسات المملكة دون علمنا ؟ كيف تمتدّ يد الزعيم الليبي إلى المغرب ليعاقب من أراد دون راذع ؟ كيف يختطف مواطنان مغربيان بليبيا دون أن يتمكن سفير المغرب من معرفة أي شيء عنهما لمدة أسبوعين، مع العلم أن مهمته هي مقابلتهما والإطمئنان على صحتمهما ومعرفة مكان تواجدهما بوصفه ممثلا للدولة المغربية في ليبيا ؟
إنّ ما يصدر عن الحاكم الليبي من تصريحات تخصّ موضوع الأمازيغية، بما تحمله من أغاليط وتخريجات غريبة، و ما تتتخذه السلطات الليبية من مواقف و تدابير قمعية وتسلطية ضد مواطنين مغاربة أمازيغيين وضد معارضين لها بالمغرب، يعدّ تدخلا سافرا وغير مهذب في السياسة الداخلية للدولة المغربية، ومسّا بسيادتها، و هي الدولة التي قطعت بعض خطوات ـ ولو بطيئة ـ في الانتقال نحو الديمقراطية والمصالحة الوطنية، والتي أدرجت منذ تسع سنوات، في إطار توجهات سياسية جديدة، موضوع الأمازيغية ضمن اهتماماتها السياسية الكبرى كقضايا الصحراء والمرأة وماضي الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
إنّ ما عبر عنه العقيد الليبي غير ما مرة من مواقف عدائية وعنصرية تخلو من التبصر والحكمة وواجب التحفظ، ويطبعها العنف الرمزي ضدّ الأمازيغ وحضارتهم وهويتهم، هي بمثابة حث مباشر على الكراهية والميز، وسعي إلى تصدير النموذج القمعي للنظام الليبي إلى البلدان المجاورة التي تتطلع جميع قواها الحية إلى التحرر والديمقراطية، كما يعبر عن استمرار الطموحات الخيالية للعقيد الليبي في ممارسة الوصاية على شعوب الجوار والحلم بأمبراطورية واسعة تحت إمرته و حكمه.
إنّ أوضاع الأمازيغ في ليبيا ما زالت تخضع لسياسة الحصار والحظر التامّ التي جعلت من هويتهم نوعا من المحرم السياسي الذي لا يُسمح بإثارته أو البت فيه مطلقا، حيث تتعامل السلطات الليبية مع مظاهر التعبير الأمازيغية عن الهوية والثقافة الخصوصية و مع الفاعلين الأمازيغيين بأسلوب عقابي وحشي لم يتغير، إذ يصل الأمر إلى حدّ مداهمة البيوت وإحراقها واختطاف الأشخاص وتعذيبهم، وهو ما تنبهت إليه مؤخرا منظمة العفو الدولية التي أصدرت بيانا شديد اللهجة في الموضوع، كما تتهيأ حوله حملة دولية يقودها معارضو النظام الليبي في أوروبا.
إنّ موقف الحكومة المغربية أمام الضغوط الليبية التي تعمد في العديد من القضايا إلى الإبتزاز باستعمال قضية الصحراء والمساومة والتهديد والسعي إلى خنق حرية الإعلام والصحافة في بلادنا وطرد معارضين ليبيين مقيمين في المغرب، لا يعدّ موقفا مشرفا، كما أنه يتعارض مع مبادئ السيادة ومع تقاليد المغاربة و قيمهم.
من هذا المنطلق، ولصدّ غلواء الهيمنة الليبية فالسلطات المغربية مدعوة إلى الحرص على حفظ السيادة المغربية واحترام مشاعر المغاربة، وتقوية دعائم الوطنية المغربية على أسس المواطنة الحقة وتعميق مشاعر الإعتزاز بهويتنا الوطنية بكل مكوناتها عبر الدستور والتعليم والإعلام والمجالات السوسيوثقافية وكل المرافق الأخرى.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التربية وثقافة الحوار
- الأب نويل في بلاد المسلمين
- دموع الوزراء
- الإسلام القسري
- الصحراء السلطة و المجتمع
- صورة المغرب بين -الإجماع الوطني- و الموقف النقدي
- عيد الأضحى والسلوك المدني
- الهوية والتاريخ والسياسة، متابعات
- إلى المدافعين عن العربية: هذه أخطاؤكم فتداركوها!
- الفن و الدين بين الذات و المجتمع إلى الممثلة لطيفة أحرار
- عن التعدد اللغوي ووظائف اللغات بالمغرب رسالة مفتوحة إلى الدك ...
- تعقيب على -إعلان دمشق-: هل تهدد الديمقراطية مستقبل اللغة الع ...
- -تعريب الحياة العامة- مقترح مكانه الطبيعي سلة المهملات
- الأمازيغ و التلفزة المغربية
- الأمازيغ بين التقرير الأممي و الدراسة الإسرائيلية
- مجلس الجالية و عقلية -أهل الكهف-
- الخطبة و الخطباء
- عودة إلى -أسئلة الإسلام الصعبة-
- عقول صغيرة
- الفن و الدين أو الحرية في دائرة المطلق


المزيد.....




- سارة نتنياهو تتهم الجيش بمحاولة تنظيم انقلاب عسكري ضد زوجها ...
- كوريا الجنوبية.. ارتفاع عدد القتلى إلى 23 شخصا في أحد أسوأ ح ...
- .بالفيديو.. مراسم تسليم مفتاح الكعبة المشرفة للشيخ عبدالوهاب ...
- نجم عالمي شهير يصفع يد معجب يحاول لمس ذراعه (فيديو)
- غالانت لأوستين: إيران أكبر خطر على العالم مستقبلا
- الأسباب المحتملة للشعور بالتعب معظم الوقت
- روسيا تحوّل صاروخ -توبول – إم- الاستراتيجي إلى صاروخ فضائي م ...
- سياسي بريطاني يحمّل رئيس الوزراء الأسبق بوريس جونسون مسؤولية ...
- جوليان أسانج يقر بذنبه والمحكمة تأمره بتدمير المعلومات على م ...
- أسانج يقر بالذنب أمام محكمة أميركية تمهيدا لإطلاق سراحه


المزيد.....

- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد عصيد - الأمازيغ، القذافي وسيادة الدولة المغربية