|
في ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي السوري
معتز حيسو
الحوار المتمدن-العدد: 3241 - 2011 / 1 / 9 - 12:48
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
((أشكال احتفالية جديدة)) لأن الاحتفاء بذكرى تأسيس الحزب الشيوعي السوري مناسبة وطنية،يجب أن نقرع جرس الإنذار و نقف موقفاً نقدياً ونقيضاً من تحولات تكرس مفاهيم التنميط الترفي وثقافة التحلل و العادات القطيعية التسليمية... عندما تعاودنا لحظات التأسيس، وقوانا الوطنية تعاني مزيداً من الانحسار والترهل ... نخشى انسداد الأفق السياسي العلماني وانفتاح المستقبل على تغيرات ارتكاسية. لكن بذات الوقت نستذكر تضحيات الشيوعيين الأوائل، والأكلاف المادية والمعنوية التي قدموها على مذبح الحرية. نتذكر المصاعب والأهوال التي عانوها من أجل رفع شأن الوطن ورايته في مواجهة الاستغلال والاحتلال. نتذكر نشاطهم بين الفقراء من أجل تحويل الفكر الماركسي لقوة مادية في مواجهة الاستبداد لتأسيس وطن حر ينعم فيه الكادحين والعمال والفقراء بالعدالة والمساواة والحرية والديمقراطية... وبدل استنهاض لحظات التأسيس وتجسيدها في الممارسة النضالية، يتم تحويلها إلى مناسبة طقسية لا تعبر عن الالتزام بالحد الأدنى من الممارسة السياسية بقضايا المضطهدين في لحظة تأزم سياسي واجتماعي يتراجع فيها دور الشباب في سياق انحسار المشاريع الشيوعية والديمقراطية العلمانية أمام تمدد قوى الظلام والعنف الطائفي والمذهبي الذي يجتاح الأوطان؟؟ فهل هذا التحول نتيجة لهيمنة البرجوازية اقتصادياً وسياسياً وثقافياًَ وانحسار المشاريع البديلة وتغيّر في وعيها الثقافي؟ مما يعني بداهة تمثّل النخب السياسية القيم الثقافية السائدة....في لحظات تستوجب تكريس ثقافة الحوار الديمقراطي والالتزام بالوطن أرضاً وشعباً، وإيجاد آليات تمكّن القوى الوطنية من استرجاع ألق الشباب وقوتهم الثورية . ـــ لماذا هذا الاستعراض: باختصار لأن الاحتفاء بذكرى تأسيس الحزب الشيوعي السوري يجب أن يكون مناسبة مفتوحة ومنفتحة على الجميع وللجميع،بأشكال تعبّر عن مضمون المناسبة وأهدافها السياسية والاجتماعية،لا أن تتحول لمناسبة للفقش والطقش والرقص والشراب والشواء واللهو والطرب المبتذل والرخيص الذي يحط من القيمة الرمزية والمعيارية لهذه المناسبة.. فبدلاً من العمل على تكريس ثقافة الالتزام والوعي النضالي وتوسيع قاعدة النشاط الجماهير والشبابي في لحظات حرجة ومستعصية، فإن قيادة أحد منظمات الحزب الشيوعي السوري / النور/ أحيت هذه الذكرى بطريقة تشوه المناسبة وتحط من أهميتها،و هذا أقل ما يمكن أن يقال ..... في هكذا لحظات ينتابنا شعوراً بالإحباط والمرارة واليأس من التهاوي على مفترقات التحولات والتغيرات التي تبتذل الفكر والحزب ومن يراهن على تحقيق الحلم الاشتراكي... جميل أن نسعى إلى الفرح والسعادة، لكن يجب أن ندرك بأن لكل مقام مقال، فإحياء ذكرى التأسيس بالشكل الذي ذكرناه، يشكّل أحد المفارقات المؤلمة والمحزنة.. وعدم مشاركة كوادر المنظمة وأصدقاء الحزب بذكرى التأسيس لأسباب تتعلق بشكل الاحتفاء وارتفاع الكلفة المادية وطبيعة المكان الذي أقيم فيه الاحتفال .. يدلل على انحراف في شكل الثقافة الذي يمكن أن يطال بنية الوعي وجوهره. ولو كان الاحتفال بشكله المذكور تتويجاً لجملة من النشاطات السياسية والثقافية والفنية والاحتفالات الجماهيرية والندوات ... حينذاك يمكن قبوله وتبريره، لكن أن يكون الشكل الاحتفالي المذكور النشاط الوحيد، فهذا يدلل على انحراف في الوعي الماركسي بشكل لا تخطئه العين الفاحصة. لذا يجب أن نقف عند هذا التحول لأنه يشكّل خطوة متقدمة في انحطاط الوعي الماركسي عند غالبية الأحزاب الشيوعية الرسمية، وهذا ما تعمل البرجوازية على تحقيقه في سياق سياسات مضبوطة تروج لثقافة الاستهلاك الرخيص والمبتذل. ولكي لا نذهب بعيداً في تحطيم ما تبقى من الوعي الماركسي الثوري النضالي الذي يجب أن لا نساوم عليه أو نتراجع عنه، وحتى نحافظ على احترام فئات اجتماعية ما زالت ترى في الشيوعية باباً تلج من خلاله لعالم تسوده العدالة والمساواة، وحتى لا يضيع من تبقى من الرفاق والأصدقاء في دروب الاستهلاك والثقافة الاستهلاكية والقطيعية .. يجب على الشيوعيون التمسك بمواقفهم النضالية، وإيجاد آليات للخروج من النفق المظلم ،لا أن يتحولوا إلى شلل للهو وتضيّع الوقت .. لذلك يجب أن تبقى ذكرى التأسيس منبراً لاستعادة وجودهم ورفع صوتهم في وجه الظلم والاستغلال، ولاستعادة الاعتبار للحزب والشيوعيين وكافة الوطنيين الحاملين لواء التغيير الوطني الاجتماعي الديمقراطي، وأن تكون دافعاً لتوسيع القاعدة الجماهيرية و استقطاب الشباب لمواجهة المد السلفي و الوعي الاستهلاكي الرخيص والمبتذل وثقافة الاستبداد... في سياق تحول اقتصادي رأسمالي حر ومشوه يسلّع البشر قبل الحجر... هنا يمكننا التساؤل عن طبيعة الترابط بين التراجع عن الأشكال النضالية وطبيعة التغيرات السلوكية التي تعبّر عن تحول في شكل الوعي ونمطه..؟؟ نؤكد أخيراً بأن ليس ذكرى التأسيس أو اسم الحزب سيضيع وسط الطرب الرخيص وقرع الكؤوس وهز الوسط، بل الحزب ذاته... إذاً: ماذا سيبقى للحزب الشيوعي بعد ذلك.هل ستنعيه الجماهير...أم أنها ستسارع لدفنه ودفن من يشابهه من الأحزاب الشيوعية وهذا لا يتعلق بالسبب الذي عرضناه فقط.؟ يبقى ما قلناه موضعاً للنقد والحوار الرفاقي والصداقي، ومدخلاً للتأكيد على ضرورة تلاقي كافة اليساريين الماركسيين .... ****************************************************************************
#معتز_حيسو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار في فضاء التقرير الفكري للحزب الشيوعي السوري
-
الحوار في عيده التاسع
-
عتبة الهدم الديمقراطي (قراءة في التجربة السوفيتية) القسم الر
...
-
تهنئة وتعليق - من أجل ثقافة ديمقراطية حقيقية
-
عتبة الهدم الديمقراطي (قراءة في التجربة السوفيتية) القسم الث
...
-
عتبة الهدم الديمقراطي (قراءة في التجربة السوفيتية) القسم الث
...
-
عتبة الهدم الديمقراطي (قراءة في التجربة السوفيتية) القسم الأ
...
-
قراءة في الاقتصاد السوري في ضوء التقرير الاقتصادي للحزب الشي
...
-
العلمانية في سياق الممارسة
-
أشياء من الذاكرة
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
-
موضوعات الحزب الشيوعي السوري : مدخل لنقد اليسار الرائج
-
غزة بوابة لتحولات إقليمية جديدة
-
الأزمة اليونانية: الحلقة الأضعف بوابة لتّغيير
-
أزمة اليسار : فكر أحادي واقع مستعصي
-
إقرار مشروع الضمان الصحي وغياب دور نقابة المعلمين
-
الصحافة العربية ( ملاحظات أولية)
-
إشكاليات الإعلام الرسمي
-
واقع الإعلام في اللحظة الراهنة
-
أن تكون يسارياً
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
/ أزيكي عمر
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
المزيد.....
|