مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 3240 - 2011 / 1 / 8 - 13:26
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لنحترم التاريخ !؟
مهداة لشهداء كنيسة سيدة النجاة - بغداد , وكنيسة القديسين في الأسكندرية
...................
لنحترم التاريخ ..
التاريخ الموغل بين طياّت اّلاف العصور
لنحترم اّثارنا المادية والمعنوية الحضارية إن تحت الأرض , أو فوق الأرض .
لنحترم أرضنا المقدسة .. أرضنا المباركة .. الخيّرة .. المعطاءة .. الجميلة .. المنعشة .. الدافئة .. المعتدلة
أرض الطاقات المتنوعة : الحطب الفحم البترول الأنهار الشلالات الرياح .. وأخيراً " أبنة النور" شمسنا الوهاجة ..
لنحترم الجغرافيا
جغرافية أوطاننا ,, المائية , البحرية , الخضرية , النباتية , الحيوانية , المعدنية , السياحية , الدينية , البشرية , المدينية , ..
لنحترم الإنسان ( إنسان بلادنا ) الذي أعطى كل هذا التراكم والإمتداد ;
كل هذا الجمال واللوحات الفكرية والفنية والثقافية والإقتصادية ;
كل ما أعطى من ثورة إكتشاف النار والحجر , وثورة إنتاج القوت الغذاء , وتدجين الحيوانات , والزراعة , والصناعة , والفنون .. والقوانين والشرائع .. وبالتالي أساس تطور وتقدم الشرق الأدنى القديم نواة الحضارة الإنسانية .. وجنينها .
إنسان هذه الأوطان مزروع بالغيط بالأرض بالتراب بالصخور بالحقول ..
إنساننا إبن هذه الأرض المعجونة بالعرق والدم والكفاح والتعب .. مغارته كوخه قلايته محبسته صومعته حصنه بيته , ومعبده , وكنيسته , ومقامه , وقبره محفوراً في قمم السلاسل العالية ,, و في كل شبر من سفوح الجبال والتلال والصخور والأودية وعلى ضفاف الأنهار . فأي إنسان عندنا وأي حضارة !!؟
أرضنا جنّات على مد النظر .. جنات وافرة بكل الغلال والحصاد والإبداعات ..
أرضنا .. مساحة أوطاننا مشرورة بالأماكن المقدسة بالمعابد والمزارات والزقورات والكنيس والأديرة والكنائس والجوامع والمساجد والخلوات لكل فئة وطائفة ودين ومعتقد ..
اّثار مادية ومعنوية وروحية وثقافية وفنية وحقوقية وموسيقية وأدبية .. في كل شبر من أوطاننا وإنساننا متجذر بكل هذا الكم من المحتويات التي تجعله في أرقى وأجمل وأعدل مجتمع إنساني عريق وتطور حتمي .
أين نذهب بكل هذا الإرث الفريد الثمين الذي بين أيدينا , بكل هذا الذهب ومناجمه التي لا تنضب .. ؟
أرضنا ذهب .. إنساننا ذهب , مادة لا تفنى , ولاّدة هي مصر وفلسطين والأردن والعراق ولبنان وسورية والسودان والجزيرة العربية والشمال الأفريقي كله ..
هي كل هذه اللقى والاّثار والأوابد والصروح والمسلاّت والأهرامات والنواويس والتماثيل واللوحات والأيقونات والعباقرة والملكات والأميرات والحكماء والقديسين والقديسات والأنبياء والرسل والكتاب والأدباء والفلاسفة والمزارعين والعمال والبناة الخالدين والخالدات ,, فأين تذهب يا أخي بكل هذا الفيض وهذا الغمر وهذا الإنتماء والفخر والإعتزاز .... ألا وهو التاريخ !؟
تاريخ الفكر والعقل والإبداع ؟
أين ترميه ؟ أين تخبئه ؟
هل تتجاوزه , أو تلغيه أو تمحيه , أو تدوسه بقدميك أو بسطارك , وتقول أنا أنا الكل بالكل , أنا البلاد كلها ملكي أنا , أنا إبن اليوم إبن الإعلام المأجور المشحون بكل طبقات الإرتفاع من الصوت الردئ واللغة السلفية التي عفى عليها الفكر الحديث المتنور الإنساني , إبن المدرسة التي تخرّج جيش من " المزنرين " بلوح الجنة الدموية الجهنمية , بالعصا والسوط والسجن وكم الأفواه , بالقوة والسيف والقنبلة والإغتيال والكره والأمية الثقافية والأبجدية الإنسانية !؟؟
ألا تعرف ما هو الحوار , والتعدّد العرقي والديني والثقافي والفكري والقومي .. !؟
......
التاريخ تاريخ , لا يمكن إلغاؤه أو رميه بالبحر , التاريخ زمان ومكان وإنسان موجود على أرض .. مساحة .. وجود .. حياة ,, أحداث وحوادث , واستمرارية شعوب , واختلاط أجناس وقبائل وأقوام وموجات بشرية تأتي وتذهب , تقيم وترحل , تتزاوج تتلاقح تتفاهم تستقر أو ترحل وهكذا تكوّن تاريخ منطقتنا العامرة والمعمّرة بكل المذاهب والتلاوين والتنوع البشري والفكري خليط عجيب هنا وهناك في أرضنا المعمّدة بالدم والمخضّبة بحناء التراب , وهياكلهم ببخور الصنوبر والغابات الوارفة ظلاً وحمىً ..
أيها القاتل أيها الجاهل أيها المسكين , أين تذهب بكل هذا وترميه بطلقة نارية أو مفخخة جهنمية أو لغم سيارة , أو أو .. .. هل انمحى إسم أو كنيسة أو ترنيمة أو نشيد أو أيقونة .. أو مسجد أو معبد ؟
أيها المزنّربالقنابل والديناميط , يا قائد المفخخات وسيارات الخراب , أو البالدوزر والمستوطنات والطائرات ,, المحشو بالغضب والأنانية ووثن النص الخاطئ الذي لا يتلاءم مع الحياة وجمالها ولغة البشر , فك الإرتباط مع ثقافة الموت , فكّ حقدك و ( فلّش ) التعصّب الذي شحنوك به أصحاب الفتن والبغضاء أو المخططات المسعورة الغير قابلة للحياة والديمومة , وعد إلى إنسانيتك وطبيعتك ومجتمعك وأخوتك وتاريخك الواحد ووطنك المقدس الواحد , وأرض الله الواسعة تسعنا جميعاً وتفيض العسل واللبن والحب والسلام .. الخير والبركة .. والتقدم عنوان ..
تخلى عن الشوفينية والعنصرية والفوقية , عن أنظمة الإستبداد والشمولية أنظمة الظلم والظلمة والطبقية الحادة الصارخة , أنظمة اللاعدل واللاقانون ,, واللاأمان ,,
استعمل عقلك وإرادتك , وتعلق بالقوانين الديمقراطية والحقوق الوطنية والنظام العلماني الذي يحترم الاّخر مهما كان دينه ومعتقده وثقافته وفكره وتاريخه وقوميته وووو الخ ,,,, وانضم للإنسانية واجعل دستور الحب والحوار هو الخطاب هو المؤشر لحياتك ..
استعمل عقلك ولسانك وقلبك , قبل غريزتك ووحشيتك وجيبتك ..وسلاحك المدمّر .. للتخاطب والتواصل والسلام والمعرفة ..
........
مسكين من لا يدرس ويتمعن بالتاريخ ويتعظ ,, مسكين من لا يحترم التاريخ ,, تاريخ الشعوب والأرض التي عجنت وحفرت بدمائهم وعظامهم .. وخطواتهم ..
أجداد , وأحفاد وأحفاد هذه الحضارات ,, قبورهم محفورة بمغاور الصخور وفي طمي السهول والدلتات الخصيبة تنمو الأشجار الباسقة على ضفافها , فهم من أبناء هذه الأرض وللأرض عادوا .. وستعيش الأجيال بعدهم إلى الأبد .. في أوطانها ولوتس بحيراتها ... وورود دوار الشمس عنوانها ورمزها .. والنخيل والأرز والزيتون أشجارها ورمز بركتها وقدمها و جذورها .
فلنركع لهذه الأرض المباركة المقدسة .. أرضنا وحصننا
تمهّل أيها الغاصب أيها القاتل أيها المسكين , المخدّر بالمورفين لحين تنفيذ العملية وتكون جثتك مع بقية الأشلاء في برك الدماء .. سواء !!؟
شئ محزن أليس كذلك ؟ ماذا ربحت وجنيت ايها الجاني ؟
الأسباب كثيرة , والدوافع أكثر , والرادع , والعلاج ليس بيد الشعوب المضطهدة المغيبة , بل بيد الحكام والسلطات القاهرة الممتدة طولاً وعرضاَ ماضياَ وحاضرًا دون محاسبة ومحاكمة .. أو مساءلة .!
.
لا نملك سوى الكلمة .. ونحن أيضا ضحايا هذه الأنظمة الفاسدة ( الوكلاء بالعمولة ) !؟؟
أيها الحاكم المستبد الفاشي – سبب كل علاتنا وأزماتنا وتخلفنا – التي ولدت و نمت هذه السموم والظواهر المرعبة في السنين الكالحات لعرشكم المسمّر بالطاعون الوراثي ,
...
إنني أبكي لجهلك أيها القاتل ( المنفّذ ) .. كيف دارت الأيام السوداء ( الخطأ ) وأصبحت تتحكم أو تقرّر أنت بمسدّسك أو مجازرك , زنارك , إغتيالك صاروخك ... ومذابحك الوحشية بمن يعيش أو لا يعيش , بمن يبقى أو يهاجر من أرض الأجداد أرضنا .. تاريخنا .. !؟؟
طوبى لإنساننا الرائع الخلاّق ,, والسلام لأوطاننا ..
.............
تحية وتهنئة بعيد الميلاد المجيد لكل إخوتنا الأعزاء في كل مكان للأقباط والأرمن والروس وغيرهم ممن يعيّدون اليوم وسنة مباركة بالسلام والمحبة وفرح العمل والعطاء .
مريم نجمه / هولندة / 5 / 1 / 2011
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟