|
الاحتقان بين الخارج والداخل
فريدة النقاش
الحوار المتمدن-العدد: 3239 - 2011 / 1 / 7 - 20:20
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لارتباط منظمات الإرهاب والتكفير بالامبريالية تاريخ طويل بعضه معروف منذ قامت المخابرات الأمريكية والسعودية والفرنسية وبالتعاون مع المخابرات المصرية في ظل حكم الرئيس «السادات» بتدريب وتمويل منظمة طالبان لمحاربة الشيوعية والجيوش السوفيتية في أفغانستان في نهاية سبعينيات القرن الماضي، وفي أحضان طالبان نشأت منظمة القاعدة وتوسعت في تدريب آلاف الإرهابيين في العالم أجمع وهي تسدي للامبريالية خدمة كبري حين تحول الصراع الشعبي ضدها إلي نزاع ديني. وبعد قصف البرجين في نيويورك ومبني وزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن في 11 سبتمبر 2001 فتحت الولايات المتحدة الأمريكية معتقل جوانتانامو في كوبا الذي كان ومايزال مدرسة لتدريب وتخريج الإرهابيين بدعوي مكافحة الإرهاب وفيه تربي العشرات منهم لخدمة نفس الهدف وهو تشويه وعي الشعوب بأخطار الامبريالية وتفجير النزاعات داخل هذه الشعوب. ففي شهادة بجريدة الشرق الأوسط لأحد المعتقلين السعوديين الذي اطلق سراحه مؤخرا من معتقل «جوانتانامو» ويدعي جابر الغيضي يقول إن التعذيب هناك قد أودي بحياة الكثيرين، كما أدي إلي غياب العقل ثم الجنون، كما كان هناك من يؤصل لفكرة التكفير من مختلف الجنسيات والذين كانوا يكفرون بعض الدول الإسلامية، ويأخذون في هذا الجانب منحي تدريجيا لكي يصدموا البعض بدولهم وأممهم، وأتتني قناعات وتأثرت بفكرة تكفير الدولة الذي كان يملي علي في المعتقل ويدعونني لعدم الاعتراف بالعلماء». وفي التجربة المصرية ساند نظام الرئيس «السادات» الجماعات الدينية المتطرفة وسلحها لمحاربة اليسار الشيوعي والناصري في الجامعات وفتح لها السكك لتتوغل في المجتمع إلي أن دبرت هذه الجماعات لاغتياله هو نفسه ونفذته. والتقت الأهداف المحلية مع الأهداف الاستعمارية حين استهدفت خطة «السادات» في ذلك الحين تشويه الصراع الطبقي الذي احتدم بعد الانقلاب علي السياسات الناصرية وبناء مفهوم للجماعة علي غير أساس العلاقات الطبقية فوق الطائفية مما أدي إلي تلويث الوعي الاجتماعي وإعاقة نضجه علي أسس صحية، ليسهل التلاعب به من جهة، ووضع العراقيل من جهة أخري أمام عملية تنظيم الجماهير علي أساس من مصالحها الفعلية لا المتوهمة، وتفريغ طاقاتها في النزاعات الدينية دون أن يتوجه غضبها لسلطة الفساد والاستبداد. وفي الحالة المصرية كانت العوامل الداخلية دائما هي الحاسمة في انطلاق موجات التطرف والعنف الطائفي منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي ووقوع أحداث الخانكة، ولم يعد ممكنا مواجهة حالات الاحتقان في البلاد التي وصلت لحد الإجرام الوحشي كما حدث في «نجع حمادي» قبل عام، وما حدث في كنيسة القديسين بالإسكندرية قبل أيام والمشترك الأول بينهما هو التراخي الأمني في حماية الكنائس. وحتى لو كان مدبرو ومنفذو تفجير الإسكندرية مدفوعين من الخارج، وكما يقال من منظمة القاعدة فإن البيئة المحلية بمكوناتها تظل قادرة علي الدفع بمئات المتطرفين والإرهابيين إلي أفعال إجرامية إذا لم نتناد بمنتهي الجدية والصرامة للتعامل مع جذور الاحتقان الطائفي في البلاد الذي أصبح ظاهرة وليس مجرد حالات فردية. ففي المؤسسة التعليمية هناك تمييز ضد المسيحيين وإهمال لتاريخهم فضلا عن حصة الدين في المدارس التي تعزلهم عن المسلمين ولطالما دعا مفكرون وتربويون إلي حصة دين واحدة يجري فيها إضاءة القيم العليا المشتركة في الديانتين وتكون أساسا لخطاب ديني مستنير وجديد عي الجانبين ولتعليم التلاميذ الاحترام المتبادل والاعتراف بحق الآخر في الاختلاف ، وفي هذه الحالة ستكون القيم العليا ملهمة للجميع وخطوة علي طريق التحضر والاستنارة ، والقضاء علي تهميش المسيحيين الذي يغري بالعدوان عليهم. ولم يلتفت القائمون علي الإعلام إلا مؤخرا جدا لتلك القنوات التليفزيونية التي تبث خطاب الفتنة والفرقة والتحريض الأسود، وما تزال البرامج الدينية في مؤسسات الإعلام المملوكة للدولة في حاجة إلي إعادة نظر واستراتيجية جديدة تقوم أيضا علي المشترك بين الديانات كافة، وأبناء هذه الديانات هم أبناء أمة أهل الكتاب كما علمنا القرآن الكريم. ولعل الاتجاه الذي تتبناه مؤسسة الأزهر في الحوار بين الأديان أن يكون أداة للمؤسستين الدينيتين الكبيرتين في البلاد لخلق بيئة منفتحة تقوم علي الحوار بين أبناء الوطن الواحد. ومن المهم في هذا السياق أن يتكاتف المفكرون والكتاب والمثقفون لتبيان الارتباط بين مبدأ المواطنة الذي جري النص عليه في الدستور المصري وبين العلمانية حتي يحرروا الأخيرة من ارتباطها الزائف بالإلحاد، بينما هي تعني فصل الدين عن السياسة وعن الدولة. هناك إذن طريق طويل علينا أن نقطعه حتي نقضي علي الاحتقان من الجذور.
#فريدة_النقاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حسابات صغيرة
-
هجرة المسيحيين
-
«وطار».. الشهداء يعودون
-
فانون والفلاحون
-
حدود الليبرالية
-
ملحمة الانعتاق
-
قضية للمناقشة - باسم الله
-
أفعال فاضحة
-
فاشية إسلامية!
-
إخضاع المرأة والمجتمع
-
السؤال الجديد
-
العَلمانية ليست كفرًا
-
ألمجد لمن قال لا
-
ألمعركة القادمة
-
الهولوكست والعنصرية
-
تحرر المرأة العربية ذلك اللحن الذي لم يتم
-
الدمقراطية والعلمانية
-
قضية للمناقشة في عيد العمال
المزيد.....
-
وفاة الملحن المصري محمد رحيم عن عمر يناهز 45 عامًا
-
مراسلتنا في الأردن: تواجد أمني كثيف في محيط السفارة الإسرائي
...
-
ماذا وراء الغارات الإسرائيلية العنيفة بالضاحية الجنوبية؟
-
-تدمير دبابات واشتباكات وإيقاع قتلى وجرحى-.. حزب الله ينفذ 3
...
-
ميركل: سيتعين على أوكرانيا والغرب التحاور مع روسيا
-
السودان.. الجهود الدولية متعثرة ولا أفق لوقف الحرب
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|