خالد عبد القادر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 3235 - 2011 / 1 / 3 - 14:50
المحور:
القضية الفلسطينية
خبر تسارع الجهود الاسرائيلية من اجل استثمار غاز المتوسط, كان من اخر الاخبار الذي ودع به الكيان الصهيوني عام 2010م. فجاء اعلاميا وكانه بشرى عام 2011م, فقد تناولته الاوساط السياسية والاقتصادية الاسرائيلية باعتباره رافعة من روافع الاهمية الجيوسياسية الصهيونية. ولا شك في انه كذلك. نظرا للقيم الاستراتيجية المتنوعة المتعددة التي يحملها.
فلا شك ان للغاز قيمة اقتصادية عالية يمكن ان يحولها الكيان الصهيوني الى قيم تفوق حضارية ديموغرافية وقيم تفوق جيوسياسية تصارعية, خاصة في ظل وجود نهج اداري برنامجي ورقابة اجتماعية ناجحة حتى لو مهما كان تفسيرنا وتبريرنا لذلك. فالعبرة في التنافسية لا في الانتقاد فحسب.
ان الرئيسي في القيم الاقتصادية القومية هو انها رافعة من روافع التوجه الادراي السياسي, وبغض النظر عن المضامين الطبقية التي ينطوي عليها هذا التوجه, فليس على الخريطة الجيوقومية العالمية نظاما لا طبقيا بعد. غير ان هناك طبقات ادارية ترى مصالحها من منظور قومي عام يرى الحرية والسيادة والاستقلال والعيش المشترك, وهناك طبقات تدير الشأن القومي من منظور تامين مستقبل ومتع الاسرة الطبقية فحسب.
إن القيمة الصهيونية المحددة مبكرا للغاز كما حددتها التصريحات الاسرائيلية هي فيما يتعلق برفع الاهمية الجيوسياسية لهذه الدولة, والتي تحمل معنى تحصيل المزيد من استقلالية القرار السياسي الاسرائيلي التنموي التفوقي والتفوقي التصارعي, وهي قيمة لا يمكن اهمال تقاطعها مع القيمة الجيوسياسية الاصيلة لموقع فلسطين الجغرافي في الصراع العالمي والي حصلت عليها الصهيونية على طبق استعماري عالمي من ذهب وحالة من انكار الشعب الفلسطيني لذاته واغراقه في مثل الانتماء والولاء العرقي والمذهبي,
فعلى الصعيد الاقتصادي المباشر سيمكن الغاز اسرائيل من خفض تكلفة عملية الانتاج العامة باشكال متعددة ادناها خفض اسعار الوقود واقصاها زيادة حجم وسعة الاستثمار المالي في عملية الانتاج هذه, وتنويع مجالاته وتطلعاته. وهو امر توقعت التصريحات الصهيونية ان تنطوي عليه الميزانيات الاسرائيية بدءا من العام القادم,
لكن الاهمية الاقتصادية لهذا الغاز لا يجب ان تقف رؤيتها عند هذا الحد بل يجب ان تمتد لتتلمس نمو تفاعلية التبادلية التي يحملها على صعيد المراكمة المالية ما بين الاصول المالية الاستثمارية والمردودات المالية لها, حيث س تزداد تنافسية المنتوج الاسرائيلي في السوق العالمي الامر الذي يعني مردودا ماليا اوسع واكبر حجما يعاد توظيفه في توسيع قدرة الاستثمار الاسرائيلي لمزيد من الانماء العام الاسرائيلي.
ان هذا الاساس الاقتصادي سيمتن اسس استقلال القرار السياسي الصهيوني العام, الذي سيتحرر من الشروط السياسية التي عادة ما تقيدالمساعدات الخارجية ان بصورة منح او قروض متدنية الفوائد من للدولة من دول اخرى, والتي عادة ما تكون بين قوسي الاذلال والتبعية السياسية واعادة استرداد المساعدة المالية في صور واشكال خدمات تفيد مصالح الدول المانحة من الزاوية الرئيسية, ويكتشف معها في النهاية ان الدولة الممنوحة تكلفت اكثر من قيمة المنحة التي اخذتها, خاصة اذا كان البلد ذا منظومة طبقية لا يولي المسيطر منها المصالح قومية اهتمامه, وان المنح والقروض طريقها الاستثماري الرئيسي في الاثراء السريع, وهي طبيعة انظمة التخلف في اغلب الدول القومية في العالم, خاصة منطقة الشرق الاوسط
لذلك لم يكن غريبا ان تنطوي لاول مرة وبصورة علنية سافرة ميزانية الكيان الصهيوني للعام 2011 على بند تمويل العملية الاستيطانية الصهيونية بملياري شيكل, والاستدلالات التي تؤشر اليها, والتي يمكن ان نقرأ منها اولا حجم تحرر السياسة الصهيونية من الشروط والقيود التي كانت توضع على المساعدات الخارجية الممنوحة للكيان الصهيوني وفي المقدمة منها شروط وقيود الولايات المتحدة الامريكية واوروبا, و التحرر من تلك الاعتبارات السخيفة الوزن التي كانت تبقي الادارة الصهيونية عليها لمواقف وقرارات الشرعية الدولية, والذي يعني رفع مستوى ندية البرنامج الصهيونية السياسية اما مصالح هذه الاطراف. ورغم ان ذلك لا يعني الندية المتكافئة مباشرة إلا انه لا يجب اهمال قيمة زيادة مستوى الندية هذا خاصة في ظل تقاطعه مع الاهمية الاستثنائية لجيوسياسية موقع الكيان الصهيوني ( جيوسياسية فلسطين ) في صراع مراكز القوة العالمية مع الانظمة الاقليمية.
ان الغاز سيتحول ايضا الى قيم تفوق حضارية توسع مسافة هامش الفرق التقني والتخطيطي والاداري بين الكيان الصهيوني وباقي منظومة الدول الاقليمية, لانها من المردودات الحتمية لزيادة حجم القدرات المالية الصهيونية وفي ظل الرؤية العدوانية التوسعية للبرنامج الصهيوني. الذي يرسم الطرف الصهيوني نفسه وحياته تبعا لملامحها كمهمة حياتية دائمة. اما الاهم في هذا الجانب من المردود فهو استقلاليته السياسية المؤسسة على هذه الشوفينية الفكرية, والتي يشكل الروح العنصري الديني بواكير تجلياتها في واقع العلاقات الصهيونية, وتأخذ شمولية تعامل وسلوك ليس مع الفلسطينيين في داخل الدولة الاسرائيلية الرسمية بل دولة الواقع الامني الجيوامني المتحقق, اي بحجم وسعة_ تفوق_ الدولة الاحتلالية.
إن كامل فلسطين التاريخية هي النطاق المباشر لهذا الروح العنصري, كما يؤشر لذلك انفلات روح تشريعي صهيوني واقراره للعديد من القوانين بهذا الصدد,غير اننا لا يمكن ان نهمل رؤية نطاق نفوذية تفوقه السياسي الامني على الاردن وسوريا ولبنان, وإلا فما معنى عقد مؤتمرات عنصرية تتحدث صراحة عن كون الاردن وطنا بديلا للفلسطينيين واستضافة عناصر يمينية اوروبية وعالمية لتطلق علنا تصريحات, مازالت شعبية على الصعيد المحلي الاسرائيلي.
ان الغاز كان الاساس المادي كما يبدو لتزايد حجم العدوانية في الرؤية الفكرية والسلوك الثقافي العدواني الصهيوني مؤخرا, والذي يفسره بعض مثقفينا الاشاوس باعتباره _ نهج تطرف يميني_ في خلل فكري واضح, وكان هناك زيادة في نهج تطرف يساري في المجتمع الاسرائيلي, جاء التطرف اليميني لموازنة ومواجهة تاثيره السياسي الاجتماعي, عوضا عن قبول تفسير الواقع لنفسه في اته يخلو من اليسار وانه مجرد اجتماع عدواني شامل في كل تركيبه الديموغرافي وان هذه العدوانية تتنامى باطراد تبعا لتنامي هذه الديموغرافية وزيادة متطلباتها المعيشية وان الغاز سيضاعف الان من سرعة وتائر نمو هذه الديموغرافية. وانها مسالة الانتهاء من تناول وهضم الوجبة الحالية فقط الى حين اوان وقت الوجبة التالية من بين الخيارات الاقليمية الاسرائيلية. الاردن او سوريا او لبنان او مصر
إن المستجدات التي يطرحها الغاز على الجانب الصهيوني لا بد وان تطرح في المقابل مستجدات على وضع وعلاقات الاطراف الاخرى مع مجتمعاتها وبين بعضها البعض وبالكيان الصهيوني والاطراف العالمية, ولو اردنا ان نجمل اين يجب ان يكون الاستقبال الايجابي لهذه المستجدات لوجدنا انه يتمركز في الروح الايدولوجي الطبقي المسيطر في هذه الاطراف, فهو يجب ان يكف ايدولوجيا عن ان يكون روحا طبقيا لذاته فحسب ويجب ان يرتقي ليكون روحا طبقيا قوميا يتمثل مصالح الطبقات الاخرى عوضا عن تمثله مصالحه الطبقية الخاصة فحسب, وهذا هو جوهر الصراع _ الايدولوجي الخطي _ الفلسطيني الصهيوني والاقليمي الاسرائيلي, الموجه للثقافة السياسية القومية وتكوينها النفسي وبرنامجيتها التطبيقية والسلوكية, ففي عمق رؤية الصراع سيكون حرفيا جدا وغير عملي ترشيح مناورات سياسية محددة لمواجهة هذا العدو, لان الامر يحتاج فعلا الى مراجعة ذات ليس من الرموز القيادية في هذا الطرف الاقليمي او ذك بل من الاطر الطبقية نفسها التي تنتمي اليها هذه الرموز.
ولناخذ مثال موضوع وضع الطرف الفلسطيني الاكثر تضررا في الصراع الراهن, حتى انه يكاد لا يبقى منه سوى عشرة دنانير مصروف اسرة وملاهي سياسية وشعب من سكارى العاطفة الوطنية.وليعذرني شعبي فكل تشبيه ناقص, لكنني اضطر هنا للقول بهذا التشبيه ردا على اؤلئك اللذين يظنون انهم وحدهم يقدرون جيدا سوء وضعنا. ويصرخون بكل منتقد ان اخرس ودع القيادة تعمل؟
ان الجوهر العميق للخلاف الداخلي الفلسطيني هو الجوهر الايدولوجي الذي يقف على ارض عدم الانتماء والولاء للشعب باعتبار خصوصيته القومية او ارض فلسطين باعتبارها الوطني, في عمى ايدولوجي يضع المواطن الفلسطيني خارج خصوصية ذاته ويفرض عليه التماهي مع الغير الامر الذي يفرض مباشرة التفسير والسلوك الطبقي بانشقاقاته الاثنية الثقافية ذات المراكز المتعددة, على الحاجات والمتطلبات القومية العامة, انها ايديولوجيا حولت الوطن الى ارض وقف ديني وحولت القضية الوطنية الى مطالبات ومخالصات ديموقراطية وحولت وحدة الاتجاه القومي الى تحالفات اثنين من ثلاثة مكونات, وحولت حق التحرر القومي للاجيء الى حق استبدال الجنسية التي سيحملها كمواطن وايضا من الدرجة الثانية.
ان الوحدة الوطنية الفسطينية ليست في محاولة مزاوجة بين الثقافة الجهادية والثقافة الوطنية او مشاركة المسلم في ترانيم منتصف ليل عيد الميلاد المسيحية بل هي في ضرب الثقافة الجهادية وترسيخ نشيد موطني عوضا عن كل ذلك
اهديكم عاما جديدا فاهدوني وطن
#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟