أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - هموم وطن - مذبحة الأسكندرية والرؤوس الطائرة والرؤوس المدفونة فى الرمال .















المزيد.....

هموم وطن - مذبحة الأسكندرية والرؤوس الطائرة والرؤوس المدفونة فى الرمال .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3234 - 2011 / 1 / 2 - 04:23
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إستقبلت مصر اليوم فى مستهل العام الجديد أول هدايا الإرهاب بمذبحة بشعة راح ضحيتها 20 مواطنا ً مسيحيا ً أثر تفجير سيارة مفخخة أمام كنيسة " القديسين بالأسكندرية لتتطاير أشلائهم فى الهواء و يكسو الأسفلت اللون الأحمر .
بالفعل عمل بربرى لن يجد أحد القدرة على تبريره فهو مُشبع بالهمجية والدناءة والقسوة المُفرطة .. وفى مثل هكذا حوادث لن نملك إلا إدانته وإستنكاره والتنديد به ..فهذه حالنا مع كل مذبحة أو فجيعة نستنكرها وندينها ونلعن هؤلاء الإرهابيين الخارجين عن الإسلام ثم نختم حديثنا بالمقولة الشهيرة "أننا شعب واحد بمسلميه وأقباطه ولن تنال هذه الطعنة من وحدة مصر" ليتم بعدها تقبيل أللحى وننصرف لحالنا لتتكرر المأساة مرة ثانية وثالثة .

يا سادة نحن نعلم أن مسلمى وأقباط مصر يستنكرون هذا الفعل الإرهابى ويدينونه ولكن ألا تلاحظون أن حفلات الإرهاب مستمرة فمثل هكذا حادث رأيناه سابقا ً وهاهو يطل علينا فى مستهل عام جديد , ويؤسفنى أن أنبئكم أنه سيحدث المزيد مستقبلا ً .

نحن نتعامل مع حلول عاطفية لا تقدم شيئا ً..فعندما يطل علينا الإرهاب تجدنا نستابق لنشارك فى حفلة العزاء والتنديد ولا نريد أن يسبقنا أحد فترى فعاليات الأحزاب والقيادات والمرجعيات الدينية بجوار الحزب الحاكم فى تقديم طقوس التعزية والإستنكار والتنديد ولا بأس من إحتساء القهوة على أرواح الأبرياء الذين تساقطوا ثم ننصرف إلا حال سبيلنا بعد أن نذرف بعض الدموع .. يا سادة نحن نخدع أنفسنا وندفن رؤوسنا فى الرمال .

نحن نعلم أن هناك شرائح كبيرة تدين هذا الفعل ولن تنفع قلوبهم الطيبة فى وقف مسلسل ذبح أقباط مصر لأننا بالفعل غير جادين ولا راغبين فى إيقافه بل نكتفى بالمشاعر التى بدأت تتبلد هى الأخرى تاركين الفيروس الذى ينهش فى جسد الوطن ينمو ويتضخم .

لنا أن نسأل لماذا يحتكر الإسلام الإرهاب الآن ولماذا يحتل الصدارة .. ومامعنى أن يطل برأسه فى أماكن أخرى ويُمارس نفس فعله فقد نال العراق حظه من الإرهاب بتفجير كنيسة سيدة النجاة .. وهل لنا أن نسأل لماذا يتصاعد الإرهاب الإسلامى مُستهدفا ً الأقليات وكيف يجد له الحضور .

الإرهاب فكرة وفكر ياسادة قبل أن يكون فعل فلن تُمارس الأفعال الإرهابية إلا بوجود ثقافة حاضنة له تُوفر له سُبل الوجود والتواجد .. بعض الطيبين يقولون أن الفاعلين هم من تنظيم القاعدة ,وهل أعضاء القاعدة كائنات فضائية أم أنهم من أبناء جلدتنا وأبنائنا ومن يسيرون بجوارنا فى الشوارع .. وأليس كل أحداث العنف الطائفى السابقة كانت من إخوتنا الذين يشاركوننا الوطن

إذا كنا نريد أن نخرج من مستنقع الإرهاب والفتنة لابد أن نخرج رؤوسنا من الرمال ونجعلها تعمل لنبحث فى البيئة والثقافة المُنتجة للإرهاب .. ومتى وصلنا لها وإمتلكنا الجرأة فى تجفيف منابعها فسنتجاوز الإرهاب والطائفية التى لن تُبقى أخضر ولا يابس متى توحشت .

فلنمتلك الجرأة ونعلنها صريحة بأن حضور التراث وهيمنته وتفعيل مفرادته هو السبب الرئيسى للإرهاب وخلق البيئة الحاضنة له بما تغذيه من فكر تمايزى ونظرة دونية للآخر المسيحى لا تخلو من الكراهية .

الإرهابى الذى حصد الرؤوس العشرين لأقباط مصر بدم بارد ليس كائنا ً فضائيا ً بل من طين مصر الذى تلوث بالفكر الوهابى ووجد له حضور من سبعينيات القرن المنصرم ليتغلغل فى الجسد المصرى ويسممه بتراث وفتاوى صَدرت الكراهية والنبذ والنفور من الآخر المسيحى ولم تتوانى فى المطالبة بتهمييشه وإلغاء وجوده وقهره .

مذبحة الإسكندرية وما سبقها من أعمال عنف ضد الأقباط هى نتاج طبيعى لتسميم الجسد المصرى بأطنان من التراث القديم الذى تصاعد ووجد له حضور فى الواقع ..لتتكون ثقافة تجد مفرادتها فى سب ولعن المسيحية الكافرة على منابر المساجد ولا تتوانى فى وصف المسيحيين بالضالين الكفرة وما أدراك نصيب الكفرة فى الإسلام من السب واللعن والنفور.. بل هناك توجسات أيضا ً يتم تصديرها من أن النصرانى لن يرضى عن المسلم حتى يتبع ملته لتمتد إلى شيوخ التطرف بتصدير فكرة المؤامرة على الإسلام من النصارى الصليبين ..وعندما يسمع المسلم هذا الكلام ويضاف له أن الله يأمر بدفع النصارى الجزية وهم صاغرون أذلاء إلى توصيته اللحوحة بعدم ولاية المسيحى على المسلم وتقلده لأى مفردة من شئون البلاد .
لو لم يكن هناك أى تطبيق لتشريعات خاصمت الحضارة والمدنية فيكفى حضورها كمعنى ليخلق مناخ حاضن لكل أشكال النبذ والنفور والكراهية و تصعد أجيال خلقنا فيها أول بذور الفتنة والإرهاب .
عندما يتربى المسلم على كراهية المسيحي والكنيسة ويردد وهو صغير اول درس فى الكراهية "الكنيسة إتحرقت والقسيس مات " ليجد الإستحسان من ذويه إن لم يكن هم من لقنوه ذلك ,وليكبر معه الإشمئزاز من جاره المسيحى ويُعجب بأقرانه الذين حرقوا الكنيسة لأن هؤلاء الأقباط الملاعين يريدون بناء دورة مياه فهذا الأمر لا يجوز فنحن لن نسمح للكافرين بذلك .
عندما نجد الموالاة والمحاباة للمسلم حتى فى وسيلة مواصلات مبديا ُ تنازله عن مقعده لإمرأة محجبة بدلا من هذه المسيحية وعندما نجد السب واللعن للسيدات المسيحيات فى الأسواق الشعبية .

هذا المناخ سيخلق العزلة أولا والتوجس والنفور ثانيا وستتسلل المزيد من الثقافة الوهابية وتداعيات الأحزاب الدينية برموزها المتعصبة لتمارس وجودها بتقديم المزيد من التراث والمفردات لنجنى فى النهاية المزيد من الكراهية والبغض والتعصب.
المجتمع المصرى وصل لحالة من التشرنق الداخلى والإنعزال فإحتمى الأقباط فى مجتمعهم الكنسى على أثر التهمييش فى كافة مناحى الحياة والإحساس بالنبذ .
لقد تكونت بيئة حاضنة لتفعيل الإرهاب تجد حضورها من رضاعة الكراهية من خلال التراث إلى إحباط مجتمعى ينفس غضبه فى الآخر الضعيف .

النظام هو بيئة حاضنة للإرهاب والتعصب .!!
نعم النظام يساهم فى خلق الإرهاب وحضوره من خلال سياسات تمنح التطرف والإرهاب أرض ينمو فيها نظير المحافظة على هيمنته ومصالح طبقته المستفيدة وسواء مارس هذا الأمر بتخطيط أو بدون فهو مستفيد من المناخ العام الذى يفرز الفتنة والإرهاب .
السادات مثلا ًسمح للأحزاب والتيارات الدينية تنمو وتتمدد لمحاصرة اليسار و لن تُمارس هذه الأحزاب تواجدها ويدها فارغة بل ستحمل معها تلال من التراث القديم الذى تريد إسقاطه على الواقع لتظهر بوادر الإستقطاب والعزل فى المجتمع المصرى وتكون بدايات الفتنة الطائفية ولم يثنى هذا الأمر نظام السادات فالمكاسب كانت كبيرة بإجهاض اليسار والتجربة الناصرية .
النظام الحالى يعلم أن هناك إستقطاب شرس فى المجتمع المصرى وإحباطات كبيرة فى شرائح مهمشة ومعدلات الفقر تتزايد وأنه بالضرورة ستحدث موجات وهبات من الغضب تبحث عن طريق للتنفيس .. فعندما يُمارس الغضب والإحباط واليأس فعله فى الأقباط ككيان ضعيف فحسنا ً فعل بدلا من تنفيسه فى النظام وطبقته البرجوازية التى تنهب مصر بشراهة ..فلينصرف الجميع إذن بعيدا ًعن ملعبنا .!

الآن نحن أمام جذور المشكلة الحقيقة وهو التراث الحاضر بكل وطأته بنصوصه وميراثه وبين نظام غير قادر ولا راغب فى جز الإرهاب فهو يعلم أن التدهور الإقتصادى والإجتماعى الذى خلقه بإنحيازه للطبقات الثرية هو المولد للإحباط والغضب .

الحل الحقيقى هو عملية مراجعة كاملة للتراث وتحجيم نصوصه وميراثه الداعى للنبذ والكراهية والنفور وتجريم النصوص الداعية للعنف ..علينا تجريم أى داعية يدعو للكراهية وتحقير الآخر بتهمة ممارسة فعل عنصرى .
لابد من خلق ثقافة ومنهج يؤسس لمفهوم تاريخية النص كحل وقائى حاسم مع ترسيخ مفهوم المواطنة والحقوق والواجبات المتساوية فعلا ً وليس قولا ً ..لابد من محاصرة الفكر الوهابى وعدم إتاحة الفرصة لتراثه وموروثه من الدعاية والترويج .
لا يوجد مجتمع ديمقراطى يسمح للأفكار العنصرية والفاشية أن تتواجد فيه وهذا صيانة لحقوق الإنسان .

*** مشهد أخير له معنى ودلالة وحسرة ...!!!
شاهدت الليلة نشرة الأخبار على قناة الجزيرة لتجاورنى سيدة تحمل حفيدها ونرى سويا ً خبر مؤلم عن إستشهاد فتاة من فلسطين تدعى " جواهر " فأجد السيدة تستصعب المشهد وتمصمص شفاهها وتبدى حزنها ثم تلعن اليهود فى النهاية وبالفعل كان مشهدا ً مؤلما ً لإحبائنا فى فلسطين .
ولكن ما انتهى هذا الخبر حتى أطلت علينا مشاهد مذبحة الأسكندرية وتطاير أجساد عشرون قبطيا ً مصريا ً والجثث التى تُلم وتحشر فى سيارة الإسعاف لأجد سيدتى لم تُبدى أى إندهاش أو تعاطف أو حسرة .!!!
لقد أصابتنى الحسرة بقدر حسرتى على من تطايرت أشلاء اجسادهم وتسلل إلى داخلى يأس لم أحظى به من قبل وأدركت كم نحنُ تشوهنا والى أين سيكون مصيرنا ..يكفى مثل هذا تعليق .

دمتم بخير ...



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 21 ) - لا يا رسول الله .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 20 ) - سادية وعنصرية إله أم قس ...
- حكمت المحكمة ( 2 ) - لا تدعوهم يحكموننا .
- حكمت المحكمة ( 1 )
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 19 ) - الأديان كمظلة حاضنة لكل ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 18 ) - كيف تكون كاذبا ً منافقا ...
- هموم مصرية ( 1 ) قراءة فى ملف الأقباط .. إلى أين تذهب مصر ؟!
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 5 ) - نحن نخلق آلهتنا و ...
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 4 ) - الله محدود أم غير ...
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 17 ) - الإرهابيون لماذا هم هكذ ...
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 3 ) - من يُطلق الرصاص ؟ ...
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 10 ) - صور متفرقة .
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 2 ) - إختار الإجابة الص ...
- خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم ( 1 ) - العالم ديّ بتستهب ...
- نحن نخلق آلهتنا ( 10 ) - الله جعلناه لصا ً .
- * الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 16 ) - تعلم كيف تكره فهو أوث ...
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ( 10 ) - إبحث عن الذكر .
- تديين السياسة أم تسييس الدين ( 5 ) - آيات حسب الطلب .
- تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 9 ) .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 15 ) - كيف تكون مزدوجا ً فاقدا ...


المزيد.....




- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - هموم وطن - مذبحة الأسكندرية والرؤوس الطائرة والرؤوس المدفونة فى الرمال .